غزة- "من يُجرح يستشهد، ومن يمرض يموت" يشخص مدير المستشفيات الميدانية بوزارة الصحة الدكتور مروان الهمص بهذه الكلمات المؤلمة واقع شمال قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، إثر انهيار المنظومة الصحية وخروجها عن الخدمة.

وواجهت مستشفيات شمال القطاع ومنظومة الإسعاف والدفاع المدني استهدافا ممنهجا من الاحتلال الإسرائيلي الذي يشن منذ 6 أكتوبر/تشرين الأول الماضي هجوما عنيفا على مخيم جباليا وباقي مناطق الشمال في سياق عملية برية شرسة، راح ضحيتها أكثر من 1300 شهيد وآلاف الجرحى حتى الآن، وأعداد غير معلومة من المفقودين في الشوارع وتحت أنقاض المنازل والمباني المدمرة.

وفي ظل هذا الواقع المرير، يقول مدير المستشفيات الميدانية للجزيرة نت إن مناطق الشمال لا يوجد بها سوى طبيب جراح وحيد هو الدكتور بكر أبو صفية ويعمل في مستشفى العودة الخاص، ويحاصره الاحتلال، وهو عمليا خارج عن الخدمة.

ويتعمد الاحتلال استهداف المستشفيات التي تمثل "عنوانا للحياة" بحسب وصف الهمص، وبرأيه فإن الهدف هو "إفراغ مدينة غزة وشمال القطاع من السكان". وفي هذا السياق تواجه وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية وهيئات محلية ودولية أخرى عراقيل إسرائيلية لإقامة مستشفيات ميدانية طارئة أو إيصال الأدوية والمستهلكات الطبية للشمال.

كما طالت القيود والتعقيدات الإسرائيلية المستشفى الأردني الميداني الوحيد في مدينة غزة وخرج فعليا عن الخدمة، بينما تسعى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لإقامة مستشفى ميداني محلي سيكون الأول بمدينة غزة، وحتى ذلك الحين يؤكد الدكتور الهمص أنه لا وجود حاليا لأي مستشفيات ميدانية في مدينة غزة وشمال القطاع.

حصار حبة الدواء

ويقول مدير المستشفيات الميدانية إن "الاحتلال يمنع عن شمال القطاع حبة الدواء، وحتى الوقاية" في إشارة منه إلى العقبات الإسرائيلية التي تعرقل المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال، ويؤكد أن "لا خدمات طبية شمال القطاع يمكنها مواجهة تداعيات الحرب والعدوان".

ومنذ اللحظات الأولى للحرب ظهرت لدى الاحتلال الإسرائيلي "مخططات عدائية" ضد المنظومة الصحية، باستهداف ممنهج طال غالبية المستشفيات والمراكز الصحية، كان من أبرزها مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة وخرج كليا عن الخدمة.

كما استهدف الاحتلال مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس الذي اقتحمته قواته وعاثت به فسادا وتدميرا إبان عمليتها البرية بالمدينة الفلسطينية في ديسمبر/كانون الأول الماضي والتي استمرت 4 شهور، قبل أن يعود المستشفى للعمل بعد جهود كبيرة، بحسب الهمص.

ووفقا لهذا المسؤول الصحي، فقد توالى الاستهداف الإسرائيلي للمستشفيات وخرجت غالبيتها عن الخدمة، وفي مدينة غزة حاليا لا توجد أي مستشفى حكومي، وإنما فقط 4 مستشفيات خاصة، أبرزها الأهلي العربي "المعمداني" ولا تتوفر فيها كل الخدمات الطبية اللازمة للتعامل مع تداعيات الحرب مثل الجراحات التخصصية.

المستشفيات الميدانية جنوب قطاع غزة خففت العبء والضغوط عن المستشفيات الحكومية (الجزيرة)

وفي محافظة الشمال، يقول الهمص إنه توجد 3 مستشفيات: أحدها خاص وهو مستشفى العودة، ومستشفيان حكوميان هما كمال عدوان والإندونيسي، لكن هذه المستشفيات الآن غير فاعلة وخارجة عن الخدمة، فقد انهار العمل في "الإندونيسي" بعد أن قصفه الاحتلال وحاصره مع بداية العملية البرية ضد مخيم جباليا.

