عربي21:
2025-06-09@13:52:44 GMT

غزة.. أن تخلي بيتك بيديك!!

تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT

تصوروا، حين يرغب الإنسان وهو بمحض إرادته وبكامل قواه العقلية والنفسية الانتقال لبيتٍ جديد، فإن شعورا داخليا يراوده، ويشده للذكريات التي لا تُعد ولا تعود، رغم أن البيت الجديد ربما يكون أفضل، لكن تبقى روح الذكريات تشد روح الإنسان لها، فما بالكم حين يغادر الإنسان بيتَه رغما عنه دون أن تُتاح له فرصة وداعه، أو أخذ متاعه المناسب منه ليعينه على العيش في المكان الجديد؟ وما بالكم لو كان المكان الجديد هو خيمة؟

في حالتنا الفلسطينية وخاصة في غزة، فإن مما نتعرض له في العدوان الإسرائيلي هو "النزوح" والاخلاء القسري للبيوت، وهنا أول سؤال يخطر في بال الإنسان بعد قراءة المنشور التحذيري الذي تلقيه طائرات الاحتلال: أين سيذهب؟ وكيف؟ وبعد إيجاد الإجابة عن هذين السؤالين تبدأ رحلة الحيرة، ماذا سيأخذ معه؟ هل سيأخذ الملابس كلها أم نصفها؟ هل ملابس هذا الفصل فقط، أم ملابس الفصل الحالي والقادم، صيفا أو شتاء؟ هل سيأخذ أدوات المطبخ؟ على اعتبار أنه لو حدث للبيت مكروه يجد ما يعينه على الحياة بعد الحرب.



في حالتنا الفلسطينية وخاصة في غزة، فإن مما نتعرض له في العدوان الإسرائيلي هو "النزوح" والاخلاء القسري للبيوت، وهنا أول سؤال يخطر في بال الإنسان بعد قراءة المنشور التحذيري الذي تلقيه طائرات الاحتلال: أين سيذهب؟ وكيف؟ وبعد إيجاد الإجابة عن هذين السؤالين تبدأ رحلة الحيرة، ماذا سيأخذ معه؟
وحين يتغلب على الأسئلة ويستقر في المكان الجديد "الخيمة"، تطفو على السطح أسئلة جديدة أهمها، إلى متى سنبقى في الخيمة؟ والإجابة لها ثلاث وجوه، الأول: إذا انتهت الحرب وبيتك لم يُصب بأذى، فأنت محظوظ، ستترك الخيمة وتعود للبيت، الثاني: إذا انتهت الحرب بتضرر بيتك جزئيا ويصلح للسكن، فأنت نصف محظوظ، والثالث، إذا انتهت الحرب بدمار بيتك، فستصبح الخيمة بيتك الجديد رغما عنك لفترة لا يعلمها إلا الله، ثم أسئلة أخرى من قبيل كيف سأعيش؟ وهل ما أملكه من مال سيكفي فترة النزوح؟ وهل سأكون في مأمن من القصف وتعدد موجات النزوح؟

شخصيا، حين بدأت بجمع ما أراه مناسبا لأخذه معي للخيمة اقشعر بدني من المشهد، تذكرت الخطوات التي قطعتها برفقة زوجتي في بناء البيت، والسنوات الطوال التي عشناها به، همسات الأطفال، ضحكاتهم، لعبهم، مشاغباتهم، السهرات العائلية الجميلة، الأماكن التي كان يجلس فيها والداي، وكل شيء.

تجهزت لأن يذهب كل شيء لعالم الذكريات، وتساءلتُ: "هل يا ترى يا دار تشوفك عيوني؟ وتجولت في بيتي أتلمسُ كل زاوية فيه، ودخلت غرفة الأطفال أتحسس أماكن نومهم، ملابسهم، كتبهم دفاترهم، مكتبتي، غرفة نومي، المطبخ، غرفة الضيوف.

كانت عيناي تذرفان دمعا حين تستشعر أو تتخيل تلك اللحظات التي سأعود لبيتي وأجده ركاما، وأن عليّ البدء من جديد، كما باقي آلاف المواطنين.

حين جاءت الشاحنة لنقل أثاث البيت، وكان الجيران على نفس المنوال، بكينا ونحن نترك منازلنا وحارتنا، ولا ندري أين سنذهب، أو هل سنلتقي مرة أخرى، ومن سيشارك في جنازة الآخر وينعاه؟ ومن سيعود لبيته؟
وحين جاءت الشاحنة لنقل أثاث البيت، وكان الجيران على نفس المنوال، بكينا ونحن نترك منازلنا وحارتنا، ولا ندري أين سنذهب، أو هل سنلتقي مرة أخرى، ومن سيشارك في جنازة الآخر وينعاه؟ ومن سيعود لبيته؟

وحينما وصلت لمخيم النازحين أصبحت بلا رغبة مني عضوا في نادي النازحين، حيث انعدام أبسط مقومات الحياة الإنسانية، لكنه القهر الذي نعيشه في ظل انعدام الضمير العالمي.

ما سبق هي كلمات سريعة عن حالةٍ يعيشها كل سكانِ قطاع غزة بلا استثناء، وهي غير كافيةٍ عن التعبيرِ الحقيقي عن كل الحالات، فلكل إنسان في غزة حكاية تختلف عن الآخرين.

