بوابة الوفد:
2025-07-31@05:36:17 GMT

خطورة خداع نموذج «الجولانى»

تاريخ النشر: 27th, December 2024 GMT

أخطر ما فى نموذج الجولانى الخداع القائم على «جاذبية» النموذج؛ خطورة نموذج الجولانى فى جاذبيته الخادعة التى قد تروق البعض وينخدع بها، ويروج لها البعض الآخر تحت صورة «الجهادية المعتدلة»، أو «المستبد العادل». المتابع لمآلات وتحولات الثورات والانتفاضات على مدار العقد الماضى، يدرك دونما عناء أن الحذر واجب، وهو حذر مبرر، لأن أياً من هذه التجارب لم تنج من انتكاسات حادة، لكن الأخطر فى الحالة السورية إلى جانب أنها قد تنزلق لمرحلة الحرب الأهلية والتمزق والانقسام، هو جاذبية النموذج الذى يعاد إنتاجه فى هيئة أحمد الشرع.

وأياً كان المسمى «جبهة فتح الشام» التى أعيدت تسميتها «هيئة تحرير الشام» فالمسعى واحد وطويل الأمد نحو تحقيق نفس الأهداف الاستراتيجية التى سعت إليها جبهة النصرة، ألا وهى إنشاء إمارة إسلامية فى سوريا فى المستقبل، والتى قد تتحقق من خلالها أهداف دولية أوسع نطاقاً فى القريب العاجل.
أبو محمد الجولانى الذى ترك دراسة الطب عام 2003 لقتال الأمريكان فى العراق، ثم مر بمرحلة من التحولات الجهادية والفكرية الأيديولوجية ما بين «داعش» و«القاعدة». خلع العباءة والعمامة الجهادية؛ من حيث الشكل والمظهر، وأصبح من أصحاب الياقات البيضاء، ورابطات العنق الأنيقة، حتى على مستوى الاسم، تخلى عن الاسم فى كنيته الجهادية المعروف بـ«أبو محمد الجولانى» وعاد إلى اسم أحمد حسين الشرع الأكثر تماشياً مع عملية ومرحلة التحول الجديدة التى يخوضها الشرع فى إطار تأكيد صورة الزعيم السياسى الشاب، وذلك فى إطار إعادة اختراع صورته فى الغرب، وبعد تخليه عن المظهر والزى الجهادى، تخلى أيضاً عن الزى العسكرى. وعلى صعيد الخطاب؛ بدا الشرع أكثر اعتدالاً، لم يتناول من قريب أو بعيد أى خطاب أو مفردات تتعلق بالشريعة الإسلامية، وعمل على توجيه رسائل تطمينات مخاطباً الخارج والعرب على وجه التحديد قبل الداخل السورى. تحدث الشرع عن احترام التعددية فى سوريا، والتأكيد على حقوق الأقليات الدينية والعرقية، وتأكيده أنه يرفض الفيدرالية ويعمل على سوريا موحدة، هنا الشرع عمل على مخاطبة الغرب باللغة «البراغماتية» التى يفهمها، وهدفه الأول إلغاء مكافأة الـ10 ملايين دولار التى أعلنتها الولايات المتحدة الأمريكية فى 2017 لمن يدلى بمعلومات عنه، وهو ما حصل عليه- بالفعل- فى أعقاب لقائه بالوفد الأمريكى فى دمشق. والهدف الثانى رفع هيئة تحرير الشام من قوائم الإرهاب، ثم رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، وهما الورقتان اللاتى لا يزال الغرب بمختلف أطرافه الفاعلة يناور الشرع بهما. لكن السؤال الأهم هو مدى قدرة الشرع على تحقيق وعوده؟
الشرع يطبق وصية أستاذه الظواهرى فى كتابه «فرسان تحت راية النبى» الصادر عام 2001، وقال فيها: «إن حركة الجهاد يجب أن تعتمد خطتها على أساس السيطرة على قطعة أرض فى قلب العالم الإسلامى تستطيع أن تقيم عليها دولة الإسلام وتحميها وتطلق معركتها لاستعادة الخلافة الراشدة. إن حركة الجهاد يجب أن تتقرب من الجماهير. إننا يجب أن نكسب ثقة الناس واحترامهم ومودتهم». وهو ما يطبقه أحمد الشرع بحذافيره والخطوة الأولى اكتساب الثقة خارجياً وداخلياً بما فى ذلك تقديم تنازلات تكتيكية لتحقيق أهدافه. والتحول فى المظهر والخطاب ما هو إلا استراتيجية لـ«الجهاد المعتدل» التى تنتهجها هيئة تحرير الشام منذ عام 2017، وتؤكد على البراغماتية، وقد يكون مسار الجولانى وهيئة تحرير الشام ملهماً لمجموعات أخرى للتكيف، ما يشير إما إلى حقبة جديدة من «الجهادية» المرنة سياسياً أو مجرد انحراف مؤقت عن المسار التقليدى من أجل تحقيق مكاسب سياسية وإقليمية. فلا تخدعنكم الصورة الجديدة، فالشرع هو الجولانى، والجولانى هو الشرع سواء ارتدى بذلة فاخرة أو زياً جهادياً.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د وليد عتلم الحالة السورية سوريا قوائم الإرهاب هیئة تحریر الشام

إقرأ أيضاً:

اليمن صوت الإيمان والنصرة في زمن الصمت والخذلان

 

 

