لجريدة عمان:
2025-05-09@09:56:21 GMT

طولبنا في السويد بالاستعداد للحرب

تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

لا يشتهر السويديون عامة بالذعر أو المبالغة في رد الفعل، لكن الكثيرون منا يشعرون بشيء من الصدمة بعد أن وجدنا قريبا على عتبات بيوتنا كتيبا على غلافه جندي يرتدي الزي المموه ويحمل مدفعا رشاشا بينما تمرق في سماء الخلفية طائرة مقاتلة.

يحمل الكتيب الحكومي عنوان «في حالة الأزمة أو الحرب»، وقد تم إرساله إلى كل بيت في السويد مع تصاعد خطر الهجوم الروسي، وهذه إشارة إلى بداية عصر جديد في بلدنا، وهي رسالة سوداء حول تهديدات الحرب أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة.

يرد في الكتاب أنه «إذا ما تعرضت السويد لهجوم، فعلى كل امرئ أن يقوم بواجبه دفاعا عن استقلال السويد، وعن ديمقراطيتنا. إننا نؤسس قوتنا كل يوم، بالتعاون مع أحبائنا وزملائنا وأصدقائنا وجيراننا».

على مدى أكثر من قرنين حافظت السويد على اتباع سياسة عدم الانحياز العسكري، ولكنها انضمت في مطلع العام الحالي إلى حلف شمال الأطلسي وجاء إصدار الكتيب رد فعل على ذلك.

الكتاب من تأليف هيئة الطوارئ المدنية السويدية المسؤولة عن التعامل مع إدارة الطوارئ والأمن العام والدفاع المدني، وتضم كل من صفحات الكتاب الثلاثين نصائح عملية في حالة وقوع حرب أو كارثة، ويحتوي الكتيب على قائمة مرجعية بالأشياء التي يجب توافرها في البيت، من قبيل مياه شرب تكفي لمدة أسبوع (ثلاثة لترات ماء للفرد) في حاويات تخزين، وملابس دافئة وأغطية، وأطعمة للبشر والحيوانات الأليفة غير قابلة للتلف، ومذياع لا يعتمد على العمل بالكهرباء الأساسية. كما يسرد أماكن اللجوء في حالة وقوع غارة جوية، من قبيل الأقبية، ومواقف السيارات دون الأرضية، ومحطات قطارات الأنفاق، وأنواع صافرات الإنذار المختلفة التي يجب الاستماع إليها للتعرف على مستوى الحالة الطارئة.

لكن الرسالة التي يبلغها الكتاب في المقام الرئيسي للمواطنين هي الاستعداد لأوقات عصيبة، فيقول لهم عمليا لا تسألوا عما يمكن أن يفعله البلد من أجلكم وإنما عما يمكن أن تفعلوه أنتم من أجل البلد.

أصابت رسالة الكتاب المقبضة بعض جيراننا الأوروبيين بالذهول إذ لا يزال هؤلاء يعرفون السويد في المقام الرئيسي بوصفها بلدا معروفا منذ قرون بالحياد والسلام. فنشرت مجلة (لو بوان) الإخبارية الفرنسية خبر صدور الكتيب في صدر موقعها الإلكتروني، مبرزة التناقض بين لغته الصارخة وصورة السويد الباقية بوصفها دولة مسالمة، في حين زعمت صحيفة تابلويد بريطانية أن رسالة الحكومة ـ بجانب تعليمات مماثلة بشأن التعامل مع حالات الطوارئ صدرت أخيرا في النرويج وفنلندا ـ قد أثارت «الذعر» في أنحاء أوروبا، وهذه مبالغة عبثية.

لا يتمثل التحدي الذي يواجه حكومة السويد في أن المواطنين قد يصابون بالذعر، ولكن في أن كثيرا من المواطنين فقدوا إحساس الواجب المدني في بلد يتعاظم فيه الإحساس بالفردية.

قال كارل أوسكار بوهلين، وزير الدفاع المدني المسؤول عن الكتيب في مقابلة أجريت معه أخيرا «لو تعاملتم بجدية مع ما يرد في هذا الكتاب، فقد قمتم بعمل تضامني مع بلدكم».

منذ عقود كثيرة، ابتعدت السويد تدريجيا عن هذه النوعية بالذات من أفكار التضامن والتضحية بالنفس من أجل المنفعة العامة. وبدلا من ذلك، روجت الحكومات السويدية لمجتمع أكثر فردية وتمركزا حول الذات، وروجت سرديات النجاح الشخصي بدلا من قوة الأمة.

يقول توربيورن نيلسون المؤلف المشارك لكتاب «عاليا فوق البحار» الذي قوبل بنجاح نقدي كبير وتناول عضوية السويد للناتو إن «طموح تهيئة الجميع للحرب يتعارض مع المثل الفردية التي سيطرت على السياسة السويدية خلال السنوات الأربعين الماضية. لقد ابتعدنا كثيرا عن تلك الروح المثالية التي ترى الجميع في قارب واحد».

