معاوية.. مراهق أشعل ثورة سوريا بـ4 كلمات على جدار
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
قام معاوية صياصنة، البالغ من العمر 16 عاماً وأصدقاؤه بكتابة 4 كلمات على جدار في ملعب مدرستهم في محافظة درعا، معبرين عن غضبهم من الحياة في ظل حكم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد.
وتسببت هذه الكلمات الأربعة في سجن المراهقين وتعذيبهم لأسابيع، مما أدى إلى اندلاع الاحتجاجات الأولى في سوريا في أوائل عام 2011.
وذكرت صحيفة "الإندبندنت"، أن هذه الكلمات الأربع أشعلت ثورة تحولت إلى واحدة من أكثر الحروب الأهلية دموية في العصر الحديث. والكلمات التي جاءت بعد ثورات أطاحت بكل من رؤساء تونس ومصر وليبيا تقول بكل بساطة: "الآن دورك يا دكتور". في إشارة إلى الأسد الذي كان طبيب عيون في لندن، قبل أن يعود إلى سوريا لرئاسة نظام عائلته الوحشي.
Muawiyah Syasneh was 16 when his anti-Assad graffiti on a school wall led to his arrest, sparking protests that ended in civil war
Now, in the very same spot, he tells @Beltrew about the years-long war – and his role in bringing it to an endhttps://t.co/eqbigFuND2
وفي مقابلة معه، قال معاوية للصحيفة وهو يقف أمام نفس الجدار في مدينة درعا: "لقد قضينا 45 يوماً تحت التعذيب في السجن بسبب هذه الكلمات. كان الأمر لا يوصف. كنا أطفالاً - معلقين، ومضروبين، ومصعوقين بالكهرباء".
وانتهى الأمر بمعاوية بالقتال مع الجيش السوري الحر، وبعد سنوات انضم إلى التنظيم المسلح الذي لم يطرد قوات النظام من درعا الأسبوع الماضي فحسب، بل كان أول من استولى على العاصمة دمشق.
وأضاف معاوية "في عام 2011، بعد بدء الثورة، طالبت المنطقة بأكملها بعودة أطفالها، نحن فخورون بما فعلناه لأن الكبار لم يتمكنوا من القيام بذلك".
والآن، وقد أصبح في الثلاثين من عمره وأباً، لم يكن من الممكن للشاب معاوية أن يتنبأ بالتأثير الذي ستحدثه كلماته البسيطة في مرحلة المراهقة.
كما لم يكن ليتخيل قط، أنه بعد أكثر من عقد من الزمان، وبعد فراره من القصف المكثف الذي شنته قوات النظام على درعا وتحوله إلى لاجئ، سيعود ويتبع الفصائل المسلحة إلى دمشق ليعلن سقوط الأسد.
وقال وهو ممسك ببندقيته في ساحة الشهداء بدمشق: "لقد حدثت معركة درعا فجأة. لقد فوجئنا - في لحظات، سيطرنا على المدينة ثم دمشق، وكانت تلك المرة الأولى التي أزور فيها العاصمة".
وأضاف "عندما كتبنا هذه الكلمات منذ سنوات طويلة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى هذا. بصراحة، لم نكن نعتقد أنها ستؤدي إلى انتفاضة سورية بأكملها ودرعا. لكننا طالبنا بحريتنا، والآن نحن سنبقى على أرض وطننا"، على حد تعبيره.
وتابع معاوية للصحيفة "كانت الحرب قاسية، وجرح فيها كثيرون، ومات كثيرون، وفقدنا الكثير من الأحباء، ومع ذلك نحمد الله، فلم تذهب دماء الشهداء سدى، وانتصرت العدالة، وانتصرت الثورة".
وكشفت الصحيفة، أن الضربة التي أشعلت كل هذا وقعت في هذه المدينة الجنوبية الصغيرة، التي لم يسمع عنها إلا القليل قبل عام 2011. وتقع درعا على بعد أميال قليلة من الحدود السورية مع الأردن، وكان عدد سكانها قبل الحرب 117 ألف نسمة فقط. وقبل الانتفاضة كانت الحياة صعبة.
