سودانايل:
2025-06-18@04:12:44 GMT

دعم اليسار للإخوان – وقود استمرار الحرب

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

الحرب التي أشعلها فلول النظام البائد ضد قوات الدعم السريع، كشفت عن المحطة الأخيرة التي وصلت اليها الأحزاب السودانية يمينها ويسارها، في الاستهبال والانتهازية والمركزية، وفضحت زيف هذه الأحزاب الرافعة للأعلام والشعارات المطالبة برد الظلم وإقامة العدل، سواء عن طريق تطبيق (الشريعة الإسلامية) أو انصاف الكادحين بتبني الانحياز لطبقة البوليتارية، وما ظل يقول به الضليعون في الشأن السياسي السوداني، من أن الهرم الفوقي لجميع الأحزاب متجانس مع بعضه ومتوافق، ومتبادل لأدوار تمثيلية حكومة - معارضة - انقلاب عسكري ملفوظ ظاهرياً، لكنه مدعوم سرياً، مثلما قال مهندس حرب أبريل علي كرتي عن المرحوم زعيم حزب الأمة، أيام سطوة حزب المؤتمر الوطني – الاخوان المسلمين، وقتها قال كرتي أن أمثال المرحوم حفيد المهدي كانوا يأتونهم ليلاً لأخذ (علوق شدتهم)، ثم يلعنونهم في صباح اليوم التالي، وكانت العلاقة بين حزب الأمة والجبهة الإسلامية – الاخوان، معلومة لكل السودانيين، إلّا الذين في عيونهم رمد وبقلوبهم مرض، فقد نشأت جبهة الميثاق الإسلامي – الاخوان، تحت كنف زعيم الأنصار عبر المصاهرة التي جمعت عدد من رموز الحزبين، وعلى رأسهم شيخ الاخوان وإمامهم، إلى هنا هذه العلاقة (مبلوعة)، لكن ما لم يكن متوقعاً هو اصطفاف اليسار – شيوعيين وبعثيين مع كتائب البراء بن مالك الإخوانية، والصدمة الأكبر أن ينتحر جهابذة اليسار من أمثال الدكتورين عبد الله علي إبراهيم ومحمد جلال هاشم ورفيقهما الواثق وآخرون، على تخوم المعركة التي أشعلها فلول نظام الاخوان البائد، أي أن التمثيلية الأخيرة في عرضها الختامي جمعت علي كرتي ومحمد جلال هاشم في فريق واحد، وبذا أضاءت الحرب عن الدهليز المظلم الذي كان يجتمع داخله الترابي ونقد والصادق ومدثر.


