متخصص بالشأن الاستراتيجي: حكومة سوريا غير شرعية وما حدث ليس ثورة
تاريخ النشر: 28th, December 2024 GMT
أكد العميد الدكتور طارق العكاري، المتخصص في الشأن الاستراتيجي والاقتصاد العسكري، أن وزير الخارجية السوري وزير غير شرعي في حكومة غير شرعية وما حدث في سوريا ليس ثورة ولكن إسقاط للنظام، مشددًا على أن الدولة المصرية لها قرارات الخاص وهي دولة لها وزنها بالمنطقة ولن تهرول للجلوس مع احمد الشرع أو مع الإدارة السورية الجديدة، وستنظر الدولة المصرية قليلًا قبل التعامل مع إدارة سوريا.
وشدد "العكاري"، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية كريمة عوض، ببرنامج "حديث القاهرة"، المُذاع عبر شاشة "القاهرة والناس"، على أن أحمد الشرع أكد أنهم سيحاسبون فلول النظام السابق، مؤكدًا أن الحكومة في لبنان والعراق بدأ تسليم كل من كان محسوب على النظام السوري السابق بشار الأسد إلى الحكومة في سوريا.
وتابع :"شواهد إطلاق قنابل نووية من إسرائيل كانت ستكون أكبر مما يتداول في الإعلام، القنبلة من المفترض تم ضربها في شهر ديسمبر المقبل، إسرائيل لم تستخدم قنابل نووية في سوريا".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سوريا وزير الخارجية السوري المصرية الإدارة السورية الجديدة حكومة غير شرعية
إقرأ أيضاً:
غضب مكبوت.. قنابل في داخل الشعوب
د. عبدالله باحجاج
تعتمد الحكومات في المنطقة على مبدأ كسب الشعوب كشرعية وجودية لها ومن ثم ديمومتها في السلطة، مما يجعل هذا المبدأ سياسيًا يقابل مبدأ التمثيل السياسي في حكومات أخرى حول العالم.
والفرق بين الشرعيتين كبير -شكلًا وجوهرًا- وهو يعكس طبيعة الأشكال السياسية للدول، وهي ليست موضوع حديثنا هنا.. الأهم أن هناك شرعية قد بُنيت عليها أساس العلاقة الجوهرية-الوجودية- بين الأنظمة وشعوبها في المنطقة، استطاعت من خلالها الأنظمة الإقليمية تحقيق الاستقرار والسلم الأهلي.
وهنا نتساءل: لو تغيّر هذا المبدأ (كسب الشعوب)، فما هي نتائجه أو تداعياته؟
تساؤل ستكون الإجابة عليه متعددة وعميقة، ولن نتناول منها سوى مفهوم واحد مفترض بفرضية الوجوب الزمني الراهن، وهو: أن تظل الحكومات ممثلًا لشعوبها ومعبّرًا ومدافعًا عن هويتها، وإلا ستظهر مؤسسات وقوى أفقية تنافسها بقوة على الشرعية، ولديها مداخلها المفتوحة القديمة/الجديدة، مما قد يؤدي إلى ممارسات يتم من خلالها تجاوز الحدود من تحت الحكومات، وقد تتحول إلى وقود عنف.
وهذا الطرح عام، ويمكن إسقاطه على كل مجالات التدبير والتسيير العمومي في أي بلد لرؤية تطبيقاته. لكننا هنا سنركّز على مدى تماهي مواقف الحكومات الإسلامية والعربية مع مواقف شعوبها تجاه ما يجري لإخوة الإسلام في غزة من إبادة وحشية، تستخدم فيها قوات الكيان الصهيوني ترسانة عسكرية مدمّرة ومدعومة من الأمريكان والغرب عامة، على بقعة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترًا مربعًا، مستهدفة ما يزيد على مليونين من الفلسطينيين المحاصرين فيها، في صمت أنظمة وتواطؤ أخرى، لقرابة سنتين متواصلتين.
وكل يوم يمرّ تحترق فيه شعوب المنطقة من الداخل، وقد وصل الحريق الآن إلى مستويات لا يمكن التنبؤ بانفجارها. وقد اعتبر أبو عبيدة، المتحدث الرسمي باسم الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية، قادة ونخب الأمة الإسلامية والعربية خصومًا أمام الله عز وجل، في ظل مشاهد استشهاد كبار السن والأطفال من الجنسين بسبب التجويع، مما حرّك علماء الأمة، وتعالت صرخات ودعوات الشعوب، بين من يطالب بفتح الحدود أو بمواقف سياسية بحجم الإبادة، أو فتح باب التبرعات... وحتى هذا الأخير -وهو أضعف الإيمان- تُحرم منه أغلب الشعوب، وبالتالي يزداد غضبها المكبوت داخل الصدور، رغم ما يظهر على السطح... ولا نظن أنه سيظل طويلًا هناك.
لن يستمر ذلك إلى ما لا نهاية، لأنه ليس هناك أفق لنهاية التجويع كوسيلة للإبادة الجماعية. ولأن المحتلين الصهاينة يتفنّنون في الإبادات، وآخرها -ولن تكون الأخيرة- مصائد المساعدات التي أُعدم فيها العشرات إن لم يكن المئات رميًا بالرصاص أمام عدسات الكاميرات. وعند الاستشهاديين، لا فرق: فالموت واحد، جوعًا أو رصاصًا. ومن فنونهم أيضًا رشّ رذاذ الفلفل في العيون، وتشاركهم في ذلك قوات أمريكية، كشف عن ذلك أحد جنودها بعد أن فرّ تائبًا أمام فظاعة المشهد الإنساني، وقد اعترف بذلك على الهواء.
