#سوريا_الجديدة: ضرورة #الانفتاح_العربي للحفاظ على وحدة أراضيها ومستقبلها
بقلم: أ.د. #محمد_تركي_بني_سلامة

مع #سقوط_نظام_بشار_الأسد، تجد سوريا نفسها في مفترق طرق تاريخي. هذه اللحظة ليست مجرد انعطاف في السياسة الداخلية السورية، بل هي لحظة حاسمة تعيد تشكيل ملامح المنطقة بأسرها. يتطلب هذا الواقع الجديد تحركًا عربيًا سريعًا وفعالًا لضمان الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، بما يخدم مصلحة سوريا أولًا، والأمن القومي العربي ثانيًا، والمجتمع الدولي ثالثًا.

تشهد القيادة الناشئة في سوريا، ممثلة بهيئة تحرير الشام وزعيمها أحمد حسين الشرع (أبو محمد الجولاني)، تحولات بارزة. فقد بدأت الهيئة في النأي بنفسها عن جذورها الجهادية ومحاولة إعادة تشكيل صورتها كقيادة سياسية جديدة تسعى لبناء دولة مدنية تحمي حقوق جميع مكوناتها. تصريحات الهيئة الأخيرة التي تؤكد حماية الأقليات ورفض أعمال الانتقام تعكس تغيرًا جوهريًا في نهجها. هذا التغير دفع دولًا غربية مثل ألمانيا إلى إعادة تقييم مواقفها تجاه الهيئة، مستندة إلى أفعالها المستقبلية وليس ماضيها.

لكن، هل يمكن للعرب أن يتركوا هذا التحول في يد القوى الدولية وحدها؟ الإجابة بكل تأكيد: لا. سوريا ليست مجرد دولة مجاورة، بل هي ركن أساسي في الأمن القومي العربي. ترك هذا الفراغ للآخرين، سواء كانوا إسرائيل أو تركيا أو إيران، سيشكل خطرًا مباشرًا على استقرار المنطقة. إسرائيل، على وجه الخصوص، لم تخفِ نواياها في استغلال الوضع السوري لتحقيق مكاسب استراتيجية، سواء عبر تعزيز وجودها العسكري أو استهداف مواقع حيوية في سوريا.

مقالات ذات صلة “خوذة بلا رأس”.. “سرايا القدس” تعرض مشاهد لالتحام مقاتليها مع الجيش الإسرائيلي بمخيم جباليا (فيديو) 2024/12/10

مبادرة عربية شاملة ضرورة لا خيار
لمواجهة هذا الواقع، يتعين على الدول العربية أن تطلق مبادرة شاملة تتجاوز التصريحات إلى أفعال ملموسة. هذه المبادرة يجب أن تركز على الانفتاح على القيادة الناشئة في سوريا ودعوتها إلى طاولة الحوار، مع بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

دعم جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في سوريا لا يخدم سوريا وحدها، بل يعزز الأمن الإقليمي ويمنع أي تدخل خارجي قد يملأ الفراغ. ضمان عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم بكرامة وأمان يجب أن يكون أحد الأهداف الرئيسية لأي مبادرة عربية، وهذا لا يمكن تحقيقه دون تحقيق استقرار سياسي واقتصادي شامل.

الدول العربية المجاورة، وعلى رأسها الأردن ولبنان والعراق، يجب أن تكون في مقدمة الجهود الرامية لدعم سوريا الجديدة. الأردن، بفضل موقعه الاستراتيجي ودوره الإقليمي الفاعل، يمكن أن يكون الوسيط المثالي لتقريب وجهات النظر بين سوريا والدول العربية. لبنان، الذي عانى طويلًا من تداعيات الأزمة السورية، له مصلحة مباشرة في تحقيق استقرار دائم في سوريا، بما يسهم في تحسين أوضاعه الداخلية. العراق، الذي يشارك سوريا في تحديات عديدة، يمكنه أن يلعب دورًا بارزًا في إعادة بناء العلاقات الإقليمية مع القيادة السورية الجديدة.

الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها
الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسيادتها ليس خيارًا بل ضرورة استراتيجية. سوريا الموحدة والقوية تخدم مصلحة المنطقة بأسرها، وتمنع أي محاولات لتقسيمها أو استغلالها من قبل قوى أجنبية تسعى لتحقيق مكاسب على حساب استقرارها.

سوريا الجديدة تشكل أيضًا فرصة للدول العربية لتعزيز حضورها في المشهد الدولي، من خلال تبني سياسة متوازنة تدعم الحلول السياسية المستدامة. مثل هذا التحرك يبعث برسالة واضحة إلى العالم بأن العرب قادرون على قيادة جهود إعادة الاستقرار في المنطقة، دون الحاجة إلى تدخلات أجنبية.

التحولات الجارية في سوريا تفتح نافذة نادرة للتغيير، لكنها لن تدوم طويلًا إذا لم يتم استثمارها بحكمة. الدول العربية، إذا تأخرت، ستترك المجال مفتوحًا لقوى أخرى لتحدد مستقبل سوريا بعيدًا عن المصالح العربية. التحرك العربي اليوم لا يضمن فقط استقرار سوريا، بل يحمي أيضًا الأمن القومي العربي من التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية المتفاقمة.

