أرقام كارثية للاقتصاد تنذر بمخاوف أكبر
تاريخ النشر: 3rd, November 2024 GMT
كتبت سابين عويس في "النهار": إذا كانت الأولوية اليوم للتعامل الفوري مع النتائج المباشرة للعدوان الإسرائيلي على لبنان، ولاسيما في ما يتعلق بالجانب الإنساني والإغاثي للنازحين من مختلف المناطق والقرى والبلدات المستهدفة، فإن هذه الأولوية لا تلغي الاستحقاق الداهم الذي سيفرضه التعامل مع الأضرار المادية والخسائر الاقتصادية المترتبة على العدوان، والتي يسجل عدّادها ارتفاعا مطرداً يومياً في ظل ضبابية شديدة وعدم يقين حيال المدة الزمنية التي سيستغرقها التدمير المنهجي المعتمد من آلة القتل العسكرية الإسرائيلية.
كافية لضرب كل المقومات الاقتصادية الساعية منذ انفجار الأزمة قبل خمسة أعوام، إلى استعادة مسار النمو والتعافي. قبل يومين، أطلق رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير نداء استغاثة لإنقاذ الاقتصاد، عززه بمجموعة من المؤشرات تعكس حجم الكارثة على مختلف القطاعات الاقتصادية. قد يكون نداء شقير اكتفى بتعداد ما تواجهه قطاعات الإنتاج في مختلف المجالات التجارية والزراعية والصناعية والسياحية والتأمينية، التي سجلت تراجعات راوحت بين 30 و 100 في المئة، لكنه لم يقارب نتائج هذا التراجع على حجم الاقتصاد الكلي والآفاق المستقبلية، كما أنه لم يقارب الكلفة الاقتصادية للحرب، نتيجة توقف النشاطات الاقتصادية، سواء في المناطق الخاضعة للقصف، أو تلك الأبعد، والتي تأثرت وإن في شكل غير مباشر. تجمع غالبية الدراسات الموضوعة في شكل أولي من خبراء محليين أو منظمات أو مؤسسات دولية، ومنها البنك الدولي، على أن خسائر الحرب تراوح بين 15 و 20 مليار دولار حتى الآن. وفي آخر تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في تقويم أولي له للتأثير الاقتصادي على لبنان، توقع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.2 في المئة نهاية 2024، في حال استمرار القتال، في حين امتنع صندوق النقد الدولي عن وضع أي توقع للنمو بسبب ما وصفه بـ"الدرجة العالية من عدم اليقين". وفي انتظار أن تتبلور الأرقام وفقاً لتطور مسار الحرب، يبدو لبنان مقبلاً على مرحلة شديدة الخطورة لجهة الحفاظ على بعض مقومات صمود اقتصاده وقطاعيه العام والخاص اللذين يئنّان تحت أثقال الحرب، ويجهدان للحفاظ على الحد الأدنى من النشاط، وسط حال شديدة من القلق حيال ما ستحمله مرحلة ما بعد الحرب على صعيد إعادة الإعمار وتعافي القطاعات الاقتصادية!
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
خبراء: عملية خان يونس أكبر مقتلة للإسرائيليين هذا العام وأقسى من صواريخ ايران
أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن العملية العسكرية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في خان يونس، والتي أسفرت عن مقتل 7 جنود إسرائيليين، تمثل نقطة تحول مهمة في مسار الحرب على قطاع غزة.
وكانت الجزيرة قد عرضت مشاهد لتفجير كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- ناقلتي جند إسرائيليتين في كمين بخان يونس جنوبي قطاع غزة، وأعلن الاحتلال مقتل 7 جنود بداخلهما بينهم ضابط.
كذلك أعلن جيش الاحتلال أن كمين خان يونس نفذه مقاتل واحد، في حين أفادت القناة الـ13 الإسرائيلية ببدء تحقيق أولي لجيش الاحتلال.
ووصف الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد العملية بأنها "أكبر مقتلة في صفوف قوات العدو منذ بداية العام 2025″، مؤكدا أنها تنضم إلى سلسلة العمليات الأكثر جسارة منذ بداية الحرب.
وأوضح أن المقاومة استخدمت عبوة شواظ من الطراز الثالث تزن 21 كيلوغراما، وُضعت داخل الآلية العسكرية، وليس أسفلها كما هو معتاد، مما أدى إلى اشتعال الآلية، التي لم تستطع قوات الاحتلال إطفاءها إلا خارج حدود قطاع غزة.
