خبراء: تراجع فرنسا عن تسليم نتنياهو للجنائية الدولية رضوخ للضغوط وتقويض للعدالة
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
أجمع خبراء ومحللون سياسيون على أن الموقف الأخير للخارجية الفرنسية بشأن مذكرتي الاعتقال الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت يمثل تراجعا خطيرا عن التزاماتها القانونية الدولية، وإخلالا بمبادئ العدالة الدولية.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية كشفت، أمس الأربعاء، أن ادعاء فرنسا امتلاك نتنياهو "حصانة" من الاعتقال كان مرتبطا بموافقة تل أبيب على دور للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسار التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية -تعليقا على مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف نتنياهو- إن "حصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية تنطبق على نتنياهو والوزراء الآخرين"، مشيرة إلى أنه سيتعين أخذها في الاعتبار إذا طلبت المحكمة الجنائية الدولية اعتقالهم.
وأكد الخبراء أن إعلان الخارجية الفرنسية احتفاظها بحق مراعاة "حصانات الدول غير الأطراف" في المحكمة الجنائية الدولية يمثل تفسيرا خاطئا للقانون الدولي، حيث أوضح الخبير القانوني بيير إيمانويل أن "فرنسا صادقت على نظام روما الأساسي، وأن الحصانات المذكورة للمسؤولين الحكوميين لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من ممارسة مهامها تجاه المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية".
قرار غامض
واعتبر الباحث الأول بمعهد السياسة العالمية، جاك رولاند، -خلال برنامج "مسار الأحداث"- أن هذا الموقف الفرنسي يأتي في إطار محاولة باريس للبقاء ضمن المفاوضات الجارية بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، مشيرا إلى أن "نتنياهو لا يحبذ الموقف الفرنسي ولديه تحفظات بشأنه، ولم يكن يريد انخراط فرنسا في هذه المفاوضات".
وأوضح أن "هذا القرار الغامض والذي يبتعد عن القانون الدولي هو من بين التنازلات التي قدمتها فرنسا لكي تبقى في اللعبة السياسية التفاوضية بخصوص لبنان، ولكي يقبل نتنياهو بوجودها، باعتبار فرنسا دولة حامية للبنان ومهتمة به".
ومن جانبه، أشار الباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر إلى أن "فرنسا تواطأت في هذا الموقف وأخلت بمصداقيتها في محاولة لتبييض صفحة إسرائيل"، مضيفا أن "هذا يمثل تحديا لنظام شاركت أوروبا ذاتها في تأسيسه، وهو نظام روما".
وحول تأثير الموقف الفرنسي على الدول الأوروبية الأخرى، أوضح شاكر أن هناك "كتلة من الدول المتماسكة في موقفها والملتزمة بالقانون الدولي مثل إسبانيا وأيرلندا وبلجيكا وسلوفينيا"، في حين أن دولا أخرى مثل ألمانيا اتخذت مواقف ملتبسة.
وفي السياق الإسرائيلي، أوضح المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين أن "إسرائيل باتت أكثر عجزا عن المناورة أمام الجانب الأميركي"، مشيرا إلى أن "هناك الكثير من الأدوات غير المباشرة التي تستطيع الولايات المتحدة استعمالها لإخضاع إسرائيل".
وحول مساعي إسرائيل لاستئناف قرار المحكمة الجنائية الدولية، أكد الخبير القانوني إيمانويل أن "مذكرتي التوقيف غير خاضعتين للتفاوض ويجب تنفيذهما بشكل عملي"، موضحا أن "المحكمة الجنائية الدولية هي التي تحكم على المسؤولين، وعليهم الرد وإثبات براءتهم أمامها".
محاولة تقويض المحكمة
ويرى جبارين أن إسرائيل "تحاول تأكيد مفهوم التصرف المطلق، وأنها تستطيع القيام بكل ما تريد دون حسيب أو رقيب"، محذرا من أن "فشل الاستئناف قد يدفع إسرائيل إلى محاولة تقويض عمل المحكمة من خلال العمل في المنطقة الرمادية الاستخباراتية".
وأشار الخبراء إلى أن العلاقات الفرنسية الإسرائيلية تتقاطع في مجالات عدة، منها شمال أفريقيا والقطاع الاقتصادي والاستثمارات والمجال الاستخباراتي، بالإضافة إلى الموقف من إيران، مما يجعل باريس حريصة على عدم إغضاب تل أبيب.
كما اتفق الخبراء على أن الموقف الفرنسي يمثل تراجعا خطيرا عن التزامات فرنسا بالقانون الدولي، ويسهم في إضعاف مصداقية المؤسسات الدولية وتقويض جهود تحقيق العدالة في جرائم الحرب.
وحذروا من أن هذا الموقف قد يشجع دولا أخرى على اتخاذ مواقف مماثلة، مما يهدد النظام القانوني الدولي برمته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة الجنائیة الدولیة الموقف الفرنسی إلى أن
إقرأ أيضاً:
فرنسا تخفض سعر الفائدة على حسابات التوفير إلى 1.7% وسط تراجع التضخم
أعلنت الحكومة الفرنسية، اليوم ، خفض سعر الفائدة على حساب التوفير المعروف لدى الفرنسيين باسم "ليفري أ"إلى 1.7%، بعد أن كان مستقرًا عند 2.4% منذ فبراير 2023.
و يُعد حساب التوفير "ليفري أ" من أبرز أدوات الادخار لدى الأسر الفرنسية، ويستفيد منه أكثر من 55 مليون شخص في البلاد، وتجاوزت الأصول المودعة فيه 600 مليار يورو خلال النصف الأول من عام 2025، ما يجعله أحد الأعمدة الرئيسية للادخار الوطني، وكذلك أحد الموارد المالية الحيوية لتمويل مشاريع الإسكان الاجتماعي في فرنسا، عبر الصندوق العام للإيداع .
وأفادت وزارة الاقتصاد الفرنسية بأن القرار "يعكس تراجع معدل التضخم إلى ما دون 2%، وهو ما يُبرر مراجعة سعر الفائدة تماشيًا مع الصيغة التنظيمية التي تراعي مؤشرات السوق وتوجهات البنك المركزي الأوروبي".
وأضافت الوزارة أن هذا التخفيض "يسهم أيضًا في تقليص تكلفة التمويل الموجه للبلديات والهيئات المعنية ببناء السكن الاجتماعي، وهو ما يدعم السياسات العامة في مجال الإسكان المستدام".
وصرّحت ماري لوران، الناطقة باسم جمعية “UFC-Que Choisir” لحماية المستهلك، بأن القرار "يضرب مباشرة فئة واسعة من المدخرين من ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على حساب التوفير كملاذ آمن".
وأضافت: "رغم أنه يبقى حسابًا معفيًا من الضرائب، إلا أن العائد الحقيقي يصبح سلبيًا عندما يكون التضخم قريبًا من 2% أو أعلى، ما يُفقد الادخار قيمته على المدى المتوسط".
ومن المرتقب أن يُعاد تقييم سعر الفائدة على حساب التوفير في بداية فبراير 2026، إلا إذا شهد الاقتصاد الوطني أو الأوروبي صدمات مالية أو ارتفاعًا مفاجئًا في معدلات التضخم خلال الأشهر المقبلة.
في غضون ذلك، يبقى حساب التوفير "ليفري أ" الشهير في فرنسا، أداة ادخار جذابة بفضل مرونته، وسهولة فتحه، وغياب أي ضريبة مفروضة على عوائده، حتى وإن تراجعت جاذبيته من حيث الربحية الخالصة.