في الختام، سوريا ليست مجرد دولة عربية، بل هي جزء من الهوية العربية والإسلامية. تركها تتعرض لمزيد من التفكك يعني خسارة لا تعوض للأمة بأكملها. المبادرة العربية اليوم قد تعيد لسوريا مكانتها وتضمن مستقبلًا مشتركًا آمنًا ومستقرًا. هل ستتحرك الدول العربية لتكون جزءًا من الحل؟ أم أنها ستتأخر لتكون شاهدًا على أزمة جديدة تُفرض عليها؟ الإجابة تكمن في الإرادة السياسية والوعي بأهمية التحرك الجماعي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الانفتاح العربي محمد تركي بني سلامة سقوط نظام بشار الأسد الدول العربیة سوریا الجدیدة على وحدة فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بيدرسون يؤكد دعم الأمم المتحدة للإصلاحات السورية الجديدة

أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، دعم المنظمة الأممية للإصلاحات التي تقودها الإدارة السورية الجديدة، مؤكدا التزامها بمواصلة العمل مع مؤسسات الدولة لضمان انتقال سياسي ناجح وشامل في البلاد.

وجاءت تصريحات بيدرسون أمس الأربعاء، عقب سلسلة لقاءات أجراها مع عدد من الوزراء السوريين بدمشق، في أول زيارة من نوعها منذ الإعلان عن تشكيل الإدارة الانتقالية الجديدة في يناير/كانون الثاني 2025، التي أنهت رسميا عقودا من حكم حزب البعث وعائلة الأسد.

لقاءات مع وزراء الحكومة

ونشر بيدرسون عبر حسابه على منصة "إكس" تفاصيل لقاءاته مع الوزراء، مشيرا إلى أن المحادثات ركزت على الإصلاحات المؤسسية في مجالات العدالة والأمن والتعليم، وهي مجالات تعتبرها الأمم المتحدة أساسية لضمان التحول السلمي في سوريا.

وقال المبعوث الأممي إنه عقد اجتماعا "مثمرا" مع وزير العدل مظهر الويس، ناقشا فيه سبل تعزيز الإصلاح القضائي في سوريا. وأكد أن الوزير أطلعه على الإجراءات التي اتخذت بالفعل، كما عرض التحديات التي تواجه الوزارة، مشددا على "الحاجة إلى دعم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لتطوير النظام القضائي وضمان استقلاليته".

كذلك التقى بيدرسون وزير الداخلية أنس خطاب، ووصف اللقاء "بالبنّاء"، موضحا أن النقاش تطرق إلى إصلاح قطاع الأمن وإعادة الهيكلة التنظيمية التي قامت بها الوزارة مؤخرا، في إطار مساعيها لتعزيز بيئة أمنية مستقرة وشاملة في البلاد.

إعلان

وأشار إلى أن خطاب عرض رؤى معمقة حول التحديات الأمنية التي تواجه سوريا، وخاصة في المناطق الخارجة حديثا من النزاع، والدور الحيوي للوزارة في دعم الاستقرار.

وأضاف بيدرسون أن "السلامة والأمن ركيزتان أساسيتان لضمان عملية انتقال سياسي سلمية".

النهوض بالتعليم

ووصف بيدرسون لقاءه مع وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو "بالبنّاء والمثمر"، مؤكدا أن الوزير قدم عرضا شاملا للتحديات التي تواجه قطاع التعليم في سوريا بعد سنوات الحرب، إلى جانب الخطط الإستراتيجية التي وضعتها الوزارة لضمان وصول التعليم إلى جميع الفئات العمرية، لا سيما في المناطق المحررة حديثا.

وأكد بيدرسون أن "الشباب السوري يستحق الحصول على تعليم عالي الجودة وعلى فرصة حقيقية للمشاركة في بناء مستقبل أفضل"، داعيا إلى استمرار الدعم الدولي، خصوصا من منظومة الأمم المتحدة.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أعلنت فصائل سورية السيطرة الكاملة على البلاد، منهية حكم حزب البعث الذي استمر منذ عام 1963، وحكم عائلة الأسد الذي دام أكثر من نصف قرن.

وأعلنت الإدارة السورية الجديدة في 29 يناير/كانون الثاني الماضي تعيين أحمد الشرع رئيسا للبلاد خلال مرحلة انتقالية تستمر 5 سنوات، تهدف إلى إرساء نظام ديمقراطي تعددي، ومعالجة آثار أكثر من عقد من الحرب والانقسام السياسي.

مقالات مشابهة

  • المجلس الوطني الكوردي: نطالب بحقوق الكورد ضمن وحدة سوريا
  • خبير اقتصادي: استئناف عمل البورصة السورية يعد ضرورة حقيقية في هذه المرحلة
  • داعش يتبنى أول هجوم ضد القوات السورية الجديدة منذ سقوط الأسد
  • لقطات من رعاية رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع لمراسم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الطاقة السورية ومجموعة UCC الدولية لتطوير قطاع الطاقة في سوريا
  • المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك: هذه اللحظات لا تتكرر دائماً وكل جهود الإدارة الأمريكية تصب في مصلحة الحكومة السورية الجديدة
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا السيد توماس باراك في قصر الشعب بالعاصمة دمشق
  • انطلاق وحدة التنسيق السورية الأردنية التركية لمكافحة “داعش
  • بيدرسون يؤكد دعم الأمم المتحدة للإصلاحات السورية الجديدة
  • سوريا الجديدة: بين عدالة الاقتصاد ووعي السيادة
  • السوداني يطلق مدينة الصدر الجديدة ويؤكد: 60 ألف وحدة سكنية لتغيير وجه العاصمة