من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. عالم توم وجيري
تاريخ النشر: 2nd, December 2024 GMT
#عالم_توم_وجيري
من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي
نشر بتاريخ .. 19 / 12 / 2017
في الآونة الأخيرة صرت ألوذ بأفلام الكرتون أكثر من أي وقت مضى، أمسك بـ»الريموت» أقلب قنوات الأطفال حتى أسمع موسيقى مسلسلي المفضّل.. أحاول تجاوز تأفف الأولاد وتذمّرهم من «نكوصي» العمري، بابتسامة طفيفة ثم أضع غطائي على ظهري واندس بينهم.
.
كل شيء في تلفزيوناتنا العربية صار يرعبني؛ الشريط العاجل نهر من دماء، والشاشات مكتظة بالخلاف والانقسام والحروب، والتسويق الحكومي لغد أفضل لا يأتي، فليل الأنظمة طويل طويل، والتجويع الشعبي جارٍ على قدم وساق، والمستقبل لا أستطيع أن أرى منه شيئاً سوى «البوسترات» ومعاهد التدريب والقنوات كلها تنتحل هذا الاسم الوهمي.. لذا أطفأت الطوابق العلوية من التفكير، ورجعت الى الطابق الطفولي الأرضي.. اشتري «مصاص» و»شيبس» واتابع توم وجيري بمنتهى السعادة والاهتمام.. وفي وقت الفراغ أعمل حلقة رقص مع أولادي ونغني ماما وبابا يحبوني…
مقالات ذات صلة طهبوب .. لم يبقَ ضرائب تفرضها الحكومة الا على الكحل في العين 2024/12/02لماذا توم وجيري؟ لأن خصامهم راقِ، منافستهم شريفة، ومقالبهم بريئة، وعندما تنتهي الحلقة تنتهي القصة، وعندما تنتهي القصة تنتهي الحلقة هما خصمان واضحان لا يدخلان على الخط خصوماً آخرين، في اكثر الحلقات قسوة لا يسيل الا الكريما او الجلي بعد معركة أمام الثلاجة أو على المائدة المعّدة للضيوف..
في أخبارنا السياسية خصامنا لئيم، منافستنا قاتلة، ومقالبنا السياسية مميتة، عندما تنتهي النشرة تبدأ القصة، وعندما تبدأ القصة تشتعل النشرة، في السياسة الأطراف كثيرة والخصومة موزعة، وفي أقل الحروب قسوة لا يسيل الا الدم والدمع وخيم اللجوء، تشعر بعد أن تسمع أزيز الرصاصة الذي سجّلته كاميرا المراسل التلفزيوني أنها كادت تقتلك.. واذا بقيت تتفرّج بنفس النهم والهم والتعب العربي، حتماً سوف تقتلك..
لأجل ذلك قررت الانسحاب باكراً، وقررت الانضمام الى معسكر توم وجيري، احضر اجتماعاتهما، أتابع مطارداتهما، استفيد من مواجهاتهما، تخدرني موسيقى الحلقات الصامتة، اضحك واضحك، يثقل جفني شيئاً فشيئاً.. أنام قرب أولادي وبيدي قطعة تفّاح على شكل هلال.. وعندما أصحوا صباحاً… أصحو من غير أن أحمل ضغينة على أحد…!
لقد أتعبنا الموت المباشر حتى صودرت حياتنا..!!
#154يوما
#الحرية_لاحمد_حسن_الزعبي
#أحمد_حسن_الزعبي
#كفى_سجنا_لكاتب_الأردن
#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحرية لاحمد حسن الزعبي أحمد حسن الزعبی توم وجیری
إقرأ أيضاً:
إدارة الديون في عالم شديد التغير
من أهم ما أثير في المؤتمر الأخير لتمويل التنمية المستدامة الذي عُقد في مدينة إشبيلية الإسبانية الشهر الماضي قضية المديونية الدولية؛ التي كانت تعد أزمة صامتة يعاني من تبعاتها كثير من البلدان النامية. فنصف البلدان منخفضة الدخل إما تعاني بالفعل من ضوائق المديونية الخارجية، وإما تزداد أخطار تعرضها لمحنة سداد مديونيات تتجاوز طاقتها على السداد. ففي السنوات السبع الأخيرة ارتفعت تكلفة خدمة ديون البلدان ذات الأسواق الناشئة بمتوسط سنوي زاد على 12 في المائة سنوياً، بما يتجاوز ضعف متوسط نمو صادراتها والتحويلات القادمة إليها.
ويعيش اليوم أكثر من 3.3 مليار إنسان في بلدان يتجاوز ما تنفقه على فوائد القروض ما تنفقه على التعليم أو الرعاية الصحية، وفي حالات كثيرة ما تنفقه عليهما مجتمعيْن. فأي مستقبل ينتظر هذه البلدان وقد تجنبت أزمة التخلف عن سداد ديونها في وقوعها بتخلفها عن التنمية؟
وفي هذه الأزمة الصامتة، يتستر المدين بالتقشف في الإنفاق العام على أولويات رئيسية، ويعتصره لسداد فوائد الديون وأقساطها؛ ولا يريد أن يبوح بتكلفة أزمته ليستمر في استقدام مزيد من القروض الجديدة، التي يوجه جُلَّها لتمويل أقساط قروض قديمة. والدائن صامت ما دامت تدفقت أقساط السداد في مواقيتها، وإن هي تخلفت فقد استعد لها بمخصصات مناسبة فلن يعضله تأخرها، كما أن الدائن؛ مستفيداً من خبرات أزمات سابقة، تحوَّط برفعٍ مبالَغٍ فيه لتكلفة الإقراض الذي يقدمه لهذه البلدان لتعويض ما يعده من مخاطر التعثر.
