هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT
تميزت مصر منذ القدم باهتمامها بالترفيه، حيث وثقت المعابد الفرعونية حفلات الموسيقى والغناء والأناشيد، واستخدم المصريون القدماء نهر النيل للتنزه والاستمتاع. وظل الترفيه وسيلة للتخفيف من صعوبات الحياة عبر العصور، رغم التحديات الاقتصادية والسياسية.
في العصر الحديث، تغيّر مفهوم الترفيه مع اختفاء الحدائق والمتنزهات العامة، لتحل محلها مراكز التسوق والمقاهي واللقاءات الافتراضية التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي.
من أجل الحفاظ على ما تبقى من التراث اللامادي في مصر، أطلَقت مبادرة "خزانة" المهتمة بتوثيق التراث اللامادي بمختلف أشكاله، برنامجها الجديد لتوثيق التراث الترفيهي في مصر، في مبادرة تعد الأولى من نوعها لتوثيق التاريخ الشِّفاهي عن أماكن الترفيه المختلفة في عدد من الأحياء المصرية باختلاف أماكنها وسمات سكانها.
اختارت مبادرة "خزانة" اسم "هَنا وسرور" لبرنامجها الجديد لتوثيق التراث الترفيهي في مصر، لما يحمله الاسم من ارتباط بفكرة الفرح والسعادة.
توضح المهندسة علياء نصار، منسقة البرنامج، أن الفكرة جاءت نتيجة غياب سبل الترفيه التقليدية، واقتصارها حاليًا على أماكن الطعام والتسوق، مما يعكس هيمنة الطابع المادي على حياة الناس وغياب المتعة البسيطة في الأماكن المفتوحة أو المخصصة للسمر.
وتشير علياء إلى أهمية التوثيق الشفاهي للتراث الترفيهي القديم، لكونه يبرز قيمة التراث اللامادي ويعزز قدرة المشاركين على توثيقه بأنفسهم. عبر ورش العمل، يتعلم المشاركون توثيق هذا التراث باستخدام مهاراتهم، سواء بالكتابة، القصّ، أو التمثيل، لإنتاج محتوى يعكس ما اكتسبوه خلال البرنامج.
ترفيه غائب
بدأت جولات برنامج "هنا وسرور" في توثيق تاريخ الترفيه من مناطق مثل الفجالة، شبرا مصر، ومنيل الروضة، حيث تحمل هذه الأماكن إرثًا غنيًا يعكس أوجه الترفيه المختلفة في الماضي.
الترفيه لم يقتصر على السينما والمسرح، بل شمل أيضًا كورنيش النيل، الحدائق العامة التي كانت تنتشر في الأحياء قبل اختفائها، أماكن السهر القديمة، والمسارح الصغيرة مثل تلك التي في كلوت بيه وشارع محمد علي. كما سلط البرنامج الضوء على أماكن الترفيه المخصصة للأجانب قديمًا مقارنة بتلك الخاصة بالمصريين، وقصص سكان الأحياء القديمة.
تميزت منطقة الفجالة، على سبيل المثال، بتاريخ حافل، إذ كانت تضم منازل لفنانين، وقربها من محطة رمسيس جعلها نقطة محورية للقادمين إلى القاهرة والمغادرين منها، مما أثرى تاريخها بروايات تستحق التوثيق.
قراءة في أماكن الترفيه في القاهرةقالت علياء نصار في حديثها لـ"الجزيرة نت"، "من ثمار برنامج (هنا وسرور) تقديم محاضرة حول أماكن التنزه للمصريين في مدينة القاهرة خلال فترة الخمسينيات والستينيات، وهي حقبة شهدت تحولات سياسية كبرى، من النظام الملكي إلى الجمهوري، وتحولات اجتماعية طُرحت خلالها قضايا جديدة مثل عمل المرأة".
وأضافت منسقة البرنامج "كانت تلك الفترة بداية لظهور التصوير في الشوارع والأماكن المفتوحة، مما أتاح للمخرجين فرصة استعراض أماكن التنزه في القاهرة. ومن أبرز هذه الأماكن التي ظهرت في الأفلام: الأهرامات، التي تصدرت كمكان عام للتنزه، تلاها نهر النيل، سواء من خلال المشي على الكورنيش، أو ركوب المراكب، أو ارتياد "كازينو" أو مطعم، بحسب الحالة المادية للشخصيات. كما شملت القائمة القناطر الخيرية وبرج القاهرة، إلى جانب شوارع مظللة كانت مثالية لتصوير أغاني الأفلام".
ليلة مع الأفراح المصريةفي فعالية أخرى أقامها مشروع هنا وسرور، تحكي نصار عن إعداد أمسية بمناسبة مرور سنة على بدء فعاليات مدرسة خزانة للتراث، وكانت تحتفي بالأفراح المصرية.
تقول نصار "تم تصميم ديكور المكان بالتفاصيل الخاصة بالأفراح مثل الفِراشة الأصلية المصنوعة من الخيامية وليست المطبوعة، أفرع النور، وبونبونيرة روميو وجولييت، وماكينة الخياطة ومجلات البوردا التي كانوا ينتقون منها فساتين الأفراح والسهرات".
وأقيم معرض خاص بالأفراح يؤرخ للفترة ما بين العشرينيات حتى التسعينيات، والمعرض كان بالتعاون مع مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة التابعة للجامعة الأميركية، و(فوتو مصر) التي قدمت صور أفراح كثيرة سواء في البيوت وفوق الأسطح أو صور الأستوديو، بالإضافة لمشاركات عامة من الناس، وفق علياء نصار منسقة "هنا وسرور".
