الجزيرة:
2025-08-12@08:14:20 GMT

سياحة الطعام: هل جربت الترحال بين نكهات المدن؟

تاريخ النشر: 29th, December 2024 GMT

سياحة الطعام: هل جربت الترحال بين نكهات المدن؟

لطالما كان الطعام أكثر من مجرد وسيلة للبقاء؛ إنه نافذة على تاريخ الشعوب وثقافتها. واليوم، أصبح الطعام أحد عناصر الجذب المهمة للمسافرين الباحثين عن تجارب فريدة تجمع بين الأطباق المحلية وسحر الأماكن الجديدة. فكل مدينة تتميز بنكهاتها الخاصة، مثل البيتزا في إيطاليا، والأطعمة الحارة في الهند، والسوشي في اليابان، والبقلاوة في إسطنبول، والفول والكشري في مصر.

لكن هل هناك حقا من يسافر لتذوق الطعام ويضعه على قائمة اختياراته لوجهته القادمة؟ الإجابة هي نعم وبكل تأكيد.. دعنا نشرح لك الأمر في هذا المقال.

ما هي سياحة الطعام؟

تُعرّف "منظمة السفر الغذائية العالمية" سياحة الطعام بأنها سعي المسافر وراء الاستمتاع بتجارب الأكل والشرب الفريدة والمميزة في كل منطقة أو بلد في العالم، سواء كان الطعام محليا أو دوليا. فكل طبق يعكس هوية المكان، ويقدم تجربة حسية شاملة تجمع بين المذاق والرائحة والتقاليد.

ساحة جامع الفنا هي أحسن مكان يمكن أن يبحث فيه زائر مراكش عن الطعام المحلي (شترستوك)

 

ومن خلال تجربة الطعام، يمكن للزوار التعرف على تاريخ وثقافة البلد. على سبيل المثال، يعتبر المطبخ المغربي من أغنى وأشهر المأكولات في العالم، حيث يعكس تلاقح ثقافات متعددة أثرت في المطبخ المغربي وامتزجت معاً لتخرج أَطباقا مغربية مميزة ليس لها مثيل، تمكنك من تذوق التاريخ عبر كل ملعقة.

إعلان

وليست سياحة الطعام مجرد وسيلة جذب للسياح، بل هي أيضا جزء أساسي من صناعة السياحة والاقتصاد المحلي. وعلى عكس الأنشطة الموسمية الأخرى، فهي تقدم خيارات مرنة للسائحين، حيث يمكنهم تجربة المأكولات في أي وقت من السنة.

لماذا تنمو سياحة الطعام؟

يحب الجميع الطعام، فهو حاجة أساسية في الحياة. ومن خلال تجوالهم بين أزقة المدن القديمة أو زيارة المواقع السياحية، يجد المسافرون أنفسهم في حاجة لتذوق أطعمة محلية، وهذه الحاجة تتيح لسياحة الطعام جذب جمهور واسع.

كما أظهرت إحصائيات نشرتها مجلة منظمة السفر الغذائية العالمية في عامي 2020 و2023 أن 53% من المسافرين بغرض الترفيه هم مسافرون من أجل الطعام، و51% يرون أن الطعام المحلي يساعدهم في فهم الثقافة المحلية، 43% من المسافرين يضعون الأولوية في الإنفاق على الطعام في السفر، كما يسافر 77% من جيل الألفية (مواليد ثمينينات وتسعينيات القرن الماضي) للحصول على تجارب طعام لا تُنسى.

لتلك الأسباب، فسياحة الطعام هي أحد أسرع القطاعات نموا في صناعة السياحة، فبحلول عام 2027، من المتوقع أن تصل قيمتها إلى 1.8 تريليون دولار. والعديد من المسافرين يختارون وجهاتهم بناءً على نوعية الطعام وأحيانًا تتضمن جولاتهم مشاهدة الطهي في الشوارع أو الأسواق الشعبية أو تذوق المشروبات محلية أو أنشطة أخرى متعلقة بالطعام مثل زيارة الأرياف والمزارع لاستكشاف مراحل الزراعة، أو جمع المحصول ثم طبخه من الألف إلى الياء.

كما أن محتوى وسائل الإعلام، مثل البرامج التلفزيونية والوثائقيات والمدونات المتخصصة، يساهم في نشر ثقافة سياحة الطعام وتعزيزها. وأظهرت إحصائية منشورة عام 2023 في إحدى المدونات الخاصة بالسفر أن 70% من المسافرين ينفقون أكثر على الطعام أثناء السفر مقارنة بحياتهم اليومية، مما يجعل الطعام عنصر جذب رئيس في الوجهات السياحية.

