أخيرًا، جاء "الثلاثاء الأميركي الكبير"، اليوم المُنتظَر منذ أشهر طويلة، لتحديد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد، الذي سيخلف الرئيس جو بايدن في قيادة الولايات المتحدة، مطلع العام المقبل، وسط منافسة "شرسة" بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب، الطامح بالعودة لولاية ثانية، كان بايدن قد حرمه منها، والديمقراطية كامالا هاريس، الطامحة للترقّي من "نائبة الرئيس" إلى "الرئيسة الأولى" للولايات المتحدة.


 
ولعلّ أهمية "الثلاثاء الأميركي الكبير" الذي يصفه الكثيرون بـ"المفصليّ والتاريخيّ"، تكمن في أنّه رُبِط بالكثير من الاستحقاقات في المنطقة والعالم، بل بالحروب المشتعلة في الشرق الأوسط، من غزة إلى لبنان، حتى قيل إنّ "ما بعده لن يكون كما قبله"، بمعزل عن نتيجة هذه الانتخابات، في إيحاء بأنّ الرئيس الأميركي الجديد سيحمل معه "العصا السحرية" التي ستضع حدًا لهذه الحروب "المجنونة" التي تبدو بلا أفق، إن جاز التعبير.
 
إلا أنّ هذا الاعتقاد يصطدم بالعديد من علامات الاستفهام، وربما التشكيك، فهل يمكن الرهان فعلاً على الانتخابات الأميركية التي طال انتظارها، من أجل طيّ صفحة الحرب المستعرة، وهل مُنِح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فعلاً "مهلة" لإنجاز ما يريد إنجازه قبل أن تستلم الإدارة الأميركية الجديدة مقاليد الحكم، وهل صحيح أنّ هذه النظرية لا تقترن بهوية الفائز فعلاً، سواء كان ترامب أم هاريس؟!
 
بين ترامب وهاريس...
 
قبل الحديث عن الرهانات، التي قد يكون بعضها صائبًا، وبعضها الآخر مُبالَغًا به، فإنّ ما لا شكّ فيه أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية لهذا العام تكتسب أهمية استثنائية، وربما تاريخية، يعبّر عنها حجم المنافسة الكبيرة، وربما غير المسبوقة، التي يبدو أنّ استطلاعات الرأي عجزت حتى الآن، على غير عادة، عن حسم الأمور لصالح أيّ من المرشحين، وسط مخاوف تبدو "مشروعة" من تبعات النتائج على الوضع داخل الولايات المتحدة ونفسها.
 
في هذا السياق، ثمّة من يخشى من تكرار "سيناريو" العام 2020، الذي وصفه كثيرون بـ"العار على الديمقراطية الأميركية"، يوم قاد الرئيس السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب، ما عُدّ "تمرّدًا"، بل "انقلابًا"، تكرّس عبر واقعة اقتحام الكونغرس، في مشهدٍ بدا "غريبًا" على الولايات المتحدة التي اعتادت أن تصدّر "الديمقراطية" إلى العالم، علمًا أنّ هناك من يتخوّف من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، خصوصًا على مستوى "العنف السياسي".
 
وإذا كانت هذه المخاوف تجد مشروعيّتها بالأجواء المتشنّجة التي سبقت "الثلاثاء الأميركي الكبير"، خصوصًا مع محاولتي الاغتيال اللتين قيل إنّ ترامب تعرّض لهما، فإنّ الثابت أنّ كلّ السيناريوهات تبقى مفتوحة حتى الكشف عن هوية الفائز، علمًا أنّ أحدًا لا يستطيع أن يتكهّن بردّة فعل ترامب مثلاً لو خسر هذه المرّة أيضًا، وهو الذي بدأ الحديث عن تزوير سلفًا، في وقتٍ يرى البعض أنّ "سيناريو" المعركة بينه وبين هيلاري كلينتون قد يكون أقرب إلى الواقع.
 
تداعيات عابرة للولايات المتحدة
 
لعلّ الأهم من "الثلاثاء الأميركي الكبير"، هو ما سيتبع هذا اليوم المفصليّ، في ظلّ تحوّلاتٍ تاريخية قد يكون العالم مقبلاً عليها، إذ يُتوقَّع أن تكون التداعيات عابرة لحدود الولايات المتحدة، في ظلّ استحقاقات كثيرة مربوطة بهذه الانتخابات، بما في ذلك الحرب على أوكرانيا مثلاً، التي يُقال إنّ فوز ترامب مثلاً قد يكون "فاصلاً" بين مرحلتين على خطّها، باعتبار أنّ الرجل عبّر أكثر من مرّة عن رفضه لها، متمايزًا بذلك عن النهج الذي اعتمده الرئيس جو بايدن.
 
