سقط بشار الأسد ودفعت سوريا الثمن، فرح السوريون وضربوا النار فى الهواء، وضاعت الدولة، واستباحت إسرائيل سماء سوريا، بدءا من جبل الشيخ حتى حمص وحماة وحلب واللاذقية ودمشق، بعد أن دمرت جميع منظومة الجيش، برا وبحرا وجوا.
نجحت تركيا فى إسقاط الأسد بالخيانة والتنسيق مع إسرائيل وأمريكا، ولكنها فشلت فى الحفاظ على سوريا الدولة، وسلمتها تسليم أهالى للفصائل والسفاحين فى تل أبيب، الذين شرعوا في اغتيال كبار علماء الذرة والمتخصصين فى الأبحاث النووية، قبل أن يدمروا جميع المطارات العسكرية والمدنية ومراكز الأبحاث ومخازن الذخيرة والرادارات وكل أنظمة الدفاع الجوى بـ 350 غارة جوية هى الأكبر فى تاريخ الاحتلال.
مزيج غريب من الميليشيات والجماعات المتطرفة، يجوبون الشوارع، يقطعون الرؤوس ويعلقون مشانق الانتقام، ويكشفون عن نيتهم الحقيقية فى إقامة دولة الخلافة المزعومة، التى هيأتها لهم أمريكا وإسرائيل؛ لتدمر خلف راية الإرهاب السياسى مقدرات الشعوب العربية، وهو ما يحدث فى سوريا ثانى أكبر قوة عربية عسكرية بعد مصر.
نكسة ثانية للعرب، بعد نكسة 1967، والمستفيد الأول إسرائيل.. ضاعت سوريا ومحمد الجولانى (أحمد الشرع) وشلته، لا يحركون ساكنا، تركوا البلاد عارية أمام نتنياهو، تمزقها أنياب الصهاينة، وأصابع الموساد، وأيادى الميليشيات والدواعش وغيرهم يقودون سوريا إلى حرب أهلية ستحول البلاد إلى أفغانستان جديدة برعاية أمريكا (صانعة الإرهاب).
ورغم تواطؤ «الجولانى» وتنسيقه المسبق مع «نتنياهو»، إلا أن الأخير جاهز دائما لنقض أى اتفاق أو تنسيق من أجل مصلحة إسرائيل، ولذا لم يكن غريبا أن يعلنها صريحة بعد تدميره للقوى العسكرية السورية ويقول «إذا ما هاجمنا نظام الفصائل فسوف نرد بقوة، وسندفّعه ثمنا باهظا، فما حل بالنظام السابق سيحل بهذا النظام».
ولم يكتفِ نتنياهو بما فعله من إبادة عسكرية جديدة فى سوريا، بل ذهب إلى تهديده القادة الجدد فى دمشق أن مصيرهم سيكون نفس مصير الأسد إذا ما ساروا على نفس خطاه وسمحوا لإيران وحزب الله بإعادة ترسيخ وجودهم فى البلاد.
ما كانت تريده إسرائيل حققته عبر كوبرى «هيئة تحرير الشام» وهو القضاء على الجيش القوى الذى كان يديره حزب الله نيابة عن إيران، ولأنها تدرك أن القادة الجدد من أعدائها ولا يقلون خطورة عن حزب الله، تتوغل إسرائيل الآن بجرأة فى الأراضى السورية، وتضع ساقا فوق أخرى، وتهدد الفصائل إذا ما اقتربت من الحدود الإسرائيلية مع سوريا، ولمَ لا وهى العدو الذى لم تطلق عليه تلك الفصائل المتناحرة رصاصة واحدة؟!
لست مع بشار الأسد، وأرفض تماما ما كان يرتكبه نظامه من مذابح ضد الأبرياء، ولكننى كمصرى عربى مسلم أرفض مثل كل الملايين تدوير تل أبيب للأزمة السورية واستغلالها لتحقيق مآربها فى إعادة تشكيل شرق أوسط جديد تكون الكلمة الأولى فيه لـ«الصهيوأمريكية».
إن سوريا الآن تحتاج إلى دعم كل الأنظمة العربية والاسلامية، لحماية شعبها مما يحاك له من سنين، فالمشهد مرعب، وينذر بخطر جسيم، إذا لم يستفق الشعب السورى، ويتحد لمواجهة هذا الطوفان.
