بعد وصية يلتسين..هل أحسن بوتين الاعتناء بروسيا في 25 عاماً؟
تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT
تعيش روسيا في ظل رئيسها فلاديمير بوتين منذ 25 عاماً، فبعد استقالة سلفه بوريس يلتسين، تسلم بوتين الذي كان رئيساً للوزراء القيادة، وبعد 3 أشهر فقط فاز في الانتخابات الرئاسية.
كانت استقالة يلتسين مفاجئة لجميع الروس، ولبويتن أكثر من غيره، حين وضع أمام تحديات كبيرة في وقت مبكر، وورث بلداً يحتاج إلى الكثير من الجهد للعودة إلى الساحة العالمية بثقله المعهود.ومنذ تسلمه الحكم في الكرملين، بدأ بوتين الاهتمام بمصالح بلاده الداخلية والخارجية عملاً بوصية يلتسين، حين قال له عند مغادرته الحكم: "اعتن بروسيا".
مرت رحلة بويتن في الحكم بمراحل عدة، وبحروب مختلفة، بدءاً من حرب الأيام الستة ضد جورجيا في 2008 وكان حينها نائباً للرئيس دميتري ميدفيديف لكن بسلطات غير محدودة، وصولاً إلى الحرب ضد أوكرانيا المشرفة على عامها الثالث، والتي أنتجت عواقب مدمرة على البلدين المتصارعين.
خسائر كبيرةخسرت أوكرانيا حتى الآن ما يقرب من 20% من أراضيها ونزح 10 ملايين من مواطنيها إلى دول الجوار، وتسببت الحرب في دمار هائل في مدنها الرئيسية، وفي المقابل، تكبدت روسيا خسائر فادحة في المعركة، وتعرضت المدن والبلدات الروسية لهجمات منتظمة بطائرات دون طيار، كما احتل الجنود الأوكرانيون جزءاً من منطقة كورسك الروسية، كما فرضت العقوبات الدولية ضغوطاً هائلة على اقتصاد روسيا.
ويقول مراسل بي بي سي ستيف روزنبرغ، الشاهد على استقالة يلتسين ومجيء بوتين: "كنت أقدم تقارير عن بوتن عند توليه السلطة منذ ربع قرن من الزمان، ولم يكن حينها في معتقد أحد أن الزعيم الروسي الجديد سيظل في السلطة بعد عقدين ونصف من الزمان، أو أن روسيا في ظله ستشن حرباً على أوكرانيا وتواجه الغرب".
ويضيف "في كثير من الأحيان أتساءل إذا كان مسار التاريخ سيكون مختلفاً بشكل كبير إذا اختار يلتسين شخصاً آخر لخلافته، وهذا السؤال بالطبع أكاديمي، فالتاريخ مليء بالتساؤلات والاحتمالات".
وعن ما رأى خلال الأعوام الـ25 الشاهدة على حكم بوتين، يقول روزنبرغ، إن أمين عام ناتو السابق "روبرتسون قال لي في 2023، إن بوتين الذي التقيته، وأجريت معه أعمالًا جيدة، وأنشأت معه مجلساً لحلف شمال الأطلسي وروسيا، مختلف تماماً عن ذلك المجنون في الوقت الحاضر".
وأضاف روزنبرغ نقلاً عن روبرتسون "الرجل الذي وقف في مايو (أيار) 2002، بجانبي مباشرة، وقال إن أوكرانيا دولة ذات سيادة ومستقلة وستتخذ قراراتها الخاصة في الأمن، هو الآن الرجل الذي يقول إن أوكرانيا ليست دولة قومية".
وتابع قائلاً: "أعتقد أن فلاديمير بوتن لديه طموح كبير لبلاده، اعتُرف بالاتحاد السوفييتي باعتباره القوة العظمى الثانية في العالم، إن روسيا لا تستطيع أن تدعي شيئاً في هذا الاتجاه. وأعتقد أن هذا قد أزعج غروره".
ويؤكد مراسل بي بي سي، أن هذا تفسير محتمل للتغيير الذي شهدناه في شخصية بوتين، فطموحه المحموم إلى "جعل روسيا عظيمة مرة أخرى" والتعويض عما يعتبره كثيرون هزيمة موسكو في الحرب الباردة، وضع روسيا على مسار تصادم حتمي مع جيرانها، ومع الغرب.
لكن الكرملين لديه تفسير مختلف، ونرى ذلك من خلال الخطب التي يلقيها بوتين، والتعليقات التي يدلي بها، فهو يبدو مدفوعاً بالاستياء، والشعور الشامل بأن روسيا تعرضت للكذب والإهانة لسنوات، وأن الغرب تجاهل مخاوفها الأمنية.