في زمن يعلو فيه صوت القهر على أنين المظلومين، ويهيمن فيه صمت الأنظمة على صرخات الجياع المحاصرين من نساء وأطفال غزّة المستضعفين، خرج اليمن بصوته الصداح، وقبضته المرفوعة، وهاماته الشامخة، شعبًا وقيادة، ليؤكد أن الأمة لم تمت، وأن القلوب الحيه ما زالت تنبض بالإيمان والغيرة والكرامة.
لم يكن الحشد المليوني في ميادين المحافظات وميدان السبعين مجرد جموع خرجت لترفع شعارات عابرة، بل كان تجسيدًا حيًا لعقيدة راسخة تؤمن بأن فلسطين ليست قضية حدودٍ ووطنٍ مسلوب فحسب، بل هي اختبار للإيمان والوفاء والوعي. إن خروج الشعب اليمني لم يكن مقتصرًا على هذا اليوم فقط، فهو خروج يتكرّر كلّ يوم جمعة منذ بداية العدوان “الإسرائيلي” على غزّة، تأكيدًا على الثبات والوفاء، غير أن هذا اليوم كان الأوسع والأكثر حشدًا وزخمًا، استجابة لدعوة القائد الذي حمل هم الأمة في صدره وأكد على أهمية هذا الخروج العظيم، لتكون جموع اليمنيين رسالة حية إلى غزّة المحاصرة: لستم وحدكم.
من وسط هذا الزمان الذي ساد فيه الخذلان وعم فيه النكوص، حسب تعبير الرئيس المشاط، في تحيته للجماهير اليمنية اليوم، وقف الشعب اليمني يقول كلمته: إن دماء أطفال غزّة ليست أرقامًا في نشرات الأخبار، وإن دموع الأمهات الثكالى ليست مادة للفرجة، بل هي أمانة في أعناق الأحرار وأبطال الميادين. وفي ميادين اليمن، تردّدت الهتافات تهزّ القلوب: “الجهاد الجهاد.. حيّ حيّ على الجهاد”، “مع غزّة يمن الأنصار.. بجهوزية واستنفار”.
ما فعله اليمن لم يكن شجبًا إنشائيًّا ولا تأييدًا رمزيًّا بل كان تأكيدًا عمليًّا على استعداد واستنفار وتفويض كامل للقيادة في اتّخاذ ما يلزم من خطواتٍ تصعيدية. هكذا يتحول الغضب الشعبي من مشاعر إلى مواقف، ومن مواقف إلى أفعال، ومن فعل إلى عنوان يتجاوز حدود اليمن ليبلغ أسماع من اعتادوا الصمت في قصورهم.
هنا يتجلى الفارق الجوهري بين من يحجبون المعابر ويغلقون الأبواب في وجه المجاهدين، وبين شعبٍ لا يطلب سوى أن يفتح له الطريق ليشد الرحال إلى الجبهات، مستجيبًا لأمر الله، ونصرة للحق، ووفاء لدماء الشهداء.
إن هذا الحشد المليوني بقدر ما كان رسالة للعدو الصهيوني، فقد كان أيضًا صفعة أخلاقية للأنظمة المتخاذلة، واستنهاضًا للضمائر في الأمة التي طوقها الخوف وكبلها الخنوع. فقد برهن اليمنيون أن الشعوب حين تصحو لا تحتاج إذنًا من أحد، وأن الإرادة الشعبية أقوى من كلّ سياج وحدود.
أما حين يهتف الشعب: “فوضناك يا قائدنا”، فإنه يختصر المسافة بين القيادة والقاعدة، ويقول بلسانٍ واحد: نحن معكم في السراء والضراء، في الحصار وفي الجهاد، في القهر وفي الانتصار.
إن الموقف اليمني يخرج القضية الفلسطينية من مربع الشعارات، لتصبح التزامًا ايمانيًّا وعقدًا أخلاقيًّا مع الله والتاريخ. ومن ميدان السبعين إلى غزّة، تمتد خيوط الوعي والصبر والمواجهة، لتقول للعالم إن الدم لا يُقهر إن حمله الأحرار في عروقهم، وإن الحصار لا يقتل الروح إن حملتها قلوب مفعمة بالعقيدة والثقة بوعد الله.
سيبقى اليمن شاهدًا على أن الأمة لم تمت، وسيبقى اليمني البسيط، الذي يدفع من قوت يومه ليمنح ما يستطيع لأجل فلسطين، عنوانًا صادقًا للأمة حين تتجلى في اصدق صورها، أمة الجهاد، أمة العزة، أمة الكرامة.

مقالات مشابهة

  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: الغاز الطبيعي الأذربيجاني سيؤدي دوراً استراتيجياً في رفع القدرات الإنتاجية من الكهرباء في سوريا بما يبشر بمزيد من الانتعاش الاقتصادي
  • الفوضى.. أو الجهاد الخلاق
  • 23 ألف لبناني هجروا من قراهم في سوريا وتوجّه عشائري لزيارة الشرع
  • «زاتكا» أول هيئة سعودية تحصد نموذج «النضج العالمي»
  • اليمن صوت الإيمان والنصرة في زمن الصمت والخذلان
  • خداع منهجي يخفي تدفق الأسلحة الكندية الهائل إلى إسرائيل
  • «زاتكا» تحصل على المستوى الخامس في نموذج النضج العالمي P3M3 كأول هيئة سعودية
  • حمزة: دورة هذا العام تأتي بعنوان وطني خاص، فهي أول دورة تقام بعد تحرير دمشق من النظام البائد، وبرعاية كريمة من فخامة الرئيس أحمد الشرع ما يمنحها رمزية سياسية واقتصادية كبرى
  • لماذا لا يصلح نموذج أردوغان لسوريا اليوم؟
  • سوريا.. كيف يتألف البرلمان المخول بإجراء تشريعات إصلاحية اقتصادية؟