مصر والإمارات توقعان اتفاقية برنامج تمويل واردات القمح لمدة 5 سنوات
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
وقعت وزارتا التعاون الدولي، والمالية، والهيئة العامة للسلع التموينية، مع مكتب أبوظبي للصادرات (أدكس)، التابع لصندوق أبوظبي للتنمية، اتفاقية برنامج التمويل الدوار بقيمة 100 مليون دولار لمدة خمس سنوات بإجمالي 500 مليون دولار، بهدف تمويل واردات القمح.
ويعد الاتفاق هو التعاون الأول من نوعه مع مكتب أبوظبي للصادرات التابع لصندوق أبوظبي للتنمية.
أقيمت فعاليات التوقيع بمقر وزارة التعاون الدولي بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث وقعت الدكتورة رانيا المشاط، وزارة التعاون الدولي، الاتفاق الإطاري، بينما وقع الدكتور محمد معيط، وزير المالية، اتفاق ضمان التمويل، ووقع أحمد يوسف منصور، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، اتفاق التمويل، ومن الجانب الإماراتي قام بالتوقيع محمد سيف السويدي، مدير عام صندوق أبوظبي للتنمية ورئيس اللجنة التنفيذية لمكتب أبوظبي للصادرات، كما حضر فعاليات التوقيع كبار المسئولين من الجانبين المصري والإماراتي.
وفي تعليقها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، أن الاتفاقية الجديدة تعكس عُمق العلاقات الاستراتيجية بين مصر والإمارات، والحرص على تعزيز التكامل الاقتصادي ودفع جهود التنمية المشتركة.
وأوضحت أنه من خلال التمويل الدوار سيتم تلبية احتياجات السوق المحلية من القمح في ضوء الإجراءات التي تقوم بها الدولة المصرية لتعزيز الأمن الغذائي من خلال التمويلات التنموية الميسرة، لافتة إلى التعاون والتنسيق المستمر والتعاون الفني بين وزارات التعاون الدولي والمالية والتموين لإتمام الاتفاق.
وثمنت وزيرة التعاون الدولي، علاقات التعاون الإنمائي مع صندوق أبوظبي للتنمية التي بدأت من عام 1971، ونتج عنها تمويل أكثر من 20 مشروعًا بقيمة 4 مليارات درهم إماراتي في مختلف القطاعات ذات الأولوية التي تعود بالنفع على المواطن، لا سيما في قطاعات المياه والصحة والإسكان والنقل والتنمية الزراعية، وقد مولت دولة الإمارات مشروع تدشين 25 صومعة في 17 محافظة لزيادة السعات التخزينية للقمح بواقع 1.5 مليون طن.
وقالت إن الفترة المقبلة ستشهد التباحث حول المزيد من مجالات التعاون المستقبلية في ضوء الأولويات التنموية لمصر وتنفيذ رؤية مصر 2030.
وتابعت وزيرة التعاون الدولي: “يُعد الأمن الغذائي أحد القضايا الحيوية التي تُمثل أمنا قوميل لجمهورية مصر العربية، وفي هذا الصدد فقد عملت وزارة التعاون الدولي من خلال العلاقات الاستراتيجية مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين على تعزيز هذه الجهود ودفعها من خلال عدد من البرامج والاتفاقيات التمويلية من بينها الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرًا مع مجموعة البنك الدولي والبنك الأفريقي للتنمية والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، فضلا عن ذلك يجري تنفيذ العديد من البرامج لدعم التنمية الزراعية والريفية ودعم صغار المزارعين بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة”.
من جانبه، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، حرص الحكومة المصرية على تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الإقليميين والدوليين؛ بما يُحقق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة مع التركيز على البعد الاجتماعي، على نحو يُسهم فى تعزيز جهود التعامل المرن مع التداعيات والآثار السلبية للحرب بأوروبا، ويُساعد فى إرساء دعائم الأمن الغذائي؛ مع الأخذ فى الاعتبار الزيادة غير المسبوقة فى الأسعار العالمية للغذاء والوقود؛ نتيجة الاضطراب الحاد فى سلاسل الإمداد والتوريد.
