حكم صلاة من صلى دون أن يتحرى جهة القبلة
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية إن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة شرعًا؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ البقرة: 150.
الإفتاء: يجب السؤال عن جه القبلة أو تحريها قبل بدأ الصلاةوأوضحت الإفتاء أنه يجب شرعًا على من أراد الصلاة ولم يتحرى جهة القبلة أن يسأل عن اتجاهها أو أن يجتهد في تحرِّيها، فإذا سأل أو اجتهد فأخطأ وعَلِمَ بخطئه بعد الصلاة فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، وإن لم يسأل وترك الاجتهاد في تحرِّيها وصلَّى، فإن تبيَّن له الخطأ فصلاته غير صحيحة وتلزمه إعادتها، وإن تبيَّن عدم الخطأ وتحقق أنه قد أصاب القبلة فمقصرٌ في أداءِ واجبِ الاجتهاد، والأصل أنه تلزمه إعادة الصلاة؛ على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة في المعتمد.
وقد جاء في حديث المسيء صلاته أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال له: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ، فَكَبِّرْ وَاقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ» متفق عليه.
قال الإمام ابن عبد البرِّ في "التمهيد" (17/ 54، ط. وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب): [وأجمع العلماء أنَّ القبلة التي أَمَرَ الله نبيه وعباده بالتوجه نحوها في صلاتهم -هي الكعبة البيت الحرام بمكة، وأنَّه فرضٌ على كلِّ من شاهدها وعاينها استقبالها، وأنَّه إن تَرَكَ استقبالها وهو معاينٌ لها أو عالمٌ بجهتها فلا صلاة له، وعليه إعادة كُلِّ ما صلَّى] اهـ.
بيان المقصود من استقبال القبلة
وعن المقصود من استقبال القبلة، قالت الإفتاء: التوجه إلى عين الكعبة لمن كان في المسجد الحرام، والتوجه إلى المسجد الحرام لمن كان في مكة، والتوجه إلى مكة لمن كان خارجها، لما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي» رواه البيهقي في "السنن الكبرى".
وذهب جمهور الفقهاء على أنَّ الواجب على مَنْ أراد الصلاة وجَهِلَ جهة القبلة، هو السؤال عنها أو الاجتهاد في تحرِّي إصابةِ جهتها، فإذا اجتهد في تَحرِّيها، ثُمَّ عَلِمَ بعد انتهائه من الصلاة أنه أصاب جهة القبلة فصلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة، وكذا تصح صلاته إذا اجتهد فأخطأ القبلة، بناءً على المختار للفتوى من أقوال الفقهاء، وهو ما ذَهَبَ إليه الحنفية في المعتمد عندهم، والشافعية في مقابل الأظهر، والحنابلة؛ لا سيَّما أنَّ التكليف فيما يتعلق بالبعيد عن الكعبة يتعلق بِتحرِّي جهة الكعبة لا عينها، والتكليف دائمًا مُقيَّدٌ بما في وُسْعِ المكلَّف، وهو الموافق لمذهب المالكية حال خروج وقت الصلاة، فإذا خرج الوقت فلا تلزمه الإعادة.
قال العلَّامة ابن مودود الموصلي الحنفي في "الاختيار" (1/ 47، ط. الحلبي): [(وإن اشتبهت عليه القبلة وليس له من يسأل: اجتهد وصَلَّى ولا يُعِيدُ وإن أخطأ)... لأن الواجب عليه التوجه إلى جهة التحرِّي إذ التكليفُ بِقَدْرِ الوُسْعِ] اهـ.
وقال الإمام الدردير في "الشرح الكبير بحاشية الدسوقي" (1/ 224، ط. دار الفكر): [اجتهد فأخطأ فعلى المذهب يُعيد في الوقت، وعلى مقابله يُعيد أبدًا] اهـ.
