يمانيون:
2025-07-30@06:05:39 GMT

مفهوم التضحية ومكانة الشهداء في الإسلام

تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT

مفهوم التضحية ومكانة الشهداء في الإسلام

يمانيون – متابعات
تعتبر الشهادة في سبيل الله من أعظم وأرفع مراتب الإيمان، إذ تمثل قمة التضحية بالنفس في سبيل الحق وإعلاء كلمة الله، وتكمن قيمتها في كونها وسيلة لبلوغ الخلود في الجنة ونيل رضوان الله في الآخرة والدفاع عن المستضعفين وحماية الأمة في الدنيا.

الشهادة ليست مجرد انتقال من الحياة الدنيوية إلى الآخرة، بل هي تحول الشهيد إلى نور مشع، يحمل في معانيه القوة والإيمان للأمة بأكملها، ومصدرٌ للعزيمة والثبات للأجيال القادمة.

في هذا التقرير نسلط الضوء على مفهوم الشهادة وفق التوجيهات القرآنية، ويتناول مكانة الشهداء في الإسلام، ودروس العطاء التي يتركها الشهداء لأمتهم..

أهمية الذكرى السنوية للشهيد

الذكرى السنوية للشهيد مناسبةٌ في غاية الأهمية؛ لأنها من المحطات المهمة التي نتزود فيها المزيد من العزم، وقوة الإرادة، والاستعداد للتضحية، ونستذكر فيها قداسة القضية التي ضحى في إطارها الشهداء، كما أنَّ لها أهميةً كبيرة في ما يتعلق باستذكارهم، والاستفادة من سِيَرهم، من أخبارهم، من جهادهم، من تضحيتهم، من أخبارهم، التي هي كلها دورس مهمة ومفيدة، ولا سيما أنَّ منهم الكثير ممن هم على مستوىً عظيم من الإيمان، والوعي، والبصيرة، والالتزام الأخلاقي والإيماني في كل المراحل الماضية.

ثم -أيضًا- ما يستفاد منه في هذه المناسبة بلفت الانتباه بشكلٍ أكثر إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع: المجتمع والدولة، تجاه أسر الشهداء، و -أيضًا- ترسيخ مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق التقديم القرآني المبارك والعظيم.

في ظل هذه الظروف التي تعيشها أمتنا بشكلٍ عام، والظروف التي يعيشها شعبنا اليمني على وجه الخصوص، نرى الحاجة الملحة لمناسبةٍ كهذه فيما تقدمه لنا -أيضًا- على مستوى إبراز المظلومية، وإظهار حجم ومستوى هذه المظلومية من جانب، وإبراز وإظهار مستوى الصمود، والثبات، وقوة الإرادة، والاستعداد العالي للتضحية، وما يشهد على الإباء والعزة والثبات… إلى غير ذلك.

مفهوم الشهادة ومكانتها في الإسلام
تعريف الشهادة

الشهادة في الإسلام هي تضحية واعية بالنفس وبالمال في سبيل الله، وفي سبيل نصرة الحق الذي أمر به، استجابةً للتوجيهات الإلهية التي تحث على مقارعة الظلم والفساد . هذا التعريف يضع شرطين أساسيين ليكون القتل في سبيل الله شهادة:

الأول: أن تكون الغاية هي نصرة الموقف الحق، وفي إطار القضية العادلة التي ترتبط بتعاليم الإسلام.

الثاني: أن تكون التضحية خالصةً لوجه الله، بعيدًا عن المصالح الشخصية.

وليس ظالمًا، ولا باغيًا، ولا مجرمًا، ولا خائنًا، ولا عميلًا لأعداء الإسلام.

الإنسان إذا اتجه على هذا الأساس الصحيح، واجتمعت هذه الأركان؛ يعتبر شهيدًا في سبيل الله، وقُتِل في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، وهذا يعتبر فوزًا عظيمًا.

مكانة الشهداء في القرآن الكريم

الله “سبحانه وتعالى” منح الشهداء -في سبيله- امتيازًا عظيمًا، بحيث تكون شهادتهم عبارةً عن انتقالٍ من هذه الحياة، إلى حياةٍ يعيشون فيها حياةً حقيقيةً بكل مشاعرهم، ويعيشون فيها في ضيافة الله “سبحانه وتعالى”، وبتكريمٍ كبيرٍ من الله “سبحانه وتعالى”، كما قال “جلَّ شأنه” في القرآن الكريم في سورة آل عمران: “وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران: 169) يبين الله “سبحانه وتعالى” هذه الدرجة العالية، هذه المرتبة العظيمة، هذا الشأن الكبير، هذه الكرامة العظيمة جدًّا التي يمنحها للشهداء، فهم عندما ضحوا بحياتهم في سبيل الله “سبحانه وتعالى” لم يخسروا، ولم يتجهوا في عداد الأموات، فيبقون في حالة موتٍ إلى يوم القيامة؛ إنما أكرمهم الله “سبحانه وتعالى” بأن نقلهم إلى حياةٍ هي أفضل من هذه الحياة في هذه الدنيا، أسعد من هذه الحياة، أهنأ من هذه الحياة، حياة في كرامة وفي رعاية إلهية خاصة، وفي ضيافة الله “سبحانه وتعالى”، وحياة خلُصت من كل كدر، من كل الشوائب، من كل الأحزان، من كل الهموم، من كل المعاناة، حياة سعيدة على أرقى مستوى، فهم كما قال عنهم: {بَلْ أَحْيَاءٌ}، ومعنى هذا: أنها حياة حقيقية بكامل مشاعرهم ووعيهم.

{عِنْدَ رَبِّهِمْ}، في ضيافة الله “سبحانه وتعالى” يحظون بتكريمٍ خاص، وبرعايةٍ خاصة، وبضيافةٍ كريمة عند الله “سبحانه وتعالى”، تفوق كل مستوى من الخيال يمكن أن نتخيله عن مستوى التكريم، والرعاية، والرحمة، والفضل، وعلو الدرجات، والمرتبة الرفيعة، والرعاية العجيبة.

{يُرْزَقُونَ}، يعيشون حياة لهم فيها رزق، ورزق مستمر من الله “سبحانه وتعالى”، ورزق كريم يلائم طبيعة تلك الحياة التي لا نعرف التفاصيل الدقيقة جدًّا عنها، ولكنها مؤكَّدة.

ثم يقول: {فَرِحِينَ}، هم في حالة حياة طيبة، ورزق مستمر، لن يكون عندهم أي أزمة اقتصادية، ولا ظروف صعبة، ولا معاناة بشكلها المادي والمعيشي، كل هذا انتهى، وليس عندهم أي همّ تجاه الرزق والحياة المعيشية التي هم فيها بطبيعة وظروف تلك الحياة التي قد تختلف عن طبيعة وظروف هذه الحياة في الدنيا هنا على الأرض.

{بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، في ظل عطاء الله المتجدد والمستمر والكريم والعجيب يُفرِحُهم بشكلٍ مستمر، ليست حالات نادرة, حياة الدنيوية بل تتجاوزها عظمةً وخلودًا، فهم ينتقلون إلى حياة حقيقية بكرامة إلهية كاملة، حيث ينعمون برزق الله ويعيشون في ضيافته.

الشهادة فوز عظيم
تعتبر الشهادة في سبيل الله فوزًا كبيرًا، فهي الوسيلة التي يحقق بها الشهيد رضوان الله ويضمن بها دخول الجنة، وهو ما يعبر عنه الله في سورة آل عمران: “وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ” (آل عمران: 157). هذا الفوز يتجاوز مكاسب الدنيا المادية، فالشهيد ينال مغفرة ورحمة من الله، وهي خير من كل ما يمكن للإنسان أن يجمعه في حياته.

عطاء الشهداء وتضحياتهم
التضحية كأساس للثبات والإيمان

الشهادة ليست فقط علامة تضحية بالنفس، بل هي دليل قوي على إيمان عميق واستعداد كامل للثبات في مواجهة الصعاب.

الشهداء يقدمون أغلى ما يملكون – حياتهم – دفاعًا عن الحق وإعلاءً لكلمة الله، وهذا ما يعكس إيمانهم القوي وعزمهم الصادق على التمسك بتعاليم الإسلام مهما كانت الظروف, وقد ورد في قوله تعالى: “فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ” (النساء: 74)، تشجيع للمؤمنين على التضحية الدنيوية في سبيل الفوز بالآخرة.

ينبغي أن يصل الإنسان في التزامه الإيماني وفي تربيته الإيمانية إلى مستوى الاستعداد التام للتضحية في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، فهي ذات أهمية كبيرة من هذا المنظار، من هذا الزاوية: من زاوية التربية الإيمانية والالتزام الإيماني. في إطار انتمائك الإيماني، لا يتحقق لك أن تصل إلى المستوى الإيماني المطلوب، إلَّا إذا تحقق هذا في واقعك: أن تصبح على استعدادٍ تامٍ للتضحية بحياتك، بنفسك، بروحك في سبيل الله “سبحانه وتعالى”، هذا أمرٌ يَلزمك من جوانب كثيرة: على مستوى الالتزام العملي الإيماني؛ لأن هناك التزامات عملية، وهناك -أيضًا- على مستوى الارتقاء الروحي والأخلاقي. الإنسان إذا وصل إلى هذا المستوى الإيماني: إلى مستوى الاستعداد التام، والجهوزية الكاملة للتضحية بحياته في سبيل الله، فهذا يعبِّر عن ارتقاء روحي، وارتقاء أخلاقي، معنى ذلك: أنَّ نفسك قد زكت إلى مستوى جيد فوصلت إلى هذه المرتبة، وأنَّ مكارم الأخلاق العظيمة والكبيرة تجذَّرت في وجدانك، وفي مشاعرك، وفي وعيك، حتى وصلت إلى هذا المستوى من الاستعداد للعطاء والتقدمة والبذل، وهذا يهيئك عمليًا للقيام بمسؤوليات هي من صميم التزاماتك الإيمانية؛ لأن هناك في الالتزام الإيماني مسؤوليات مهمة جدًّا، ولكن قد يرد الناس عنها الخوف من أن يُقتلوا، الخوف من التضحية، التهرب من التضحية.

مثلًا: من المبادئ الإيمانية الأساسية والضرورية التي لا يكتمل الإيمان إلا بها: التحرر من الطاغوت، التحر من سيطرة الطواغيت الظالمين، المجرمين، المستكبرين، الذين يسيطرون على الناس فينحرفون بهم عن تعليمات الله وعن توجيهات الله، ينحرفون بهم عن الحق، وينحرفون بهم عن العدل، ويمارسون الظلم عليهم، والاستعباد لهم، والاستغلال لهم، هؤلاء الطواغيت سواءً تمثلوا بكيانات: دول ظالمة متجبرة، أنظمة متسلطة، أو شخصيات مضلة… أو أيًّا كان شكلهم، لا بدَّ في التحرر من سيطرتهم وهيمنتهم إلى أن نصل إلى ما يؤهلنا إلى ذلك، وهو الاستعداد التام للتضحية؛ لأنهم يستخدمون أسلوب الجبروت والظلم والقمع، والاستهداف للناس في حياتهم، والترويع، وارتكاب الجرائم بحق البشر، وسفك الدماء، كأسلوب للسيطرة على الناس، لإخضاعهم، للهيمنة عليهم، لزرع الخوف في نفوسهم، وحينها تصبح حالة الخوف من الطاغوت حالةً تكبِّل المجتمعات لهم، تقيدها عن الحرية، تقيدها عن الاستقلال والكرامة، تقيدها حتى عن طاعتها لله، فتجعل طاعة أولئك الطغاة والظالمين والمستكبرين والمجرمين فوق طاعة الله “سبحانه وتعالى”.

هذا يستدعي أن نكون على مستوى عالٍ من التجلد، من العزة، من الاستعداد للتضحية، من الإباء، القيم التي ترتبط بالشهادة، مثل: قيمة العزة والإباء، قيم عظيمة، والمبادئ التي ترتبط بالشهادة مبادئ عظيمة، وفي مقدمتها: التحرر من هيمنة الطغاة والمستكبرين.

عطاء لا ينقطع

الشهادة في سبيل الله أرقى تعبير، وأكبر دلالة على مصداقية الإنسان في انتمائه: في انتمائه الإيماني، في انتمائه الأخلاقي، في انتمائه إلى المبادئ الإلهية، عندما يصل إلى مستوى الاستعداد للتضحية في سبيل الله.

إذا كنا مجتمعًا معطاءً، إذا كنا أمةً تقدِّم التضحيات، معنى ذلك: أننا سنكون أمةً عزيزة، أبيةً للضيم، أمةً تمتلك الشجاعة، وتمتلك الحرية، وتمتلك قوة الإرادة، تمتلك العزم الذي لا بدَّ منه في مواجهة تحدياتٍ كهذه، معنى ذلك: أننا سنحضر في الميدان في كل مجال: في الميدان السياسي، الميدان العسكري، الميدان الاقتصادي، ونحن نحمل طاقةً كبيرة، ونحمل استعدادًا عاليًا للعمل، للأداء، للتضحية، فسنكون على أعلى مستوى من البذل، من العمل، من الجهد، من الجرأة، من الشجاعة، من الإقدام، وسنعمل -كما قلنا في البداية- ما يجب أن نعمله، هناك الكثير مما يجب أن تعمله الأمة، وستترسخ في واقع حياتنا كل هذه القيم: العزة قيمة إيمانية عظيمة جدًّا، وتليق بالإنسان، والله أكرم الإنسان عندما أراد له أن يكون عزيزًا، أكرم عباده المؤمنين عندما قال: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: من الآية8]، لا يمكن أن نكون أمةً عزيزةً، تتجسد العزة في مواقفها وفي مسيرة حياتها، إلَّا إذا كنا في جرأتنا وإقدامنا على مستوى الاستعداد العالي للتضحية وللشهادة في سبيل الله، وتحركنا لمواجهة التحديات والأخطار والأعداء، مهما كانت إمكاناتهم، ومهما كان جبروتهم، ومهما كانت الوسائل التي بأيديهم.

