لجريدة عمان:
2025-06-03@21:41:12 GMT

صيادو غابة البيانات الإلكترونية!

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

كم مرّة يسترقُ أحدنا النظر إلى شاشة هاتفه فـي اجتماعات العمل؟ كم مرّة نندمجُ بمتابعة مقطع فـيديو أو «ريلز» بينما ندعي مساعدة أبنائنا فـي حل واجباتهم المدرسية؟ كم مرّة نتركُ أعمالنا المُتراكمة فـي البيت لنراقب الإشعارات التي تصلنا من قنوات اليوتيوب، كم مرّة نتجاهلُ الأصدقاء المجاورين لنا فـي المقهى لترمش أعيننا رمشتها الوثابة تجاه بريدنا الإلكتروني الوارد؟

فـي الحقيقة يحدثُ ذلك كثيرا، لكنني أصبتُ بصدمة عندما وصف نيكولاس كار فـي كتابه «السطحيون»، ت: وفاء م.

يوسف، دار: صفحة ٧، شبكة الإنترنت بأنّها مُصممة على نظام المقاطعة وتشتيت الانتباه، فكل نظرة تُلقى على إشعارات هواتفنا هي بمثابة مُشتت وغالبا ما يكون ثمنها الإدراكيّ الذي يُدفع لقاء ذلك غاليا.. إذ تضعفُ ذاكرتنا مع الوقت ونصبحُ على غير العادة متوترين وقلقين من شيء غامض!

فهذا التلاعب الآنيّ بمهامنا الدماغية يُطلق عليه العلماء «تكلفة الانتقال»، ولكم أن تتصوروا أنّه يتعين على دماغنا المسكين -فـي كل مرّة نصرفُ فـيها انتباهنا من شيء لآخر- إعادة توجيه نفسه من جديد، الأمر الذي يجعله غافلا عن معلومات مُهمة أو ذاهبا لتفسيرات خاطئة!

ها نحنُ الآن نقعُ جميعا فريسة اللهاث المحموم لمعرفة ما يجري فـي سياقات متنوعة من شؤون الحياة بواسطة الشبكة، وكأنّ عدم قدرتنا على الولوج إلى السيل المعلوماتي، يجعلنا غير مرئيين أو غير قادرين على الاتصال بحديث مُشترك مع المجموعات التي تُحيط بنا ونتقاسم المعرفة معها. تلك الهالة السحرية التي تطال كل شيء، دون استثناء للتافه والدنيء منها!

جميعنا يعي -من جهة أخرى- أنّنا لو عطلنا تلك التنبيهات سيعترينا شعور جارف ومخاتل بانقطاعنا عن العالم أو بوقوعنا فـي فراغ عزلتنا الاجتماعية! لكن المُفزع أكثر هو ما أشار له كار بوضوح حول أنّ: التجاهل أو الانقطاع لم يعد خيارا لأحدنا!

يذهبُ كتاب «السطحيون» إلى أنّ شبكة الإنترنت -رغم شقها الإيجابي فـي تمرين العقل على غرار تمارين حل الكلمات المتقاطعة- لا تذهب تمارينها لما هو أعمق، فهذه الشبكة الثورية والجامحة، تتلاعبُ بتشكيل عقلنا البشري الجديد حقا، فبينما يتسنى الآن للبشر المُعاصرين أن يمارسوا ملايين الأنشطة التي لم تتسنَ للإنسان من قبل ممارستها، يُكابد الدماغ تغيرات مُذهلة بشكل سريع وجذري.. وربما أحد أهم هذه الأنشطة «القراءة». إذ بقدر ما تدعم شبكة الإنترنت القراءة السريعة، تدفعنا إلى التفكير العجول والمُشتت أيضا، فتلك النقرة السريعة على محركات البحث، تجعلنا فـي مواجهة مباشرة مع صنابير معلوماتية عارمة، تندفعُ بأقصى ما يمكن لها، إلى أن يُصبح «الحمل المعرفـي» متجاوزا قدرتنا على التخزين والمعالجة، ولذا يبقى فهمنا فـي الغالب «سطحيا»!!

ثمّة تغيرٌ طرأ على القراءة فـي السنوات العشر الأخيرة لا يمكن إنكاره، فالبيئة الرقمية التي تُشجع على استطلاع المواضيع، منحت القراء خاصية «التخطي» وصولا إلى النهاية، ولذا انتشر الآن ما يُسمى بالقراءة غير الخطية.