يشير توربيورن نيلسون إلى أنه فيما بعد الحرب الروسية الأوكرانية سنة 2022، قد اقترحت نيامكو سابوني، زعيمة (الحزب الليبرالي) المنتمي إلى يمين الوسط آنذاك والوزيرة السابقة في الحكومة اليمينية، اقترحت الهرب من البلد إذا ما غزته روسيا. وفي حوار مصور قالت سابوني «إذا ما ساء الأمر، سنسوق سياراتنا إلى النرويج».

اضطرت نيامكو سابوني إلى ترك وظيفتها بعيد رواج تصريحاتها تلك، لكن لعل تلك التصريحات قد أوجزت إحساسا مشتركا بصفة عامة في السويد، حيث لم تعد لفكرة التضحية الشخصية من أجل هدف مشترك شعبية كبيرة.

منذ ضم روسيا للقرم في عام 2014، أثارت أصوات كثيرة في مؤسسة الأمن الوطني السويدي مخاوف من أوجه عجز في الدفاع المدني، ونتيجة لذلك، أعيدت في عام 2017 الخدمة العسكرية الإلزامية للرجال والنساء المولودين في عام 1999 أو بعده.

لكن عقودا من التقشف وإلغاء القيود التنظيمية لا تزال تجعل السويد مفتقرة إلى الجاهزية والبنية الأساسية المدنية. فعلى سبيل المثال، ثمة آلاف العمارات السكنية في السويد كانت تابعة للقطاع العام ذات يوم وهي اليوم مملوكة ملكية خاصة، وتحولت ملاجئ الغارات فيها إلى شقق أو صالات رياضية تحت الأرض لتعظيم الأرباح.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تبعث فيها الحكومة السويدية كتيبات «الاستعداد للحرب». فقد ظهرت نسخة أقصر في عام 2018، وتعرضت آنذاك لانتقاد شديد باعتبارها رسالة مثيرة للذعر تخيف الأطفال، لكنها تبدو بعد ست سنوات وكأنها كانت مطلعة على الغيب. فقد أدى وباء عالمي إلى مصرع الملايين، وتصاعدت وتيرة الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي تصاعدا كبيرا، وما من نهاية في الأفق لغزو روسيا الغاشم لأوكرانيا. وفي مطلع نوفمبر، انتخبت الولايات المتحدة رئيسا صديقا لبوتن، في تزامن حرج مع انضمام السويد إلى الناتو.

شهدت السويد سلسلة تحولات أيديولوجية على مدار نصف القرن الماضي. وهي تميل إلى التنقل، بوصفها بلدا موحدا، بين العقائد السياسية. ففي السبعينيات أرادت السويد أن تصبح البلد الأكثر ديمقراطية اجتماعية في العالم، ونجحت في ذلك إلى حد ما. وفي كتاب صدر أخيرا، وصف الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي السويد في عام 1980 بأنها كانت نموذجا لديمقراطية المساواة.

في التسعينيات جنحت السويد سريعة إلى إصلاحات السوق الحرة وإلغاء القواعد التنظيمية والخصخصة، وفي العقد الماضي تبنى البلد القومية الاستبدادية. ولا ينطبق هذا على الائتلاف اليميني الحاكم وحده، ولكنه يشمل الديمقراطيين الاجتماعيين الذين يحاولون بشكل متزايد تقليد حزبهم الدنماركي الشقيق من خلال تبنيهم موقفا صارما من الهجرة والجريمة.

لكن مشكلة الحكومة في محاولتها زيادة الوعي بالمخاطر التي نواجهها وتأسيس الدفاع المدني المحلي هي أن موجة القومية في السويد لا تترجم بالضرورة إلى وطنية أو تضامن مدني.

يحمل الكتيب الحكومي الجديد رسالة عاجلة وكثيرا ما يستخدم بلاغة وينستون تشرشل وجون كينيدي في إبلاغها. فيرد فيه «إننا نعيش عصر اضطراب، تدور فيه صراعات مسلحة في ركننا من العالم. والإرهاب والهجمات السيبرانية وحملات التضليل تستعمل لهدمنا والتأثير علينا... ومن أجل مقاومة هذه التهديدات، علينا أن نتحد».

لكن المشكلة هي أن المواطنين السويديين قد لا يكونون بعد مهتمين اهتماما خاصا بالوحدة أو التضامن.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی السوید فی عام من أجل

إقرأ أيضاً:

جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب تستعيد نصوصاً قديمة عن مآسي العهد البائد

دمشق-سانا

شكلت الجلسة الأولى لجمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب العرب بعد إعادة هيكلته فرصة للأدباء لقراءة قصصهم التي تناولت المآسي التي تجرّعها السوريون في زمن العهد البائد.

وتنوعت هذه القصص في مضامينها وأساليبها، حيث قرأ الأديب أسامة آغا قصة بعنوان “اجتياح” تتحدث عن شخص من حلب يتخيل أنه يهرب من الواقع المرير المفروض على المدينة في تلك الحقبة، بينما تحدثت القصة التي قرأها الأديب منصور حاتم بعنوان “حقيقة موت عطا” عن شخص يهرب إلى لبنان من وطأة الحرب، فيما قرأ القاص خلف الزرور قصة بعنوان “حقيقة موت عطش السايق”، وتناولت مأساة إنسان عجز عن مد العون لأهالي بلدته عندما استبيحت كرامتهم على يد الأجهزة الأمنية، زمن النظام البائد.