تضحيات الشهداء كدروس للأمة
عطاء الشهداء لا يتوقف بوفاتهم، بل يستمر إرثهم المعنوي في دعم معنويات الأمة وتعزيز روح التضحية, دماء الشهداء تروي شجرة الإيمان وتبعث الأمل والثقة في نفوس المسلمين، حيث تصبح تضحياتهم بمثابة درس حي يدعو للصبر والثبات.

إن استشهادهم يعيد بناء الأمة ويحيي الروح الجماعية فيها، ويجعل من قيم التضحية والإخلاص أساسًا لبقاء القيم الإسلامية. يقول الله تعالى: “وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا” (النساء: 74)، فهذه الآية تعد بأن يكون جزاء المجاهد في سبيل الله عظيمًا، سواء انتصر أم استشهد.

تضحية الشهداء تمثل درسًا حيًا للأمة، تذكرهم بأهمية العزة والكرامة، وتعلمهم أن حياة المؤمن لا تكتمل إلا بالتضحية لأجل المبادئ السامية. إن الشهداء يجسدون أسمى معاني الفداء، وتستفيد الأمة من عطاءاتهم في استنباط قيم الشجاعة والصمود، وهو ما يزيد الأمة قوة وصلابة أمام التحديات.

ثمار الشهادة:
الشهادة كقيمة أخلاقية وإنسانية
الشهادة هي في جوهرها قيمة أخلاقية وإنسانية عظيمة، تمثل أسمى درجات الإيمان والشجاعة في سبيل الله. هذه القيمة تعبر عن استعداد المؤمن للتضحية بنفسه من أجل قضية عادلة، وتجعل الشهداء مثالًا يُحتذى به في قمة الأخلاق والتفاني. ومن خلال الشهادة، يضع الشهيد نفسه في أعلى مراتب العطاء، فالشهادة لا تُعطي فقط للمؤمن حياة خالدة، بل تجعل من تضحياته إرثًا خالدًا يساهم في بناء مجتمع قوي قائم على القيم الإيمانية والإنسانية.

التصدي للعدو وحماية الأمة.. يأتي على يد الشهداء وتضحياتهم
الشهادة في سبيل الله تمثل الدرع الذي يحمي الأمة ويعزز مكانتها أمام أعدائها. المؤمنون الذين يضحون بأنفسهم من أجل حماية أمتهم وتحريرها من الظلم ينالون بذلك أعلى درجات الإخلاص والتضحية. وقد ورد في القرآن الكريم تشجيع على مقاومة الأعداء والوقوف ضد الظلم، كما في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (الأنفال: 45)، فالآية تحث المؤمنين على الثبات وتذكر الله في مواجهة العدو، مما يعكس عظمة الصمود والشجاعة في سبيل الله.

اليوم المعركة هي معركة الأمة كلُّ الأمة، والاستهداف ليس جديدًا في واقع هذه الأمة؛ وإنما هو وفق مراحل مستمرة، ونحن في مرحلة مهمة وحساسة، ووجدنا أن ثمرة مفهوم الشهادة في سبيل الله وفق المفهوم الصحيح، التقديم الصحيح، أثمر نصرًا في واقع هذه الأمة، وأصبحت نماذجه قائمة في الساحة وحاضرة في الساحة بكل نجاحٍ ملموسٍ وواضح. التجربة في فلسطين تجربة الجهاد والاستشهاد أثمرت نصرًا، حريةً، عزةً، كرامةً، ما نراه في قطاع غزة هو نموذج حي، يشهد لصحة وإيجابية وأهمية وضرورة هذا المفهوم، عندما يقدَّم بشكل صحيح كيف يصنع في واقع الأمة متغيرات مهمة وإيجابية، يصنع الحرية بإرادة الله “سبحانه وتعالى”، والكرامة والعزة والاستقلال، يصنع النصر.

عندما نجد النموذج في لبنان أمامنا متجسدًا ومنذ سنوات عديدة، منذ بداية انطلاقة المقاومة الإسلامية في لبنان، ثم ما صنعته من انتصارات كبيرة في عام 2000 وفي عام 2006، وما منَّ الله به -أيضًا- من انتصارات لاحقة في لبنان وسوريا وغيرها، وكذلك ما تقدمه المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم من ثبات وتضحيات عظيمة رغم استشهاد قادتها و في المقدمة أمين الأمة و شهيدها السيد حسن نصر الله وكذلك الثبات الاسطوري للمقاومة الفلسطينية رغم همجية العدو وحجم التضحيات و الدمار في قطاع غزة ما تزال ثابته منذ أكثر من عام, كما نجد ما قبل ذلك نموذجًا عظيمًا وكبيرًا متمثلًا بالثورة الإسلامية في إيران، حررت إيران الإسلام من هيمنة أمريكا، ومن نفوذ إسرائيل، ومن الأداة التي كان يعتمد عليها الأمريكيون والإسرائيليون في السيطرة على الشعب الإيراني المسلم، متمثلةً بالنظام الملكي و(الشاه) آنذاك، ثم فتحت المجال أمام الجمهورية الإسلامية لتكون نموذجًا ورائدًا كبيرًا في الساحة الإسلامية، في الحرية والاستقلال، والتصدي للهيمنة الأمريكية، والتصدي للعدو الإسرائيلي.

النموذج القائم في سوريا والعراق، والنموذج القائم والمتجسد في التضحيات الكبيرة وفي العزم الذي لا يلين الذي يقدمه شعب البحرين، نماذج تاريخية كثيرة في مختلف الأقطار العربية والإسلامية، وفي مختلف المراحل لأمتنا.

إن كل ذكرى من العزة، وإن كل ذكرى للنصر هي مرتبطة بهذا المفهوم العظيم، وهذا كافٍ في أن ندرك مدى أهميته، ومدى قيمته، ومدى ما يترتب عليه في واقع هذه الحياة.