وفي مستشفى العودة لا يوجد سوى طبيب واحد هو بكر أبو صفية، وهو الجراح الوحيد شمال القطاع، وتحيط قوات الاحتلال بالمستشفى وتحاصره، وتمنع الحركة منه وإليه.

وبعد كل ما تعرض إليه من اقتحام وقصف للطابق الثالث وإحراق شحنة من الأدوية وصلته الأسبوع الماضي من منظمة الصحة، لا يوجد به حاليا سوى 3 أطباء بينهم مديره الدكتور أبو صفية، واثنان منهم تخصص أطفال والثالث تخصص مسالك بولية، ولا توجد أي خدمة جراحية تخصصية داخل هذا المستشفى وفي شمال القطاع بالكامل.

ويواصل الهمص تشخيصه للواقع الصحي بالشمال قائلا إنه لا يوجد هناك أي خدمة طبية جراحية، نتيجة إجبار الاحتلال الأطباء المتخصصين بجراحات الصدرية والأوعية الدموية والتجميل والمخ والأعصاب والكسور المعقدة إما بالنزوح نحو مدينة غزة، أو أنه قام باعتقالهم مثلما فعل مع جراحي مستشفى كمال عدوان.

وجراء ذلك -وبكثير من التأثر- يقول الهمص إن "من يتعرض لجرح يحتاج لجراحة تخصصية لن يجدها، وسيلتحق بقافلة الشهداء، ومن يمرض يموت، حيث لا تتوفر غالبية الأدوية في الشمال" لذا تبرز الحاجة إلى مستشفيات ميدانية متقدمة، حسب ما يؤكد الهمص، مضيفا أنها لا تتوفر شمال القطاع نتيجة تعقيدات يفرضها الاحتلال.

"الكويت التخصصي" تحول لمستشفى ميداني في مواصي خان يونس إثر خروجه عن الخدمة بمدينة رفح (الجزيرة) المستشفيات الميدانية

ولمجابهة حالة الانهيار، يقول المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني رائد النمس إن "المحاولات جارية لإنشاء مستشفى ميداني بمدينة غزة" بينما نجحت "دائرة إدارة مخاطر الكوارث" -بالتعاون والتنسيق مع دوائر الجمعية العاملة في الطوارئ- بإنشاء "نقطة طبية متقدمة" في حي النصر شمال مدينة غزة، للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الجرحى بعد خروج المنظومة الصحية عن العمل.

وتندرج هذه النقطة ضمن 27 نقطة طبية مماثلة أنشأتها جمعية الهلال الأحمر على مستوى القطاع خلال الحرب، إضافة إلى مستشفيين ميدانيين جنوب القطاع المحاصر، بحسب النمس.

وإضافة لمستشفيي الهلال الأحمر الميدانيين، ومستشفى الكويت التخصصي الميداني، يوجد جنوب القطاع مستشفيات ميدانية تشرف عليها هيئات دولية، وهي مستشفى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومستشفى مؤسسة "يو كيه ميد" (UK MED) البريطانية، ومستشفى الهيئة الدولية الطبية المعروف شعبيا بالمستشفى الأميركي، ومستشفى "أطباء بلا حدود"-فرنسا، ومستشفى ميداني حكومي تديره وتشرف عليه "أطباء بلا حدود"-بلجيكا.

وتقدم هذه المستشفيات خدمات طبية مساندة للمستشفيات الحكومية، تمثل في أغلبها خدمات رعاية أولية، مع بعض الخدمات الأخرى التي تعتمد على كوادر طبية محلية متخصصة، ولكن غالبيتها تفتقر للأجهزة الطبية المتقدمة التي يمنع الاحتلال دخولها للقطاع.

ويشير الهمص إلى وجود "أثر طيب" لهذه المستشفيات في ظل حالة الانهيار التي تعاني منها المستشفيات الحكومية جراء الاستهداف المباشر أو بالحصار والقيود، ومنع وصول الوفود الطبية الخارجية لإسناد الطواقم المحلية المنهكة، وكذلك منع إدخال الأدوية والاحتياجات الطبية.