المحار المحشي بالأرز من الأكلات الشعبية المشهورة في شوارع المدن التركية (غيتي) اهتمام متزايد بتجارب الطعام

التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي في ترويج سياحة الطعام أصبح واضحا، إذ ساهمت في إحداث طفرة في هذا القطاع من خلال المحتوى المرئي الذي يقدمه صناع المحتوى والمدونون المتخصصون في تذوق الأطعمة، المعروفون بـ "الفوودبلوغرز" (Food Bloggers)، وقد أصبح نشر الصور والفيديوهات للأطباق المحلية وتجارب تناول الطعام على منصات مثل إنستغرام وتيك توك ويوتيوب أكثر من مجرد مشاركة للحظات، إنه أداة فعالة لترويج المطاعم والمأكولات المحلية وجذب المسافرين.

إعلان

ويلعب صناع المحتوى دورا محوريا في هذا السياق، فهم لا يعرضون الطعام فحسب، بل يقدمون تجربة حسية شاملة من خلال تسليط الضوء على تفاصيل الطبخ، وطرق التقديم، وقصص الأطباق التي تعكس ثقافة كل وجهة، وكثيرا ما يدفع المحتوى الذي ينشرونه المتابعين إلى زيارة الأماكن التي يظهرونها، ويشجع المسافرين الآخرين على خوض تجارب مشابهة، كما يساعد في بناء سمعة قوية للوجهات السياحية والمطاعم التي يتم الترويج لها.

بالإضافة إلى ذلك، توفر منصات حجز الرحلات والإقامة العالمية مثل "إير بي إن بي" (Airbnb) فرصة لتجربة سياحة الطعام بشكل أوسع، إذ يمكن للمسافرين حجز جولات طعام محلية مرفقة بخدمات الإقامة والتنقل بسهولة وبأسعار مناسبة. وقد ساهم هذا النهج في أن تستحوذ باقات سياحة الطعام على أكثر من 60% من إيرادات سوق السياحة في عام 2023، مما يؤكد أهمية سياحة الطعام كعنصر فعال في جذب شرائح جديدة من المسافرين، وزيادة الإنفاق السياحي.

تجربة تجمع النكهات بالثقافات

وتشمل الأنشطة المرتبطة بسياحة الطعام مجموعة متنوعة من التجارب مثل:

جولات الأسواق التقليدية: يزور السياح أسواق الطعام المحلية للتعرف على المكونات الطازجة وأساليب البيع التقليدية. تجارب طعام الشارع: من أشهر الأمثلة على ذلك أكشاك الطعام في بانكوك، وأسواق مراكش، وأكشاك السميت في إسطنبول، حيث يمكن للسائح تذوق الأطباق الشعبية وسط الأجواء المحلية. دروس الطهي: يتعلم السياح وصفات محلية على يد طهاة متخصصين، سواء في الفنادق أو المزارع أو المطابخ المنزلية. جولات تذوق الطعام: تنظم شركات محلية رحلات مصحوبة بمرشدين سياحيين لتذوق الأطباق التقليدية في مطاعم ومخابز وأسواق مختارة. زيارة المزارع ومناطق إنتاج الغذاء: وذلك للتعرف على عمليات زراعة المكونات وإنتاجها مثل زراعة الزيتون وإنتاج زيته أو صناعة الجبن. مهرجانات الطعام: تقدم هذه المهرجانات فرصة لاستكشاف ثقافات الطهي المحلية والعالمية. من أشهر مهرجانات الطعام في الدول العربية مهرجان دبي للمأكولات (شترستوك) جولات الطعام أو اكتشاف ثقافة المذاق

في السنوات الأخيرة، اكتسبت جولات الطعام شعبية كبيرة بفضل قدرتها على تقديم تجربة فريدة تجمع بين المذاق والثقافة، فهي تتيح للسياح تذوق أطباق متنوعة والتفاعل مع الطهاة أو البائعين المحليين في مناطق الجذب المتعلقة بالطعام مثل الأسواق، المخابز، والمطاعم التقليدية للتعرف على تاريخ كل طبق ومكوناته.

إعلان

وتتيح جولات الطعام في أثينا مثلا للزوار تذوق الزبادي اليوناني والعسل وزيارة الأسواق المحلية للأسماك والخضروات، مما يعكس عراقة المطبخ اليوناني. أما في إسطنبول، فتتميز الجولات بتذوق أطباق مثل الكباب والحلويات التركية. وفي مصر، تعد جولات الطعام تجربة مميزة تجمع بين تذوق الأطباق المحلية مثل الكشري والفول والعيش البلدي، وتفاعل الزوار مع الثقافة المحلية.