وبما أننا اليوم في معركة بهذا الحجم، وتحدٍ بهذا المستوى، فنحن معنيون كأمةٍ إسلامية أن نرسخ هذا المفهوم؛ لأنه مفهومٌ -كما قلنا- يصنع النصر، وإذا امتد في أوساط الأمة، وتعزز في واقع الأمة، فإنه يهب الأمة من العزم وقوة الإرادة والتحرك الفاعل ما تحتاج إليه في هذه المرحلة.

النصر يأتي على يد الشهداء الذين يضحون بأرواحهم، حيث تثمر تضحياتهم في تحقيق الانتصارات للأمة وتعزيز ثباتها أمام التحديات.

لقد أثبتت التجارب التاريخية للأمة الإسلامية أن الشهادة كانت دائمًا سببًا لانتصارات كبرى، حيث قدّم الشهداء أرواحهم ليصنعوا مجد الأمة وليحققوا لها العزة والاستقلال, وقد تجلى ذلك في قول الله تعالى: “إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ” (آل عمران: 160). هذه الآية تعبر عن الحقيقة الإلهية للنصر، حيث لا يملك أحد هزيمة من ينصره الله، والشهداء هم من اختارهم الله لدخول جنته والانتصار في الدنيا والآخرة.

واجب الأمة تجاه الشهداء:
تعزيز روح التضحية بين الأجيال
واجب الأمة تجاه شهدائها لا يتوقف عند إحياء ذكراهم، بل يتعدى ذلك إلى تعزيز روح التضحية في نفوس الأجيال المقبلة, يجب أن يُزرع في نفوس الشباب حب التضحية لأجل الله واستعدادهم لبذل أرواحهم في سبيل القيم والمبادئ النبيلة. فالحفاظ على إرث الشهداء يتمثل في إحياء هذا العطاء الخالد في قلوب المسلمين، ليصبحوا على أتم الاستعداد للذود عن حياض الأمة وقيمها.

ويأتي ذلك في إطار قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ” (الأنفال: 60)، فالآية تحث المسلمين على الاستعداد الدائم وتربية النفوس على الجهاد والصبر.

الاعتناء بأسر الشهداء
تقتضي مسؤولية الأمة نحو الشهداء الاعتناء بأسرهم، ومواساتهم والوقوف إلى جانبهم، لأنهم فقدوا أحب الناس إليهم من أجل رفعة الأمة, وهذا الوفاء لا يقل أهمية عن التضحية ذاتها، إذ يجسد تقدير المجتمع لذوي الشهداء ولتضحياتهم. ينبغي أن يكون لكل أسرة شهيد مكانة خاصة في المجتمع، وأن يكون هناك نظام كامل من الدعم والرعاية لهم، تعبيرًا عن تقدير الأمة لعطاء ذويهم وتكريمًا لما قدموه في سبيل الله.

ختامًا، يتبين لنا أن الشهادة ليست مجرد تضحيات عابرة، بل هي قمة العطاء في سبيل الله, هذا العطاء الخالد يزرع في الأمة الثبات، والعزيمة، والقوة لمواجهة كل الصعاب، ويحصنها من هيمنة الأعداء, من الطواغيت و المنافقين, كما أن عطاء الشهداء يخلق إرثًا من الإيمان والشجاعة يحافظ على بقاء الأمة، ويدفع بها نحو النصر.

أن واجبنا تجاه الشهداء في إحياء ذكراهم، وتعزيز روح التضحية في نفوس الأجيال، وتكريم أسرهم تقديرًا لما قدموه.

في كل شهادة نبض جديد لقلب الأمة، وفي كل تضحية تفتح أبواب العزة والكرامة، تحقيقًا لوعود الله لعباده المؤمنين بالنصر والثبات.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الشهادة فی سبیل الله مستوى الاستعداد سبحانه وتعالى من هذه الحیاة روح التضحیة فی الإسلام الشهداء فی فی انتمائه إلى مستوى على مستوى ف ی س ب یل آل عمران فی لبنان فی واقع أن یکون فی نفوس عظیم ا

إقرأ أيضاً:

العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟

الكتاب: النزعة العربية وأثرها على الموالي في عصري صدر الإسلام والدولة الأموية
الكاتب: الدكتور جوتيار تمر
الناشر: تموز ـ ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع ـ دمشق، الطبعة الأولى 2024
306  صفحة من القطع الكبير.


انطلق العمق الثوري للإسلام من تلك العلاقات التي نسجت وحيكت بين السيادة العليا الإلهية والوحي الإسلامي بجملته، وبين السلطة السياسية للنبي محمد، التي أرست نواة الدولة في المدينة، وراحت تعيد إنتاج الواقع التاريخي لعرب الجزيرة على ضوء منظومة المعايير الإسلامية الآمرة، لكي يصبح مطابقاً مع هذه المعايير، وحطمت بذلك أسس المجتمع الجاهلي المتحكم فيه النظام القبلي البدائي، ووحدت الجزيرة العربية، وحافظت على مكة أم القرى واعتبارها إحدى المقدسات الإسلامية.

في الجزيرة العربية كان يمكن ملاحظة التطور التدريجي من التشظي والتناثر إلى الوحدة من خلال التناثر ثم التوحيد الديني. لقد كان لكل قبيلة أوثانها الخاصة بها، وسائطها الرمزية إلى الإله الواحد، ثم مع تنامي النفوذ الاقتصادي والسياسي لقريش تحولت الكعبة إلى "مجمع أوثان" لمختلف القبائل العربية. ومع عملية التمركز الاقتصادي والسياسي كانت تسير عملية التمركز الديني وصولاً إلى التوحيد الديني الذي ارتكز على عملية التمركز هذه والمعبَّر عنها أيديولوجياً بالتوحيد اللغوي والثقافي. لقد كان الإسلام تعبيراً عن الحاجة إلى الوحدة والتمركز والفتح والتوسع والسيطرة. وهكذا لعب دور إنضاج عملية الصهر والتوحيد، وأسهم بالتالي ـ بسبب من الدور المسيطر للمستوى الأيديولوجي في البنية الاجتماعية ـ أسهم في صياغة وبلورة الكيان القومي للعرب، وتقديس العروبة شأنه في ذلك شأن الأديان التي سبقته: "كنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" (القرآن الكريم).

مفهوم نزعة العرب القومي

العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.