وعلى الرغم من أنّ كل التجارب أثبتت أنّ الديمقراطيين والجمهوريين لا يختلفون عندما يتعلق الأمر بالسياسات الخارجية، ولا سيما على مستوى العلاقات "الاستراتيجية" مع إسرائيل، فإنّ ثمة من يعتقد أنّ نتائج الانتخابات قد تكون فاصلة أيضًا على مستوى الحرب في المنطقة، فترامب قال سابقًا إنّها ما كانت لتقع لو كان رئيسًا، وإنّه سينهيها في يوم واحد، في حين أنّ هاريس وفق بعض المعطيات، لا تتّفق بالضرورة مع طريقة إدارة بايدن للأمور.
 
وإذا كان هناك من يقول إنّ نتنياهو يعتبر أنّ الانتخابات الأميركية، بغضّ النظر عن نتيجتها، ستكون "بداية النهاية" للحرب، وهو المدرك أنّ الرئيس الجديد، أيًا كان، يرفض أن يبدأ عهده على وقع استمرار الحرب، وبالتالي فهو يتحضّر للانتقال جدّيًا إلى المفاوضات، ثمّة من يرى في المقابل أنّ مثل هذه الرهانات "مضخّمة ومبالغ بها"، وقد أصبح واضحًا أنّ نتنياهو لا يسير وفق "أجندة" الانتخابات أو غيرها، وهو لن يوقف حروبه قبل تحقيق أهدافها.
 
هما وجهتا نظر إذًا، تقول الأولى إنّ "الثلاثاء الأميركي الكبير" سيسرّع موعد انتهاء الحرب، وإنّ نتنياهو سينفتح بعد هذا التاريخ على المفاوضات التي كان سببًا في تعثّرها قبل أسبوع، فيما تقول الأخرى إن الانتخابات الأميركية لن تكون سوى محطّة على خطّ حروب نتنياهو الذي يمتلك وحده "مفاتيح" إنهائها، وفق "شروطه". وبين هذين الرأيين، ثمّة "مشترك واحد"، هو أنّ "العصا السحرية"، إن وُجدت، قد لا تبصر النور قبل العام الجديد!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الولایات المتحدة قد یکون

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي يهنئ المستشار الألماني على الفوز المستحق في الانتخابات الألمانية

أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم اتصالاً هاتفياً بالمستشار الألماني "فريدريش ميرتز".

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس السيسي وجه التهنئة للمستشار الألماني على الفوز المستحق في الانتخابات الألمانية، والذي يعكس ثقة الشعب الألماني، معرباً عن التمنيات للحكومة الجديدة بالنجاح في خططها الطموحة لتعزيز الدور المحوري لألمانيا على الساحتين الأوروبية والدولية، مشيراً إلى أن اللحظة الراهنة تكتسب أهمية بالغة في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، والحاجة الماسة لاحترام القواعد والمبادئ الدولية المستقرة والقانون الدولي، وهو ما يتماشى مع الجهود والخبرات الألمانية خلال العقود الأخيرة.

وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن المستشار الألماني ثمن من جانبه اللفتة الكريمة، مؤكداً حرص بلاده على علاقاتها الوثيقة مع مصر، وأكد الجانبان على التزامهما بتعزيز وتعميق العلاقات الثنائية في كافة المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، إلى جانب تعزيز التعاون التنموي، بما يوثق الروابط بين الشعبين الصديقين.

وأوضح المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول أيضاً الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة، حيث استعرض السيد الرئيس جهود وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً على أهمية قيام المجتمع الدولي بالضغط تجاه الوقف الفوري للعمليات العسكرية بالقطاع وإنفاذ المساعدات الإنسانية، فضلاً عن الرفض التام لمخططات تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم، مشيراً إلى أهمية توسيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية بما يتفق مع حل الدولتين.

وذكر المتحدث الرسمي أن الاتصال تناول أيضاً التطورات في سوريا ولبنان وليبيا والسودان والصومال، وسبل استعادة الاستقرار بالشرق الأوسط، حيث أكد المستشار الألماني على حرص بلاده على استمرار التنسيق والتشاور مع مصر بهدف استعادة الهدوء والسلم الإقليميين.

طباعة شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس السيسي المستشار الألماني

مقالات مشابهة

  • بوليتيكو: هجوم إسرائيل على إيران يورط أميركا وترامب بموقف لا يحسد عليه
  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • الرئيس الإيراني: لن نستسلم للظلم والاستبداد والقوة التي تمارس ضدنا
  • الرئيس السيسي يهنئ المستشار الألماني على الفوز المستحق في الانتخابات الألمانية
  • ترامب يقرع طبول الحرب بفيديو للجيش الأمريكي
  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • جارف الثلوج الذي دَوَّخ فرنسا وأميركا.. من يكون هو شي منه؟
  • حول الرسوم الجمركية.. ترامب يعلن عن اتفاق مع الصين بانتظار موافقة الرئيس شي جين بينج
  • سموتريتش: لا يمكن الاستمرار في الحرب إلى الأبد
  • إعلام إسرائيلي: ترامب طلب من نتنياهو إنهاء الحرب في قطاع غزة