وقال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (1/ 338، ط. دار الكتب العلمية): [(ومن صلى بالاجتهاد) منه أو من مقلده (فتيقن الخطأ) في جهة أو تيامن أو تياسر معينا قبل الوقت أو فيه أعاد أو بعده (قضى) وجوبًا (في الأظهر)... والثاني: لا يقضي؛ لأنه ترك القبلة بعذر فأشبه تركها في حال القتال، ونقله الترمذي عن أكثر أهل العلم، واختاره المزني] اهـ.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جهة القبلة دار الافتاء المصرية شروط صحة الصلاة الإفتاء المصرية صحة الصلاة جهة القبلة
إقرأ أيضاً:
من استيقظ قبل الشروق بقليل.. هل يبدأ بصلاة الفجر أولاً أم السُنة؟
لا شك أن من استيقظ قبل الشروق بقليل .. أي الآن يتساءل هل يبدأ بصلاة الفجر أولا أم بالسُنة حتى لا ينقص الثواب ؟، حيث يبحث كثير ممن يغلبهم النوم فيغلب عليهم حال وسؤال من استيقظ قبل الشروق بقليل، فبحكم مستجدات الحياة وطبيعتها جعل الاستيقاظ لصلاة الفجر في وقتها ليس بالمهمة السهلة، وهو ما يزيد من عدد من استيقظ قبل الشروق بقليل ولايزال يتساءل عما يفعل هل يبدأ بصلاة فريضة الفجر أولاً أم بالسنة؟.
ورد عن حكم من استيقظ قبل الشروق بقليل .. هل يبدأ بصلاة فريضة الفجر أم سنته ؟، أنه يقومُ يصلِّي كما يصلِّي كل.. ما دامَ أنَّه معذورٌ، غلبَه النَّومُ، الرسولُ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ناموا في السَّفرِ وقاموا وصلَّوا، فالمقصودُ أنَّه يقومُ ويصلِّي كما يصلِّي كلَّ يومٍ، ولا يخالفُ التَّرتيب بين السُّنَّةِ والصَّلاةِ، يقومُ ويتوضَّأُ ويصلِّي السُّنَّة ولا يمنعُه مِن ذلك طلوعُ الشَّمس. هذا ممكن المفرِّط الَّذي -والعياذُ باللهِ- تعمَّدَ التَّأخيرَ، يمكن نقول: بادر بالفريضةِ قبلَ أن يخرجَ الوقت.
و ورد فيه أنه ينبغي على المسلم أن يصلي الفجر بمجرد استيقاظه، فإذا كانت صلاته قبل الشروق فهي أداء، ولو بعد الشروق تكون قضاء، وتسمى صلاة الصبح وليس الفجر، ووقت صلاة الفجر يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس، لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ»، أخرجه مسلم، وبناء عليه فإن وقت صلاة الفجر يبدأ من ظهور الفجر الصَّادق، ويمتدُّ إلى أن تطلع الشَّمس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ، فقد أدركَ الصبحَ» [رواه البخاري].
حكم صلاة الفجر قبل الشروق بدقائقينبغي معرفة اخر وقت لصلاة الفجر، قد ورد أن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، ووقت الصلاة نوعان، حيث إن الصلوات يتم الحكم عليها بأمرين، إما الأداء حاضرًا أو القضاء، وأداء صلاة الصبح حاضرًا فيبدأ وقتها منذ أذان الفجر وينتهي مع طلوع الشمس، والذي قد يتراوح ما بين الساعة والساعة والنصف أكثر قليلًا أو أقل.
وجاء أن اخر وقت لصلاة الفجر، أيًا ما يكون هذا الوقت، فهو يكون وقت أداء صلاة الصبح حاضرًا وهو الوقت الطبيعي الذي ينبغي الحفاظ عليه، وفي حال خروج هذا الوقت، حيث استيقظ الشخص بعد طلوع الشمس، فهل قضاء صلاة الصبح لها وقت محدد؟، فقال العلماء أن القضاء يكون ممتد الوقت ولا آخر أو حد له، فقد يُقضى اليوم أو بعد ألف عام، ولا ينبغي على الشخص أن يؤخر القضاء، لأنه قد ينسى وقد يموت قبل القضاء فيضع نفسه في حرج، فعليه أن يبادر بقضاء ما فاته من صلوات بمجر أن يتذكر ، وهذه نصيحة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: « فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلاَةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا».
