أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن الموقف الأخير للخارجية الفرنسية بشأن مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت يمثل تراجعا خطيرا عن التزاماتها القانونية الدولية، وإخلالا بمبادئ العدالة الدولية.

وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية كشفت، أمس الأربعاء، أن ادعاء فرنسا امتلاك نتنياهو "حصانة" من الاعتقال كان مرتبطا بموافقة تل أبيب على دور للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسار التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية -تعليقا على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف نتنياهو- إن "حصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية تنطبق على نتنياهو والوزراء الآخرين"، مشيرة إلى أنه سيتعين أخذها في الاعتبار إذا طلبت المحكمة الجنائية الدولية اعتقالهم.

وأكد الخبراء أن إعلان الخارجية الفرنسية احتفاظها بحق مراعاة "حصانات الدول غير الأطراف" في المحكمة الجنائية الدولية يمثل تفسيرا خاطئا للقانون الدولي، حيث أوضح الخبير القانوني بيير إيمانويل أن "فرنسا صادقت على نظام روما الأساسي، وأن الحصانات المذكورة للمسؤولين الحكوميين لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من ممارسة مهامها تجاه المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".

قرار غامض

واعتبر الباحث الأول بمعهد السياسة العالمية، جاك رولاند، -خلال برنامج "مسار الأحداث"- أن هذا الموقف الفرنسي يأتي في إطار محاولة باريس للبقاء ضمن المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، مشيرا إلى أن "نتنياهو لا يحبذ الموقف الفرنسي ولديه تحفظات بشأنه، ولم يكن يريد انخراط فرنسا في هذه المفاوضات".

وأوضح أن "هذا القرار الغامض والذي يبتعد عن القانون الدولي هو من بين التنازلات التي قدمتها فرنسا لكي تبقى في اللعبة السياسية التفاوضية بخصوص لبنان، ولكي يقبل نتنياهو بوجودها، باعتبار فرنسا دولة حامية للبنان ومهتمة به".

ومن جانبه، أشار الباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر إلى أن "فرنسا تواطأت في هذا الموقف وأخلت بمصداقيتها في محاولة لتبييض صفحة إسرائيل"، مضيفا أن "هذا يمثل تحديا لنظام شاركت أوروبا ذاتها في تأسيسه، وهو نظام روما".

وحول تأثير الموقف الفرنسي على الدول الأوروبية الأخرى، أوضح شاكر أن هناك "كتلة من الدول المتماسكة في موقفها والملتزمة بالقانون الدولي مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا وسلوفينيا"، في حين أن دولا أخرى مثل ألمانيا اتخذت مواقف ملتبسة.

وفي السياق الإسرائيلي، أوضح المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن "إسرائيل باتت أكثر عجزا عن المناورة أمام الجانب الأميركي"، مشيرا إلى أن "هناك الكثير من الأدوات غير المباشرة التي تستطيع الولايات المتحدة استعمالها لإخضاع إسرائيل".

وحول مساعي إسرائيل لاستئناف قرار المحكمة الجنائية الدولية، أكد الخبير القانوني إيمانويل أن "مذكرتي التوقيف غير خاضعتين للتفاوض ويجب تنفيذهما بشكل عملي"، موضحا أن "المحكمة الجنائية الدولية هي التي تحكم على المسؤولين، وعليهم الرد وإثبات براءتهم أمامها".

محاولة تقويض المحكمة

ويرى جبارين أن إسرائيل "تحاول تأكيد مفهوم التصرف المطلق، وأنها تستطيع القيام بكل ما تريد دون حسيب أو رقيب"، محذرا من أن "فشل الاستئناف قد يدفع إسرائيل إلى محاولة تقويض عمل المحكمة من خلال العمل في المنطقة الرمادية الاستخباراتية".

وأشار الخبراء إلى أن العلاقات الفرنسية الإسرائيلية تتقاطع في مجالات عدة، منها شمال أفريقيا والقطاع الاقتصادي والاستثمارات والمجال الاستخباراتي، بالإضافة إلى الموقف من إيران، مما يجعل باريس حريصة على عدم إغضاب تل أبيب.

كما اتفق الخبراء على أن الموقف الفرنسي يمثل تراجعا خطيرا عن التزامات فرنسا بالقانون الدولي، ويسهم في إضعاف مصداقية المؤسسات الدولية وتقويض جهود تحقيق العدالة في جرائم الحرب.

