مضر بدران وإدارته للشأن الداخلي في ظرف عصيب . . !
تاريخ النشر: 16th, November 2024 GMT
#مضر_بدران وإدارته للشأن الداخلي في ظرف عصيب . . !
#موسى_العدوان
كتبت بتاريخ 18 / 9 / 2024 مقالا، لكيفية تصرف رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران ( معتمدا على ما ورد في كتابه بعنوان ” القرار)، حين استقبل السفير الأمريكي ” توم بيكارنج ” في مكتبه، وشكره على وقف حكومة الولايات المتحدة، المساعدة المالية للأردن ذلك العام، لكي يحقق حلمه في تصميم موازنة الأردن المالية، بدون مساعدات مالية من أية دولة.
يقول مضر بدران في مذكراته وأقتبس : ” وسط الأجواء الملتهبة التي باتت تعيشها المنطقة بعد بدء العمليات العسكرية، كان لابد لنا في مجلس الوزراء، أن نكون دقيقين في معالجات الشأن الداخلي. ولذلك حرصنا على تفاصيل الأمور لأدق درجة، ولم نُغفل التفكير بأي شاردة أو واردة، لأن الخطأ كان يعني الكارثة، الغذاء والكهرباء والماء والمحروقات وكل ما يلزم تأمينه، والجيش الشعبي وإدارته وتسليحه، كنا نعيش فعلا أجواء خلية أزمة وطنية، والجهود تضافرت من كل المؤسسات، والراحل الحسين بقي ممسكا بدفّة القيادة السياسية، ومؤسساته الدستورية كانت بمثابة الجهاز التنفيذي، الذي يربط بين رؤية القائد، وطموحات شعبه. ومن هنا بدأنا بالتعامل مع تداعيات الحرب، وما ينتظرنا خلال أيامها. . .
مقالات ذات صلة التاريخ معلم 2024/11/13بدأنا بتوزيع السلاح على الجيش الشعبي، وكنا حذرين في ذلك، فموضوع السلاح في يد المواطنين له إيجابياته في الحرب، لكن له سلبياته في السلم. لقد ساعدنا السوريون بتزويدنا بالنفط، وأوفى حافظ الأسد بوعده، وبدأت اللجان تعمل وتشرف على نقل صهاريج النفط من سوريا، وكان ذلك. بعد أن أخذنا سلسلة إجراءات للتعامل مع انقطاع النفط، إطفاء إنارة الشوارع، توقيف 50 % من سيارات الحكومة، تطبيق نظام المركبات الفردي والزوجي على المركبات الخصوصية، قمنا بتخفيض كميات البنزين الموزعة على سيارات السلك الدبلوماسي حتى يشعروا بأننا في أزمة وينقلوا ذلك لدولهم. وبدأنا بتوزيع الكوبونات على المواطنين، لنخفض حجم استهلاك السلع الأساسية من أرز وسكر وحليب.
كنا في مجلس الوزراء المصغّر، نناقش أدق التفاصيل حتى أننا كنا نرصد تأثير خطبة الشيخ علي الفقير، وكنا نستفيد منها سياسيا وتعبويا . . . هذا عدا عن متابعة إعداد الجيش الشعبي ودعوة الاحتياط بلا إعلان، وتابعنا تدريبات الجيش الشعبي، وكذلك الدفاع المدني على الإسعافات الأولية.
أما السفير الأمريكي ” روجرز هاريسون ” فواصل ضغطه علينا بشكل مستمر، حتى أبلغته صراحة أننا لن نغيّر موقفنا جراء أي ضغط أمريكي، وأننا مع الحل السلمي ومع الحل العربي لأزمة العراق والكويت، وموقفنا الشعبي ينسجم مع موقفنا الرسمي. وأبلغت مجلس الوزراء أن الأمريكيين سيستخدمون ورقة المساعدات للضغط علينا في كل مرة. وعندها بدأنا نهيئ أنفسنا لتقديرات تشير إلى أن عمر الأزمة ستطول.
كان أي خطأ يعني الكارثة على مستوانا، لأننا باختصار لا نستطيع أن ننعزل عن العالم والجوار، فروحنا معلقة بالمواد الأساسية التي نستوردها كلها من الخارج. فالنفط والقمح والسكر والأرز، كلها حاجات أساسية لا يمكن التقصير بتأمينها للمواطن، بل يجب أن يكون مخزوننا من هذه السلع وافيا. ( ولكي لا أطيل في الحديث سأنتقل للجزء الهام من الموضوع ).
