جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-31@09:54:23 GMT

"خذوا زينتكم عند كل مسجد"

تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT

'خذوا زينتكم عند كل مسجد'

 

سعيد بن سالم البادي

 

قال تعالى في كتابه العزيز الحكيم: "يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ" [الأعراف: 31].. حينما نتأمل هذه الآية الكريمة نجد فيها أوامر الله تعالى لنا بأخذ الزينة عندما المساجد؛ أي عندما ندخلها للعبادة أو لأي مقصد من مقاصد الدخول وهذا تكريم لها وتعظيم لشعائر الله التي أمرنا بها سبحانه وتعالى.

وهذا الأمر يتسع لكل أماكن العبادة التي تدخل في مسمى المساجد أو تقوم مقامها كالمصليات المخصصة لصلوات العيدين وغيرها وهذا امتثالًا لأمره بتعظيم الشعائر التي فرضها الله علينا في قوله جل جلاله في كتابه العزيز: "ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ" (الحج: 32).

وجب علينا أن نمتثل أمر الله تعالى وأن نعظم شعائره وأماكن إقامة هذه الشعائر مهما كانت مسميات تلك الأماكن التي تقام فيها الشعائر.

وتعظيم شعائر الله وأماكن العبادة يكون من خلال احترامها والإلتزام بما يسن لها من تنظيم وقواعد وقوانين وآداب يقوم عليها احترامها وتعظيمها وأن يتبع ما شرعه الله تعالى وسنه نبيه صلى الله عليه وسلم وما أجمع عليه علماء المسلمين العاملين بما أنزله الله وما أقره وأستنبطه فقهاء الشريعة الغراء من النصوص الشرعية سواء كانت قرآنية أو سنة نبوية في شأن دخول المساجد ودور العبادة.

ومن تعظيم شعائر الله أن يتعلم المرء ما يجب عليه القيام به والاهتمام بذلك واتباعه أثناء تأدية الشعيرة الدينية وكيفية الحرص على قبول العبادة عند الله تعالى، لأن العبادة بدون العلم بكيفية أدائها والقيام بها تكون أقرب للخطأ من الصواب ومعرضة لكثير من الأخطاء لتي تعرضها إلى عدم اكتمالها على الوجه الصحيح الذي ينبغي على المتعبد أن يكون على علم به.

فقد أمرنا الله تعالى بأن نأخذ الزينة عند كل مسجد والزينة لا تقتصر على وقت مُعين أو مكان مُعين أو مُناسبة دينية معينة فقد جاء الأمر عامًا ولم يخصص.

ومما يأخذه المرء من الزينة  ويحرص عليه كل الحرص التطهر من كل ما يمكن أن يبطل العبادة أو ينقص منها والغسل والوضوء واللباس المناسب المشروع والتطيب وحسن المنظر والهيئة وما يعكس تعظيمه لشعائر الله وحرصه على أن يكون دائمًا بمظهر يليق بمكانة المسجد أو مكان العبادة الذي يدخله، وكل ذلك من الإيمان الذي ذكرته السنة النبوية الشريفة وأقرته وحث عليه النبي صلى الله عليه وسلم بفعله وقوله فقد روى مالك بن نضلة رضي الله عنه في شأن ذلك فيقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون، فقال: ألك مال؟ قال: نعم، قال:من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك الله مالًا فَلْيُر أَثرُ نعمة الله عليك وكرامته وعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده .

ومن ذلك يستنبط ما يدل على أن الهدي النبوي الشريف يحث المسلم على التجمل والظهور بمظهر جميل أثناء العبادة وغيرها.