ويُلقي معاوية باللوم على وصول رئيس الأمن الجديد في المنطقة، عاطف نجيب، وهو ابن خالة بشار الأسد، في أوائل العقد الأول من القرن الـ 21. وكان نجيب معروفاً بقوانينه القمعية، وبإشرافه شخصياً على سجن معاوية وأصدقائه.
وبحلول أوائل عام 2011، كانت الشوارع تكتظ بنقاط التفتيش التابعة للشرطة.
ويتذكر معاوية: "لم يكن بوسعنا الدخول أو الخروج. كنا نشاهد الاحتجاجات في مصر وتونس، حيث كانت الأنظمة تنهار. لذلك كتبنا (حان دورك يا دكتور)، وأحرقنا نقطة التفتيش التابعة للشرطة".
وتم القبض على ما لا يقل عن 15 فتى من عائلات مختلفة، وتعرضوا لتعذيب شديد. وقيل إن أحدهم توفي متأثراً بجراحه. و
يتذكر معاوية كيف قالت السلطات لآبائهم: "انسوا أولادكم، وأنجبوا أطفالاً جدداً".
وبحلول شهر مارس (آذار)، بدأ الآلاف ــ ثم عشرات الآلاف ــ في التجمع بانتظام حول المسجد العمري المحايد في المدينة، مطالبين بعودة الأطفال. وأشعل ذلك الاحتجاجات بين المواطنين المحبطين في مختلف أنحاء البلاد.
وقال معاوية: "لقد فوجئنا بما حدث، وطالب الجميع بعودة الأطفال، عائلات داخل درعا، ولكن أيضاً في جميع أنحاء سوريا".
بدوره، قال إيهاب قطيفان (50 عاماً)، الذي كان ضمن حشود المتظاهرين في ذلك الوقت، إن "اعتقال الأطفال كان القشة التي قصمت ظهر البعير".
وأضاف بعد مرور 13 عاماً "لقد كنا في وضع بائس، كما رأيتم بأم أعينكم ـ السجون، والمعتقلات، وآلات التعذيب. لقد تعرضنا للقمع من قبل كل فروع النظام".
ولكن الاحتجاجات قوبلت بالعنف من جانب السلطات، وتصاعدت منذ ذلك الحين.
واستمر القتال لمدة 7 سنوات، وخلال هذه الفترة دمر الجيش درعا بالكامل. وكان من بين القتلى والد معاوية، الذي قُتل بقنابل الجيش السوري في عام 2014، أثناء توجهه إلى صلاة الجمعة.
وبحلول عام 2018، استسلمت الفصائل المسلحة، وبموجب شروط الاتفاق، أُجبرت على الإخلاء إلى محافظة إدلب في شمال غرب البلاد. ومن بين الذين فروا من هناك معاوية، الذي فر بعد ذلك إلى تركيا، حيث تحمل مصاعب الحياة كلاجئ.
وبعد أن فقد كل شيء، عاد إلى مسقط رأسه عبر طرق التهريب، وفي وقت سابق من هذا الشهر ــ مع اجتياح الفصائل المسلحة من إدلب لحلب وحماة وحمص ــ انضم إلى شباب درعا المحبطين، الذين انقلبوا مرة أخرى على نظام الأسد. ولدهشة الجميع، بدا وكأن جنود الحكومة الذين كانوا يخشونهم لعقود عديدة قد اختفوا.
ويقول فتى يبلغ من العمر 16 عاماً، وهو يراقب أصدقائه يلعبون كرة القدم بجوار المدرسة التي بدأ فيها معاوية كتابة الجرافيتي: "دمر منزلي، واختفى والدي قسراً، وقتل أخي. لا أتذكر أي شيء قبل ذلك سوى القتال". ويضيف بحزن: "أول ذكرياتي هي جنود النظام وهم يطلقون النار على الناس".
ولكن معاوية، الذي أصبح ابنه الآن في السادسة من عمره، لديه أمل - ليس لنفسه، بل للشباب. وقال: "نريد أن تكون سوريا أفضل من ذي قبل. ولكن بصراحة، لقد فقدت مستقبلي بالفعل. إن مستقبل الجيل القادم هو ما يهم".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سوريا الأسد سقوط الأسد الحرب في سوريا هذه الکلمات عام 2011
إقرأ أيضاً:
ثورة في علاج «هشاشة العظام».. علاج جديد يمنح الأمل للملايين
في إنجاز علمي قد يُغيّر وجه الطب الحديث، أعلن الدكتور كريستوفر إيفانز، الباحث البارز في “مايو كلينك”، عن نتائج أول تجربة سريرية ناجحة لعلاج جيني جديد يستهدف هشاشة العظام، وهو المرض الذي يعاني منه أكثر من 32.5 مليون شخص في الولايات المتحدة وحدها، ويعد من الأسباب الرئيسية للإعاقة المزمنة حول العالم.