المحصلة النهائية هي الحرب، والسودانيون مصدومون، بانقشاع الحقيقة، التي كانت مخبأة خلف عدسة الكاميرا (الحفية)، فالكل عاش حقب كثيرة آمن فيها بالوطن الواحد، ووثق في النخبة التي ما بخلت فأنشدت: يا منقو قل لا عاش من يفصلنا، لكن وللأسف، نفس اليساريين الذين تبنى شعراؤهم الأهازيج الوطنية الوحدوية الصادقة، انزلقوا نحو الاصطفاف مع الاخوان الذين أذاقوهم مر العذاب، وجرّعوهم السم الزعاف، فاجتمعت الأضداد، واختلط الزيت بالماء، مخالفاً لجميع قوانين الكيمياء، هذا الخليط المدهش أورثنا وطناً ممزقاً، عبر مسلسل المهزلة السياسية الفوضوية التي استمرت سبعة عقود، ساقت الدولة لحتفها، والمنظرون اليساريون واليمينيون يهربون من فيل المشكلة الوطنية، ليطعنوا ظله، فكما تساءل قائد التحرير في خطابه الشهير (ما دمتم جميعكم لا تريدون اتفاق الإطار لم أشعلتم الحرب؟)، وبعد أن أوشكت الحرب على بلوغ عامها الثاني، ما زالت الزيجة الجامعة للإخوان والشيوعيين والبعثيين وأحزاب الأمة والاتحادي، تخاتل وتخادع، وتعد الناس بأن حملها سيضع مولوداً يحيل الأرض الى مروج وحدائق غناء، ويطرد (الأشرار) من أرض (الأطهار)، وما يزال الحلم طفل يحبو، وما فتئ تحالف (الكفر والإيمان) يمني الشعب بقرب حسم المعركة، التي أخرجت رأس الحيّة ولأول مرة من جحره وحصنه الحصين، وقذفت به خارج أسوار الحاضرة، إنّ التضاد لا ينتج محصلة منطقية، وغالباً ما يجئ بمولود شائه لا يقوى على الوقوف على قدمين، كما هو حاصل الآن من نهايات مؤسفة لسباق طويل السنين، انتهى بفناء الجميع، وضياعهم وهم هائمين على وجوههم في بلدان بعيدة حدودها خط الأفق، فحينما ترى شيوخ في خريف العمر يتوعدون الناس بطول أمد الحرب، تأكد أن الفاجعة أعظم من أن يتحملها القلب.
أخيراً اصطدمت النظرية المترفة لأحزاب المركز بالانحياز الجهوي، وباح الكبار بما كان مسكوت عنه، ومكنون في الصدور، وباركوا خيار الانقسام، لعل هذا الانشطار يضع حدوداً للقادمين من وراء السهول والغابات، أين ذهب المشروع الوطني الوحدوي القومي؟ لقد ذهب تحت أقدام الداعمين لعروض مسرحية الرجل الواحد، التي تماهى ممثلوها مع عصا الجبروت القائل: لا أريكم إلّا ما أرى، فالشخصية السودانية وخصائصها الذاتية لعبت الدور الأكبر فيما نحن فيه من حرب ضروس، هذه الخصائص في حقيقتها مناقص، أهمها التساهل في الشأن الوطني، وترك المسئولية الفردية لرائد الجماعة، والاتكالية في عمومها، كلها أدت لتراكم الدين (بفتح الدال) الواقع على الفرد والمجتمع، الدين الذي تعاظم فانفجر حرباً لا تبقي ولا تذر، الأمر الذي دفع من هم على مشهد ديوان الحكم، ليمارسوا لعبة تبادل الكراسي بين اليسار الخبيث واليمين المفسد لمؤسسات الحكم، في سبيل ضمان استمرار دوران الدورة الخبيثة لترسيخ أساب الملك العضوض، فلو أن اليسار السوداني الطوباوي استمسك بعناده المعلوم، ولم يهادن، لكان اليوم ليس هو يوم الحرب الكارثية، التي أكلت الأخضر واليابس، والتي ما زالت ألسنة لهبها تلتهم الجميع دونما فرز أو تمييز، إن عارنا الوطني الكبير الذي لحق بأيقونات اليسار التي هتفت بميدان اعتصام القيادة، ووعدت بتفكيك طوبة السودان بكل حسن للنيّة، وهي تعني إعادة بناءه مرة أخرى، الآن تنكص هذه الأيقونات عن التفكيك الإيجابي المستأصل لسرطان الإخوان، التفكيك المؤسس للوطن الجديد، فشنت حملات إعلامية مضللة وصارخة ضد التفكيك الذي يجريه قائد التحرير الآن، إنّ ما فعلته هذه الأيقونات يعتبر ردة فكرية، لا تفسير لها سوى أن اليمين واليسار لا يريدان تغييراً جذرياً، بأياد غير أياديهما، وأخيراً لا عزاء للوطن الجريح ولا بواكي على المواطن الذي تذروه الريح.

