لجريدة عمان:
2025-05-28@07:11:15 GMT

هكذا ترى إيران طريق السلام

تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

في الثلاثين من يوليو، أدى مسعود بيزيشكيان اليمين الدستورية رئيسًا جديدًا لإيران. وبعد ساعات قليلة من الحفل، اغتيل إسماعيل هنية، رئيس الوزراء السابق للسلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على يد إسرائيل في دار ضيافة بالقرب من المجمع الرئاسي. كان هنية قد تلقى دعوة لحضور حفل التنصيب، فألقى مقتله على الأراضي الإيرانية بظلال على الإجراءات.

كما ألقى الضوء على التحديات التي سيواجهها بزشكيان في مساعيه إلى طموحاته في السياسة الخارجية.

لكن بزشكيان مهيأ تهيئة جيدة للتعامل مع كل الصعوبات التي ستنشأ على مدى السنوات القادمة. إذ يدرك بزشكيان أن العالم ينتقل إلى عصر ما بعد القطبية حيث يمكن للجهات الفاعلة العالمية أن تتعاون وأن تتنافس في وقت واحد عبر مجالات مختلفة. وقد تبنى سياسة خارجية مرنة، تعلي الأولوية للمشاركة الدبلوماسية والحوار البنّاء بدلا من الاعتماد على نماذج عفى عليها الزمن. ورؤيته لأمن إيران رؤية شاملة، تحتوي على قدرات الدفاع التقليدية وعلى تعزيز الأمن البشري من خلال تحسينات في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

يريد بيزيشكيان الاستقرار والتنمية الاقتصادية في الشرق الأوسط. ويريد التعاون مع البلاد العربية المجاورة وتعزيز العلاقات مع حلفاء إيران. لكنه يريد أيضًا الانخراط بشكل بناء مع الغرب. وحكومته مستعدة لإدارة التوترات مع الولايات المتحدة، التي انتخبت هي الأخرى رئيسًا جديدًا للتو. ويأمل بيزيشكيان في مفاوضات ندية في ما يتعلق بالاتفاق النووي - وربما ما هو أكثر.

غير أن إيران ـ كما أوضح بيزيشكيان ـ لن تستسلم لأي مطالب غير معقولة. وسوف تقف دائما في وجه العدوان الإسرائيلي. ولن تتراجع عن حماية مصالحها الوطنية.

السياسة شأن محلي

تمثل اللحظة الراهنة لحظة تاريخية للاستقرار لا ينبغي أن يفلتها العالم. ومؤكد أن طهران لن تفعل ذلك. فبعد أكثر من قرنين من الضعف، أثبتت إيران أخيرا -بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي- أنها قادرة على الدفاع عن نفسها ضد أي عدوان خارجي. وللمضي بهذا الإنجاز إلى المستوى التالي، تخطط إيران، في ظل إدارتها الجديدة، لتحسين العلاقات مع الدول المجاورة للمساعدة في إيجاد نظام إقليمي يعزز الاستقرار والثروة والأمن. لقد عانت منطقتنا لفترة طويلة للغاية من التدخل الأجنبي والحروب والصراعات الطائفية والإرهاب والاتجار بالمخدرات وندرة المياه وأزمات اللاجئين والتدهور البيئي. ولمعالجة هذه التحديات، سنعمل على متابعة التكامل الاقتصادي وأمن الطاقة وحرية الملاحة وحماية البيئة والحوار بين الأديان.

وفي نهاية المطاف، قد تؤدي هذه الجهود إلى ترتيب إقليمي جديد يقلل من اعتماد الخليج العربي على القوى الخارجية ويشجع أصحاب المصلحة على معالجة النزاعات من خلال آليات حل النزاعات. ومن أجل ذلك، قد تسعى دول المنطقة إلى إبرام معاهدات وإنشاء مؤسسات وتشريع سياسات وتمرير تدابير تشريعية. ويمكن أن تبدأ إيران وجيرانها بمحاكاة عملية هلسنكي، التي أدت إلى تشكيل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وبوسع هذه الدول أن تستعمل التفويض الذي لم ينفذ قط، والذي منحه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للأمين العام للأمم المتحدة في عام 1987 بموجب القرار 598. وقد دعا هذا القرار، الذي أنهى الحرب بين إيران والعراق، الأمين العام إلى التشاور مع إيران والعراق ودول أخرى في المنطقة لاستكشاف تدابير من شأنها أن تعزز الأمن والاستقرار في الخليج العربي. وتعتقد إدارة بيزيشكيان أن هذا البند يمكن أن يمثل أساسًا قانونيًا لمحادثات إقليمية شاملة.