ولأن المعاناة لم تنته بعد، فهذا هو أول مقال في كتابي الذي سيحمل عنوان "الجروح في رحلة النزوح"، والذي سأتطرق فيه لهموم الإنسان الفلسطيني في رحلة النزوح، منذ خروجه من بيته حتى يعود له، إن كان له، ولنا في العمر بقية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه خيمة الفلسطينية غزة النزوح النازحين فلسطين غزة خيم نازحين نزوح مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات صحافة سياسة رياضة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

شيخة الجابري تكتب: في متغيرات الإنسان والزمان


كل عام وأنتم بخير وعساكم من عوّادة العيد، كل سنة وكل حول يارب، وتقبل الله من الحجاج طاعتهم، وردهم إلى ديارهم سالمين غانمين، ها قد انقضت أيام العيد والإجازة الرسمية وعادت عجلة العمل والحياة بمعاركها اللامتناهية للدوران، نسأل الله التوفيق والسداد، نفع الله بجهود الجميع هذا الوطن العظيم، ومن يعيش على أرضه من العِباد.
تنقضي أيام العيد التي كانت الفرص فيها مواتية ولو بشكل قصير إلى التأمل فيما يدور حولنا من أحداث، ووقائع، وصراعات، وتجليات، وادعاءات، ونجاحات، وإخفاقات، هذه هي حركة الحياة بما تحمل في كل دورة من دوراتها من مفاجآت أو تحولات، خاصة فيما يتصل بالإنسان وعلاقاته الاجتماعية التي كنا ننعتها بالمتشابكة، والتي أصبحت في زمننا هذا أكثر تعقيداً وغموضاً وتحولاً من مسار إلى آخر، في غياب عين الناقد أو المتابع لحالة تلك المسارات.
في زمن الهواتف الأرضية، يُحكى أن سيدة في منطقة ما من دول الخليج كانت تذهب كل يوم إلى تجمع «قهوة الضحى»، وكانت من الطقوس القديمة التي مارستها النساء بما تحمل من عادات وتقاليد وأصول تواصل بين نساء ذاك الزمان، لنقل زمن الغوص مثلاً، المهم أن تلك السيدة كانت وهي ذاهبة إلى منزل جارتها التي تستضيف المجلس، تحمل معها هاتف منزلها الأرضي، أعني الذي يسمونه رأس الهاتف، صاحب السماعة الضخمة، والذي كانت سلطات الاتصالات في كل منطقة مسؤولة عن تركيبه في المنازل.
تجلس النساء للسوالف، وتلك المرأة تستغل الوقت في الحديث على الهاتف الذي تقوم بتركيبه في منزل جارتهم بعد أن تعزل هاتفهم، المهم أنه بعد انقضاء الشهر جاءت فاتورة الهاتف صادمة لرب المنزل، فأثارت مشكلة بينه وبين زوجته وأبنائه، إلى أن اكتشف أن جارتهم هي التي كانت تستخدم الهاتف، معتقدة أنها إذا فصلت هاتف المنزل واستخدمت هاتفها الذي أحضرته، لن يترتب على زوجها دفع رسوم استخدام، في جهلٍ واضح لكيفية الاستخدام.
بين ذاك الوقت ووقتنا الحالي الذي أصبح فيه الهاتف في متناول الجميع حتى الأطفال، نقف أمام متغيرات زمنية في طريقة استخدامه وكيفية الانتفاع به، فالهاتف الأرضي اليوم أعتقد بأنه قد انقرض في بعض المنازل، واكتفى الناس بالهواتف المحمولة، وما جاء بعدها من أجهزة نقالة لا تعرف ما أهمية «قهوة الضحى»، ولا قيمة الاتصال المباشر، ولا التواصل الطبيعي بين البشر، لقد انتهى زمان الوصل الجميل، وجاءنا زمن التواصل البارد، المُفعم بالبلادة.

أخبار ذات صلة شيخة الجابري تكتب: التنشئة والذكاء الاصطناعي بدء تقييم الأعمال القصصية لـ«جائزة غانم غباش»

مقالات مشابهة

  • حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب على 12 دولة.. ماهيته والهدف منه
  • شيخة الجابري تكتب: في متغيرات الإنسان والزمان
  • "من القصور إلى المغارات".. الرئيس السوري يكشف أسرارا مؤثرة عن زواجه في زمن النزوح
  • تفكيك مخيم الركبان… انتهاء عقد من ألم النزوح وبدء عهد العودة والاستقرار
  • الإعلام السوري: طي صفحة شاهد على فصول مأساة النزوح
  • البعثة الأممية ترحب بتشكيل المجلس الرئاسي لـ«اللجنتين الأمنيتين»
  • طهران ترد على قرار واشنطن منع دخول الإيرانيين إلى أمريكا
  • المحاربون القدامى .. ونظرتهم إلى المستقبل
  • مجلة "التايم": ما يجب أن تعرفه عن حظر السفر الجديد الذي فرضه ترامب عن 12 بلد بينها اليمن؟
  • الاحتلال يجبر المواطنين على النزوح قسرا من مناطق في شمال قطاع غزة