كيفية صلاة الفجر بعد الشروقورد أن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بفضل الصلاة في أول وقتها، كما نبهنا إلى أن صلاة الفجر تعد من الصلوات التي لها فضل عظيم، وينبغي اغتنامه وعدم تفويته أيا كانت الظروف.
وورد فيها أنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها بخروج الوقت بعد طلوع الشمس؛ لقول الله تعالى: «فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)» النساء، ومن هنا فإن من أخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ من النوم مبكرًا والقيام بالسنن المتعلقة بالنوم وإعداد المنبه أو الطلب من الأهل أن يوقظوه؛ ثم لم يستيقظ بعد ذلك، فلا إثم عليه؛ لأن ابن عباس روى أن رسول الله قال : « إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه » حديث حسن.
وينبغي على العبد في هذه الحالة أن يبادر إلى قضاء الصلاة عندما يستيقظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، أما من يتهاون في أمر الصلاة وتعمد إخراجها عن وقتها؛ يأثم لأنه فوت وقت الصلاة، مشيرًا إلى أن الإثم متعلق بالأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة؛ من عدمه وان الله تعالى قال: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ...»التغابن، وقال أيضًا: « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة، وصلاة المسلم للصبح بعد شروق الشمس تعد قضاءً وليست حاضرة.
كما ينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه وأن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها وفي جماعة؛ فذلك هو الأحسن والأفضل، فإذا كان الإنسان مستيقظًا وسمع أذان الفجر يجب عليه النهوض للصلاة في وقتها، ويأثم إذا خرج وقتها وعليه بالتوبة، والعزم مع كثرة الاستغفار على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل مرة ثانية، «ثم يصلي ما فاته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم، أما إذا نام المسلم عن صلاة الفجر غير متعمدٍ فواتها، ولم يجد مَن يوقظه لأدائها، فلا حرج عليه في ذلك، وعليه في هذه الحالة الإسراع إلى أداء الصلاة متى استيقظ من نومه؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العذر لمن غلبه النوم طبعًا أو جهدًا، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة حديث صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لاَ نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» رواه أبو داود.
استحباب الذكر بعد صلاة الفجرورد عن استحباب الذكر بعد صلاة الفجر هي عادة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يمكث في مصلّاه من بعد صلاة الصبح حتى شروق الشمس، وعلى ذلك اعتاد الصحابة والتابعون، وكانوا يُخصّصون هذا الوقت للذكر والدعاء، ويدخل في باب الذكر دعاء بعد صلاة الفجر وقراءة القرآن وأيّ أذكارٍ مشروعةٍ أخرى، وسواءً كان الجالس منفردًا أو مع جماعةٍ يذكرون الله تعالى، وفي دعاء بعد صلاة الفجر نصّ الإمام النووي -رحمه الله- على استحباب جلوس العبد هذا الوقت في مصلّاه للذكر والدعاء.
أعمال صالحة بعد صلاة الفجريقصد بها تلك الأعمالٌ الصالحةٌ التي تؤدّى بين الفجر والشروق، وتتعدّد الأعمال الصالحة التي قد يأتيها العبد من أذان الفجر حتى شروق الشمس، يُذكر من جملة أعمال صالحة بعد صلاة الفجر:
• الترديد مع المؤذن كما ينادي المؤذن، حتى إذا قال المؤذّن: «حيّ على الصلاة حيّ على الفلاح» قال المسلم: «لا حول ولا قوّة إلّا بالله».
• دعاء ما بعد الأذان، وسؤال الله -تعالى- الوسيلة والفضيلة لرسول الله.
• الدعاء بين الأذان والإقامة.
• صلاة ركعتين نافلةً؛ وهي سنّةٌ عن رسول الله.
• تأدية فريضة الفجر.
• ترديد أذكار ما بعد الصلاة، وأذكار الصباح، وما تيسّر من ذكر وتلاوة القرآن حتى طلوع الشمس.