حالت اشتباكات بين ميليشيات متناحرة في العاصمة الليبية، استمرت طوال ليل الاثنين-الثلاثاء، دون قدرة السكان على الفرار من مناطق العنف، فيما يعتقد أنها أشد المعارك ضراوة في طرابلس هذا العام.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن اشتباكات اندلعت بين اللواء 444 التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، وبين قوات جهاز الردع الخاصة التابعة للمجلس الرئاسي الليبي، في وقت متأخر من مساء الاثنين، عقب ورود تقارير عن احتجاز قائد اللواء 444 بمطار في طرابلس في وقت سابق، الاثنين.

وأعلن وزير الصحة في حكومة الوحدة الوطنية، رمضان بوجناح، حالة الطوارئ في جميع المستشفيات والمرافق الصحية، ودعا طرفي النزاع إلى هدنة للسماح لفرق الإنقاذ والإخلاء بإجلاء المدنيين والمرضى والجرحى، وجثث القتلى من مناطق الاشتباكات.

ولم يتضح على الفور عدد الضحايا، فيما يبدو أنها أسوأ اشتباكات هذا العام.

وقالت مجموعة "أو بي إس غروب"، وهي منظمة لصناعة الطيران، في وقت متأخر من الاثنين، أن عددا كبيرا من الطائرات غادر العاصمة، بسبب الاشتباكات.

وأضافت أن الرحلات القادمة تم تحويلها إلى مدينة مصراتة القريبة.

ويأتي التصعيد الأخير بعد شهور من الهدوء النسبي، عقب نحو عقد من الحرب الأهلية في ليبيا، حيث تواجه المجموعتان المتنافستان على السلطة مأزقا سياسيا.

وتسببت الانقسامات الطويلة في اندلاع أعمال عنف في طرابلس في السنوات الأخيرة، رغم انتهاء معظمها في غضون ساعات من اندلاعها.

وقالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في بيان أصدرته يوم الثلاثاء، إنها تتابع بقلق ”الأحداث والتطورات الأمنية” التي بدأت، الاثنين، ودعت إلى وضع حد فوري للاشتباكات المسلحة الدائرة.

عقد وأكثر من الحرب الأهلية

وتمثل الاشتباكات الأخيرة أحدث فصول العنف التي تعيشها ليبيا منذ عام 2011، حين انتشرت بسرعة شرارة انتفاضة ضد حكم معمر القذافي الذي استمر لأربعة عقود، لتشعل ثورة مسلحة دعمها حلف شمال الأطلسي بضربات جوية. وأُطيح بالقذافي في أغسطس، وقُتل في أكتوبر.

وفيما يلي أبرز تطورات "الحالة الليبية" منذ إزاحة القذافي وحتى معارك طرابلس، كما أوردتها وكالة "رويترز".

2012 - الجماعات المسلحة ترسخ وجودها

مجلس من المعارضين يجري اقتراعا لانتخاب مؤتمر وطني عام بصفة مؤقتة ليشكل حكومة انتقالية، لكن السلطة الحقيقية تبقى في يد مجموعة من الجماعات المسلحة المحلية.

مسلحون إسلاميون يهاجمون القنصلية الأميركية في بنغازي، ومقتل السفير.

2013 - تزايد الانقسامات

الجماعات المسلحة يشتد ساعدها وتتزايد قوتها وتحاصر المباني الحكومية وتجبر المؤتمر على الرضوخ لمطالبها. المؤتمر الوطني العام منقسم على نفسه، وثقة الجماهير تتآكل مع سعيه لتمديد ولايته البالغة 18 شهرا، وتأجيل الانتخابات.

تشعر مصر، التي أطاح الجيش فيها بحكومة الإخوان المسلمين، بقلق متزايد إزاء الجماعات المتشددة في ليبيا وتساورها الشكوك في المؤتمر الوطني الذي يهيمن عليه الإسلاميون.

2014 - بين الشرق والغرب

اللواء المتقاعد في الجيش، خليفة حفتر، يؤسس قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) الذي يقاتل الفصائل الإسلامية المسلحة.

المؤتمر الوطني العام يرفض نتائج انتخاب البرلمان الجديد، مجلس النواب، ويشكل حكومة مدعومة من الجماعات المسلحة في الغرب.