وبالطبع ثمة عقبات لا بد أن تتغلب عليها إيران وجيرانها لتعزيز نظام إقليمي سلمي متكامل. فبعض الخلافات مع الجيران لها أصول عميقة الجذور، وتنجم عن تفسيرات متباينة للتاريخ. وثمة خلافات أخرى تنشأ عن مفاهيم خاطئة، ترجع في الأساس إلى ضعف أو عدم كفاية الاتصالات. ولكن هناك خلافات أخرى هي تصورات سياسية زرعتها قوى خارجية، من قبيل الادعاءات المتعلقة بطبيعة وهدف البرنامج النووي الإيراني.

لكن على الخليج العربي أن يمضي قدما. فرؤية إيران تتوافق مع مصالح البلاد العربية، الراغبة جميعا، هي الأخرى، في مزيد من الاستقرار والازدهار في المنطقة من أجل الأجيال القادمة. ومن ثم، ينبغي لإيران والعالم العربي أن يتمكنا من تجاوز خلافاتهما. وقد يساعد دعم إيران للمقاومة الفلسطينية في تحفيز هذا التعاون. فالعالم العربي، في نهاية المطاف، متحد مع إيران في دعمها لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني.

إعادة الضبط

بعد أكثر من عشرين عاما من القيود الاقتصادية، يجب أن تدرك الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون أن إيران لا تستجيب للضغوط. فقد كانت تدابيرهم القسرية المتزايدة تأتي بنتائج عكسية باستمرار. ففي ذروة حملة واشنطن الأخيرة للضغوط القصوى -وبعد أيام قليلة من اغتيال إسرائيل للعالم النووي الإيراني الرائد محسن فخري زاده- أقر البرلمان الإيراني قانونا يوجه الحكومة إلى سرعة التقدم في برنامجها النووي والحد من المراقبة الدولية. لقد زاد عدد أجهزة الطرد المركزي في إيران بشكل كبير منذ عام 2018 -عندما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي- وارتفعت مستويات التخصيب ارتفاعا صاروخيا من 3.5٪ إلى أكثر من 60٪. ويصعب أن نتخيل أن أيا من هذا كان ليحدث لو لم يتخلَ الغرب عن نهجه التعاوني. وفي هذا الصدد، فإن ترامب، الذي سيتولى منصبه مرة أخرى في يناير، وشركاء واشنطن في أوروبا لا ينبغي أن يلوموا إلا أنفسهم لاستمرار تقدم إيران النووي.

بدلا من زيادة الضغط على إيران، يجب أن يسعى الغرب إلى حلول إيجابية. ويمثل الاتفاق النووي مثالا فريدا، وينبغي أن يتطلع الغرب إلى إحيائه. ولكن من أجل القيام بذلك، يجب عليه اتخاذ إجراءات ملموسة وعملية -منها تدابير سياسية وتشريعية واستثمارية ذات منفعة متبادلة- لضمان أن تستفيد إيران اقتصاديا من الاتفاق، وفقًا للوعد. وإذا ما قرر ترامب اتخاذ مثل هذه الخطوات، فإن إيران على استعداد لإجراء حوار من شأنه أن يفيد طهران وواشنطن.

وعلى نطاق أوسع، ينبغي أن يعترف صناع السياسات الغربيون بأن الاستراتيجيات الرامية إلى تحريض إيران والدول العربية ضد بعضها بعضا من خلال دعم مبادرات من قبيل ما يسمى بالاتفاقيات الإبراهيمية (التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل) أثبتت عدم فعاليتها في الماضي ولن تنجح في المستقبل. فلا بد للغرب من نهج أكثر إيجابية - نهج يستغل الثقة التي اكتسبتها إيران بشق الأنفس، ويتقبل إيران بوصفها جزءًا لا يتجزأ من الاستقرار الإقليمي، ويسعى إلى حلول تعاونية للتحديات المشتركة. وقد تدفع مثل هذه التحديات المشتركة طهران وواشنطن إلى الانخراط في إدارة الصراع بدلا من التصعيد المتوالي. والواقع أن جميع البلاد، ومنها إيران والولايات المتحدة، لديها مصلحة مشتركة في معالجة الأسباب الكامنة وراء الاضطرابات الإقليمية.