تضمنت المعروضات فساتين أفراح وملابس سهرة حقيقية، ودفاتر مأذون من القرن التاسع عشر، ومجلات مختلفة بها موضوعات متعلقة بالأفراح، وشبكة عروس.
وتؤكد علياء نصار أن مشروع توثيق أماكن الترفيه سوف يتوسع ويشمل محافظات أخرى غير القاهرة، لكن بعد انتهاء مرحلته الأولى، خاصة أن القاهرة محافظة مترامية الأطراف وتضم الكثير من الأحياء التي تستحق أن يتم أرشفة تاريخها وحفظه.
التاريخ الشفاهي للمصريينتشير علياء نصار إلى أهمية ورش توثيق أماكن الترفيه في تقديم تاريخ مصر من زاوية مختلفة، مؤكدة نجاح إحدى ورش البرنامج في منطقة الفجالة، حيث أنتجت قصة قصيرة بعنوان "بطل الناس الغلابة" للكاتبة مريم عبد العزيز، إحدى المشاركات.
وترى نصار أن أهمية المشروع قد لا تبدو واضحة الآن، لكنها ستصبح مع الزمن من أبرز الوثائق التي تسجل جوانب من حياة المصريين لا توثقها كتب التاريخ التقليدية. وتستشهد بكتاب المقريزي عن مصر القديمة، الذي لا يزال مرجعا أساسيا حتى اليوم، وكتاب "بعض مما جرى في برّ مصر" للكاتب يوسف الشريف، الذي وثق الحياة الاجتماعية والثقافية في مصر من الثلاثينيات إلى السبعينيات، متناولا مشاهد من قلب القاهرة، قصص المقاهي، الفنانين.
تؤكد علياء أن التوثيق الشفاهي هو ما أبقى هذه الحكايات حية، وتتطلع إلى تحويل منجزات مشروع "هنا وسرور" إلى كتاب يروي قصة القاهرة التي عرفت معنى الترفيه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات التراث اللامادی أماکن الترفیه فی مصر
إقرأ أيضاً:
الهلال الأحمر يرصد أماكن التضرر من السيول بالإسكندرية
قام الهلال الأحمر المصري بالدفع بفرق الاستجابة للسيول في محافظة الإسكندرية للمساندة في سحب السيارات وإنقاذ العالقين، جراء موجة طقس غير مستقرة اصطحبت أمطار رعدية غزيرة، ورياح قوية تجاوزت سرعتها 50 كم/ساعة، في الساعات الأولى من صباح اليوم.
وذكر الهلال الأحمر - في بيان اليوم - أنه قام برصد المناطق المتضررة بناءً على رصد البلاغات الواردة عبر منصات التواصل الاجتماعي وما تقلته غرفة العمليات المركزية وفرع الهلال بالإسكندرية من بلاغات، هي: العجمي، البيطاش، الهانوفيل، حيث شهدت تراكم كثيف لمياه الأمطار أدى إلى تعطيل حركة المرور، بالإضافة إلى تسرب المياه إلى عدد من المنازل الأرضية.
كما شهدت مناطق سموحة، فلمنج، مصطفى كامل، هطول أمطار غزيرة منذ الصباح الباكر، أدت إلى تجمعات مائية حول عدد من المدارس والمستشفيات، ما استدعى تحويلات مرورية مؤقتة، بنفقي كليوباترا والشاطبي.
وتسببت الأمطار الغزيرة في انقطاع مؤقت للتيار الكهربائي لمدة ساعة تقريبًا، وتمت إعادة تشغيله تدريجيًا، في منطقة محرم بك، كرموز، بالإضافة إلى مناطق الدخيلة، العامرية، برج العرب طبقًا لبلاغات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كما أدت السيول إلى تضرر عدد من المحال التجارية والممتلكات نتيجة السيول، وتسجيل حالات عزلة جزئية لبعض المواطنين داخل منازلهم، كما تأثرت عشرات المحال التجارية والمقاهي بتسربات المياه، مما تسبب في تلفيات جزئية بالأثاث والمعدات.
وفي سياق متصل، تأثرت منازل بعض أسر محدودي الدخل ذات الدخل المحدود نتيجة تسرب المياه إلى أماكن سكن غير مهيأة أو عشوائية، تعطل حركة المرور في عدد من الشوارع الرئيسية بسبب تجمع المياه، وجود حاجة ملحة لدعم إنساني ومساعدات طوارئ في بعض المناطق العشوائية والريفية.
يذكر أن غرفة العمليات المركزية بالهلال الأحمر المصري، رصدت في الثامنة صباح يوم أمس الجمعة، بدء تأثير المنخفض الجوي على سواحل الإسكندرية، على الفور، تم إبلاغ فرع الهلال الأحمر بالإسكندرية برفع درجة الاستعداد القصوى، وإعداد الفرق الميدانية والطواقم الطبية والخدمية للتدخل السريع.
ثم قام الهلال الأحمر بالمتابعة الميدانية المستمرة مع الجهات المحلية المعنية (الدفاع المدني، شركات المياه والصرف، المرور، الصحة) لرصد تطورات الحالة، وتفعيل آليات الدعم اللوجستي، ووضع خطة طوارئ شاملة لتغطية مختلف المناطق المتضررة.