صحيفة البلاد:
2025-06-06@21:44:57 GMT

صالون أنيس منصور

تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT

صالون أنيس منصور

العمود الصحفي من وجهة نظري ليس له علاقة بالطب ولا بالفلك ولا بالرياضيات ولا بالهندسة ولا بالفيزياء ولا بالكيمياء ولا بالأحياء ولا بالفقه ولا بالجغرافيا، دعك عن السياسة والاقتصاد.
العمود الصحفي فيه شي من الأدب والاجتماع والفلسفة والرياضة.

الأدب، أحيانا يقل أدبه عند بعض القراء، وبعضهم يرتاح له. وللناس فيما يعشقون مذاهب.

فيحكي لك الكاتب حكايات ليست من صنع خياله، بل ربما عايشها بين أولاده أو مع جيرانه أو عند فيلسوف كبير أو عند الجزار أو بائع الخضروات. لا يستطيع الكاتب أن يهرب من مجتمعه ولا من ثقافة عصره.

هذا بشار بن برد كتب بيتين من الشعر يقول فيهما:
ربابة ربة البيت
تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات
وديك حسن الصوت
ولما قيل له: ما هذا الشعر يا بشار؟ قال: هذا في أذن الشغالة في بيتي، وهي أمية أحلى عندها من قول امرئ القيس:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلِ
بسِقط اللوى بين الدخول فحوملِ

وليس اندماج الكاتب في المجتمع معناه أن يرسم رسوما بيانية عن نسبة الطلاق في الوقت الحاضر ونسبتها عندما تزوج أبوه أمه، لكنه ربما حضر حفلة من الحفلات فيقتنص منها، مثلاً: غيرة الشاعر الفلاني من صديقه الذي أكل الجو عليه. فيقول: والله إن شعري أفضل من شعره، لكنه حسن الإلقاء، والإلقاء موهبة تحول السكر إلى عسل، وأحيانا تشتدّ الغيرة، فيقوم كاتب مثل عباس العقاد بتمزيق شيك جاءه من إحدى الجرائد لأن المطربة الفلانية تكسب عشرة أضعافه في سهرة في ليلة واحدة.

وهذا بيت القصيد: أن يكتب صاحب العمود الصحفي كلاماً فيه قليل من الفائدة العلمية، أو التاريخية، لكنه سلس وممتع. قد تجد التحليل القوي عند الفيلسوف عبد الرحمن بدوي، لكن الدكتور زكي نجيب محمود، أسهل وأسلس في تبسيط المفاهيم الفلسفية. وبينهما أحمد أمين الذي كتب مبادئ الفلسفة، وكتب أيضا عدة كتب فاخرة منها: (فجر الإسلام) و(ضحى الإسلام) و(ظهر الإسلام.)

بقيت الرياضة: هذا هو الفن الذي اجتذب الملايين. لا حظ أن الرياضة فن وليست علماً. العلم هو وصف ما يكون، أما الفن فهو كيف ينبغي أن يكون. الطب علم والتشريح فن. تسأل رجلا عجوزاً: ما الذي يحببك في كرة القدم؟ فيقول لك: كيفية نقل الأقدام للكرة قبل الوصول إلى المرمى. وكنا في الماضي لا نهتم إلا بركل الكرة إلى الأمام، أوعلى الأقل نمنع الفريق الخصم من التهديف علينا. وقد غضب توفيق الحكيم من الحكومة والمجتمع، لأن حرفة القدم أغلى من حرفة القلم أضعافا مضاعفة.
لقد حاولت تقليد أنيس منصور هنا إذ أني أعيش مع كتابه :”في صالون العقاد كانت لنا أيام”. وقد أهداه إلى زوجته.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

نداء الإسلام من جبل الرحمة

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ» «سورة الحج: 27، 28».