وبين صمت المدين خشيةَ الحرمان من مزيد من الديون، واطمئنان الدائن على أوضاع مديونياته، انتهى الأمر إلى أن صافي التدفقات للبلدان النامية صار سالباً، إذ تجاوز ما تسدده هذه البلدان لدائنيها كل ما يتدفق منهم بمقدار 25 مليار دولار في عام 2024.
وتزداد تحديات سداد الديون، ومعها زيادة احتمالات التخلف عن السداد، مع ارتفاع تكلفة التمويل من ناحية، وتقلبات أسعار الصرف، وتراجع متوسط معدلات النمو الاقتصادي للبلدان النامية خلال السنوات الخمس الماضية إلى نحو 3.7 في المائة، وهو الأدنى على مدار ثلاثة عقود.
وكما أوضحت في المقال السابق، فقد نظم المقرضون تجمعاتهم وأحسنوا تنسيق مواقفهم، ومن أفضل ترتيباتهم ما كان في إطار نادي باريس الذي تطور على مدار العقود السبعة الماضية. وافتقر المقترضون لمثل هذا الترتيب بينهم رغم محاولات لم تحظَ بالتوفيق، إما لمناصبتها المعوقات من خارجها، وإما لافتقارها لأصول التنسيق المؤسسي والمثابرة داخلها.
وقد امتدت المطالبات بتأسيس تجمع للمقترضين بأهداف مختلفة، كان منها ما اقتُرح منذ عامين للبلدان الأفريقية للتنسيق بينها، وتبادل المعلومات، وتحسين الشروط التفاوضية والتعاقدية بتدعيم كفة المدين مقابل كفة الدائن التي لطالما رجحت فرصها، خصوصاً في إطار ترتيبات للمؤسسات المالية الدولية جعلتها منذ نشأتها تميل موضوعياً وعملياً تجاه البلدان الدائنة صاحبة الغلبة في رؤوس أموالها، ومقاليد حوكمتها.
كما كان من الأهداف المقترحة أن يتجاوز دور هذا التجمع المقترح للمقترضين مواضيع مثل التعاون الفني والتنسيق وتبادل المعلومات إلى الاقتراض الجماعي. بما يذكِّرك بنموذج بنك «غرامين» في بنغلاديش المتخصص في القروض الصغيرة، من خلال تجميع ذوي الدخول الأقل معاً ليشكِّلوا كتلة متماسكة يدعم بعضها بعضاً فتقلل تكلفة الاقتراض بتخفيضها مخاطر التعثر. كما تستند هذه الفكرة إلى ما شرحه الاقتصادي جوزيف ستيغليتز الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد بمفهوم «رقابة النظراء»، أي قيام مجموعات متماثلة من المقترضين بمتابعة سلوكها وأدائها في التمويل والاقتراض والسداد فيما بينها لتقليل مخاطر عدم السداد بما يخفض التكلفة، ويحسِّن شروط التمويل عملياً.
وإن كانت هذه الفكرة قد وجدت فرصاً في النجاح في تمويل الأفراد على النحو الذي صار في تجربة بنك «غرامين» فإن صعوبات جمَّة تعترضها في حالة الاقتراض الجماعي لبلدان متفرقة كل منها ذات سيادة. قد تتبادر إلى الذهن حالة الاقتراض الجماعي للاتحاد الأوروبي بعد أزمة «كورونا»؛ للتعافي من آثارها الاقتصادية والاجتماعية، من خلال إصدار سندات بين عامي 2021 و2026 بمقدار 800 مليار يورو بضمان والتزام بالسداد من خلال موازنة الاتحاد الأوروبي لصالح أعضائه، بزيادة متفق عليها في إيراداتها لهذا الغرض حتى تمام السداد في عام 2058.
هذه الفكرة شديدة الطموح وتتجاوز الترتيبات المؤسسية وحدود التعاون القائمة للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، فأمام البلدان الأفريقية أشواط تجتازها للتوصل إلى مستوى تعاون فعلي واندماج اقتصادي ومالي يسمح لها بالتمويل الجماعي من خلال سندات أو ترتيبات ائتمانية مشتركة. ولكن ما لا يؤخذ كله لا يُترك جُلُّه، كما تذهب القاعدة المتعارف عليها. وما يجب ألا يُترك في هذه الحالة هو تأسيس تجمع، فلنطلق عليه نادي الجنوب، يكون منصة للبلدان المقترضة بتصنيفاتها، كمقابل لنادي باريس للبلدان الدائنة.
آخذين في الاعتبار أن نادي الجنوب ليس نادياً لمواجهة دول الشمال أو الغرب. فساحة الديون قد تبدلت ولم تعد القروض الثنائية لدول نادي باريس كما كانت من حيث النسبة والتأثير، خصوصاً مع ازدياد دور دائني القطاع الخاص والصين ودول أخرى ذات أسواق ناشئة ومرتفعة الدخل من غير الأعضاء في نادي باريس.
وتبرز أسئلة ملحَّة عن أولويات عمل «نادي الجنوب» ومؤسسيه، وحوكمته وإدارته، وعلاقته بالمؤسسات المالية والمنظمات الدولية وتكلفة أعماله، ومن يتحملها، وضمانات نجاحه، وسبل تقييم أدائه. ويتناول المقال القادم محاولة الإجابة عن هذه الأسئلة.
الشرق الأوسط