فهناك شعوب مسلمة استوعبها التعريب، ورسخت فيها الثقافة العربية الإسلامية حيث سادت اللغة العربية، وهناك أمم عريقة مجاورة اعتنقت الإسلام وشاركت في بناء الحضارة الإسلامية، انطلاقاً من تفسيراتها للإسلام المرتبطة جزئياً على الأقل، بخلفيتها التاريخية والثقافية والحضارية والدينية العريقة التي وجدت قبل الإسلام بقرون عديدة، ومثلما أن الاحتفاظ بمكة وتكريس تقديسها وتحويلها إلى مركز لعبادة التوحيد الإسلامية يشير إلى النزعة القومية العربية الجديدة التي حملها الإسلام، والتي خاضت حروباً طاحنة في سبيل توحيد عرب الجزيرة، والتي انطلقت استناداً لتلك الوحدة العربية الجديدة لتوسيع سيطرتها على سورية وفلسطين، ثم الانطلاق نحو مصر وإفريقيا، مثلما أنَّ الاحتفاظ بمكة رمزاً حضارياً عربياً قومياً، فإنَّ انتقال مركز الخلافة إلى دمشق، ونشوء الدولة الأموية كثمرة لتطور طبيعي في سياق الظروف الدولية والإقليمية السائدة آنذاك في القرن السابع الميلادي، وكذلك الواقع الاقتصادي ــ الاجتماعي حينذاك، وتحولها إلى امبراطورية عربية مترامية الأطراف شكلت قطيعة بالمعنى الجدلي مع فجر الإسلام (عصر الخلفاء الراشدين) وفتحت الباب أمام نشوء طبقة ارستقراطية عربية متكونة من أبناء القبائل العربية الأساسية، بصرف النظر عن دورها في الإسلام.

العرب حملوا راية الإسلام إلى العالم، كما أنَّ الوحي الإسلامي جاء بلسان عربي، وقام الإسلام بفرض توحيد اللغة العربية التي قامت على أنقاض اللهجات القبلية العربية المتعددة، حتى أصبح الارتباط بين الإسلام والعروبة ارتباطاً صميمياً، وكان لانتشار الإسلام أثر قوي في انتشار ظاهرة التعريب واللغة العربية، وإن كان مفهوم التعريب لم يكن مجاله وأثره شاملاً، ولا واحداً في الأمصار، التي انتشر فيها الإسلام.كان النبي (ﷺ) مدركاً لأهمية القبيلة وأهمية دعمها له، كما كان مدركاً بأهمية التوافق بين الانتماء القبلي من جهة، وانتمائه للجنس العربي من جهة اخرى، لذا يمكن استقراء ذلك المسلك الذي انتهجه للجمع بين القبيلة والقوم العرب ضمن دائرة الإسلام كوحدة دينية بالدرجة الاساس، إلا أن ما تركه من إرث فيما يتعلق بأقواله (ﷺ) أعطت للعرب مسارات تأويلية جعلتهم يقيسون الأمور وفق مصالحهم واعتبروا أن النفاق من دلائله بغض العرب، على الرغم من أن الأسس التي قامت عليها الدولة كانت دعوتها إلى المساواة والأخوة الإسلامية منذ الوهلة الأولى، إلا أن النظرة للمولى كان مختلفاً ومقيداً باعتبار أنه تابع ليس حر، لذا في صحيفة المدينة وضع اللبنة الأساس للتعامل معهم وفق مبدأ لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، أبقت النظرة إلى المولى ضمن سياقات المجتمع العربي الإسلامي بشكل واضح، لذا حتى الصحيفة نفسها لم تستطع أن تتخلص من المظاهر القبلية فالفرد في تلك الأمة لا ينتمي اليها إلا عن طريق العشيرة أو القبيلة، المهاجرون من قريش على ربعتهم، وبنو عوف على ربعتهم، والآخرين كل عشيرة أو قبيلة على ربعتهم، لذلك نجد من يرى بأن الصحيفة كانت اللبنة في صرح الأمة الاسلامية والعرب، فقد استطاعت دمج المسلمين على اختلاف قبائلهم في جماعة دينية ترتبط بالإسلام وتجاهلت نظام القبيلة وأدمجت كل طوائف المدينة في الأمة، إلا أن ذلك الاندماج لم يتم إلا عن طريق القبيلة، فكأن القبائل دخلت في الأمة بتنظيماتها القبلية القديمة، فضلاً عن الاعتراف بقوة العصبية وأثرها في المجتمع وأنه ليس من السهل التخلص منها.

الثورة التي قام بها الإسلام في الجزيرة العربية ثم في المجتمع العربي عموماً، هي في مضمونها التاريخي ثورة قومية عربية، وهذا يؤكد على أنَّ الوعي القومي للنبي محمد في رسالته، والثورة العربية الإسلامية التي قام بها حاضرٌ، بما أنه أسس حركة عربية قومية، رفعت شأن العرب وأنقذتهم من براثن التخلف، وكانت في أصل تحولهم إلى مدنية وإمبراطورية عالمية، عززت مكانة العرب في إطار الصراع الدولي المحتدم آنذاك مع الإمبراطوريات المجاورة، وأدت إلى احتلالهم موقع الريادة في قيادة السياسة الدولية. ويتجلى الوعي القومي واعتزاز محمد بأنسابه إلى القومية العربية في قوله "الذين يتبعون الرسول النبي الأمين الذي يجدونه مكرماً عندهم في التوراة والإنجيل.. "، ويضيف"... إنَّما يعلمه البشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين"، وكقوله: "قُلْ لَإِنْ اجتمعت الإنس والجن أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا. ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورًا" ، باعتبار أنَّ القرآن الذي أتى به محمد هو "تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ".

وبذلك أعطى الإسلام العرب رسالة، وغدا حسب مفهوم ذلك الزمان ثورياً، بالنسبة لمرحلة التشرذم القبلي، لأنه اتخذ موقفاً سلبياً من البداوة، واستخدمه محمد في ثورته القومية كسلاح أيديولوجي وسياسي في سبيل توحيد عرب الشمال مع عرب الجنوب، في إطار دولة واحدة، جمعت بين البدو والحضر في دعوة واحدة وحركة إسلامية واحدة، وأنهت بذلك "حالة المجابهة والصراع بين البدو والحضر لفترة تناهز قرنين"، من أجل مواجهة درء أخطار ومطامع الأمم المجاورة: الفارسية، والحبشية، والبيزنطية، التي كانت تهدد الجزيرة العربية، ومركزها التجاري مكة، والطريق التجاري الذي يقود إلى البحر الأسود عبر فارس، وإلى سورية وآسيا الصغرى، والطريق الذي كان يمر بالبحر الأحمر.