وقال إن الظروف الاستثنائية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، وتُلقي بظلالها على الاقتصادات الناشئة، تتطلب المزيد من التعاون من المؤسسات التنموية فى توفير التمويلات الميسرة للبلدان النامية؛ إدراكًا لحجم التحديات الخارجية، وما تفرضه من أعباء تمويلية ضخمة لتلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، خاصة فى ظل ارتفاع تكلفة التمويل من الأسواق الدولية.
وأشار الوزير، إلى ما تشهده العلاقات التاريخية بين مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، من زخم يُثرى مجالات التعاون ويرتقي بها إلى آفاق أرحب فى مواجهة التحديات العالمية، ويُسهم فى تعميق الشراكات التنموية، ويدفع بجهود تحفيز الاستثمارات بالبلدين الشقيقين، موضحًا حرص الجانب المصري على تعزيز التعاون مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وتبادل الخبرات على المستوى الاقتصادي، وفى مجال تطوير السياسات المالية، والتوظيف الأمثل للذكاء الاصطناعي فى الإدارة الاحترافية للمالية العامة للدولة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية والتنموية؛ على نحو يعزز مسار التعافي الاقتصادي من التحديات الراهنة.
وأضاف الوزير: ,"نتطلع إلى ترسيخ التعاون التنموي مع صندوق أبو ظبي للتنمية؛ لدعم المسيرة المصرية غير المسبوقة؛ استهدافًا لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير حياة كريمة للمواطنين، والإسهام الفعَّال فى تحسين مستوى معيشتهم، والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، جنبًا إلى جنب مع جهود تخفيف الآثار التضخمية عنهم بقدر الإمكان".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التعاون الدولی أبوظبی للتنمیة على تعزیز من خلال
إقرأ أيضاً:
دور التمويل الإسلامي في تعزيز المرونة المناخية
في وقت حيث يجتمع وزراء يمثلون 57 دولة عضوا في مجموعة البنك الإسلامي للتنمية في الجزائر العاصمة لحضور الاجتماع السنوي الحادي والخمسين للبنك الإسلامي للتنمية، من الواضح أن تجاهل الآثار المدمرة المترتبة على تغير المناخ بات في حكم المستحيل. فحرائق الغابات تلتهم مجتمعات بأكملها، والفيضانات تشرد ملايين البشر، وموجات الحر تودي بحياة مئات الآلاف. لم تعد مثل هذه الظواهر الجوية القاسية تشكل اختلالات شاذة؛ بل تحولت إلى الوضع المعتاد الجديد الذي يهدد الأرواح وسبل العيش في أكثر مناطق العالم عرضة للتأثيرات المترتبة على تغير المناخ ــ وخاصة في الجنوب العالمي.
مع ثبوت عدم كفاية الاستجابات التقليدية في التصدي لهذا التهديد المتصاعد، يجب أن يحتل التمويل المبتكر الـخَـلّاق مركز الصدارة. وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يعيش حاليا ما يصل إلى 3.6 مليار إنسان في مناطق معرضة بشدة لتغير المناخ.
بين عامي 2010 و2020، كانت الوفيات الناجمة عن الفيضانات، وموجات الجفاف، والعواصف في هذه المناطق أكثر تواترا بنحو 15 مرة مقارنة بالمناطق الأقل عرضة للخطر، وهذا يؤكد على الخسائر الفادحة وغير المتكافئة التي تخلفها أزمة المناخ.
وفقا للمعتقد التقليدي السائد، يُـعَـد العمل المناخي بالنسبة للاقتصادات التي تعتمد على الموارد مسألة بقاء اقتصادي، بينما يوفر للاقتصادات النامية مسارا إلى النمو والتنمية المستدامة. لكن اقتصادات عديدة تندرج ضمن الفئتين ــ النامية والمعتمدة على الموارد ــ وهذا يضاعف من صعوبة التحدي المتمثل في تصميم وتنفيذ استراتيجيات مناخية فعالة.