إسماعيل عبد الله

ismeel1@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

لميس الحديدى: مواقف ترامب من الحرب بين إيران وإسرائيل متأرجحة

قالت الإعلامية لميس الحديدي أن الأخطار تتزايد مع استمرار التصعيد في المنطقة بين إيران وإسرائيل،فالصين اعلنت الدعم الكامل لإيران ومن قبلها باكستان، ثم سيناريوهات استمرار استهداف المنشآت النووية، لأن رئيس وزراء الاحتلال قال إنه لن يوقف الحرب إلا بعد التأكد من القضاء على المشروع النووي الإيراني.


وأضافت، خلال تقديمها برنامج "كلمة أخيرة" على شاشة ON: هذا يعني توقف نظام التبريد وتسرب الوقود، وأثر ذلك قد يمتد أرضاً وبراً وبحراً وجواً، مما يؤدي لتلوث بيئي، وهو أثر ليس لحظياً بل يظهر مع الوقت ويتفاعل في الهواء والأرض عبر الأراضي الزراعية، وهذا لا يؤثر على إيران فقط بل على كل الدول المجاورة.


وأوضحت الحديدي أن استمرار استهداف المنشآت النفطية، يعني تلوثاً بيئياً أيضاً، فضلاً عن ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي وسلاسل الإمداد وحدوث خلل اقتصادي واسع.

الرئيس الأمريكي ترامبلميس الحديدى: اليوم الثالث.. هو الأعنف في الحرب الإيرانية الإسرائيليةلميس الحديدي: إسرائيل عاشت ليلة من الرعب بسبب صواريخ إيرانلميس الحديدي تحذّر: تصعيد الخلاف بين الأهلاوية والزملكاوية يهدّد الرياضة المصريةبعد وفاة سميحة أيوب.. لميس الحديدي تبكي على الهواء


وعن مواقف الرئيس الأمريكي ترامب فقد وصفتها الحديدي بأنها متأرجحة، قائلة: تراه يقول إن أمريكا ليست متورطة في الصراع، ثم يقول قد تتدخل لدعم إسرائيل عبر إنهاء البرنامج النووي الإيراني، ثم يقول في مرة ثالثة إن كثيراً من الاتصالات والاجتماعات تجري بغية إحلال السلام، وأنه سيجعل الشرق الأوسط عظيماً مجدداً.


وأضافت: مواقف غير واضحة وغير مفهومة تتغير مع تغير التطورات كل يوم، وتساءلت: لا أدري أي شرق أوسط عظيم يريده الرئيس الأمريكي الذي منذ اليوم الأول من وصوله للسلطة يقول إنه رجل سلام، ثم يدفع بخطط التهجير، ثم تجويع الفلسطينيين، ثم تحويل غزة في مشروع ريفيرا وتوزيع مساعدات عنصرية، وأخيراً حرب إيرانية إسرائيلية بلا داعي من أجل فقط إخضاع طهران لمطالب رئيس وزراء الاحتلال ليبقى في مقعده.

طباعة شارك لميس الحديدى اخبار التوك شو صدى البلد إيران

مقالات مشابهة

  • نتيجة الحرب بين إسرائيل وإيران.. انخفاض في أعداد السفن التي تمر عبر مضيق هرمز
  • ما خيارات العراق في ظل استمرار الحرب بين طهران وتل أبيب؟
  • كاتب صحفي: قافلة الصمود سياسية وليست إنسانية.. وهدفها إحراج مصر
  • جولد بيليون: الذهب يستقر رغم استمرار الحرب الإيرانية الإسرائيلية
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • فدرالية اليسار : إيران تتعرض لعدوان غاشم يحاول نهب خيراتها
  • لبنان بين تحديات الأمن الوطني وحركة الملاحة الجوية
  • ما الذي ينبغي على واشنطن فعله لنزع فتيل الحرب بين طهران وتل أبيب؟
  • لميس الحديدى: مواقف ترامب من الحرب بين إيران وإسرائيل متأرجحة
  • بعد قليل.. استكمال محاكمة 70 متهمًا في قضية اللجان الإدارية للإخوان