رافعة لترويج الوجهة

وتحولت مهرجانات الطعام إلى أحداث رئيسة في زيارة بلد أو وجهة جديدة، حيث تجذب السياح من جميع أنحاء العالم بفضل ما تقدمه من تنوع وتجارب مميزة. ولهذه الأسباب استخدمت هيئات السياحة في بعض الدول الأكل التقليدي في الترويج للسياحة بتلك البلاد.

جانب من مهرجان سمك الرنجة في مدينة لاهاي الهولندية (غيتي إيميجز)

فعلى سبيل المثال، استقطب مهرجان الطعام الآسيوي لعام 2023 في مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية قرابة 99 ألف زائر خلال يومين، حيث قدم المهرجان تجربة غنية بتذوق الأطعمة الآسيوية والتعرف على ثقافتها. ومن المهرجانات الشهيرة الأخرى:

مهرجان "تيست أوف دبلن" (Taste of Dublin) الذي يقام سنويا في أيرلندا خلال شهر مايو/آيار، ويحتفي بأفضل الأطعمة والمشروبات الأيرلندية. صالون دو شوكولا في باريس (Salon du Chocolat)، الذي يعد جنة لمحبي الشوكولاتة ويجذب آلاف الزوار سنويا وينظم في آخر أكتوبر/تشرين الثاني. مهرجان سمك الرنجة في منطقة شيفنينغن (Flag Day Scheveningen) في لاهاي الهولندية، ويقام في شهر يونيو/حزيران، ويستقطب قرابة 200 ألف زائر سنويا. مهرجانات عربية لتراث للطعام

يشهد العالم العربي أيضا تنوع في مجموعة واسعة من المطاعم ومهرجانات الطعام، لا سيما في المراكز الحضرية الكبرى مثل القاهرة، ودبي، والرياض، والدوحة، ومن ضمنها:

مهرجان دبي للمأكولات: احتفالية سنوية تستمر 23 يوما جعلت دبي مقصد لمحبي الطعام. تضمنت النسخة الأخيرة من المهرجان (أبريل ومايو 2024) فعاليات مميزة وأجواء احتفالية على شاطئ البحر وورش تعليم مهارات الطهي، مما جذب آلاف الزوار. مهرجان كايرو بايتس: يعد الأضخم في مصر، أُقيم في القاهرة في عدة أماكن، وأقيمت نسخته الأخيرة في منتصف أغسطس/آب 2024 في مدينة العلمين الجديدة بالساحل الشمالي، وقدمت في التظاهرة عروض للطهي الحي وفعاليات ترفيهية. مهرجان فيست للطعام السعودي: حدث بارز يقام في الرياض، ويحتفي بفنون الطهي المحلي ويبرزها كجزء من الهوية الثقافية الوطنية. تجربة الطعام المحلي مدخل أساسي لتعرف السائح على ثقافة البلد الذي يزوره (شترستوك) نصائح عملية لتجربة سياحة الطعام إعلان ابحث قبل السفر: ابحث عن الأطباق المحلية الشهيرة، المطاعم الشعبية، والأسواق التقليدية في الوجهة. يمكن لمواقع مثل "تريب إدفايزر" (TripAdvisor) و"لونلي بلانت" (Lonelyplanet) توفير تقييمات مفيدة. شارك في جولات الطعام: انضم إلى جولات محلية برفقة مرشدين، حيث ستتعرف على ثقافة الطعام وتاريخ المطبخ المحلي لإضافة ذكريات جميلة إلى رحلتك. جرب طعام الشارع: لا تفوت فرصة تذوق المأكولات التي تباع في أكشاك الشوارع والأسواق الشعبية، فهي غالبا تعكس جوهر المطبخ المحلي. ابحث عن مهرجانات الطعام: تحقق من وجود مهرجانات للطعام تتزامن مع وقت زيارتك، فهي توفر تجربة فريدة لتذوق أطباق متنوعة في أجواء احتفالية. قم بشراء منتجات محلية كتذكار: احرص على شراء التوابل، الحلوى، أو المكونات المحلية التي يمكنك استخدامها لاحقا لإعادة تجربة الأطباق التي أحببتها أو تذكار للإهداء للأصدقاء عند عودتك لوطنك. اسأل السكان المحليين: تواصل مع أهل البلد للحصول على توصيات حول أفضل أماكن الطعام التي يستخدمها أهل البلد عوضا عن المطاعم السياحية الشهيرة.