بقينا تحت الضغط الأمريكي الداعي لتغيير موقفنا، والانضمام إلى التحالف الدولي، حتى أن القائم بالأعمال الأمريكي قال لنا : ” اعلنوا موقفكم ضد العراق . . وبعدها افعلوا ما تشاؤون “. وكان الملك حسين في حيرة شديدة في تلك المرحلة. فهو محاصر من جميع الأطراف، قوى شعبية ونيابية تضغط باتجاه دعم العراق في الحرب، وقوى دولية صاحبة قرار، تضغط باتجاه أن يكون الموقف الرسمي الأردني ضد العراق. لكن كيف تقوم بذلك وأنت تحت ضغط شعبي يغلي، ويريد أن ننتصر في الأردن الرسمي للعراق؟ كنا قد خرجنا للتوّ من أزمة ثقة شعبية بالنظام السياسي ( هبّة نيسان )، واغتمنا الفرصة ليعود الانسجام وتعود الثقة بين طرفي المعادلة السياسية الأساسية.
لقد أخذت على عاتقي هذا الدور، وأعرف كل محاذيره على المدى الطويل، لكني رئيس وزراء ويمكن تحميلي مسؤولية خطأ الموقف الأردني الرسمي وإقالتي من الحكومة، وبعدها يأتي من يغيّر تلك المواقف. صحيح أنني مع أي دولة عربية ضد أمريكا، لكنني أيضا أعرف اين مصالح وطني، وهي وحدها التي تجبرني على تغيير مواقفي، لأن الوطن أكبر مني، وأهم من مواقفي “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق : هذا هو مضر بدران أحد رجالات الحسين، الذي حمل رتبة لواء وقاد مديرية المخابرات العامة، وتولى العديد من المناصب العليا من بينها وزيرا للتربية والتعليم، رئيسا للديوان الملكي، مستشارا للأمن القومي، والعديد من الوظائف العليا قبل أن يتول منصب رئيس الوزراء في الأردن خمس مرات، كانت آخرها عام 1989 – 1991.
فنذكره اليوم بعد أن غادر الدنيا منذ سنوات، لأنه ترك بصماته الناصعة على صفحات التاريخ الأردني، لتحكي إنجازاته للأجيال اللاحقة، مواقفه الوطنية التي تبعث على الفخر والاعتزاز، والتي يجب أن تذكّر دائما بإنجازاته وسيرته العطرة، والتي من بينها :
إحراق الملفات الأمنية الظالمة لبعض المواطنين الأردنيين، عندما كان مديرا للمخابرات العامة، بعد تنسيق مع رئيس الوزراء الأسبق وصف التل، ثم إنشائه لصوامع الحبوب في الجنوب والوسط والشمال. ويذكر الكثيرون إحداها التي كانت عصية على التفجير، عندما تقرر إعدامها واستبدالها بتخزين احتياطات الأردن من القمح، في شوادر أرضية مفتوحة لعوامل الطبيعة. وفي حزيران عام 1992 أعتزل العمل السياسي بعد أن رفض فكرة المشاركة في المفاوضات مع إسرائيل وجها لوجه.
رحم الله الحسين الذي كان يعرف كيف يختار رجال الدولة الوطنيين، الذين يعرفون كيف يدافعون عن الأردن في أوقات العسرة، ويهتمون بمصالح الأردنيين. ورحم الله رئيسا وزراء الأردن الأسبقين وصفي التل ومضر بدران، اللذين تركا خلفهما إرثا من الأعمال الوطنية، تخلّد ذكراهما لدى الأجيال اللاحقة . . !
التاريخ : 15 / 11 / 2024
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الطوفان الشعبي العارم سيجرف الدبيبة
منذ أن جيء بالسيد الدبيبة إلى سدة رئاسة الحكومة في 5 فبراير 2021، تبنّى شعار أن لا سقوط لدماء الليبيين بعد اليوم، حاول كثيرا وأد الاحتكاكات بين الفصائل المسلحة في مهدها عبر دفع الأموال لتلك الفصائل واستطاع شراء ولائها، فتبادل معها المنفعة، فهي تحميه من السقوط وهو يعطيها الشرعية، إلا أن تغول بعضها ومحاولة فرض آرائها عليه وبالأخص اختطاف مدير القابضة للاتصالات، التي فاق إيرادها 9 مليارات دينار والتي اختفت فجأة من ميزانيتها، جعل الدبيبة ينصب كمينا لمن كان يعتبر إلى القريب العاجل ساعده الأيمن (غنيوة الككلي) رئيس جهاز دعم الاستقرار الذي يتبع الرئاسي مباشرة، ما أدى إلى مقتله غدرا، وأحدث ذلك تذمرا في الأوساط العامة لبشاعة العملية وافتخار الدبيبة بتنفيذها عبر قائد تشكيل لواء 444 الذي يعتبره جهازا منظما، وعمت الفوضى مختلف أنحاء العاصمة، وكان الدبيبة يهدف إلى تصفية قادة ميليشيات إلى الأمس القريب يعتبرهم مهنيين في عملهم ويفتخر بهم.