في هذا الكتاب الجديد الذي يتكون من مقدمة وأربعة فصول كبيرة،لمؤلفه الدكتور جوتيار تمر،ويحتوي على 306 صقحة من القطع الكبير، يعالج فيه الكاتب معالم المجتمع العربي في عصريه ما قبل الإسلام وفي صدر الإسلام من خلال رسم تدريجي للنظم التي اتبعها، لاسيما فيما يتعلق بالنظم القبلية والعصبية بحيث استطاعت تلك النظم من السيطرة على العقلية العربية حتى بعد انتشار الدين الإسلامي بينهم، وقد نتج عن ذلك تفاوت واضح في البنى الاجتماعية، إذ إنه على الرغم من عدم اعتراف الإسلام بالطبقية في بداياته، إلا أن نزعة القبائل العربية وعصبيتها فرضت واقعاً ملموساً يمكن رصده من خلال البحث بين الأسطر وعدم تجاوز الحدث التاريخي باعتباره لا يتوافق مع الفكر الديني، وفق ذلك فإن العصبية القبلية العربية التي تؤكدها الدراسة هي في الاصل تراث العرب في إدارة شؤونهم، وفق منطقهم الخاص، سواء قبل الإسلام أو بعد الإسلام. فالنظام القبلي ليس إلا الوجه الحقيقي للرؤية العربية للسياسة، ومن خلال تلك الرؤية تأسست معالم وجودهم الفعلي حتى بعد الإسلام الذي عمل على اخضاع القبائل المنطق سياسي ديني واحد، إلا أن الأمر لم يكن لينجح حتى بوجود النبي (ﷺ)، فالنزعة القبلية العربية ظلت متحكمة في الكثير من القبائل وزعمائها.

يقول الكاتب جوتيار تمر في المقدمة:"وفق ذلك فإنَّ قيام بعض الدراسات بتجاوز الواقع التاريخي الحقيقي للموالي؛ الذين تأثروا بالعصبية القبلية التي كانت البذرة الاساسية لظهور النزعة العربية فيما بعد، ومحاولتها تجميل الصورة باعتبار أنَّ الجيل الأول من الصحابة لم يكونوا ليفرقوا بين عربي أو أعجمي، بالرغم من وجود ذلك التفاوت الاجتماعي الواضح في صيرورة الحدث التاريخي، ذلك ما دفعنا إلى اختيار الموضوع ليس للتنقيص من الإسلام كدين، وإنما لإظهار الحقيقة التاريخية التي تكمن في أن الذين تسلموا السلطة بعد النبي (ﷺ)، بشر وهؤلاء لم يكونوا معصومين، مما يعني أنَّ التاريخ الذي شاركوا فيه ليس بمعصوم ايضاً، وبالتالي فإنَّه قابل للبحث والتمحيص والنقد المنهجي الاكاديمي، بعيداً عن التحيز الأيديولوجي، لاسيما أن المكتبات مليئة بالدراسات حول الموالى في صدر الإسلام، كدراسات سابقة، ألا أن غالبيتها انتهجت مبدأ السرد الوصفي مع إبداء بعض الآراء التي يراها الكتاب إنها اقرب إلى التبرير الممنهج والمغلف بالفكر الديني أو القومي أكثر من كونها آراء تبحث عن ماهية الحدث التاريخي وفق جدلية التأثير والتأثر(ص8).

النزاع بين الولاء للإسلام والولاء للعصبية القبلية

تترافق كلمة العصبية مع تفسير شائع يجعل منها مرادفاً للتفرقة وتعبيراً عن تغليب مصلحة فئة ما على مصلحة الجماعة ككل، وقد درج العرب بعد الإسلام على استعمال كلمة العصبية في كل مرة يراد الإشارة فيها إلى الصراعات الداخلية السلبية، بالمقارنة مع الاستقرار الداخلي العاكس لوضعية إيجابية، لذلك فقد استخدم العرب كلمة العصبية للدلالة على التنازع والفرقة والاعتداد بالأنساب، وفي الوقت نفسه يثير مفهوم القبلية الكثير من النقاش والجدل لدورها المتعاظم في الحياة السياسية العربية قبل الإسلام، والمخلفات التي تركتها حتى بعد ظهور الإسلام، وذلك بسبب طبيعة البنية والتنظيم الاجتماعي الذي كان يميز المجتمع العربي، والذي كان المتغير القبلي البدوي هو الأكثر تأثيراً وقوة في السياق العربي مقارنة مع المتغيرات الأخرى، مما جعل من تحديد مفهوم وظاهرة العصبية القبلية من أكثر المفاهيم والظواهر التي تستعصي على التحديد والتعريف، وذلك لاختلاف طبيعة المشكلة وحضورها من مجتمع لآخر، حتى أصبح ينظر إليها من قبل بعض المختصين باعتبارها تواصلاً لأشكال حياة بدائية وجزءاً من مخلفات مرحلة سابقة من تكوين البشرية، وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب يعتمد مصطلح العصبية القبلية كتعريف أولي لمفهوم النزعة العربية باعتبار أن كلا العصبيتين العربية والقبلية والتي انحدرت منها العصبية النزعة العربية بمفهومهما اللاحق في الدولة الأموية، قد انبعث من تيار واحد، وبالتالي هو ما يعكس حكماً سلبياً إزدرائياً ضمناً على نمط الحياة القبلية، باعتبار أن القبلية هي الأساس الذي تبنى عليه العصبية.

عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشتركيقول الكاتب جوتيار تمر: "عرف العرب النظام القبلي منذ أقدم عصورهم، وذلك النظام كان يسود بلاد العرب كلها، حيث كان سكان الجزيرة يعيشون عيشة قبائل، وكانت تلك العيشة ملائمة لطبيعة بلادهم، فالعرب سواء عاشوا بدواً أم حضراً كان النظام القبلي هو الذي يجمع بينهم، باعتباره ذلك النمط من الحياة التي تتوزع فيها الأمة الواحدة إلى جماعات بشرية مستقلة يجمع بين أفرادها صلة النسب المشترك سواء كان ذلك النسب حقيقياً أو وهمياً، وبذلك يكون عامل النسب مهماً في معركة البناء الهيكلي لتلك التجمعات البشرية والتي كانت تطلق على نفسها القبائل، والتي منها تمخض الفكر القبلي، ولم تكن في بلاد العرب قبل الإسلام دولة عربية، بل كان بها وحدات سياسية اجتماعية مستقلة تعرف بالقبائل.