بدعم من حفتر، ينتقل البرلمان المنتخب حديثا في ذلك الحين من طرابلس إلى الشرق لدعم حكومة تصريف الأعمال السابقة.

باتت ليبيا الآن منقسمة بين إدارتين متنافستين في الشرق والغرب.

2015 - الإسلاميون يتقدمون

تستغل الجماعات الإسلامية الفوضى، ويسيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة سرت بوسط البلاد في فبراير. ويسيطر المتشددون أيضا على أجزاء كبيرة من بنغازي ودرنة.

في ديسمبر، وقعت الهيئتان البرلمانيتان المتنافستان "الاتفاق السياسي الليبي" لتأسيس عملية انتقالية جديدة في ظل حكومة وفاق وطني. يؤكد الاتفاق أن مجلس النواب هو البرلمان الليبي، لكنه يمنح أعضاء المؤتمر الوطني دورا جديدا باعتباره هيئة استشارية ثانية باسم المجلس الأعلى للدولة.

يضع هذا الاتفاق الأساس للتحركات الدبلوماسية على مدى سنوات مقبلة. وبالرغم من كل ذلك يظل الشرق والغرب منقسمين على الأرض.

2016 - تراجع تنظيم الدولة الإسلامية

رغم الاتفاق السياسي الليبي، يرفض مجلس النواب الحكومة الجديدة مع توليها السلطة في طرابلس، مما يرسخ الانقسام بين الشرق والغرب في ليبيا. وفي نهاية المطاف، تستولي فصائل مسلحة في الغرب على مدينة سرت من تنظيم الدولة الإسلامية بينما يقاتل حفتر المتشددين في درنة وبنغازي، ويسيطر على منطقة "الهلال النفطي" المنتجة للطاقة في وسط ليبيا.

2018-2017 - تعميق الفوضى

تحتدم المعارك مع حرب الجماعات المسلحة في الغرب للسيطرة على طرابلس، بينما يقاتل الجيش الوطني الليبي في الشرق وفصائل رئيسية أخرى الجماعات الإسلامية المتشددة في جميع أنحاء البلاد. وسرعان ما تنهار الجهود الجديدة لصنع السلام.

2019 - حفتر يهاجم طرابلس

بعد سحق الجماعات الإسلامية في الشرق، قاد حفتر قواته عبر جنوب ليبيا، ووضع معظم حقول النفط المتبقية تحت سيطرته.

وفي أبريل، شن حفتر هجوما مباغتا للسيطرة على العاصمة. كان الهجوم مدعوما من الإمارات ومصر وروسيا.

تتحد الجماعات المسلحة الليبية في الغرب لدعم حكومة طرابلس بمساعدة من تركيا. وتعزز التحالف بين الجناح الغربي في ليبيا وأنقرة باتفاق بشأن الحدود البحرية أثار غضب مصر واليونان.

2020 - وقف إطلاق النار

تركيا ترسل قواتها بشكل معلن لدعم لطرابلس وهجوم حفتر يتوقف.

اتفق الطرفان على وقف رسمي لإطلاق النار، ودعت الأمم المتحدة السياسيين الليبيين والمجتمع المدني للاجتماع في تونس في مساع جديدة تهدف إلى إجراء انتخابات وطنية في العام التالي.

2021 - عملية انتخابية فاشلة

تقبل جمع الفصائل في الشرق والغرب تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تهدف إلى الإشراف على انتخابات تجرى في ديسمبر. لكن مجلس النواب في الشرق، والمجلس الأعلى للدولة في الغرب، يعجزان عن الاتفاق على دستور جديد أو قواعد للتصويت وتنهار الانتخابات في اللحظة الأخيرة.

2022 - مواجهة

تقول الهيئتان البرلمانيتان إن حكومة الوحدة فقدت شرعيتها لكن رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة يرفض الاستقالة.

يعين مجلس النواب في شرق ليبيا إدارة منافسة، لكنها تفشل في دخول طرابلس، الأمر الذي يترتب عليه استمرار سيطرة حكومة الوحدة واستمرار المواجهة السياسية دون حل.

2023 - حالة شلل

يسود سلام هش غير مستقر في ليبيا. لكن، خلف الكواليس، تتواصل المناورات بين الفصائل السياسية وتستمر المواجهة.