على الرغم من طوفان الجماهير بغرب البلاد المحتشد بساحة الشهداء بطرابلس وبعض المناطق الأخرى يوم الجمعة 23 مايو 2025 المنادي بإسقاطه، إلا أنه ليس من السهل على الدبيبة أن يستقيل، بل سيظل يصارع حتى آخر لحظة.. لهول ما ارتكبه في حق الشعب، وهو يعتقد جازما أنه حتى وإن ارتحل فإنه لن يفلت من العقاب وبذلك يسعى إلى الحصول على وعد بعدم الملاحقة القضائية، ولا اعتقد أن هناك من سيقدم له ذلك.
تحدثت مصادر صحفية، أن أركان الدبيبة قاموا بدفع أموال لجمهور عريض من الشباب للمشاركة في المظاهرة الداعمة لحكومته، وتوفير وسائل نقل لحملهم إلى عين المكان ردا على التظاهرة الشعبية التي طالبت باستقالته يوم الجمعة، إن من قام بشراء ذمم بعض أعضاء لجنة الـ75 للوصول إلى السلطة لا يستغرب منه شراء ذمم بعض الشباب بمبالغ زهيدة، أو إجبار موظفي وزارة الشباب على التجمهر لصالحه.
إن ليبيا في عهد الدبيبة تشهد هدرا للأموال العامة وارتفاعا لأسعار السلع نتيجة خفض قيمة العملة المحلية، إضافة إلى فرض رسوم على بيع الدولار، ما جعل متوسط دخل الفرد في ليبيا (275$ بالشهر) وهذا المبلغ يعتبر دون دخول نظرائه بغالبية الدول العربية، رغم أن ليبيا دولة نفطية وعدد سكانها بسيط، بينما يُقدر مختصون أن ثروات عائلة الدبيبة الحاكمة تجاوز المئة وثلاثين مليار دولار (130$مليار).
كما أكد تقرير لموقع واشنطن آي Washington eye أن الدبيبة قام في الآونة الأخيرة بتحويل مبلغ 400 مليون دولار إلى تركيا على دفعات، وبحسب الموقع أكد أحد المسؤولين الأتراك الذين تحدثوا للصحيفة، أن هذه التحويلات تمثل عملية غسيل أموال على نطاق كبير، مستغلّة البنية التحتية للدولة الليبية لأغراض شخصية، نتمنى أن لا تصل أيادي عائلة الدبيبة إلى احتياط البلد من الذهب والذي يقدر بـ144 طن بالبنك المركزي، وهو ما تركه النظام السابق قبل سقوطه.
كما قام مساء السبت حشد شعبي بالتظاهر أمام المقر الرئيس للمجلس الرئاسي بمنطقة النوفليين، وطالبوا رئيس المجلس محمد المنفي بإقالة الدبيبة وتشكيل حكومة وطنية لكل البلاد من أجل إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب الآجال.
المؤسسة الوطنيّة لحقوق الإنسان بليبيا قالت من جانبها: إن الدبيبة ارتكب يوم السبت 24 مايو 2025 جريمة بإجبار العسكريين والموظفين في الجهات العامة على التظاهر لدعمه، وذكرت المؤسسة أن هذا التصرف يعكس أسوأ صور القمع والتسلط، ويؤكّد أن هذه الحكومة تدفع الدولة نحوّ هاوية الاستعباد السياسي، وامتهان كرامة وآدمية الإنسان وقراراته السياسية.
لا شك أن حكومة الدبيبة هي من اختارت المجابهة مع الشعب الليبي وبالأخص في غرب البلاد، الذي صبر كثيرا على جرائمها الإنسانية وإهدارها للمال العام، المؤكد أن الدبيبة لن يصمد مهما حاول أمام الغضب الشعبي، فالحكام إلى زوال وإن تأخر الحسم بعض الوقت.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.