فما بال أقوام إذا دخلوا المساجد يدخلون بلباس النوم وآخرون تفوح منهم روائح الأفواه وروائح العرق الطعام كروائح البصل والثوم التي تتطاير منها روائح تضايق المصلين وحينما يذهبون لمقابلة أحد الخلق يستعدون لهذا اللقاء بوقت كافٍ، فيذهبون للمزيِّن (الحلاق) ليتزينوا ويرتبون منظرهم ليظهروا بأجمل ما يكون ثم يعودون للمنزل ليتطهروا ويلبسوا أحسن ما لديهم من ملابس ويتطيبوا بأحسن الطيب ويتبخروا بأطيب ما يوجد من بخور ويتألقوا في الهيئة وربما مكث أحدهم أمام المرآة وقتًا طويلًا ليتأكد من ضبط العمامة، ثم يذهب للمقابلة وهو قلق من أن تكون هيئته غير مناسبة لحدث اللقاء أو أن تصدر منه روائح غير مناسبة للشخص موضوع اللقاء، ويدخلون عليه في سكينة وتمام الهدوء والوقار، وإذا تكلموا يكاد أن لا يسمع لهم حسًا، ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ويتمتمون في سرهم بأن يقضي لهم حاجاتهم وهو راضٍ عنهم.

لكن للأسف، هذا ما لا نلمسه من شريحة من المصلين، حينما يذهبون للقاء رب الخلق فلا يأبهون لشيء من ذلك فيلبسون ما يتيسر من اللباس ولو لم يناسب حتى الذوق العام لدي البشر وقد تكون ملابس النوم كما نشاهد في المساجد فربما يأذي أحدهم من يصلي بجانبه برائحته الكريهة التي تصدر منه ومن ملابسه ويدخل المسجد بهذه الهيئة.

كما إن شريحة أخرى لا يتورعون من كثرة الحديث في المسجد فيتكلمون فيما لا فائدة فيه بصوت مرتفع لا سكينة ولا هدوء ولا حرص على أن لا يؤذي أحد المصلين أثناء الصلاة وللأسف الشديد نلاحظ ذلك ليس فقط من المصلين؛ بل بعض الأحيان ممن قائمين بأمر المسجد الذين ينبغي عليهم أن يكونوا قدوة في تعظيم شعائر الله في المسجد.

ناهيك عن ذلك الذي يأتي متأخرًا ويتخطى رقاب الآخرين دون أي تورع رغم أنه دخل آخر الداخلين للمسجد وينبغي له أن يجلس أينما أنتهى به الصف، وهناك الكثير من السلوكيات التي يسلكها كثير من الناس أثناء دخولهم للمساجد.

رسالتي للمصلين التمسك بسُنَن النبي صلى الله عليه وسلم في تعظيم شعائر الله التي يجب الحرص عليها سواء كانت سلوكية أو غيرها مما يشعر الإنسان بأنها تعكس ذلك التعظيم المقصود في أمر الله تعالى، مثل ارتداء اللباس اللائق بمقابلة ملك الملوك أو التطيب وغيره من السُنَن التي أوجبتها علينا الشريعة الغراء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

هل الأفضل تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟.. الإفتاء ترد

أسئلة كثيرة تدور حول تأخير صلاة العشاء، وهل الأفضل تأديتها في وقتها أم تأخيرها حتى منتصف الليل خاصة أنه وردت أحاديث في السنة النبوية، وفي السطور التالية نتعرف على حكم تأخير صلاة العشاء عن وقتها. 

حكم تأخير صلاة العشاء

استدل بعض الفقهاء على تأخيرُ صلاةِ العشاء وأنها أفضلُ إذا لم يَشقَّ على الناسِ ببعض أحاديث السنة النبوية، وهو مذهبُ الحنفيَّة، والحنابلة، وقول لمالكٍ، وقولٌ للشافعيِّ، وبه قال أكثرُ أهلِ العِلم، واختارَه ابنُ حَزمٍ، والشوكانيُّ.

واستشهدوا بما جاء عن سَيَّارِ بنِ سَلامةَ، قال: دخلتُ أنا وأَبي على أَبي بَرْزةَ الأسلميِّ، فقال له أَبي: كيفَ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّي المكتوبةَ؟ فقال: «... وكان يَستحبُّ أنْ يُؤخِّرَ العِشاءَ، التي تَدْعونَها العَتَمةَ، وكان يَكرَهُ النَّومَ قَبلَها، والحديثَ بَعدَها...» وعن جابرِ بنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: «كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُؤخِّرُ صلاةَ العِشاءِ الآخِرةِ».