يعد المكون القبلي أهم التكوينات السياسية في شبه الجزيرة العربية، بالطبع ليس بمفهومه الاجتماعي، لأن تلك التكوينات القبلية وجدت كوحدات اجتماعية في كل أرجاء شبه الجزيرة، والقبلية أو القبيلية هي نسبة إلى القبيلة، ويقال: قبيلية، والقبيلة مجموعة من الناس: بنو أب واحد، ومعنى القبيلة، الجماعة، ويقال لكل جماعة من أب واحد قبيلة، والقبيلة أيضاً: وحدة اجتماعية متماسكة تتكون من مجموعة أفراد تقطن على بقعة جغرافية معينة تتمتع بدرجة من الاستقلال السياسي، وفي بعض الأحيان تنشطر القبيلة إلى أقسام مختلفة خصوصاً إذا كانت البقعة الجغرافية التي تعيش عليها واسعة بالنسبة لعدد السكان، ويتكلم أفراد القبيلة لغة واحدة لها لهجة معينة تختلف عن لهجات القبائل الأخرى التي تتكلم اللغة نفسها، وتعرف القبيلة أيضاً على أنها الوحدة السياسية للبدو تربطهم رابطة العصبية، وتستوفي القبيلة بعض مقومات الدولة، ولا ينقصها إلا أرض مثبتة الحدود، لأنها قلما تثبت في مكان واحد فترة طويلة، وفي غالب الأحيان تكون لها منطقة خاصة تتجول في نطاقها، وهي ما تدعى بالدار، أو قد تنشئ لنفسها حمى، أي منطقة ثابتة من الأرض ولا يجوز لغيرها أن يخترقها أو يستعملها، والقبيلة قل ما أن ينتسب اليها من لم يساهمها في نسبها إلا عن طريق الحلف والولاء"(ص38).

يتضح من غالبية التعاريف عن القبيلة أنها تقوم على التصنيف وفكرة التجمع والتدرج، كما أن التجمع نفسه يقوم على النسب المشترك للمجموعة، وذلك ما استندت عليه التعاريف الحديثة أيضاً، بحيث ترى أن تلك التصنيفات تقوم في الأساس على اعتقاد أن المجموعات القبلية في انتمائها إلى جد أعلى مشترك، انتماء يميزها عن مجموعات أخرى مماثلة ويفصلها عنها، بحيث تكون العلاقات بين الطرفين علاقات تعارض وتنافس وصراع.

اتسم النظام القبلي بالتفكك السياسي قبل الإسلام وحتى بعد ظهور الإسلام فقد "استغنوا عن غيرهم فصعب انقياد بعضهم لبعض لإيلافهم ذلك التوحش، حيث كانت القبيلة مصدر القوة السياسية والدفاعية التي تربط بين أفراد القبيلة، وعلى ذلك فإن العرب لم تتوحد سياسياً ضمن هيكل دولة منظمة، بشكل يجعلها قوة معاصرة للقوى الإقليمية وقتها، لاسيما الفرس والروم، إلا أن ذلك لا ينفي وجود وحدة بين العرب ولكن وفق مسار آخر، حيث شكلوا أمة ثقافية دينية إلى حد ما، ولكن بالطبع ليس أمة الدولة، إلا أن تلك الوحدة لم تكن كفيلة بإخضاع القبائل كلها تحت سلطة واحدة، بل كانت في الكثير من الأحيان تبث روحاً تنافسية بين القبائل فتبحث كل واحدة عن تحالفات لقهر الأخرى، مما جعلتها محتفظة بطباع التبدي، من التنقل والاغارة والعصبية.

إن العصبية كنظام يلجم اندفاع حركة الحياة المعبرة عن ذاتها، بالإرادة، تحقيقاً للانتصار، يلجمه عن طريق ضبطه سلوك الفرد والجماعة، وتقنين حركة السلوك وتنميطها، فيأخذ ذلك الانتصار معناه ومعياره من قيم المجتمع السائدة فيه، في مرحلة تاريخية معينة، كل ذلك دون إهمال كون العصبية شوكة وقوة داعمة للسلطة، ولذلك فإنه بالعصبية يمكن تفسير ظواهر السلوك المختلفة، لدى الأفراد والجماعات والشعوب، لاسيما لدى الجماعات في المجتمع العربي، باعتبار أن العصبية هي بنيته، فهي تدخل في نسيجه الاجتماعي الثقافي القيمي السلوكي، وتفسر عبر ذلك النسيج الظواهر السياسية والثقافية والنفسية المتمثلة في ذلك السلوك، وهو نسيج اجتماعي لأنه علاقة، وهو ثقافي لأنه من جبهة معرفة الحضارة.

بنيت السلطة بعد وفاة النبي (ﷺ) على أسس الصراع بين القبائل العربية لاسيما -المهاجرين-، فالملاحظ من الوهلة الأولى من مداولات اجتماع السقيفة، كان المهاجرون والأنصار، يقصدون وبكل وضوح، الحسم في خلافة النبي السياسية والزمنية دون المسألة الدينية، حيث كان خطابهم يعتمد على مصطلحات سياسية زمنية منها الأمارة والأمرة، منا أمير ومنكم أمير، أو نحن الأمراء وأنتم الوزراء، كما أنهم في سياقات الحديث استخدموا مصطلحات أخرى أو ألفاظاً أخرى كلفظتي خلافة وسلطان، وإجمالاً كان ثمة وعي صريح بأن صراعهم كان يدور حول مسألة تولي الحكم والقيادة السياسية بعد النبي (ﷺ) مع المحافظة على رداء الدين.

ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولةيقول الكاتب جوتيار تمر: "الراجح أن بيعة أبي بكر كانت في مضمونها تفوقاً للمرجعية الدينية الجديدة أي للإسلام لكن دون قطع الماضي باعتبار أن النظم القبلية كانت تختار الأكبر سناً لرئاسة القبيلة فقال له أبو عبيدة: يا أبا الحسن، إنك حديث السن، وهؤلاء مشيخة قريش قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور، ومن جهة أخرى باعتبار أن أبا بكر هو رفيق النبي (ﷺ) في الهجرة، فإنه يمكن النظر إلى الأمر من كونه سلاح ذو حدين، فاختيار أبي بكر ضرب العقلية القبلية من ناحية، وأكدتها من ناحية ثانية بسبب انتماء الخليفة إلى بطن متواضع من بطون قريش وهو بنو تيم، ومع ذلك فإن التنافس والصراع ظل محتدماً بين الصحابة، ويمكن إدراك ذلك من خلال تتبع سيرة أحد الصحابة الأوائل سعد بن عبادة الذي آمن بأن الدولة التي قامت في موطنه ليست لقريش وحدها، ولذلك تشير الكثير من الآراء إلى أنه تم تصفيته في الشام بعدما رفض بيعة كل من أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وعلى ذلك الأساس فقد ألقت المرجعية الجديدة بأثارها على جميع المكونات الأخرى من المجتمع الإسلامي فيما بعد، لاسيما غير العرب من المسلمين، الذين وجدوا أنفسهم وبحسب ما تقدم أن لا مكان لهم في السلطة"(ص90).