يعني ذلك أن جميع البلاد لديها مصلحة في وقف الاحتلال الإسرائيلي. فينبغي أن تدرك أن القتال والغضب سوف يستمران إلى أن ينتهي الاحتلال. وقد تعتقد إسرائيل أنها قادرة على تحقيق الانتصار الدائم على الفلسطينيين، ولكنها لا تستطيع، لأن شعبًا ليس لديه ما يخسره هو شعب لا يمكن هزيمته. والمنظمات من قبيل حزب الله وحماس حركات تحرير شعبية نشأت ردا على الاحتلال، وسوف تستمر في الاضطلاع بدور مهم ما دامت الظروف الكامنة وراء ذلك قائمة - أي إلى أن يتحقق للفلسطينيين حق تقرير المصير. ومن الممكن أن تكون هناك خطوات وسطى، منها وقف إطلاق النار الفوري في لبنان وغزة.

تستطيع إيران أن تستمر في لعب دور بناء في إنهاء الكابوس الإنساني الحالي في غزة، وأن تعمل مع المجتمع الدولي للتوصل إلى حل دائم وديمقراطي للصراع. وسوف توافق إيران على أي حل يقبله الفلسطينيون، ولكن حكومتنا تعتقد أن أفضل وسيلة للخروج من هذه المحنة التي دامت قرنا من الزمان تتمثل في إجراء استفتاء يتمكن فيه كل من يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط -من مسلمين ومسيحيين ويهود- والفلسطينيون الذين طردوا إلى الشتات في القرن العشرين (مع ذريتهم) من تحديد نظام حكم قابل للاستمرار في المستقبل. ويتسق هذا مع القانون الدولي، ومن شأنه أن يبني على النجاح الذي حققته جنوب إفريقيا، حيث تحول نظام فصل عنصري إلى دولة ديمقراطية قابلة للاستمرار.

بوسع المشاركة البناءة مع إيران، إلى جانب الالتزام بالدبلوماسية المتعددة الأطراف، أن تساعد في بناء إطار أمن واستقرار عالميين في الخليج العربي. وبوسعه أن يعمل بالتالي على الحد من التوترات وتعزيز الرخاء والتنمية في المدى البعيد. ولهذا التحول أهمية بالغة في التغلب على الصراعات الراسخة. ورغم ثقة إيران اليوم من قدرتها على القتال دفاعا عن نفسها، فهي راغبة في السلام، وعازمة على بناء مستقبل أفضل. ويمكن أن تكون إيران شريكًا قادرًا وراغبًا، ما قامت شراكاتها على الاحترام المتبادل والندية. فلا ينبغي أن نفلت هذه الفرصة في بداية جديدة.

محمد جواد ظريف أستاذ مشارك للدراسات العالمية في جامعة طهران. كان نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية منذ أغسطس 2024. ومن عام 2013 إلى عام 2021، شغل منصب وزير خارجية إيران. وكان كبير المفاوضين النوويين لإيران من عام 2013 إلى عام 2015 وسفيرها لدى الأمم المتحدة من عام 2002 إلى عام 2007.

خدمة فورين أفيرز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الخلیج العربی ینبغی أن

إقرأ أيضاً:

ترامب يرفض فكرة أن تكون الحرب خيار بوتين ونتنياهو الوحيد

حظي بنيامين نتنياهو وفلاديمير بوتين بثرثرة هاتفية ودية في مطلع الشهر الجاري بمناسبة الذكرى الثمانين لهزيمة ألمانيا النازية. وبين القائدين الإسرائيلي والروسي مشتركات كثيرة. فكلاهما يزعم أنه لا يزال ببسالة يحارب النازيين في غزة وأوكرانيا على الترتيب. ويجري استعمال هذا الوهم لتبرير القتل الجماعي للمدنيين ومفاقمة خسائر القوات والتكاليف الباهظة المدفوعة من الاقتصاد والسمعة. ولعل ذلك الوهم هو الذي يساعدهما على النوم ليلا.

بيبي وفلاد هما أكثر رجلين مطلوبين في العالم، ولعلهما الأكثر ازدراء.