تبدأ مع إشراقات صباح اليوم قوافل حجاج بيت الله الحرام مسيرها من مشعر منى إلى رحاب جبل عرفات في مشهد يملأ القلوب حبورا وسرورا بهذه التصعيد للحجاج، إنها بلا شك لحظات فارقة في حياة المسلمين عامة والحجاج بشكل خاص لأنها تأتي للحاج كفرصة ذهبية بعد طول انتظار لوقت طويل.

وإذا كان الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، فهو من الواجبات التي فرضت على كل مسلم عاقل لديه الاستطاعة على نفقات الحج وتحمّل مشقته، كما أنها أمنية تتجلى في نفوس جميع المسلمين الذين يأملون أنفسهم بأدائها في حياتهم ولو لمرة واحدة، فكثير هي الأمنيات الإنسان في هذه الحياة، بعضها يتحقق بتوفيق وسداد يأتي من عند الله تعالى، وأخرى لا يكتبها الله لكل البشر فتبقى معلقة بحبال الأمل التي لا تنقطع إلا بالموت، لكن الله تعالى اشترط في أداء مناسك الحج «الاستطاعة» وذلك تخفيفا على عباده الصالحين، ورأفت بأحوال الأمة فهو الرحمن الرحيم.

يعد يوم عرفة «من أعظم الفرص» من أجل التقرب إلى الله وطلب مغفرته ورضوانه، لذا ينبغي على الحاج أن يغتنم هذا اليوم المبارك بأداء الأعمال المشروعة فيه، ليحصد الأجر العظيم والبركات الروحية، فيستحب على الحاج أن يكثر من الذكر والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يلح في الدعاء بطلب المغفرة، وأن يكثر من قول «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة».

كما أن خير أيام الدنيا هو «يوم عرفة»، فالله تعالى يباهي بالحجاج ملائكته ويظهر لهم فضائلهم وعبادتهم لله بوقوفهم بعرفة، هؤلاء الحجاج جاؤوا من وجهات عدة، ومن قارات مختلفة من هذا العالم، اجتمعوا في مكان واحد، وعلى صعيد واحد، وفي لحمة إيمانية واحدة، ففي هذا اليوم تختلط فيه مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتتطابق كلماتهم وتسيل عبراتهم خوفا وأملا ورغبة ورجاء وطاعة وتوسلا بقلب مؤمن بأن يمن الله تعالى عليهم بنيل المغفرة وتكفير الذنوب، يمحي عنهم جميع خطاياهم، وأن يوفق الله جميع حجاج بيته الحرام في أداء جميع النسك المفروضة عليهم، وأن يعودوا إلى ديارهم فرحين مستبشرين بالنعمة العظيمة التي وفقهم الله إلى بلوغها وهي حج هذا العام.

وتأكيدا على منزلة يوم عرفة، فقد روت السيدة عَائِشَةُ رضي الله عنها إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ اشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ». رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

قد يسأل البعض منا نفسه، لماذا يقف الحجاج بعرفة دون سواه من الأماكن المقدسة؟

والجواب هو أن الوقوف بعرفة هو ركن أساسي من أركان الحج الأعظم، ولا يكتمل الحج دون الوقوف على صعيد عرفة، إضافة إلى أن جبل عرفات من أهم المشاعر المقدسة التي يؤدي فيها المسلمون مناسك الحج.

لهذا يعد وقوفهم في هذا المشعر بمثابة اللحظات التاريخية العظيمة حيث يقضي فيها ضيوف الرحمن الوقت المخصص لهم في هذا المكان الطاهر قبل نفرتهم في الذكر والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار، ففي كل جنبات عرفات تعلوا أصواتهم، وتفيض مشاعرهم وهم يتوجهون إلى الله بالدعاء، ثم يستمرون على حالتهم حتى يحين موعد صلاتَي الظهر والعصر ويؤدونها قصرا وجمعا، قبل أن ينفروا مساء هذا اليوم من عرفات إلى مزدلفة مع مغيب الشمس يوم التاسع من ذي الحجة.