ظل الجيش العربي الإسلامي مقسماً وفق القبائل لكل قبيلة قادتها، مع غلبة القبائل البدوية على الجيش، مما يعني نقل الطباع البدوية التي لم تصهر بعد في الإسلام إلى تلك المناطق، وواجه العرب في أيام الغزوات صعوبة كبيرة في توسعاتهم بسبب العقلية القبلية وضيق أفقها، وعدم تمكنها التخلص من مثلها الموروثة قبل الإسلام بسهولة، فقد كان على القائد أن يقاتل عدوه ـ الموالي ـ بجيش على شكل كتل قبائل، تتكون كل كتلة من مقاتلي قبيلة واحدة ورئيسها، لا من جنود ينتمون إلى أمة هي فوق كل الكتل والقبائل، لذلك خلق ذلك النظام نمطاً إقطاعياً خاصاً منذ بواكير انتشار الإسلام، فمن الصحراء إلى المراعي الخصبة، الأمر الذي ساهم بشكل وآخر على تكريس نمط الإنتاج الإقطاعي، وتمييع النمط البرجوازي، فقد تخلقت طبقة أغنياء الفلاحين شريحة محدودة الفاعلية على الصعيد السياسي، وذلك ما يفسره تعايش الأنماط الهامشية مع النمط الأصلي الثابت، مما يعني أهالي تلك المناطق الأصليين، مع الموجات البدوية، وذلك ما أنتج الصراع الاجتماعي ولو بصورة مائعة لم يسفر في أحسن حالاته إلا عن إضعاف سائر القوى في القلب والتمهيد للقوى البدوية الرعوية الطرفدارية المتحزبة كي تقفز إليه وتستولي على السلطة قسراً لتكريس الإقطاعية العسكرية، لا سيما أن الإقطاعية ظهرت بواكيرها في فترة مبكرة في صدر الإسلام، وفي عهد الخليفة عثمان بن عفان على وجه التحديد، وذلك لأن الخليفة عمر بن الخطاب كان قد منع قادته والطبقة الارستقراطية العربية من العرب بتمليك الأراضي والإقطاعيات، كي لا ينشغلوا عن الجهاد.

كان ثمة احتكاك وتصادم دائم بين فكرة الإسلام الواحدة كما كانت تسوسها قریش، وبين نزعة القبيلة عند القبائل، حيث أن التيار الإسلامي سعى نحو توحيد الجزيرة العربية سياسياً ودينياً، بينما التيار القبلي كان يقاوم الاتجاه المركزي وسعى نحو استمرار التقاليد العربية على الرغم من اصطدامها أحياناً بالمبادئ واتجاهات الدين الإسلامي، بالتالي فإن وحدة القبائل أثناء خروج الجيوش الغازية بدأت بالتفكك خلال فترات الاستقرار النسبي بعد إخضاع الكثير من المناطق والأقاليم، وما كان يليها بروز الاختلافات سواء حول السلطة أو توزيع الغنائم والأعطيات، فالمجتمع العربي المسلم منذ بداية تكوينه وقع تحت نزاع محتم فيما يتعلق بازدواجية الولاء، حيث الولاء الديني الذي ينتمي لدار الإسلام والذي بقي ثابتاً على الرغم مما شابه من تأويلات المفاهيم بعيدة عن روح الإسلام، رسخت في أحيان كثيرة الأبعاد التفتيتية للمجتمع العربي المسلم، وينازعه ولاء عصبي قبلي، والذي لم تستطع العقيدة التي هي ركن أساسي في قيام الجماعة، وركن من أركان قيام الأمة الإسلامية، أن تجمع بين الاطراف المتنازعة، وتحول دون وقوع صدامات دموية بينهم، فالعقيدة نفسها أصبحت مصدراً للانقسام والتناحر، فضلاً عن تناثر القبائل العربية بين البلدان والمدن التي دخلوها سواء بين افراد القبيلة الواحدة أو القبائل ككل مما أدى إلى إضعاف التيار الديني بعد قرن من الزمن.

دعا الإسلام إلى الإخاء بين المسلمين كافة بصرف النظر عن العنصر واللون واللغة، وكان لا بد أن يؤدي ذلك إلى خلق بعض التوترات بين العرب، بكل نزوعهم البشري المفهوم إلى تنصيب أنفسهم أمة متميزة بوصفها الأمة الأولى التي شهدت مولد النبي، وجاءت بالخلاص للأخرين، وبين أقرانهم المسلمين الموالي في تلك الأراضي التي دخلوها، متحكمين في ذلك إلى نص وروح عقيدتهم القائمة على المساواة، تلك التوترات التي كانت في أساسها وجوهرها تنافساً قبائلياً أو عائلياً حتى داخل القبيلة الواحدة أيضاً، وذلك من خلال هياج العصبية القبلية وتناطح القبائل في بداية العصر الراشدي واستمرارها إلى العصر الأموي، ثم صارت تتمظهر بخلافات مذهبية وعداوات سياسية خصوصاً بعد الحروب التي حدثت بين أتباع الخليفة علي بن أبي طالب من جهة ومؤيدي معاوية بن أبي سفيان 41 - 60هـ / 661 - 680 م من جهة ثانية، وظهور حركة الخوارج كنقيض للطرفين إثر ذلك، ثم بعد ذلك بين مؤيدي الحسين بن علي ت 61هـ /860م من جهة، وأتباع الخليفة يزيد بن معاوية 60-680/ 564 - 683م من جهة أخرى، وما تلا ذلك من عداوات وحروب دامية استمرت لقرون، وذلك من خلال تحويل الصراعات الدنيوية إلى حروب أيديولوجية دينية، وهو نمط غدا أكثر بروزاً، وأيسر اتباعاً وأشد فتكاً في نتائجه بسبب عدم الفصل بين ما هو دين وما هو أفعال تنتج من الصراعات والنزعات، فأصبح هو التفسير السائد للإسلام.

مقالات مشابهة

  • "أمواج" تنضم إلى تحالف "أورا بلوكتشين" لترسي مفهومًا جديدًا للفخامة
  • لقاء للعلماء والخطباء في عمران لمناقشة المستجدات في ظل الجرائم الصهيونية في غزة
  • عمران .. لقاء للعلماء والخطباء يناقش المستجدات الراهنة في غزة
  • «الموارد البشرية» تشرح مفهوم الاتجار بالأشخاص وأشكاله
  • توفيق عكاشة: الصورة السلبية التي تُسوَّق عن الإسلام تعود إلى أفعال جماعات متطرفة
  • دينا أبو الخير: الاستئذان بين الأزواج أمر شرعي وواجب في الإسلام
  • الإبادة الصامتة في غزة.. غايتها محو فلسطين
  • العروبة المؤسِّسة.. كيف صاغ العرب مكانتهم العليا داخل الدولة الإسلامية المبكرة؟
  • الأوقات التي تُكرَه فيها الصلاة؟.. الإفتاء توضح
  • طوال العامين الماضيين ظللت أعتذر عن دعوات الزواج التي قدمت لي من الأهل والمعارف