وبين رئيس جمعية القصة والرواية عماد نداف في تصريح لـ سانا أنه تم خلال الجلسة أيضاً رفع توصية للاتحاد تتعلق بحصر موافقة النشر للاتحاد من دون الحاجة لوزارة الإعلام، وإعادة دراسة الكتاب الذين رفض انتسابهم لاتحاد الكتاب السابق، رغم أن لديهم عملين أدبيين منشورين.

ولفت إلى أن هناك توصية أخرى بتبني الاتحاد لنشر النصوص التي كانت تمنع سابقاً، وتناولت مأساة الإنسان السوري في المرحلة السابقة.

كما تحدثت الأديبة فدوى عبود عن تجربتها في الأدب وفي لجان التحكيم، وأشارت إلى مقومات القصة الحديثة، ودعت إلى إطلاق مسابقة أدبية تخلد أسماء السوريين الراحلين الذين ناصروا الثورة، أمثال فدوى سليمان ومحمد فارس.

وفي مداخلات بعد الانتهاء من قراءة القصص دعا عدد من الحضور إلى تطوير اتحاد الكتاب حيث بين المسرحي داوود أبو شقرة أنه مع عقد أي مؤتمر استثنائي جديد لاتحاد الكتاب، وأن تثبيت أي زميل جديد يجب أن يكون وفق معايير واضحة يقرها الاتحاد.

بينما دعا الأديب سامر منصور إلى ما سمّاه لمّ شمل ثقافي قبل عقد المؤتمر الاستثنائي، إضافة إلى ضرورة الاهتمام بالنصوص التي لم تكن تنشر سابقاً.

اتحاد الكتاب 2025-05-08Zeinaسابق أكثر من 22800 طفل يستفيدون من حملة تعزيز اللقاح الروتيني في السويداء انظر ايضاً نشأة المسرح العربي… محاضرة في فرع حمص لاتحاد الكتاب

حمص-سانا قدم الكاتب المسرحي تمام العواني لمحة موجزة عن تجارب المسرحيين الكبار في سورية ومصر …

آخر الأخبار 2025-05-08أكثر من 22800 طفل يستفيدون من حملة تعزيز اللقاح الروتيني في السويداء 2025-05-08وزير الاقتصاد والصناعة لـ سانا.. نعمل على نموذج اقتصادي يلائم ‏سوريا الجديدة ومصلحة شعبها 2025-05-08تفقد سير الامتحانات في الثانوية الزراعية والبيطرية بحمص 2025-05-08وزير الأوقاف يبحث مع القائم بأعمال سفارة أذربيجان تعزيز التعاون في ‏الشؤون الإسلامية 2025-05-08وزير المالية: نشكر قطر على المنحة الكريمة المقدمة لتسديد جزء من فاتورة الأجور والرواتب الحالية والبالغة 29 مليون دولار أمريكي شهرياً 2025-05-07غرفة تجارة دمشق تبحث فرص التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية (‏IFC‏) ‏لتعزيز الاستثمار ودور القطاع الخاص في سوريا 2025-05-07الرئيس الشرع خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي: لا مبرر لبقاء العقوبات بعد إسقاط النظام.. ماكرون: فرنسا ستساعد في رفعها 2025-05-07بحث سبل تعزيز التعاون في مجال النقل البري بين سوريا والأردن والعراق 2025-05-07وزير الإعلام يبحث مع وزير التنمية الإدارية وصحفيين وفنانين تطوير ‏المؤسسات الإعلامية ودور الفن في المجتمع‏ 2025-05-07وزارة التنمية الإدارية تنظم ورشة تدريبية لتعزيز التنظيم المؤسسي ‏

صور من سورية منوعات تطبيق موبايل يوصل صوت الصم للحصول على خدمات الإسعاف 2025-04-27 صفائح لعضلة القلب من الخلايا الجذعية… خطوة نحو العلاج الأول من نوعه في العالم 2025-04-17فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • صيف سياسي ساخن بساحل العاج.. قلق من العودة للحرب الأهلية
  • شارع المتنبي.. مخاوف الأفول بضياع الكتاب والقارئ ومكتبات خجولة في القيصيرات
  • أدنى معدل خصوبة منذ 1749.. السويد تعيش أزمة نمو ديمغرافي
  • جمعية القصة والرواية في اتحاد الكتاب تستعيد نصوصاً قديمة عن مآسي العهد البائد
  • لجنة كفرحزير البيئية في رسالة الى أبناء البلد: ليكن وفاؤنا لأهلنا وترابنا
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة رقم [180]
  • إقبال على الكتاب الفلسطيني في المعرض الدولي للكتاب بالرباط
  • كبسولات في عين العاصفة : رسالة [179]
  • وزير الاستثمار يبحث مع سفير السويد مناقشة ترتيبات تنظيم منتدى الأعمال المصري السويدي
  • في حضرة الكتاب