وعلينا فى مصر أن نستلهم الدرس مما يحدث حولنا، ونحافظ على دولتنا، بمزيد من الوعى لما يدبر من خطط تستهدف العمود الفقرى للمنطقة، فبعد انهيار الجيش العراقى والقضاء على الجيش السورى، لم يعد أمامهم سوى الجيش المصرى القادر على ردع إسرائيل وتقويض شوكة حلفائها، خذوا من سوريا وقبلها العراق واليمن وليبيا وصولا إلى غزة ولبنان العبرة والعظة.. فنحن لا نتحمل أبدا أوزار نكسة ثالثة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سقط بشار الأسد منظومة الجيش
إقرأ أيضاً:
وثائق تؤكد احتجاز نظام الأسد للصحفي الأمريكي أوستن تايس
عمّق تقرير استقصائي جديد لهيئة الإذاعة البريطانية الـ "بي بي سي" الغموض المحيط بمصير الصحفي الأمريكي أوستن تايس، المختفي منذ أكثر من 12 عامًا في سوريا، بعدما كشف عن وثائق استخباراتية سورية سرية للغاية تؤكد احتجازه داخل أحد سجون النظام السوري، في تناقض مباشر مع نفي الأسد السابق لأي علاقة باختفائه.
وتعد الوثائق التي تم الوصول إليها ضمن تحقيق دام أكثر من عام، أول دليل رسمي ملموس على أن نظام بشار الأسد - الذي سقط في كانون الأول / ديسمبر 2024 - كان يحتجز تايس في عام 2012، بعد أشهر فقط من دخوله الأراضي السورية لتغطية الحرب الأهلية كصحفي مستقل.
وبحسب الوثائق، فإن تايس كان محتجزًا في "سجن الطاحونة" بالعاصمة دمشق، أحد أشهر مراكز الاعتقال التابعة للاستخبارات العسكرية، وتضم الملفات رسائل ومراسلات بين فروع أمنية سورية مختلفة، وتشير إلى أن تايس خضع للاستجواب مرتين على الأقل بين عامي 2012 و2013، وتلقى علاجًا طبيًا لمشاكل صحية في المعدة وعدوى فيروسية، وفقًا لتحاليل دم مرفقة في الملفات.
وفي شهادة مثيرة، أكّد ضابط كبير سابق في الاستخبارات السورية للـ"بي بي سي" أن تايس كان محتجزًا في دمشق من قِبل مجموعة شبه عسكرية تُدعى "قوات الدفاع الوطني"، وهي تشكيل موالٍ للنظام، وغالبًا ما استخدمه الأسد في العمليات الأمنية والاعتقالات. وقال مصدر من داخل هذه القوات إن “قيمة أوستن كانت مفهومة منذ البداية، وكان يُنظر إليه كـ ‘ورقة تفاوض’ محتملة مع واشنطن”.
من جندي سابق إلى رهينة
أوستن تايس، المولود في آب / أغسطس 1981، كان ضابطًا سابقًا في سلاح البحرية الأمريكية، وخدم في العراق وأفغانستان، قبل أن يتجه إلى دراسة القانون في جامعة جورج تاون. وفي عام 2012، دخل سوريا بصفته صحفيًا حرًا لتغطية أحداث الحرب.
في آب / أغسطس 2012، اختفى في منطقة داريا القريبة من دمشق، وبعد سبعة أسابيع، ظهر في مقطع فيديو مثير للجدل، معصوب العينين ومقيّد اليدين، مجبرًا على تلاوة إعلان إسلامه، في مشهد صنّفه محللون بأنه "مُعدّ مسبقًا" لتضليل الرأي العام، وإيهام العالم بأنه اختُطف من قبل جماعة جهادية.
لكن لم تعلن أي جهة مسؤوليتها، وظل مصيره مجهولًا طوال سنوات. وحتى عندما نفت حكومة الأسد رسميًا احتجازه، كانت الحكومة الأمريكية تؤكد اعتقادها بأنه محتجز من قِبل النظام.
سقوط النظام يكشف المستور
عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إنها تعتقد أن تايس ما زال حيًا، بينما صرّحت والدته، ديبرا تايس، أن “مصدرًا موثوقًا” أكد لها أن ابنها لا يزال يتلقى معاملة جيدة.
ورغم ذلك، لم يظهر أي أثر له بعد إخلاء السجون التي كانت تديرها أجهزة النظام، ما يثير تساؤلات جديدة عن مصيره بعد عام 2013.
وتعرف عائلة تايس والسلطات الأمريكية بوجود هذه الملفات الاستخباراتية، وكذلك منظمة سورية توثّق جرائم النظام. وتُعد هذه الوثائق بمثابة إدانة إضافية لسجل الأسد في قضايا الاعتقال والإخفاء القسري.
مأساة مستمرة
يُذكر أن المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرّه المملكة المتحدة، يقدّر عدد المختفين قسرًا في سوريا بأكثر من 100 ألف شخص، كثير منهم في سجون النظام، ما يسلّط الضوء على البُعد الإنساني الواسع لقضية تايس.
وبينما لا يزال مصيره مجهولًا، فإن ظهور هذه الوثائق يعزز ضغوطًا دولية متزايدة على الأطراف المعنية للكشف عن الحقيقة، وربما، في مرحلة لاحقة، استخدام هذه الأدلة في محاكمات دولية أو ملاحقات قضائية ضد مسؤولين سابقين في نظام الأسد.