———
باحثة مصرية شغوفة بالكتابة والسفر

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الطعام المحلی سیاحة الطعام من المسافرین الطعام فی تجمع بین من خلال

إقرأ أيضاً:

المدن الذكية في عُمان .. تجسيد للتوافق بين التراث والحداثة

العُمانية: تسعى سلطنة عُمان إلى إيجاد مدن ذكية تتوافق ومتطلبات العصر، مع تحقيق الترابط بين الماضي والحاضر وما يجسد الهوية الوطنية ومقتضياتها وتعريفها كمسار في سياق التحول العمراني.

وتتجسد الرؤية الرامية في قطاع البناء إلى تعزيز التوافق بين التراث والحداثة في إيجاد سياقات مبتكرة نوعية ومتفردة وهذا ما يظهر جليًّا في انعكاس التكامل لتعزيز استدامة المُدن وأنسنتها، إذ تتشكل المدن الذكية وفق رؤى واستراتيجيات ترسم تشكيل العلاقة بين الإنسان والمكان، وتعمل على تحسين البنية الأساسية وحياة الأفراد وتسريع التنمية الاقتصادية.

وتبرز الهوية الوطنية ومقتضياتها من خلال مشاريع تحقق أهداف "رؤية عُمان 2040"، حيث تعد مدينة السلطان هيثم خير مثال على المدن الذكية ليشكل المشروع التوازن بين الحداثة والخصوصية ونموذجًا للمدن المستقبلية، ووجهة استثمارية واعدة.

في هذا السياق يقول الحسن بن علي الشكيري – مُهندس معماري بالمكتب التنفيذي لمشاريع المُدن الذكية بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني: "إن المُدن الذكية في سلطنة عُمان ليست مجرّد بُنى أساسية رقمية، وإنما أدوات لتجديد الهُوية وتحسين جودة الحياة، بمرجعية مُستمدة من العمارة العُمانية التقليدية وفهمها العميق للبيئة والسلوك المُجتمعي، كما تلتزم سلطنة عُمان بمبادئ أصيلة وثابتة في العمارة تتكامل بسهولة مع التقنيات الحديثة، مثل أنظمة الاستشعار الذكية، والتحكم في الإضاءة، والمحاكاة المناخية.

وأضاف الشكيري أن العمارة العُمانية التقليدية تقدم نموذجًا وظيفيًّا متقدمًا من حيث مواد البناء المحلية التي تقلّل من الانبعاثات وتوفّر عزلاً حراريًّا طبيعيًّا، كما أن النوافذ والمشربيات تنظّم التهوية والإضاءة بذكاء بيئي، ويضمن التخطيط المُتراص الذي يوجد مسارات مُظللة استفادة للمشي والتقليل من حرارة الشوارع؛ موضحًا أن المدينة الذكية في سلطنة عُمان تستلهم من التاريخ لتصوغ مستقبلًا متجذرًا في بيئة الناس وثقافتهم، وتعمل على تحويل المفاهيم التُراثية إلى حلول عملية مستدامة؛ فالتراث العُماني، بما يشمله من أنظمة كالأفلاج، والمباني الطينية، والممرات الضيقة، يوفر قاعدة تصميمية قابلة للتطوير ضمن مفاهيم المُدن الذكية، وهذه المكوّنات تتحول إلى أدوات فعالة في تقليل استهلاك الطاقة، وتحسين جودة الهواء، وتوجيه حركة المشاة، وتعزيز الانسجام البصري والعُمراني.

وأوضح أنه من أُسس العمارة العُمانية التي يجب أن تستمر في المُدن الذكية، التكيف مع البيئة والبناء المُستدام والتناغم مع التضاريس، وإدارة الموارد بذكاء، ولهذا تستطيع سلطنة عُمان ترجمة هذا العمل في المُدن الذكية من خلال المزج بين القديم والجديد، حيث مبدأ المجتمع قبل التكنولوجيا والسياحة الذكية المرتبطة بالهوية.

أما الدكتور هيثم بن نجيم العبري – معماري وباحث مُختص في العمارة والمُدن العُمانية فأشار إلى أن سلطنة عُمان تمتلك خُصوصية فريدة في فنون البناء والتخطيط العُمراني، تعكس عبقرية العُمانيين في التوافق مع الطبيعة واحترام الموارد، حيث شكّلت حكمة الأجداد ومهاراتهم أساسًا متينًا استمر عبر الأجيال، مبينًا أن العُمانيين أدركوا منذ القدم كيف يبنون مُدنًا تتكيف مع التنوع التضاريسي من الجبال إلى السواحل، ومن الصحراء إلى الواحات، مع الحفاظ على الهوية والاستدامة.