إن المسلم وهو يؤدي مناسك الحج، أو يسمع أو يشاهد جموع المسلمين يؤدون شعائره العديدة، فإنه يحس ويدرك عظمة هذا الدين الإسلامي الحنيف الذي يربط على قلوب الناس، ويؤلف ما بينهم في مكان واحد، فلا يفرق بين غني أو فقير إلا بالتقوى.

الصورة اليوم تتجلى في أجمل ملامحها، فيكفي أن ترى أكف الضراعة ترفع إلى السماء، في مشهد إيماني يصعب على المرء اختصاره أو لملمة مشاعره في سياق كلمات وجيزة.

إن أسمى مناسك الحج وأقربها إلى النفس هي تلك المشاهد المضيئة التي تتجسد في موقف عرفات حيث يتجرد الإنسان من كل ملذات الحياة وزخرفها، إنه والله لموقف عظيم وحدث يؤثر إيجابا في النفس والوجدان، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة».

إنه حقا أجلّ مشهد مكتمل فيه الوضوح في عبادة الحج؛ فهو يذكر الناس بموقفهم المنتظر بين يدي الله تعالى يوم توضع الموازين وتقوم الساعة، فكل البشر على اختلاف اتجاهاتهم يجتمعون في مكان واحد للحساب، أما اليوم فالكل يجتمع في عرفات ليرجو رحمته سبحانه، معربين عن خوفهم من عذابه وغضبه، ويأملون فضله وإحسانه ورحمته، ويطلبون شفاعة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

مهما تحدثت الصور وتآلفت المشاعر في بوتقة الإيمان، فإن لهذا اليوم منزلة عظيمة بين الناس جميعا، فيكفي أن تشعر بما يشعر به الواقفون على جبل عرفات من إخلاص وتفان وتوجه إلى الله بالرجاء من أجل القبول والرضوان.

إن مناسك الحج وما فيها من تجليات إسلامية عظيمة ورسائل إنسانية جمة لهي مشاهد تأسر القلوب وتؤثر على سلوك المسلم بعد أدائه لهذه الفريضة؛ لأن الإنسان في تلك الأماكن المقدسة يكون أقرب إلى الله خشوعا ومتجردا من كل متاع الدنيا، فكل ما يشغل لبه هو أن يحصل على كرم الله ورضوانه وعفوه وغفرانه.

في هذا اليوم المبارك ينادي فيه الحق سبحانه ملائكته، ويخاطبهم بقوله الكريم الرحيم: «أنظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا، أشهدكم يا ملائكتي أن قد غفرت لهم». فاللهم تقبّل منهم وأعدهم إلى بلادهم وذويهم ومنّ عليهم برحمتك وغفرانك.

مقالات مشابهة

  • النفط ينخفض لكنه يتجه لتحقيق أول مكاسبه في ثلاثة أسابيع
  • بالفيديو.. الصحفي السوداني عطاف عبد الوهاب يكشف “ما حدث”
  • محمد في مكة
  • بدء المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية والمغتربين السيد أسعد الشيباني مع المفوضة الأوروبية دوبرافكا شويتزا في قصر تشرين بدمشق
  • نداء الإسلام من جبل الرحمة
  • تفاصيل المؤتمر الصحفي الأسبوعي لرئيس مجلس الوزراء
  • بعد قليل.. بدء المؤتمر الصحفي لرئيس الحكومة بعد الاجتماع الأسبوعي
  • ترامب: أحب الرئيس الصيني لكنه عنيد
  • حجاج من إندونيسيا عن برنامج ضيوف خادم الحرمين للحج: شهادة حية على الدور الريادي الذي تقوم به المملكة لخدمة الإسلام
  • الاتحاد يُغلق الباب أمام الإحتراف الخارجي ويتمسك بفيصل الغامدي ومروان الصحفي