ويتساءل روزبنبرغ إذا كان بوتين نفسه استجاب لطلب يلتسين "الاعتناء بروسيا؟". ويجيب قائلاً: "سنحت لي الفرصة أخيراً لمعرفة ذلك، فبعد أكثر من أربع ساعات من مؤتمره الصحافي الطويل في نهاية العام، دعاني بوتين لطرح سؤالي، وقلت له لقد قال لك بوريس يلتسين أن تعتني بروسيا، فماذا عن الخسائر الكبيرة في ما يسمى عمليتك العسكرية الخاصة، والقوات الأوكرانية في منطقة كورسك، والعقوبات، والتضخم المرتفع. هل تعتقد أنك اعتنيت ببلدك؟". وكانت إجابة بوتين على النحو التالي: "نعم، ولم أعتن بها فحسب، بل أبعدتها عن حافة الهاوية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات أوكرانيا روسيا بوتين بوتين روسيا أوكرانيا
إقرأ أيضاً:
مكالمة ساخنة بين بوتين وترامب.. موسكو تلوّح بالتفاوض في أوكرانيا وتهاجم واشنطن بسبب إيران
في مشهد يعكس سخونة المشهد الدولي وتعقيد العلاقات بين القوى الكبرى، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مكالمة هاتفية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تناولت تطورات الحرب في أوكرانيا، والأوضاع المتأججة في الشرق الأوسط، لا سيما الملف الإيراني. المكالمة، التي كشف تفاصيلها مساعد بوتين، يوري أوشاكوف، حملت رسائل متضاربة من الجانب الروسي استعداد للتفاوض، وتمسك حازم بالأهداف الاستراتيجية.
موسكو: لا تراجع عن الأهداف رغم رغبة التفاوضأكد بوتين، بحسب ما نقله أوشاكوف للصحفيين، أن روسيا لا تزال تسعى إلى حل سياسي وسلمي للنزاع في أوكرانيا، إلا أنها لن تتنازل عن الأهداف التي وضعتها في بداية العملية العسكرية، مشيرًا إلى أن هذه الأهداف تتعلق بما وصفه بـ"القضاء على الأسباب الجذرية للنزاع"، في إشارة واضحة إلى رفض موسكو لانضمام أوكرانيا إلى الناتو واعتبارها تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
بوتين أبلغ ترامب أيضًا بأن الاتفاقيات الأخيرة لتبادل الأسرى وجثامين الجنود بين روسيا وأوكرانيا قد تم تنفيذها، مؤكداً في الوقت ذاته أن أبواب الحوار لا تزال مفتوحة مع كييف، رغم الجمود السياسي والعسكري الحالي.
ترامب يعيد فتح ملف الحرب الأوكرانيةوخلال المكالمة، أعاد ترامب الذي لطالما عبّر عن استيائه من استمرار الحرب الأوكرانية دون تقدم ملموس طرح فكرة إنهاء العمليات العسكرية في أوكرانيا بشكل مبكر، دون أن يتم التطرق لتفاصيل الخطة التي قد يقترحها حال عودته للبيت الأبيض.
الكرملين لم يشر إلى أي تغيير في موقف موسكو خلال الاتصال، لكن التلميحات المتبادلة أظهرت أن ترامب لا يزال يراهن على دور تفاوضي محتمل قد يلعبه في حال فوزه بالانتخابات المقبلة.
قضية الناتو.. جوهر الصراععبارة "الأسباب الجذرية"، التي تكررت في خطاب الكرملين، تُعد تلخيصًا لرؤية موسكو التي تعتبر أن توسع الناتو شرقًا وخاصة إلى حدودها الغربية يشكل تهديدًا استراتيجيًا لا يمكن التهاون معه. وبينما تصف أوكرانيا والدول الغربية هذه المبررات بأنها "ذريعة إمبريالية"، لم يُخف ترامب في مرات سابقة تعاطفه مع وجهة النظر الروسية، أو على الأقل تفهمه لمخاوف موسكو من توسع الحلف.
ملف إيران.. موسكو تنتقد الضربات الأمريكيةلم تخلُ المحادثة من التطرق للتوتر المتصاعد مع إيران. حيث أكد أوشاكوف أن موسكو شددت على ضرورة حل كافة النزاعات الإقليمية، بما فيها الخلاف مع إيران، عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية فقط.
وفي هذا السياق، وجهت روسيا انتقادًا مباشرًا للولايات المتحدة على خلفية الضربات الجوية التي شنّتها قاذفات أمريكية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية الشهر الماضي، ووصفت موسكو تلك الخطوة بأنها "غير مبررة وغير قانونية"، ما يعكس توتراً إضافياً في العلاقات بين الطرفين.
طريق طويل من المكالمات إلى السلامالمكالمة بين بوتين وترامب تُعد واحدة من أبرز المؤشرات على استمرار التواصل السياسي خلف الكواليس بين القوى العظمى، لكنها في الوقت نفسه تعكس فجوة عميقة في الرؤى والأهداف، خاصة فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية والملف النووي الإيراني. وبينما تتحدث موسكو عن مفاوضات، إلا أن تمسكها بأهدافها الأصلية يجعل طريق السلام محفوفًا بالعقبات، وربما لا يكون مجرد مكالمة كافية لتغيير المشهد.