ينكر نتنياهو وحلفاؤه في اليمين المتطرف على الفلسطينيين حق إقامة دولة مستقلة، وهو الحق الذي أكده مؤسسو دولة إسرائيل. وبالمثل، يرفض بوتين واقع أوكرانيا بوصفها بلدا مستقلا. وكلاهما يطرح رؤى توسُّعية مشيحانية، فهي رؤية إسرائيل الكبرى لأحدهما ورؤية بعث الإمبراطورية السوفييتية للآخر. وتقوم كلتا الرؤيتين على عقلية عنصرية قومية متطرفة.

يتنبأ زعماء أوروبا بأن بوتين- ما لم يلق جزاءه- سوف يدير فوهة سلاحه عليهم في نهاية المطاف. أما نتنياهو فقد وسّع حرب غزة بالفعل إلى لبنان واليمن وسوريا. وتشير تقارير مخابراتية أمريكية حديثة إلى أنه يستعد لضرب إيران، راجيا من ذلك إفشال المحادثات النووية الجارية بين واشنطن وطهران.

ولكن ثمة تشابها عميقا بين الرجلين يعجز عن إدراكه صناع السلام المحتملون، وبخاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهو أنه ليس بين الاثنين من يريد فعلا سلاما دائما. فالحرب المستمرة هي خيارهما الأمثل، ووضعهما الأساسي. وكلاهما يعتمد في بقائه على العنف. وهما يعلمان أنهما في حال توقف القتال سوف يواجهان حسابا قد يجهز عليهما.

فما الذي سوف يقوله الناس في روستوف-نا-دونو، أو أومسك، أو نيجني نوفجورود حينما يرجع آلاف المحاربين ويتكلمون عما جرى في الجبهة؟ وكم يحتمل أن يطول بقاء بوتين حينما تبدأ النخب الروسية في حصر التكلفة الاقتصادية والاجتماعية المذهلة لمقامرته الفاشلة؟ وعندما يتحقق السلام، سوف يواجه نتنياهو الانتخابات، والهزيمة المحتملة. وقد يعقبها الحبس بسبب مزاعم الرشوة والفساد. وسوف تطالب المحكمة الجنائية الدولية أخيرا بتسليمهما.

ولذلك فإنهما يخافان من السلام. ولذلك السبب فإن الإصرار الدولي المستمر على إنهاء الحربين، بدعم من زيادة المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا وتشديد العقوبات والضغط الدبلوماسي على حكومة إسرائيل، هما السبيل إلى إزاحة اثنين من أشد أشرار زماننا هذا شرا. فلا عجب في أن الاثنين، اللذين ترجع العلاقة ـ المتوترة في بعض الأحيان ـ بينهما إلى عقدين من الزمن، قد تبادلا «التهنئات الحارة» عبر الهاتف. فكل منهما الآن بحاجة إلى الآخر.

ولعلهما تناقشا في سبل الانتصار على منتقديهما من أمثال كير ستارمر، فذلك ما حاوله نتنياهو بشدة الأسبوع الماضي. فنتنياهو يظن أن أعمال حماس في السابع من أكتوبر سنة 2023 تعني أن له الحرية في أن يفعل أي شيء يشاء، حتى لو تنافى مع الشرعية والأخلاق. وهو مخطئ فيما يتصوره. ولعله هو وبوتين قد تبادلا النصائح بشأن التلاعب بترامب، بالإطراء والخداع، فهذه لعبة يبرع فيها كلاهما.

يمثل ثلاثي نتنياهو وبوتين وترامب هذا، بالتضليل والخداع والتآمر، عقبة كبيرة في وجه السلام على جميع الأصعدة اليوم. فالفوضى السياسية التي اتسمت بها ولاية ترامب الأولى تبلغ الآن في ولايته الثانية مستويات جديدة وخطيرة من التناقض. ولو كان مقدورا للحربين أن تضعا أوزارهما، ولعهد نتنياهو وبوتين أن يبلغ نهايته، فلا بد من استعمال قوة الولايات المتحدة ونفوذها استعمالا كاملا في تعاون وثيق مع حلفاء واشنطن.