وعلى وقع الاجتياح البري الإسرائيلي لمدينة رفح في 6 مايو/أيار الماضي، خرج عن الخدمة المستشفى الميداني الإماراتي الأكبر من بين المستشفيات الميدانية في القطاع، والأكثر تجهيزا بالكوادر والأجهزة والخدمات المتخصصة.

مخاطر واحتياجات

كان الدكتور الهمص مديرا لمستشفى أبو يوسف النجار الحكومي الوحيد بمدينة رفح، واضطر إلى النزوح إلى مدينة خان يونس المجاورة، ويعمل حاليا في مجمع ناصر الطبي، لكنه لا يشعر بالأمان، ويقول "أجلس هنا وأتوقع أن تحاصرنا الدبابات الإسرائيلية في أي وقت".

وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي قتل الاحتلال 1047 من الطواقم الطبية، واعتقل 310 منهم واغتال من بينهم 3 أطباء، وأخرج عن الخدمة 34 مستشفى و80 مركزا صحيا، واستهدف 134 سيارة إسعاف.

وعن مطالب القطاع الصحي الوقت الحالي، يقول الهمص "نحن بحاجة ماسة لتأمين وحماية الطواقم الطبية والمستشفيات، إضافة إلى حاجتنا لوفود طبية متجددة وبشكل دوري ومنتظم، لمساعدة الطواقم الطبية المحلية المنهكة".

ويتابع الهمص "كما أننا بحاجة لمستشفيات ميدانية متطورة ومدعمة بالأجهزة والكوادر، لإسناد المستشفيات الحكومية التي تعاني من نواقص كثيرة، خاصة على صعيد الأجهزة الطبية الحديثة، وقطع غيار للأجهزة القديمة، وزيوت لمولدات الكهرباء المتهالكة".

ويختم بقوله إن المنظومة الصحية انهارت في الشمال، وهي ليست بمأمن من المصير ذاته في الجنوب، مع الاعتماد الأساسي لنحو مليون و800 ألف نسمة من السكان والنازحين على 3 مستشفيات حكومية هي مجمع ناصر الطبي ومستشفى غزة الأوروبي بمدينة خان يونس، ومستشفى شهداء الأقصى بالمحافظة الوسطى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات المستشفیات المیدانیة مستشفیات میدانیة المنظومة الصحیة الهلال الأحمر مستشفى میدانی شمال القطاع عن الخدمة مدینة غزة خان یونس فی مدینة لا یوجد

إقرأ أيضاً:

وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى منيا القمح ويوقع غرامة مالية على شركة الأمن |صور

 تفقد الدكتور أحمد البيلي، وكيل وزارة الصحة بالشرقية مستشفى منيا القمح المركزي، على رأس لجنة من الإدارة العامة للطب العلاجي بمديرية الشئون الصحية بالشرقية وتضم الدكتور إياد درويش مدير إدارة المستشفيات، والدكتور نصر شعبان مدير إدارة الرعاية الحرجة والعاجلة، والفريق الإشرافي بكل من الإدارتين، وذلك للاطمئنان على مستوى جودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى والمواطنين، وتعزيز الانضباط داخل الأقسام الطبية بالمستشفى، ووضع خطة لتلافي السلبيات التي تم رصدها خلال زيارة محافظ الشرقية.

يأتي ذلك عقب زيارة المهندس حازم الأشموني محافظ الشرقية، وفي إطار المتابعة الميدانية المكثفة على منافذ تقديم الخدمة الطبية بمحافظة الشرقية.

بسبب الإصابة.. شوبير يكشف عن مدة غياب أشرف بن شرقي عن الملاعبقوات الاحتلال تتوغل في قريتي الصمدانية الشرقية والعجرف بريف القنيطرةمحافظ الشرقية يحيل مدير مستشفى منيا القمح للتحقيق لعدم تواجده

وتفقد وكيل وزارة الصحة بالشرقية وأعضاء اللجنة المرافقة له في حضور الدكتور أحمد صبري مدير المستشفى، الأقسام الطبية المختلفة، حيث تم المرور على قسم الاستقبال والطوارئ، وتلاحظ وجود تكدس من المرافقين داخل القسم، وشدد وكيل الوزارة على شركة الأمن بتنظيم حركة دخول وخروج المرضى وذويهم بالقسم، موجهاً بتوقيع غرامة مالية على الشركة لعدم إحكام السيطرة وتنظيم الدخول بما يضمن استقرار بيئة تقديم الخدمة الطبية بصورة جيدة.

