دراسة تكشف العوامل المؤثرة على شيخوخة الدماغ
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
أوضحت نتائج دراسة حديثة أجراها باحثو جامعة جونز هوبكنز، بالتعاون مع مجموعة من كبار السن المعرضين لخطر الخرف (برنامج BIOCARD)، أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، بالإضافة إلى أولئك الذين يعانون من مستويات منخفضة من بروتينات معينة في سائلهم النخاعي، شهدوا تغيرات دماغية أسرع ومروا بتدهور إدراكي مبكر مقارنة بغيرهم.
وفي الدراسة، تتبع الباحثون المشاركين لمدة تصل إلى 27 عاما (بمتوسط 20 عاما، حيث كانت فترة المتابعة تتراوح بين 20 و27 سنة، ولكن المتوسط الذي تم حسابه هو 20 عاما)، ما أتاح لهم تقديم رؤى جديدة حول كيفية تأثير العوامل الصحية المختلفة على شيخوخة الدماغ.
واستخدم الباحثون مجموعة BIOCARD لفحص العوامل المرتبطة بتسارع ضمور الدماغ، وتحول الأفراد من الإدراك الطبيعي إلى الاختلال الإدراكي المعتدل (MCI).
وبدأ البرنامج في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة عام 1995، ثم استمر في جامعة جونز هوبكنز من عام 2015 حتى 2023، وشمل 185 مشاركا بمتوسط عمر 55 عاما في البداية، حيث كان جميعهم طبيعيين إدراكيا.
وخضع المشاركون لاختبارات دماغية واختبارات سائل النخاع على مدار 20 عاما، لقياس التغيرات في هياكل الدماغ ومستويات البروتينات المرتبطة بمرض ألزهايمر.
وأظهرت النتائج أن المعدلات المرتفعة لانكماش المادة البيضاء وتضخم بطينات الدماغ كانت من العوامل المهمة لظهور الاختلال الإدراكي المعتدل في وقت مبكر. وعلى وجه الخصوص، ارتبط ضمور المادة البيضاء بزيادة خطر الإصابة بالاختلال الإدراكي المعتدل بنسبة 86%، بينما ارتبط تضخم البطين بزيادة الخطر بنسبة 71%.
كما أظهرت الدراسة أن الأفراد المصابين بالسكري كان لديهم زيادة في خطر الإصابة بالاختلال الإدراكي المعتدل بنسبة 41% مقارنة بالأفراد غير المصابين بالسكري.
ومن جهة أخرى، وجد الباحثون أن انخفاض نسبة ببتيدات بيتا أميلويد Aβ42 إلى Aβ40 في السائل النخاعي، ارتبط بزيادة خطر الإصابة بالاختلال الإدراكي المعتدل بنسبة 48%. ويعد هذا التوازن بمثابة علامة حيوية لمرض ألزهايمر، حيث يرتبط اختلال التوازن بين هذين الشكلين من بروتينات بيتا أميلويد بتكوين لويحات ضارة في الدماغ
وعندما كان المشاركون مصابين بالسكري ولديهم مستويات منخفضة من بيتا أميلويد Aβ42 إلى Aβ40، زاد خطر الإصابة بالاختلال الإدراكي المعتدل لديهم بنسبة 55%. وهذا يشير إلى أن تفاعل هذين العاملين معا يزيد بشكل كبير من احتمالية التدهور الإدراكي.
وتؤكد هذه النتائج على أهمية التشخيص المبكر للأفراد الذين يعانون من ضمور دماغي متسارع، أو أولئك الذين لديهم عوامل حيوية غير مواتية. ومن خلال التعرف المبكر على هذه الحالات، يمكن تحسين استراتيجيات التدخل الوقائي لتأخير أو حتى منع ظهور الاختلال الإدراكي المعتدل (MCI).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الزهايمر
إقرأ أيضاً:
فتح خزائن الدماغ.. هل يمكن قراءة الأفكار؟
حقق باحثون من جامعة جنوب كاليفورنيا في الولايات المتحدة إنجازا هاما في فهم كيفية تشكيل الدماغ البشري للذكريات البصرية وتخزينها واستدعائها.
واستخدم الباحثون في دراستهم الجديدة، التي نشرت في 8 يوليو/ تموز الجاري في مجلة أدفانسد ساينس، تسجيلات دماغية لمرضى ونموذجا للتعلم الآلي لإلقاء ضوء جديد على الشفرة الداخلية للدماغ التي تصنّف ذكريات الأشياء إلى فئات، فتكون كخزانة ملفات للصور في الدماغ.
وأظهرت النتائج أن فريق البحث استطاع قراءة أفكار المشاركين من خلال تحديد فئة الصورة البصرية التي يجري تذكرها، وذلك عبر التوقيت الدقيق للنشاط العصبي للمشارك.
ويحلّ هذا العمل جدلا أساسيا في علم الأعصاب، ويتيح إمكانات واعدة لواجهات الدماغ والحاسوب المستقبلية، بما في ذلك أجهزة مساعدة لاستعادة الذاكرة المفقودة لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات عصبية مثل الخرف.