هل الأفضل تأخير صلاة العشاء؟

من جانبها أكدت دار الإفتاء المصرية أنه من الوارد في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أفضلية تأخير العشاء عن أول الوقت إلى ثلث الليل أو نصفه، ومن هذه الأحاديث ما رواه الترمذي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلأخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» قال الترمذي: [هذا حديث حسن صحيح] اهـ، وما رواه أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ»، قال الترمذي: [حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح] اهـ.

وذكرت دار الإفتاء آراء عدد من الفقهاء ومنهم:

قال الإمام النووي في "المجموع" (3/ 59-60، ط. المنيرية) بعد أن ذكر جملة من الأحاديث في فضيلة التأخير: [فهذه أحاديث صحاح في فضيلة التأخير، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وآخرين، وحكاه الترمذي عن أكثر العلماء من الصحابة والتابعين، ونقله ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عباس والشافعي وأبي حنيفة.. وهو أقوى دليلًا؛ للأحاديث السابقة] اهـ. وهذا يكون لمَن يعلم من نفسه أنه إذا أخّرها لا يغلبه نوم ولا كسل، وإلا فيجب عليه تعجيلها، وأداؤها في أول الوقت.

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2/ 48، ط. دار المعرفة): [من وجد به قوة على تأخيرها -أي: العشاء-، ولم يغلبه النوم، ولم يشق على أحد من المأمومين، فالتأخير في حقه أفضل، وقد قرر النووي ذلك في "شرح مسلم"، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعية وغيرهم] اهـ.

شوقي علام: الأفضلية تأخير صلاة العشاء عن أول الوقت

وفي هذا السياق، كان الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، أكد أن الوارد في الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو أفضلية تأخير العشاء عن أول الوقت إلى ثلث الليل أو نصفه.

وأفاد «علام»، في إجابته عن سؤال: «ما حكم تأخير صلاة العشاء وأدائها في جماعة؟»، بأن من هذه الأحاديث ما رواه الترمذي عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلأخَّرْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ» قال الترمذي: [هذا حديث حسن صحيح] اهـ، وما رواه أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأمَرْتُهُمْ أَنْ يُؤَخِّرُوا العِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ»، قال الترمذي: [حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح].

وأوضح مفتي الجمهورية السابق أن أفضلية تأخير العشاء عن أول الوقت إلى ثلث الليل أو نصفه تثبت في حق النساء مطلقًا، وكذلك في حق من لا يحضرون الجماعة لعذرٍ شرعي، وأما غيرهم من الرجال فتثبت الأفضلية للتأخير في حقهم إذا كانوا جماعةً في مكانٍ وليس حولهم مسجد.

وتابع: «أما إن كان هناك مسجدٌ جامعٌ فتركوا الجماعة فيه لأجل تأخيرها مع جماعةٍ أخرى في غيرِ مسجدٍ فلا أفضلية للتأخير، وكذلك إن كان التأخير بالمسجد ولكنه يشق على المأمومين فلا أفضلية له».

طباعة شارك صلاة العشاء العشاء تأخير صلاة العشاء

مقالات مشابهة

  • «الأوقاف» تفتتح مسجداً جديداً في غرافة الريان
  • غرف في الجنة يدخلها من فعل 4 أمور.. حاول أن تكون منهم
  • هل الأفضل تأخير صلاة العشاء عن وقتها؟.. الإفتاء ترد
  • خالد الجندي: ليس من الصحيح تخويف الناس من الدين وتعقيد العبادة
  • سنة الفجر قبل أم بعد؟ .. اعرف فضلها ووقتها
  • فضل الصلاة في جوف الليل .. الأفضل بعد الفريضة
  • التنوع الثقافي لدى الشباب الرياضي
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • الاعتصام بحبل الله.. اعرف كيف يكون وماذا يتضمن وما ثمراته
  • الإفتاء: القلب السليم أصدق من صورة الطاعة أو المعصية