تركز الدبلوماسية على جهود الأمم المتحدة لتقديم موعد الانتخابات، لكن الكثيرين في ليبيا تساورهم الشكوك في أن قادتهم يشعرون بالارتياح لعدم إجراء انتخابات قد تبعدهم عن السلطة.

في 14 أغسطس، تخوض فصائل مسلحة متنافسة في طرابلس معركة بعد أنباء القبض على آمر اللواء 444.

تتسع اشتباكات طرابلس بين عشية وضحاها، في أسوأ قتال هذا العام.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجماعات المسلحة المؤتمر الوطنی حکومة الوحدة الشرق والغرب مجلس النواب فی طرابلس فی الشرق فی الغرب فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية المالطي: اشتباكات طرابلس أكدت أن حالة الهشاشة غير قابلة للاستمرار

في تصريح يعكس قلقًا متزايدًا إزاء الوضع الأمني في ليبيا، أكد وزير الخارجية المالطي، إيان بورج، أن بلاده مستعدة للإسهام في الجهود المتجددة التي يبذلها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لضمان الاستقرار الدائم وتوحيد المؤسسات الليبية.

وخلال مشاركته في اجتماع مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي المنعقد يوم الثلاثاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، عبّر بورج عن بالغ قلقه من التطورات المتسارعة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس مؤخرًا، محذرًا من أن “التصعيد الأخير يُعد تذكيرًا صارخًا بأن الهشاشة الحالية غير قابلة للاستمرار”.

وأوضح بورج أن التصدعات السياسية والاجتماعية التي تشهدها ليبيا “تتعمق بصورة مقلقة”، مضيفًا أن “خطر اندلاع صراع جديد لم يكن يومًا أكثر واقعية كما هو اليوم”.

وتأتي تصريحات وزير الخارجية المالطي في أعقاب عملية إجلاء نُفذت الأسبوع الماضي، تم خلالها إجلاء 38 مواطنًا مالطيًا من الأراضي الليبية، وسط اشتباكات عنيفة اندلعت في طرابلس، تُعد الأعنف منذ سنوات.

ورحّب بورج بموقف إيطاليا الداعي إلى انخراط أوروبي أكثر فعالية في الملف الليبي، مُشيدًا بالجهود التي تقودها الأمم المتحدة في هذا السياق، وأكد أن “مالطا لطالما شددت على أن إحراز تقدم حقيقي ومستدام في ليبيا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال عملية سياسية شاملة وحقيقية يقودها الليبيون أنفسهم”.

لكنه شدّد في الوقت ذاته على أهمية الحفاظ على الدور الدولي الفاعل في ليبيا، مشيرًا إلى أن “استمرار المشاركة الدولية يبقى أمرًا أساسيًا، لا سيما لحماية سيادة ليبيا، وضمان الاحترام الكامل لحظر الأسلحة، والمساهمة في دفع عملية انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي الليبية”.

مقالات مشابهة

  • العرفي: حكومة جديدة موحدة ضرورة لإنهاء سطوة الجماعات المسلحة في طرابلس
  • الصول: لجنة لحصر أضرار اشتباكات طرابلس.. والدبيبة ضمن المطلوبين للتحقيق
  • وزير الخارجية المالطي: اشتباكات طرابلس أكدت أن حالة الهشاشة غير قابلة للاستمرار
  • اشتباكات طرابلس.. رايتس ووتش تدعو للتحقيق في الانتهاكات
  • ما الدرس القاسي الذي استخلصه حفتر وفشل الدبيبة في استيعابه بليبيا؟
  • ليبيا: العثور على 58 جثة مجهولة الهوية داخل مستشفى في طرابلس
  • كورال روح الشرق يختتم بينالي الفنون الإسلامية 2025
  • نواب موالون لحفتر يرفضون تشكيل حكومة ليبية جديدة.. هل فشل مشروع عقيلة صالح؟
  • قادة شرق ليبيا يصعّدون لهجتهم ضد حكومة الدبيبة.. غياب لافت لحفتر
  • وزير الدفاع السوري يمنح الجماعات المسلحة مهلة 10 أيام للاندماج في الجيش