تأتي حروب التجويع بعد أن انتشرت القبور في كل مكان بغزة، وتحولت المباني إلى أكوام من الركام فوق الجثث المتحللة.. ويأتي قرار ما يسمى بـ "الكنيست الصهيوني" سحب السيادة الفلسطينية من الضفة الغربية، ليُسقط كل الأقنعة المزيفة عن مسرحيات التطبيع ووقف إطلاق النار، ويضع العرب المطبعين -والسائرين نحوه- أمام انكشافات الشعوب.
لن نصدق المناشدات الأوروبية، وخاصة الفرنسية والبريطانية، بوقف هذه الإبادات أو بالتعبير عن الاستعداد للاعتراف بالدولة الفلسطينية كما فعل ماكرون، فهذه مجرد فصل من فصول مسرحية التهجير.
لن نصدق الإرهابي الصهيوني نتنياهو في نواياه بوقف إطلاق النار، فهو يتبادل الأدوار مع جناح الإرهاب المتشدد بن غفير وسموتريتش، الذين يرفضون مطلقًا أي انسحاب من أي منطقة في غزة... لن يتنازل الإرهابي نتنياهو عن ترك السلطة بسهولة، ولا عن طموحه في العودة لها خلال الانتخابات المقبلة.
واشنطن تكذب، وأوروبا تكذب، وللأسف بيننا من يتماهى معهم في الكذب.. كلهم يمهّدون لتهجير غزة من سكانها.
وما سياسة التجويع، التي تمس الوجود البشري في غزة، إلا نوع من حروب تفريغ الديموغرافيا من جغرافيتها، وهذا قد أصبح معلومًا، ولم يعد محل شك... والرئيس ترامب نفسه سبق أن اقترح التهجير. إذًا، التهجير هو الهدف الواضح الآن، وهو ما يسحب من الأنظمة الإسلامية والعربية كل حجج التطبيع واستمراريته.
ورغم ذلك، هناك كثير من الأدلة العقلية الأخرى التي نعتمدها في كشف المزاعم الكاذبة لمسرحيات وقف إطلاق النار والتطبيع، الهادفة إلى كسب الوقت حتى يتم دفع أهالي غزة إلى طلب التهجير طوعًا، هربًا من مشانق التجويع أو الموت رميًا بالرصاص.
وفي وقت حروب التهجير، يجري الموساد الصهيوني محادثات مع عدة دول عربية وإفريقية، حددتها مواقع صهيونية وأمريكية مثل وكالة "أسوشيتد برس" وموقع "أكسيوس"، وكشفت عن موافقات مبدئية من بعض تلك الدول.
من هنا، يستوجب التحذير من الغضب المكبوت داخل الشعوب، ولا يمكن التقليل من شأنه، فكيف إذا ما التقى مع الإحباطات الداخلية وما أكثرها؟ المطلوب الآن، على الأقل، الحد الأدنى من الوعي السياسي، قبل أن تتحول بوصلة الغضب من مساراتها الطبيعية إلى مسارات داخلية وخارجية، قد تتقاطع مع أجندات متربصة.
وهناك دول -للأسف- تمنع شعوبها حتى من التبرع بالمساعدات المالية لإخوانهم في الدين.
ولله الحمد والمنة، فإن حكومتنا تستوعب معاني وغايات هذه الأخوة الوجودية، وتفتح باب التبرعات عن طريق الهيئة العُمانية للأعمال الخيرية، وشهادة المسن الفلسطيني من أهل غزة لدور أهل عُمان -حكومة وشعبًا- التي تناقلتها وسائل الإعلام والتواصل، شهادة تجعلنا نشعر -على الأقل- بالحد الأدنى من التضامن مع الأشقاء، رغم أننا نتطلع إلى أكثر من ذلك.
وندعو مؤسسات مجتمعنا المدني إلى إصدار بيان عاجل مشترك للوقوف مع الأشقاء في محنتهم الوجودية، تعزيزًا لمستوى الحد الأدنى، في ظل الواقع وإمكاناته.
لا فقدان للأمل، ولا يأس، بعدما انكشف حجم الخطط وما وراء الإبادة الوجودية لأهلنا في غزة.
إنهم يخططون لما يسمى بـ "شرق أوسط جديد"....
ونحن نؤمن أن شيئًا لن يتحرك، ولن يسكن، إلا بإذن الله تعالى ومشيئته. فكل ما يحدث في غزة بمشيئة الله وإرادته الكونية، وذلك حتى تنكشف دول الظلم وتسارع في السقوط.
ومن يقرأ تاريخ انهيار الأفراد والأنظمة والدول والإمبراطوريات الظالمة، سيتساءل الآن: متى يسقط الكيان الصهيوني ودولة الظلم الكبرى "أمريكا" وكل من يتواطأ معها؟.. إنها مسألة وقت فقط... ترقّبوها.
فمظاهر الانهيار الحتمي تظهر على السطح. فبحجم الظلم الوجودي الهائل على غزة -وهو متعدد المصادر- ستسقط السُّلط والدول التي تقف وراءه، يقينًا.
فإيماننا بالله، واطلاعنا على سننه من خلال أحداث التاريخ، يقودنا إلى القول باستحالة أن تعيش دول الظلم طويلًا بعد جرائمها الكبرى في غزة.. هذه سنة كونية تجري على الجميع، سواء أكانت دولًا، أو جماعات، مسلمة أو كافرة.
دورنا الآن الإخلاص في الدعاء باستعجال السقوط.
وقد ينبثق دورٌ ما ضمن صيرورة هذا السقوط، فهي -أي الصيرورة- لا تستأذن ولا تستشير، وإنما تحمل كل أداة: من حجر، وشجر، وبشر، لتحقيق نتائجها.. هي آتية... آتية... لا محالة، بحجم إبادة غزة، والتواطؤ فيها.
رابط مختصر