ويعد الحصين منطقة دماغية حيوية ومعروفة بدورها في تكوين ذكريات عرضية جديدة من قبيل ماذا وأين ومتى وقعت أحداث الماضي. وبينما يمكن فهم وظيفته في تشفير المعلومات المكانية (أين) والزمانية (متى)، فإن كيفية تمكنه من تشفير عالم الأشياء الواسع وعالي الأبعاد (ماذا) لا تزال لغزا. وحيث إنه لا يمكن للحصين تخزين كل شيء على حدة، افترض العلماء أن الدماغ قد يبسط هذا التعقيد من خلال ترميز الأشياء في فئات.
ووظّف البحث تسجيلات أدمغة 24 مريضا بالصرع، حيث زEرعت أقطاب كهربائية عميقة داخل الجمجمة في أدمغتهم لتحديد موقع نوبات الصرع. وأتاحت تسجيلات هؤلاء المرضى للفريق تحديد كيفية تشفير الخلايا العصبية الحصينية للمعلومات البصرية المعقدة، ليس من خلال معدل إطلاق الإشارات فحسب، بل من خلال التوقيت الدقيق لنشاطها.
يقول مدير مركز ترميم الأعصاب في جامعة جنوب كاليفورنيا بكلية كيك للطب وأستاذ الهندسة الطبية الحيوية بكلية فيتربي للهندسة والباحث المشارك في الدراسة تشارلز ليو: "من خلال العمل مع مرضى يعانون من خلل في الذاكرة، كان من المثير للاهتمام للغاية رؤية الدراسات الحالية تكشف عن نموذج للأساس العصبي لتكوين الذاكرة".
طوّر فريق البحث نهجا مبتكرا للنمذجة التجريبية لكشف هذه العملية المعقدة، وسجّل الفريق النشاط الكهربائي -وتحديدا النبضات- من الخلايا العصبية في الحصين لدى مرضى الصرع، وجُمعت التسجيلات أثناء قيام المرضى بمهمة "المطابقة المتأخرة للعينة"، وهي تقنية شائعة في علم الأعصاب لاختبار الذاكرة البصرية قصيرة المدى.
إعلانيقول الأستاذ المشارك في قسم جراحة الأعصاب وقسم ألفريد إي. مان للهندسة الطبية الحيوية الباحث المشارك في الدراسة دونغ سونغ: "سمحنا للمرضى برؤية خمس فئات من الصور: حيوان، نبات، مبنى، مركبة، وأدوات صغيرة، ثم سجلنا إشارة الحصين. وبناء على الإشارة سألنا أنفسنا سؤالا باستخدام تقنية التعلم الآلي الخاصة بنا: هل يمكننا فك تشفير فئة الصورة التي يتذكرونها بناء على إشارة أدمغتهم فقط؟".
أكدت النتائج فرضية أن الدماغ البشري يتذكر بالفعل الأشياء المرئية بتصنيفها إلى فئات، وأن فئات الذاكرة البصرية التي كان المرضى يفكرون فيها قابلة للفك بناء على إشارات أدمغتهم.
ويرى سونغ أن "الأمر يشبه قراءة حصينك لمعرفة نوع الذاكرة التي تحاول تكوينها، ووجدنا أنه يمكننا فعل ذلك بالفعل، ويمكننا فك تشفير نوع فئة الصورة التي كان المريض يحاول تذكرها بدقة عالية".
ويكمن جوهر الاكتشاف في نموذج فك تشفير الذاكرة القابل للتفسير الذي ابتكره فريق البحث، فعلى عكس الطرق السابقة التي غالبا ما تعتمد على حساب متوسط النشاط العصبي على مدار العديد من التجارب أو استخدام دقة زمنية محددة مسبقا، يحلل هذا النموذج المتقدم "الأنماط المكانية والزمانية" للنبضات العصبية من مجموعة كاملة من الخلايا العصبية، كما تقدم الدراسة دليلا على أن الحصين يستخدم رمزا زمنيا لتمثيل فئات الذاكرة البصرية، وهذا يعني أن التوقيت الدقيق لنبضات الخلايا العصبية الفردية، غالبا على نطاق الملِّي ثانية، يحمل معلومات ذات معنى.
وركزت الدراسات السابقة غالبا على الخلايا العصبية الفردية، أما هذا البحث فكشف أن مجموعات الخلايا العصبية الحصينية تشفّر فئات الذاكرة بطريقة موزعة، حيث إنه وبينما شاركت نسبة كبيرة من الخلايا العصبية (70-80%) في تحديد ذاكرة بصرية لفئة معينة، فإن لحظات قصيرة ومحددة فقط داخل كل خلية عصبية ساهمت في هذا التشفير، وتسمح هذه الإستراتيجية الفعّالة للدماغ بتخزين ذكريات متنوعة مع تقليل استهلاك الطاقة.
يقول ليو: "يمكننا البدء بتطوير أدوات سريرية لاستعادة فقدان الذاكرة وتحسين الحياة بهذه المعرفة، بما في ذلك أجهزة مساعدة للذاكرة وإستراتيجيات أخرى لاستعادة الأعصاب، في حين أن هذه النتيجة قد تكون مهمة لجميع المرضى الذين يعانون من اضطرابات الذاكرة، إلا أنها ذات صلة عميقة بشكل خاص بمرضى الصرع الذين شاركوا في الدراسات، والذين يعاني الكثير منهم من خلل وظيفي في الحصين يتجلى في كل من نوبات صرع وكذلك الاضطرابات المعرفية/الذاكرة".