وفي السياق ذاته، لفت زياد إلى الجانب النفسي للعملية، مشيرا إلى أن مقاتلَين اثنين فقط هاجما فصيل مدرعات يضم نحو 20 من القوة الإسرائيلية، ولم يتم الرد عليهما بطلقة واحدة.
ويعكس هذا الأمر، حسب تقديره، حالة من التراخي في صفوف الجيش الإسرائيلي تتناقض مع ما يفترض أن يكون عليه جيش يخوض حربا مستمرة منذ أكثر من عام.
عدد مفجع
ومن جهته، أكد الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى أن هذا العدد من القتلى مفجع ومؤلم للإسرائيليين أكثر من الأضرار التي خلفتها الصواريخ الإيرانية في تل أبيب.
وأرجع ذلك إلى كون العملية العسكرية في غزة قد تحولت إلى عملية منزوعة الشرعية من الناحية الاجتماعية والسياسية في إسرائيل، وليس عليها إجماع.
إعلانوأشار مصطفى إلى أن مقتل الجنود الإسرائيليين يؤثر على المجتمع الإسرائيلي أكثر من مقتل المدنيين، لأن إسرائيل تستغل مقتل المدنيين للدعاية، بينما مقتل الجنود يكشف عن فشل عسكري حقيقي.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أن استخدام مصطلح "مقتل الجنود أصبح عبثيا" في السجال العام بإسرائيل يدل على مقدار الألم الذي يصيب المجتمع الإسرائيلي.
وفي ما يتعلق بإستراتيجية المقاومة، أوضح الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا أن الاستنزاف يحدث عندما لا يستطيع العدو أن يعوض الخسائر، وبالتالي تصبح المشكلة داخلية، وأكد أن هذا الأمر حاصل الآن داخل إسرائيل من ناحية العنصر البشري والجنود الاحتياط والقتلى.
وفي المقابل، أوضح حنا أن المقاومة تعتمد على تكتيك مختلف يركز على كسب الوقت والتخلي عن الأرض لإنزال أكبر قدر ممكن من الخسائر بجنود العدو.
وهذا التكتيك، حسب تقديره، لا يمكن للعدو الهروب منه، لأنه تكتيك مفروض عليه ولا يمكن له التأقلم معه.
التحديات الإستراتيجية
وحول التحديات الإستراتيجية للقيادة الإسرائيلية، لفت زياد إلى أن إسرائيل خاضت 3 حروب استنزاف في تاريخها انتهت جميعها بانسحابها، مقارنا الوضع الحالي بما حدث في لبنان وغزة سابقا.
وأكد أن إسرائيل إذا تحولت من معركة خاطفة إلى معركة طويلة تخسر، وإذا تحولت من معركة جوية إلى معركة برية فهي مرشحة للخسارة أيضا.
ونبه مصطفى إلى محاولات إسرائيل تصوير انتصارها على إيران على أنه نجاح إستراتيجي كبير، بينما تواجه صعوبات حقيقية في غزة، وأوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية– يريد أن يحوّل غزة إلى جبهة ثانوية، ليس من الناحية العسكرية فقط، ولكن أيضا من الناحية السياسية.
وأشار مصطفى إلى تطور مهم في الرأي العام الإسرائيلي، مشيرا إلى أن 69% من الإسرائيليين يؤيدون وقف الحرب على قطاع غزة، وتقريبا 50% من الإسرائيليين الداعمين للحكومة يؤيدون وقف إطلاق النار.
وفي السياق السياسي، أشار إلى أن الاستطلاعات الأخيرة تظهر أن الائتلاف اليميني قد يخسر 19 مقعدا إذا جرت الانتخابات اليوم، مما يعني انتقاله من 68 مقعدا إلى 47 مقعدا وعدم قدرته على تشكيل حكومة.
حسابات سياسية
وحسب تقدير خبراء، قد تدفع هذه الحسابات السياسية نتنياهو للتفكير جديا في وقف الحرب للحفاظ على مكاسبه السياسية من "الانتصار" على إيران.
ورغم الحديث المتجدد عن إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار، فإن زياد أكد أن أي صفقة جزئية ستكون مرفوضة على طاولة الفصائل الفلسطينية، وحتى المجتمع الغزي سيرفضها.
وأوضح أن المقاومة تطالب بضمانات حقيقية لوقف الحرب، مشددا على أن وقف الحرب يشكل 90% من أي اتفاق، وما دون ذلك هوامش يمكن التفاوض عليها.
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية بغزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
إعلان