في حين تشكل الاستراتيجية الشاملة لبناء القدرة على التأقلم مع المناخ ضرورة أساسية لتعزيز قدرة الاقتصادات النامية على تحمل الصدمات، فإن جهود تعزيز المرونة والقدرة على التكيف يجب أن يسيرا يدا بيد. في البلدان المعرضة للخطر، قد ينطوي ذلك على تعزيز البنية الأساسية للحماية من الفيضانات، والاستثمار في المحاصيل المقاوِمة للجفاف، وتنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على القطاعات الحساسة للمناخ.
إلا أن الأنماط التقليدية لتمويل القدرة على الصمود لا تزال مقيدة، سواء من حيث المصادر أو آليات التسليم. ونتيجة لهذا، تخضع الضمانات الاجتماعية الحيوية ونظم الدعم غالبا لنقص التمويل أو عدم كفايته. وتتفاقم المشكلة بفعل حالة انعدام اليقين المتنامية بشأن توافر التمويل الميسر من جانب البلدان المتقدمة.
بالنظر إلى هذا الواقع، يجب أن يصبح الإبداع المالي ركيزة أساسية في القدرة على التكيف مع تغير المناخ. لتحقيق هذه الغاية، يتعين على المؤسسات المالية، والحكومات، وغير ذلك من أصحاب المصلحة العمل معا لتطوير آليات تمويل جديدة تهدف إلى حماية المناطق المعرضة لتغير المناخ.
ما يبعث على التفاؤل ظهور عدد كبير من صناديق وآليات التمويل المبتكرة لدعم جهود المرونة والتكيف. وتشمل هذه الأدوات صندوق المناخ الأخضر، الذي يقدم المساعدة المالية للبلدان النامية؛ ومبادرة سندات المناخ، التي تشجع نمو سوق سندات المناخ؛ والتأمين المناخي الذي يساعد على إدارة وتقليص المخاطر المرتبط بالمناخ؛ والتكيف المجتمعي، الذي يعمل على تمكين المجتمعات المحلية من تصميم وتنفيذ استراتيجيات التكيف التي تخصها؛ والحلول القائمة على الطبيعة، التي تركز على استعادة وحماية النظم الإيكولوجية الطبيعية. ومع ذلك، يظل هذا التمويل أقل كثيرا من الطلب.
تضطلع بنوك التنمية المتعددة الأطراف بدور محوري في توفير التمويل اللازم للبلدان المعرضة للخطر لخفض الانبعاثات والاستثمار في مشاريع التكيف. وفقًا لأحدث تقرير مشترك حول التمويل المناخي من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف، قدمت بنوك التنمية المتعددة الأطراف رقما قياسيا قدره 125 مليار دولار أميركي في هيئة تمويل عام للعمل المناخي في عام 2023. الجدير بالذكر أن 60% من هذا الإجمالي ــ 74.7 مليار دولار ــ كان موجها إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وهذا يسلط الضوء على التزام بنوك التنمية المتعددة الأطراف بدعم البلدان الأكثر عُـرضة لمخاطر المناخ.
من الأمثلة البارزة على ذلك البنك الإسلامي للتنمية. ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وافق البنك الإسلامي للتنمية على تمويل بقيمة 1.15 مليار دولار أميركي لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في كازاخستان من خلال ري 350 ألف هكتار من الأراضي بطرق مستدامة. يهدف المشروع إلى زيادة متوسط غلة المحاصيل بنسبة 30%، وبالتالي تعزيز قدرة المجتمع على الصمود في مواجهة الكوارث المرتبطة بالمناخ وتحسين الرفاهة الاقتصادية لنحو 1.3 مليون شخص من الفئات المستضعفة.