هذا التقدّم المذهل جاء بعد نحو ثلاثين عامًا من البحث والتجارب المتواصلة، ويُبشّر بعهد جديد في علاج واحد من أكثر الأمراض شيوعًا وصعوبة في العلاج. وقد نُشرت نتائج التجربة السريرية الأولى على البشر في المجلة العلمية المرموقة Science Translational Medicine، بمشاركة فريق مكوّن من 18 طبيبًا وباحثًا.
كيف يعمل العلاج الجيني الجديد؟
يعتمد العلاج على إدخال جين يُعرف بمثبط مستقبلات الإنترلوكين-1 (IL-1Ra) مباشرة إلى الخلايا داخل مفصل الركبة، باستخدام فيروس غير ضار يُعرف باسم AAV، حيث تعمل الخلايا المعدلة وراثيًا على إفراز بروتينات مضادة للالتهاب من داخل الجسم نفسه.
هذه التقنية المبتكرة تهدف إلى تجاوز عقبة فشل الأدوية التقليدية، التي غالبًا ما يتم طردها سريعًا من المفصل بعد الحقن، مما يحدّ من فعاليتها، على عكس ذلك، فإن التعبير الجيني الناتج عن العلاج الجديد يستمر لفترات طويلة، حيث أظهرت النتائج استمرار وجود البروتينات العلاجية في المفصل لمدة عام على الأقل بعد حقن واحد.
نتائج مبشّرة… وتحسّن فعلي
في التجربة السريرية التي شملت تسعة مرضى يعانون من هشاشة العظام في الركبة، تم حقن العلاج مباشرة داخل المفصل.
وأظهرت النتائج ارتفاعًا ملحوظًا في مستويات IL-1Ra، بالإضافة إلى تحسن واضح في الألم ووظيفة المفصل، دون تسجيل أي آثار جانبية خطيرة.
يقول الدكتور إيفانز: “هذه الدراسة قد تقدّم طريقة واعدة ومبتكرة لمهاجمة المرض. للمرة الأولى، نمتلك أداة يمكنها أن تغيّر بيئة المفصل من الداخل وتوفر راحة طويلة الأمد للمرضى”.
من فكرة إلى واقع… رحلة طويلة من التحديات
بدأت رحلة تطوير هذا العلاج منذ عام 2000، حين بدأ الفريق بتجربة الجين في المختبر وعلى نماذج حيوانية. ورغم الحصول على الموافقة المبدئية للتجارب السريرية في 2015، إلا أن العراقيل التنظيمية والتصنيعية أخّرت انطلاق التجربة حتى 2019.
فيما بعد، طوّرت “مايو كلينك” آلية تسريع خاصة للتجارب السريرية، ما قد يُمهّد الطريق أمام تجارب مستقبلية أسرع وأكثر كفاءة.
لماذا هذا الاكتشاف مهم؟
هشاشة العظام مرض مزمن يتفاقم بمرور الوقت، ويؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، العلاجات المتوفرة حاليًا تركز غالبًا على تقليل الألم، لكنها لا توقف التدهور المستمر في المفصل، أما هذا العلاج الجيني الجديد، فيقدم الأمل بعلاج يستهدف جذور المشكلة ويعمل من داخل الجسم نفسه.
ما القادم؟
مع النجاح الواعد للمرحلة الأولى، يتوقع أن تبدأ قريبًا المرحلة الثانية من التجارب، والتي ستشمل عددًا أكبر من المرضى واختبارات أكثر دقة لقياس الفعالية والأمان على المدى الطويل.
وإذا أثبتت المراحل التالية نفس المستوى من الأمان والفعالية، فقد نكون على أعتاب حقبة جديدة في علاج أمراض المفاصل المزمنة، حيث لا يقتصر الهدف على تخفيف الأعراض، بل على منع التدهور واستعادة وظيفة المفصل بشكل دائم.