ولكن ما يجري في الوقت الراهن هو العكس. ففي زيارته إلى الخليج، بدا ترامب أشبه كثيرا ببائع متجول ماهر منه برئيس للولايات المتحدة. وبرغم عدم اكتراثه على المستوى الشخصي بالفلسطينيين الجياع في غزة، فإنه يحاول متأخرا أن يكبح تجاوزات نتنياهو المحرجة، ويمنعه من قصف إيران. لكن هذا لا يعني أن ترامب قد فهم أخيرا أمر فلسطين. فالآن وقد فشلت فكرته الخاصة بريفيرا غزة، يبدو أنه فقد الاهتمام. فلم تعد في الأمر فائدة ترجى بالنسبة له.

وإذا ما أُعيد فرض وقف إطلاق النار المؤقت في غزة، وتم إُطلاق سراح المزيد من الرهائن، فسوف ينسب ترامب الفضل لنفسه. ولكن المشكلة الأساسية سوف تستمر قائمة: وهي أنه يساعد ويسلّح رئيس وزراء مارقا وزمرة حاكمة من اليمين المتطرف تحذو حذو المحافظين الجدد الأمريكيين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إذ تستغل فظائع حماس لتحقيق أجندة شوفينية مع تجاهل للقانون الدولي، بل وتمضي إلى أبعد من ذلك من خلال التهديد بالإبادة الجماعية.

والوضع في أوكرانيا ليس أفضل حالا. فقد أطاح ترامب بإنذار نهائي مشترك من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا يطالب بوتين بقبول فوري وقف إطلاق نار لمدة ثلاثين يوما، قائلا: إنه أعلم بالوضع من هذه الدول. لكنه رضخ عندما تحدث إلى الرئيس الروسي يوم الاثنين الماضي. ومرة أخرى، خدع بوتين ترامب وفرّق بين الولايات المتحدة وأوروبا.

إدراك ترامب المبكر بأنه ليس بإله ولا ببابا، وبأن قوة شخصيته لا تكفي وحدها لحل جميع مشاكل العالم، يقدم بصيص أمل لغزة وأوكرانيا. ويحدث على سبيل التهكم أن يهدد ترامب بالانسحاب. فليته يفعل! يجب أن تبقى الولايات المتحدة منخرطة على مستويات متعددة. لكن موقفا رئاسيا ترامبيا صامتا من شأنه أن يدعم قضية السلام بشكل كبير. شأن طبيب جاهل يخطئ في تشخيص المشاكل، يزيد ترامب من تفاقم الأوضاع. ففي كل يوم، يفلت نتنياهو وبوتين من العقاب على جرائم القتل، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى أن في البيت الأبيض صديقا لهما نرجسيا ولا يفقه أي شيء. وفي كل يوم، تتعرض حياة المزيد من الأطفال للدمار.

يجب أن يتوقف ترامب عن التباهي وأن يفوض صنع السلام في غزة وأوكرانيا إلى دبلوماسيين أمريكيين محترفين ذوي خبرة، ومبعوثين للأمم المتحدة، ووسطاء عرب وأوروبيين، ورؤساء استخبارات، وخبراء عسكريين. باختصار، عليه أن يترك الأمر لمن هم أعرف بشعابه. أما بالنسبة لنتنياهو وبوتين، فعليه أن ينفض يديه من كليهما.

سيمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة ذي جارديان

عن الجارديان البريطانية

مقالات مشابهة

  • ما هي خطة صنع في الصين 2025 التي أقلقت أميركا؟
  • عاجل | الكرملين: أوروبا ليست على طريق السلام وتحلم بأن تتمكن من الحصول على شيء من روسيا من خلال الضغط
  • إيران: مستعدون للمساومة مع ترامب بخصوص برنامجنا النووي
  • ترامب يرفض فكرة أن تكون الحرب خيار بوتين ونتنياهو الوحيد
  • جوزيف ناي.. مطلق الرصاصة الناعمة التي تقتل أيضا
  • ترامب يصف مفاوضات النووي بالجيدة جدا فماذا قالت إيران وعمان؟
  • ترامب: هناك تقدم بشأن الاتفاق النووي مع إيران
  • ابو رغيف: مؤتمر الاعلام العربي خطوة إضافية على طريق استعادة  العراق لدوره الريادي
  • الاستثمار بدل العقوبات.. هل يمكن أن يشكل برنامج إيران النووي فرصة لأميركا؟
  • ماركو يهنئ الأردن بالذكرى الـ79 للاستقلال