كغيره من بنوك التنمية المتعددة الأطراف، يواجه البنك الإسلامي للتنمية التحدي المتمثل في تعزيز القدرة على التأقلم مع المناخ في بلدانه الأعضاء (57 دولة)، والتي يعتبر أكثر من نصفها أكثر عرضة لتغير المناخ من المتوسط العالمي. تتطلب معالجة نقاط الضعف هذه ما يقدر بنحو 75-90 مليار دولار سنويا حتى عام 2030 لتمويل مشاريع الزراعة المستدامة، والمياه، والبنية الأساسية. تبلغ التدفقات المالية المرتبطة بجهود التكيف إلى هذه البلدان 23.9 مليار دولار سنويا في المتوسط، وهذا يخلف فجوة تمويلية بنسبة 68% يعمل البنك الإسلامي للتنمية بنشاط لسدها.
يوضح المعروض المتزايد من تمويل التكيف المساهمة التي لا غنى عنها من جانب بنوك التنمية المتعددة الأطراف في الجهود العالمية المرتبطة بالمناخ. ولكن لا ينبغي أن يقاس النجاح فقط بحجم الأموال المصروفة؛ بل يجب الحكم عليه من خلال النتائج الملموسة والواقعية. فعلى الرغم من تنامي التمويل المناخي، فإن فعاليته تتوقف على الرصد الدقيق وتقييم الأثر.
وعلى هذا فإن إنشاء أطر قوية لإعداد التقارير أمر بالغ الأهمية لبناء ثقة أصحاب المصلحة وتوجيه مزيد من التمويل نحو مشاريع التكيف. لتعزيز تأثيرها، ينبغي لبنوك التنمية المتعددة الأطراف أن تتبنى أيضا نماذج تمويل موجهة قائمة على النتائج والسياسات.
إلى جانب تعزيز قدرة المقترضين المؤسسية وتوسيع نطاق التمويل الموجه، تحظى بنوك التنمية المتعددة الأطراف أيضا بالفرصة لتعزيز حشد الموارد من خلال اجتذاب رؤوس الأموال من مصادر غير تقليدية. ويُعد إطار الاستدامة الذي يتبناه البنك الإسلامي للتنمية مثالا رئيسيا على ذلك. بموجب هذا البرنامج، قام البنك الإسلامي للتنمية بحشد أكثر من 6 مليارات دولار أميركي عن طريق إصدار سندات إسلامية (صكوك)، ليجتذب المستثمرين المسلمين وغير المسلمين.
الواقع أن التمويل الإسلامي الذي يضرب بجذوره في دعم الأصول وتقاسم المخاطر يتماشى مع مبادئ الاستدامة. في السنوات الأخيرة، برزت أدوات مثل التأمين التعاوني (التكافل)، والأوقاف الخيرية (الوقف)، ومنصات التمويل الجماعي القائمة على الإيمان كمصادر بديلة للتمويل المناخي في مختلف أنحاء العالم الإسلامي.
إدراكا منه للحاجة إلى حلول موجهة للتمويل المناخي، عمل البنك الإسلامي للتنمية بنشاط على تعزيز هذه الآليات ودعمها. بالاستفادة من صناعة التمويل الإسلامي التي تبلغ قيمتها 4.5 تريليون دولار أميركي وتَـبَـنّي نموذجها المدعوم بالأصول وتقاسم المخاطر، يصبح بوسع بنوك التنمية الأخرى المتعددة الأطراف توسيع وتنويع مصادر تمويلها، على النحو الذي يمكنها من دعم مبادرات التكيف والتخفيف في أكثر مناطق العالم عُـرضة للخطر.
لكن زمن المشاريع التجريبية والتدخلات المجزأة ولى وفات. لبناء مستقبل مستدام وقادر على التكيف مع المناخ، يتعين على بنوك التنمية المتعددة الأطراف أن تسارع إلى توسيع نطاق الحلول العالية الأثر، واحتضان الإبداع المالي، وتعزيز التعاون العالمي. واعتمادا على أكثر من نصف قرن من الخبرة، أصبح البنك الإسلامي للتنمية جاهزا للاضطلاع بدوره.