يمانيون – متابعات
في الذكرى الأربعين لتأسيس حزب الله قبل عامين، خرج مسؤول وحدة العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج محمد عفيف ليؤكد، في مؤتمر صحفي، أن: “حزب الله قد بلغ الأربعين عامًا، وهو اليوم أكثر شبابًا وإصرارًا وعزيمةً وقدرةً على العطاء والتضحية، ‏ونشهد التحاق جيل جديد شاب بالمقاومة من الذين وُلدوا والنصر يسير أمامهم إلى عدوهم.

نتوق إلى الأربعين عامًا القادمة بثقة تامة وآمال كبيرة”.

كلمات قوبلت بآراء متباينة بين من رأها تعبيرًا مبالغًا فيه، وبين من رأى فيها تطلعًا استثنائيًا. إلا أن الوقائع الميدانية اليوم جاءت لتؤكد أن زمن المعجزات قد لا يكون محض خيال، بل واقعًا يتحقق. ففي معركة غير مسبوقة على أرض لبنان، أثبتت المقاومة التزامها بالنهج الراسخ الذي بدأته منذ عقود، بالرغم من الضربات القاسية التي تعرضت لها، بما في ذلك اغتيال أبرز قادتها من الصف الأول. هذه المقاومة ليست في طور ولادة جديدة، بل هي استمرارية لقوة متجذرة، يقودها جيل جديد بالشجاعة والإرادة نفسها التي حملها الرواد الأوائل. الجيل الثاني والثالث من أبناء هذه المقاومة يقفون اليوم على خط النار، يكملون المسيرة بصلابة، ويحملون الراية بروح العزم التي حملها أسلافهم.

مع أن “إسرائيل” قد حشدت 70 ألف جندي وضابط، مدعومين بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا التي يوفرها الدعم الأميركي والغربي، إلا أن هؤلاء الجنود لم يتمكّنوا من التقدم داخل الأراضي اللبنانية، ولم ينجحوا في احتلال أي بلدة على الحدود. أمام هذا الجيش الضخم، وقف بضع مئات من مقاتلي المقاومة متسلحين بالإيمان والعقيدة العسكرية، ليمنعوا هذا الجيش من التوغل في لبنان. المعركة اليوم هي ملحمة تحدٍّ غير مسبوق، فيها أبطال المقاومة يتحدون أضخم آلة عسكرية في المنطقة، ويكبدونها الخسائر على مدار شهر كامل من بدء العدوان.

عند مقارنة هذه المعركة بحروب العرب السابقة مع “إسرائيل”، يظهر بوضوح الفرق بين ما كان يحدث في الماضي وما تشهده الساحة اليوم. فهي التي احتلت أراضٍ عربية خلال أيام قليلة في 1948، و1967، و1973، واحتلت بيروت في العام 1982، باتت تقف اليوم عاجزة أمام مقاومة لبنانية مؤلفة من بضع مئات من الشبان المدربين. هذه المقاومة اللبنانية، والتي تمتلك قوة بشرية كبيرة، لم تضطر حتى الآن لاستخدام كامل قواتها، فبضع مئات من المقاتلين الأبطال الموجودين على الجبهة كانوا كافين لوقف زحف جيش الاحتلال ومنعه من التقدم.

أما ما يجعل هذا المشهد استثنائيًا فهو استمرارية النهج الراسخ بالرغم من فقدان كبار القادة. الاغتيالات التي طالت الأمين العام الشهيد الأقدس سماحة السيد حسن نصر الله، ورئيس المجلس التنفيذي الشهيد العظيم سماحة السيد هاشم صفي الدين وعددًا من قادة الصف الأول أو ما يعرف بجيل التأسيس، لم تكسر شوكة المقاومة، بل أكدت أن هذه الحركة بُنيت على قاعدة متينة قادرة على التكيف مع كل الظروف. الجيل الثاني والثالث من أبناء المقاومة لا يمثلون تغييرًا في المسار؛ بل يكملون الطريق بصلابة وتفانٍ، ليعكسوا حقيقة أن هذه الحركة المقاومة ليست قائمة على شخصيات، بل على إرادة جماعية ومنهجية واعية.