وذكر في سياق حديثه أن المُدن الذكية ليست مُجرد نسخ من مُدن ذكية أخرى في العالم، بل هي امتدادًا لعبقرية الأجداد حيثُ التكنولوجيا تُغذي الهوية لا تطمسها، والأجيال الجديدة من المُهندسين العُمانيين مدعوون ليكونوا حُراس هذا الإرث، بابتكارات تُثبت أن سلطنة عُمان تدرك كيف تبني مستقبلها دون أن تنسى ماضيها، فالمدينة الذكية العُمانية ليست مدينة منبثقة من العدم، بل هي مدينة متجددة حيث السياقات التاريخية.

وقال العبري إنه في خضم السباق العالمي نحو التحوّل الرقمي، ثمة تحديات حقيقية على المستوى المحلي من أجل الحفاظ على الهوية المعمارية والثقافية ضمن المُدن الذكية، لكن تلك التحديات قابلة للتحول إلى فرص باتباع نهج متوازن.

وأوضح أن التحديات الرئيسة تتلخّص في الاستيراد النمطي للنماذج العالمية، وضعف التوثيق الرقمي للتراث المعماري، وتعارض التقنيات مع القيم الاجتماعية، وندرة الكوادر المحلية المتخصصة بين المعرفة التراثية وإتقان تقنيات المُدن الذكية، والتكلفة الاقتصادية.

ولمُواجهة هذه التحديات، ذكر أن الحلول المقترحة تتلخّص في توطين الابتكار، والتوثيق الرقمي الشامل للعمارة العُمانية، وإيجاد تشريعات تلزم دمج الهُوية في التصميم، والتعليم الهجين بين الهوية والتراث والتكنولوجيا، والشراكات الذكية، وفي هذا الجانب تمتلك سلطنة عُمان مقومات التوفيق بين الأصالة والابتكار.

أما عبد العزيز بن محمد البلوشي، وهو مالك عقار بمدينة السلطان هيثم فيشير إلى أن مُستوى دمج القيم التراثية في البُنى الأساسية التقنية في المدن الذكية، يمزج بين التقنية الحديثة والقيم العُمانية الأصيلة، فنرى احترامًا واضحًا للخصوصية من خلال تصميم الأحياء والمنازل؛ بحيث تبقى المساحات العائلية محمية، ويُراعي أيضًا النسيج الاجتماعي من خلال وجود مساجد، ومجالس، وحدائق تُشجع على التواصل المجتمعي.

ويضيف قائلًا: إن الطابع البصري والتصميمي للمدن الذكية العُمانية، يمثل وسيلة لتكوين تجربة معيشية متجذرة في الأصالة ومنفتحة على الابتكار، فاللغة البصرية في المدن الذكية تركّز على إبراز الهويّة العُمانية من خلال المعمار المستوحى من التاريخ المحلي، مثل الأقواس والنقوش التقليدية، لكن في الوقت نفسه يتم دمج عناصر التصميم الحديث مثل الإضاءة الذكية، والمساحات الخضراء المترابطة، والمسارات الذكيّة للمشاة والدراجات، وهذا الدمج يوجِد تجربة معيشية يشعر فيها الفرد بانتمائه للبيئة العُمانية، مع الاستفادة من تسهيلات العصر الحديث.

مقالات مشابهة

  • أخبار البحر الأحمر: جولات رقابية للحوكمة على المنشآت الصحية.. متابعة للمراكز التكنولوجية.. اعتماد نتيجة الإعدادية.. وإنجاز طبي بمستشفى الغردقة العام
  • سياح روس يعيشون تجربة الطعام السعودي لأول مرة ..فيديو
  • جامعة حلوان تطلق جولات ميدانية لضمان بيئة تعليمية دامجة لذوي الإعاقة
  • وفاة ملاكمين يابانيين إثر إصابات دماغية خطيرة
  • المدن الذكية في عُمان .. تجسيد للتوافق بين التراث والحداثة
  • تتواصل حتى 19 سبتمبر.. «جولات قرش الحوت» مغــامــــرة اســتـثـنـائـيـة
  • عزز مكانته كأحد أبرز فعاليات الصيف.. أكثر من 130 ألف زائر لـ «مهرجان قطر للألعاب»
  • نحو سياحة عُمانية فعّالة
  • تجربة بين الأصالة والحداثة.. استعدادات لإطلاق مهرجان القلعة للموسيقى والغناء الـ 33
  • التنمية المحلية تبحث التعاون مع Esri لتطوير أطلس المدن المصرية