الدويري: هذا سبب انخفاض وتيرة صواريخ حزب الله صوب إسرائيل
تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT
قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن انخفاض أعداد الصواريخ التي يطلقها حزب الله صوب أهداف إسرائيلية "يعتمد على رؤية صانع القرار وليس مرتبطا بالقدرات".
وأوضح الدويري -في حديثه للجزيرة- أن أعداد الصواريخ ونوعيتها تتخذ على المستوى العملياتي وفق مقاربة يضعها المستوى السياسي.
ويرى أن التصعيد في إطلاق الصواريخ والمسيّرات يجب أن يكون تدريجيا ومنضبطا، وطالب بضرورة انتظار الأيام المقبلة لمعرفة عدد الصواريخ ونوعيتها.
وشهد أمس الاثنين هدوءا نسبيا مقارنة بالأيام الماضية، إذ قال الجيش الإسرائيلي إن "90 قذيفة صاروخية أطلقها حزب الله من لبنان عبرت باتجاه إسرائيل"، في حين كان العدد يزيد عن 110 صواريخ في الأيام السابقة.
ونبه إلى أن التصعيد ليس مرتبطا بالقدرات الصاروخية لحزب الله ولكن يخضع لرؤية صانع القرار، وأضاف أن الحزب يضع "خطوطا حمراء في ظل تفوق إسرائيل عبر سلاح الجو، واختلال موازين القوى، وخوضه حربا غير متناظرة".
وبناء على ذلك، لا يمكن لحزب الله، وفق الدويري، "الإفراط بصواريخه النوعية على أهداف ذات قيمة إستراتيجية عليا بالبعدين المجتمعي والاقتصادي، خشية رد فعل إسرائيلي مفرط".
ويمتلك حزب الله -حسب تقديرات إسرائيلية ومراكز الدراسات- ما بين 100 ألف و200 ألف صاروخ، مستبعدا صحة ما أعلنته إسرائيل عن تدمير 80% من صواريخ حزب الله.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال، الثلاثاء الماضي، إن حزب الله لم يعد يحتفظ إلا بنحو 20% فقط من القدرة الصاروخية والقذائف التي كانت لديه قبل الحرب.
ووجهت إسرائيل "ضربات مؤلمة لحزب الله منذ بداية الحرب"، ولكن الدويري يقول في الوقت عينه إنه "لا يعقل أنها تمكنت من تدمير 80% من قدرات الحزب الصاروخية ومخزوناته"، مستدلا بمنشأة "عماد 5" التي عرضها الحزب مؤخرا.
وخلص الخبير العسكري إلى أن غزة قدمت عبرة بمواصلة القتال للشهر الـ13 تواليا، "ولذلك يجب أن يكون لحزب الله رؤية بتوظيف قدراته لخوض حرب طويلة كما ونوعا".
ونشر حزب الله اللبناني، الأحد الماضي، مقطعا مصورا يظهر منشأة لإطلاق الصواريخ تحمل اسم "عماد 5″، وتضمنت راجمات صواريخ وتجهيزات داخل منشأة عسكرية تحت الأرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات لحزب الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
حزب الله.. حضور راسخ ودور لا ينكسر
منذ استشهاد أمينه العام شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، تكاثرت الأصوات المشككة والمحرّضة ضدّ حزب الله وبيئته، وكثر الترويج لانحسار دوره أو حتّى نهايته، فجاء العرض الكشفي الأخير للحزب ليقدم مشهدًا يناقض ويدحض ويذيب كلّ هذه الادّعاءات، حيث شهد لبنان قبل أيام استعراضًا استثنائيًا نظمته كشافة الإمام المهدي (عج)، بمشاركة أكثر من 74 ألف كشاف ومرشدة، ضمن مهرجان عيد التأسيس وتحت عنوان “أجيال السيد”، في مشهد عكس التنظيم المحكم، والمظهر اللافت، والانضباط الدقيق، ومستوى عاليًا من الجهوزية والبنية المؤسسية المتينة التي يتمتع بها الحزب.
هذا الاستعراض، الذي أضاء مجددًا على الجيل القادم في بيئة المقاومة، شكّل ردًا عمليًا على كلّ محاولات التشكيك بوجود الحزب وقوته. كيف ذلك؟.
إذا أُخذ الرقم مجردًا، فهو أكبر من الحاصل الانتخابي لمجموعات في مجلس النواب اللبناني تقود حملة التضليل واستهداف الحزب وبيئته. هكذا علق ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي.
ليس الرقم وحده ما يلفت النظر في المهرجان، بل الدلالات العميقة التي يحملها رقم كهذا، أكثر من 74 ألف كشاف ومرشدة، استعرضوا ضمن التنظيم الدقيق والانضباط اللافت ومظهر باهر يشي بما هو أبعد بكثير من مجرد فعالية كشفية.