وحذروا من أن هذا الموقف قد يشجع دولا أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة، مما يهدد النظام القانوني الدولي برمته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة الموقف الفرنسی إلى أن

إقرأ أيضاً:

هجوم جديد من أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو



نقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، مساء السبت قوله، إن حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

والأسبوع الماضي، قال أولمرت، إن "إسرائيل"، ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة، وما يجري هناك لن ينقذ الأسرى أو "يحقق أي مصلحة وطنية".

وأضاف أولمرت في تصريحات لإذاعة "أن بي آر"، أن دعوة وزراء في حكومة نتنياهو، لإبادة سكان  غزة، وتجويعهم، هي دعوة لجريمة حرب، وحدث ذلك دون تعليق من نتنياهو على تصريحات وزرائه.

كما شدد على أن توسيع العدوان على القطاع، "لن يحقق أي غرض عسكري، وكلنا على يقين تام بأنه لا يوجد أي هدف يمكن تحقيقه يبرر الاستمرار في هذه العملية، أو توسيعها".

ووصف أولمرت حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال، في قطاع غزة "بالعبثية وبلا أهداف".

وأشار إلى أن الحرب، "يجري شنها عمدا للتهرب من إنهائها، والهروب من محاولة إنقاذ الأسرى، وأكثر من ألف من كبار العسكريين يرون ضرورة وقفها على الفور لأنها بلا جدوى".

وأضاف أولمرت: "هذه حرب بلا هدف، حرب بلا أمل في تحقيق أي شيء يمكن أن ينقذ أرواح الرهائن".

وتابع: "الظاهر للحرب هو أن آلاف الفلسطينيين الأبرياء يقتلون، بالإضافة إلى العديد من الجنود الإسرائيليين"، معتبرا أن "ما يحدث أمر مشين".

وقال رئيس حكومة الاحتلال الأسبق: "نحن نحارب حماس، ولسنا في حرب ضد المدنيين الأبرياء، وهذا يجب أن يكون واضحا".



وتسببت عمليات القصف و الاستهدافات المتواصلة التي تنفذها قوات الاحتلال، في استشهاد وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين السبت، في مناطق متفرقة من قطاع غزة.
 
وأفادت مصادر طبية باستشهاد 7 فلسطينيين عقب غارة إسرائيلية على منزل يؤوي نازحين غرب مدينة غزة شمال القطاع.

كما وصل جثماني شهيدين من عائلة صبح إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة، عقب قصف مدفعي إسرائيلي استهدف مجموعة من المواطنين في حي "الصفطاوي" شمال المدينة، وفق المصادر نفسها.

وفي قصف آخر، استشهد 3 فلسطينيين في غارة إسرائيلية استهدفت تجمعا للمواطنين في منطقة أبو شرخ غرب مخيّم جباليا شمال غزة.

ووسط القطاع، استشهد 3 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف جرّار مياه تابع لبلدية مخيم البريج.

وجنوب القطاع، قالت مصادر طبية أخرى إن 4 فلسطينيين من عائلة واحدة، استشهدوا جراء قصف إسرائيلي لخيمة نازحين في منطقة المواصي غرب مدينة خا يونس.

وفي قصف إسرائيلي استهدف منزلا بمحيط محطة المجايدة بمنطقة المواصي، استشهد 3 فلسطينيين، بينهم طفل، وأصيب آخرين، بحسب المصادر.

كما استشهد فلسطيني وأصيب أكثر من 30 آخرين، جراء قصف مسيرة إسرائيلية خيمة نازحين في منطقة "أصداء" شمال غرب مدينة خانيونس، فيما تحدثت مصادر طبية عن استشهاد طفلة وسقوط عدد من الإصابات في قصف مسيرة إسرائيلية منطقة بئر زنون غرب المدينة.

بدورها، أعلنت وزارة الصحة في غزة السبت، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 54 ألفا و772، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 125 ألفا و834، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.

مقالات مشابهة

  • معلومات حصرية عن تهديد بريطاني سابق موجه إلى الجنائية الدولية
  • للمرة الـ38.. نتنياهو يمثل أمام المحكمة للرد على تهم فساد
  • اللجنة الدولية لكسر حصار غزة: إسرائيل دولة مجرمي حرب
  • نتنياهو يمثل اليوم للمرة الـ38 أمام المحكمة للرد على تهم فساد
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يمثل أمام المحكمة المركزية بتل أبيب
  • مفاجأة من المحكمة الدولية في شكوي بيراميدز ضد الأهلي
  • هجوم جديد من أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • ألمانيا والنرويج تعلقان على فرض عقوبات أمريكية على الجنائية الدولية
  • فرنسا تعلن تضامنها مع المحكمة الجنائية الدولية
  • انزعاج أممي بالغ إزاء فرض عقوبات على أربع من قاضيات المحكمة الجنائية الدولية