الانتصارات التي يحققها هذا الجيل تؤكد أن المقاومة لم تضعف بالرغم من خسائرها الكبيرة في قياداتها؛ بل ازدادت صلابة وتنظيمًا، وباتت قادرة على مواجهة أعتى الجيوش وأكثرها تجهيزًا. لقد برهنت المقاومة للعالم أجمع أن النصر لا يأتي بعدد الجيوش ولا بتفوق التكنولوجيا، بل بالإيمان العميق بعدالة القضية والإرادة الجسورة التي لا تنحني.

وسط هذا التحدي التاريخي، لا يمكن تجاهل أولئك الذين يسعون جهارًا للتآمر على المقاومة، أو الذين يراهنون في الخفاء على مرحلة ما بعد هزيمتها. هؤلاء بحاجة إلى مراجعة دروس التاريخ. هذه المقاومة، والتي تقف بشعبها الوفي ومقاتليها الأبطال، وبفضل دماء شهدائها وتضحياتها، لن تسقط كما لم تُسقط سابقًا. على هؤلاء المتآمرين أن يدركوا أن رهانهم على سقوط المقاومة ليس إلّا سرابًا، وأن تحالفاتهم ومخططاتهم ستنقلب عليهم عاجلاً أم آجلاً.

على الجميع أن يعلم أن لبنان، والذي احتضن المقاومة وساندها عبر تاريخه، لن يكون مرتعًا للمتخاذلين أو المتآمرين. هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء ستظل حصنًا للأحرار، وحصنًا لكل من يدافع عن كرامة الوطن وسيادته. إن لبنان الذي أنجب هذه المقاومة لن يسمح بأن يكون مرتعًا للقوى التي تتآمر على كرامته ومستقبله.

ختامًا، المعركة التي تخوضها المقاومة اليوم ليست معركة ولادة جديدة، بل هي استمرارية لنهج مقاوم أثبت قدرته على البقاء والتأقلم والتحدي. الزمن الذي كانت الجيوش العربية فيه تنهزم أمام “إسرائيل” قد ولّى، وحلّ زمن المقاومة، حيث يقف بضعة مئات من الشبان بوجه جيش مدعوم من قوى الاستكبار العالمي، يكبدونه خسائر جسيمة، ليؤكدوا للعالم أجمع أن الإرادة والعقيدة هي القوة الحقيقية، وأن زمن المعجزات ما يزال حاضرًا، وأننا نتوق بحق إلى الأربعين عامًا القادمة.
————————————————————–
– موقع العهد الاخباري – فراس زعيتر

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: هذه المقاومة مئات من

إقرأ أيضاً:

رئيس الحكومة اللبنانية يطمئن: فرنسا مستمرة في دعم لبنان وتجديد مهمة قوات «اليونيفيل» وشيك

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن تجديد ولاية قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان، المعروفة باسم “اليونيفيل”، سيتم بنهاية شهر أغسطس المقبل.

وفي تصريح له، أشار سلام إلى زيارة الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى باريس لاستطلاع أجواء اللقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتقييم نتائجها وآفاق الدعم الفرنسي للبنان في المرحلة المقبلة.

ورداً على ما تردد من أجواء سلبية حول لقاءات باريس ولقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالإضافة إلى مهمة المبعوث الأمريكي توم باراك، قال سلام إنه يستغرب تلك الأجواء، مؤكداً أن اللقاء مع ماكرون كان إيجابياً وأن فرنسا تظل داعمة للبنان، معرباً عن تفاؤله بأن التجديد لقوات “اليونيفيل” سيتم كما هو متوقع بنهاية أغسطس.