لا ينكرُ الكتاب أنّ الاتصال بالشبكة يجعل أدمغتنا المرنة أكثر فطنة وذكاء فـي أداء المهام، لكنه يجعلها أيضا أقل قدرة على التفكير المُتعمق والإبداعي، ومجردة إلى حد كبير من التفكير الناقد والخيال والتأمل.

ويصف كار ما نمرُّ به بصورة مجازية باعتباره نقيض مشروع الحضارة، فكما نعلم: بدأ الإنسان صيادا وجامعا ثمّ تحول إلى مزارع ومستأنس.. بينما فـي غابة البيانات الإلكترونية: بدأنا بزارعة المعرفة ثمّ ظهر الإنسان الحديث كجامع أو صياد لها.

السؤال المقلق: كيف نُحافظ على رباطة جأش أذهاننا تحت وابل من المحفزات اللانهائية؟ ونحن على يقين بأنّ عاداتنا على الشبكة تنعكسُ على عمل مشابكنا العصبية فـي الأدمغة؟ لاسيما وأنّه لم يعد من اليسير لهذه الحضارة أن تعود بخطواتها إلى الوراء!!

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

الضرائب والرسوم: الـ 10 من حزيران آخر موعد لتقديم البيانات الضريبية عن أيار لمكلفي استيفاء وتوريد رسم الإنفاق الاستهلاكي

دمشق-سانا

ذكّرت الهيئة العامة للضرائب والرسوم المكلفين بأن آخر موعد لتقديم البيانات الضريبية عن شهر أيار بالنسبة للمكلفين باستيفاء وتوريد رسم الإنفاق الاستهلاكي المترتب على بيع الحلي والمصوغات الذهبية هو يوم الثلاثاء المقبل الموافق للعاشر من شهر حزيران الحالي.

وأكدت الهيئة عبر صفحتها الرسمية على الفيسبوك ضرورة التزام مكلفي مهنة الصاغة بمهلة تقديم البيان الضريبي الشهري خلال العشرة أيام الأولى من الشهر التالي، وفقاً للنموذج المبسط المخصص لهذه المهنة، الموجود على الموقع الإلكتروني للهيئة، أو من خلال مديريات المالية بالمحافظات (يقدم مجاناً).

وفيما يخص تسديد رسم الإنفاق الاستهلاكي (وإضافاته ومتمماته إن وجدت)، بينت الهيئة أنه يجب أن يكون التسديد خلال مهلة تقديم البيانات، مع إمكانية التسديد عبر الحسابات المصرفية لمديرية المالية التابع لها المكلف في أي من المصارف العاملة، إضافة إلى إمكانية التسديد المسبق للرسم المذكور قبل تقديم البيان الضريبي، مع الالتزام بالتسديد ضمن مهلة تقديم البيانات المحددة خلال العشرة أيام المشار إليها أعلاه.

ونوهت الهيئة بأن رسم الإنفاق الاستهلاكي على بيع الحلي والمصوغات الذهبية إلى المستهلك النهائي والمحدد بـ 1 بالمئة، لا يخضع لأي إضافات كانت، سواء رسم الإدارة المحلية، أو المساهمة الوطنية لإعادة الإعمار.

ويمكن الاطلاع على الحسابات المصرفية الخاصة بمديريات الماليات في المحافظات عبر زيارة الرابط التالي:

مقالات مشابهة

  • الضرائب والرسوم: الـ 10 من حزيران آخر موعد لتقديم البيانات الضريبية عن أيار لمكلفي استيفاء وتوريد رسم الإنفاق الاستهلاكي
  • هل الاقتصاد الأميركي يخدعنا حقًا؟.. مؤشرات مظلمة خلف البيانات المتفائلة
  • في أعماق غابة أوغندا..ناشطة بيئية تقضي 30 عامًا في إنقاذ الغوريلا الجبلية
  • أفضل الأذكار التي أوصانا بها النبي في العشر الأوائل من ذي الحجة.. رددها الآن
  • ضريبة الدخل على الأفراد بين فلسفة التفكير ومنهجية التطبيق
  • وزير الاتصالات: مشروع الرقم العقاري القومي يوحّد البيانات
  • بعصر كاميرات المراقبة وبرامج التتبع.. دراسة: شعور الإنسان أنه مراقب يغيّر نمط التفكير
  • محافظ الدقهلية يستقبل وفد مركز معلومات مجلس الوزراء لبحث سبل التعاون فى مجال البيانات
  • التنمية المحلية: تسهيل ربط قواعد البيانات مع منظومة الرقم القومي العقاري
  • "الدولة" يبحث إنشاء هيئة وطنية مستقلة لإدارة وحوكمة البيانات