فحين يتمكّن حزب الله من تعبئة عشرات الآلاف من الناشئة في حدث واحد، تحت راية واحدة، وبخطاب موحد، فإن ذلك يدل على حضور متجذر في المجتمع الجنوبي والبقاعي وفي الضاحية، وعلى امتداد بيئة المقاومة، وليس مجرد حشد جماهيري عابر، هؤلاء الفتية والفتيات هم أبناء هذه البيئة التي ما زالت تحتضن المقاومة وتنتجها وتربي أبناءها على قيمها وتعدهم ليتحملوا المسؤوليات في المستقبل سواء في ميادين الخدمة أو في خطوط الدفاع.
والأهم من ذلك، أن هذا الحجم من المشاركة لا يمكن تحقيقه من دون مؤسسة فعلية قادرة على التخطيط، والتدريب، والتنظيم، والتواصل، والتحكم اللوجستي، ما يعني أن حزب الله، بعيدًا عن الصورة النمطية التي يحاول خصومه ترسيخها، هو ليس مجرد السلاح، حزب الله بنية شاملة متكاملة ثقافية، تربوية، خدماتية، وأمنية. عرض الكشافة بهذا الزخم هو في جوهره عرض لقدرات التنظيم، ومتانة البنية، وسعة الانتشار، وليس لمجرد استعراض شكلي.
من الناحية السياسية، هذا العرض جاء في توقيت لا يمكن تجاهله. فمع تصاعد التصريحات “الإسرائيلية” والغربية حول “انكفاء” حزب الله، ومع الحملات المتواصلة التي تحاول رسم صورة توحي بتراجع الحزب أو فقدانه السيطرة، جاء هذا المشهد ليقول العكس تمامًا. فجيل “السيد” لم ينتهِ، بل هو أكبر، وأشمل، وأكثر حضورًا من أي وقت مضى. وهذه القوّة الناعمة التي رأيناها في العرض الكشفي، تشكّل في الحقيقة أرضية صلبة لأي مواجهة قادمة، ودعامة بشرية ومعنوية في معركة الوعي التي لا تقل خطورة عن المعارك العسكرية.
من هنا، لا يمكن فصل هذا المشهد عن السياق العام في لبنان والمنطقة. فما بين من يروّج لوهم انتهاء الحزب، ومن يراهن على تفكك بيئته، يأتي عرض الـ74 ألفًا ليُعيد التوازن إلى المشهد، ويقول بوضوح إن هذه ليست جماعة متناثرة، فحزب الله أمة تقف خلف مشروع، وأجيال تتسابق على حمل رايته.
ولم يكن العرض الكشفي الوحيد في سياق التأكيد على قوة الحزب واستمراريته، إذ سبقه نجاح سياسي كبير في الانتخابات البلدية، حيث تمكّن حزب الله، بتحالفه الوثيق مع حركة أمل، من حصد كلّ المقاعد الشيعية في الجنوب، وغالبية المجالس البلدية بالتزكية. وقد علق الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في خطابه بمناسبة سنوية شهيد الإسلام والإنسانية، على هذا الإنجاز “خضنا الانتخابات البلدية بتحالف متين وثيق بين حزب الله وحركة أمل، مع أهلنا وأحبتنا، وكان النجاح عظيمًا، لفت نظر الجميع: كيف لهذه البيئة وهذه الجماعة أن تكون بهذا الزخم، وأن يكون هناك نجاحات بالتَّزكية في أكثر من نصف البلدات، كدليل على التوافق والتعاون».
إلى جانب العمل السياسي كانت للحزب إنجازات كبيرة على الصعيد الاجتماعي والخدماتي لا سيما في ما يتعلق بعمليات ترميم وإيواء شملت أكثر من 400 ألف مسكن، وهذا الرقم يعد إنجازًا استثنائيًا في ظل الحصار والأزمات والتضييق والقيود.
كما شكل إحياء ذكرى عاشوراء هذا العام علامة فارقة، من حيث الإقبال الكبير وروح التفاعل واستعداد الجمهور للتضحية وانخراط شرائح جديدة في مسيرة المقاومة.
كل هذه الوقائع تشير بوضوح إلى أن حزب الله لم يهزم، بل لم يضعف أصلًا، وأن ما تردّده ببغاوات الاحتلال “الإسرائيلي” وأدواتهم الإعلامية في الداخل والخارج لا يعدو كونه تمنيات وأوهام، أكثر من كونه قراءة واقعية. وهذه الحملات، وإن بدت صاخبة أحيانًا، فهي في جوهرها محاولات يائسة للتأثير على وعي الناس، وفصلهم عن واقعهم وبيئتهم. لكن الأحداث الأخيرة أثبتت أن جمهور المقاومة لا يزال وفيًا، واعيًا، وراسخًا في خياره.
بالمحصلة، يبقى حزب الله رقمًا صعبًا في معادلة الأمن والاستقرار في لبنان، ودعامة أساسية في محور المقاومة، وكلّ من يظن أن الحزب قد انتهى أو تراجع، إنما يقرأ الأحداث بعيون الوهم والتمني، لا بعين الحقيقة والواقع.