وعن المرحلة المقبلة، وصف سلام الأوضاع بأنها مفتوحة ولا شيء محسوم بعد.

كما نفى صحة ما يُتداول إعلامياً حول وجود مطالبة فرنسية وأمريكية بإنشاء منطقة عازلة في الجنوب، مؤكداً أنه لم يسمع بهذا الأمر.

إشكال جديد بين أهالي كفررمان ونازحين سوريين في النبطية جنوب لبنان

شهدت بلدة كفررمان في قضاء النبطية جنوب لبنان إشكالاً جديداً بين أهالي البلدة ونازحين سوريين، بعد أن قام أحد النازحين بمهاجمة منزل مواطن لبناني داخل البلدة، في ثاني حادث من نوعه خلال أقل من أسبوع.

ووفقًا لما نقل موقع “النشرة” اللبناني، فقد وقع تضارب كبير بين الطرفين، استدعى تدخل دورية من أمن الدولة التي حضرت إلى المكان وعملت على فض الإشكال وتوقيف عدد من السوريين لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

ويذكر أن حادثة مماثلة وقعت في البلدة نفسها قبل أربعة أيام، حيث شهدت كفررمان أيضاً إشكالاً بين شبان لبنانيين وسوريين تخللته إطلاق نار، بحسب تقارير إعلامية لبنانية.

يأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات الاجتماعية والاقتصادية بين السكان اللبنانيين واللاجئين السوريين في لبنان، نتيجة التحديات المتزايدة في تأمين الموارد والخدمات، مما يفاقم المنافسة على فرص العمل ويزيد من حدة التوتر اليومي بين الطرفين.

الكويت تُدرج “حزب الله” وجمعية “القرض الحسن” ضمن اللائحة التنفيذية للعقوبات وتجميد الأموال

أعلنت وزارة الخارجية الكويتية إدراج “حزب الله” اللبناني وجمعية “القرض الحسن” التابعة له، بالإضافة إلى ثلاثة أفراد من جنسيات لبنانية وتونسية وصومالية، ضمن اللائحة التنفيذية للعقوبات وتجميد الأموال.

وشملت القائمة حزب الله، وع.م.م اللبناني (مواليد 18 مايو 1966)، وأ.ف.م.ق التونسي (مواليد 5 أكتوبر 1991)، وع.م الصومالي (مواليد بين 1950 و1953)، إضافة إلى جمعية القرض الحسن التي مقرها لبنان.

وطلبت اللجنة من جميع الشركات والمؤسسات المالية في الكويت اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار الإدراج وفقاً للمواد 21 و22 و23 من اللائحة التنفيذية الخاصة بلجنة تنفيذ قرارات مجلس الأمن الصادرة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

وتُعتبر جمعية القرض الحسن الكيان المالي الأساسي لحزب الله، ما جعلها محوراً رئيسياً في العقوبات الدولية المفروضة عليه.

مقالات مشابهة

  • أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله
  • وزير العدل يلتقي برؤساء محاكم الاستئناف لبحث التحديات التي تواجه عملهم
  • الواقع القضائي في سوريا والتحديات التي تواجه عمل العدليات خلال اجتماع في وزارة العدل
  • متعاقدو اللبنانية في رسالة إلى عون: نطالب بحل فوري لملف التفرغ
  • محمد معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة
  • معيط: الحفاظ على معدلات نمو مرتفعة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة المصرية
  • السرايا اللبنانية تودع زياد الرحباني: صوت الكرامة والمقاومة يغيب
  • رئيس الحكومة اللبنانية يطمئن: فرنسا مستمرة في دعم لبنان وتجديد مهمة قوات «اليونيفيل» وشيك
  • المشترك يبارك المرحلة الرابعة من التصعيد البحري ضد العدو الصهيوني
  • أحزاب المشترك تبارك انطلاق المرحلة الرابعة من الحصار البحري على العدو