كما وجّه وكيل الوزارة الفريق الطبي بسرعة التعامل مع الحالات المرضية العاجلة، وإجراء الفحوصات اللازمة لهم وتقديم الرعاية دون تأخير وبأفضل جودة ممكنة، مع سرعة تحويل الحالات التي تستدعي ذلك سواء للأقسام الداخلية أو المستشفيات الأخرى وفقاً للتشخيص الطبي ومدى توافر الخدمة، أو خروج الحالات المرضية بعد تحسن حالتها.

كما تفقد الدكتور أحمد البيلي الصيدلية الموحدة والصيدلية الرئيسية بالمستشفى، وقام بمراجعة الأرصدة الدوائية والمستلزمات الطبية، والتأكد من توافرها بكميات مناسبة لتغطية احتياجات العمل على مدار الساعة، موجهاً إدارة المستشفى بإعادة توزيع بعض الأصناف طبقاً لاحتياجات الأقسام المختلفة، مع تنظيم الصيدليات وترتيب الأدوية بصورة أفضل، كما تابع وكيل الوزارة خدمات الرعاية المقدمة للمرضى بقسم العناية المركزة، والذي يضم 24 سرير عناية، حيث قام بمناظرة السجلات الطبية والتأكد من استكمال الفحوصات والعروض الطبية اللازمة لكل حالة، موجهاً بتوفير كافة أوجه الرعاية الطبية ومؤكداً على الفريق الطبي بضرورة تطبيق سياسة التسليم والتسلم بين أعضاء هيئة التمريض بكل دقة بما يضمن جودة الخدمة الطبية المقدمة.

وخلال الجولة تفقد «البيلي» قسم الحضانات والذي تضم 21 حضانة، واطمأن على تواجد الفريق الطبي، واستقرار الحالات، والتأكد من عمل أجهزة التنفس الصناعي والأجهزة الطبية بصورة جيدة، وإجراء الصيانة الدورية لها بانتظام.

كما قام بالمرور على الأقسام الداخلية، وحرص على الاستماع إلى المرضى وذويهم لمعرفة مدى رضاهم عن الخدمة المقدمة لهم، موجهاً بسرعة إنهاء أي معوقات قد تواجه تقديم الخدمة للمرضى، كما اطمأن الدكتور أحمد البيلي على توافر فصائل الدم المختلفة ومشتقاته، مشيداً بالكفاءة العالية لفريق بنك الدم التجميعي في تفعيل كافة خدمات فصل الصفائح الدموية والبلازما لخدمة المرضى المحتاجين إليها بمحافظة الشرقية، وفي نهاية الزيارة تم وضع خطة تصحيحية مع إدارة المستشفى لتلافي السلبيات والملاحظات المرصودة خلال زيارة المهندس حازم الأشموني للمستشفى صباح اليوم الخميس.

طباعة شارك الشرقية محافظ الشرقية بمحافظة الشرقية وزارة الصحة مستشفى منيا القمح

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يقتحم بلدة الرام شمال مدينة القدس
  • الأغذية العالمي: إنزال المساعدات الملاذ الأخير لإنقاذ المحاصرين بالسودان
  • 7 شهداء بنيران إسرائيلية في مدينة غزة وشمالي القطاع خلال اليوم
  • "سرايا القدس" تبث مشاهد لتسليم جثة أحد أسرى الاحتلال شمال القطاع
  • إحالة المتغيبين للتحقيق… جولة تفقدية مفاجئة بثلاثة مستشفيات بمنوف لضمان انضباط الخدمة الطبية
  • جيش الاحتلال: استهدفنا مسلحين تخطيا الخط الأصفر شمال غزة
  • عودة المياه إلى بعض المناطق في مدينة 6 أكتوبر الجديدة
  • المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يواصل تقديم خدماته الطبية لسكان القطاع
  • وكيل صحة الشرقية يتفقد مستشفى منيا القمح ويوقع غرامة مالية على شركة الأمن |صور
  • الخدمات الطبية بوزارة الداخلية تطلق أول خدمة غسيل كلوي متنقل داخل السجون بالمملكة