بن جامع يُقدم اليوم برنامج رئاسة الجزائر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
تاريخ النشر: 2nd, January 2025 GMT
يتم، اليوم في نيويورك، تقديم برنامج رئاسة الجزائر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال شهر جانفي من قِبل الممثل الدائم للجزائر لدى المنظمة الأممية، السفير عمار بن جامع.
تأتي هذه الخطوة المهمة بعد أن تولت الجزائر، الأربعاء، رئاسة المجلس، وهي مناسبة تسعى من خلالها إلى الاستمرار في إيصال صوت الدول العربية والأفريقية والدفاع عن القضايا العادلة.
وستُركز الجزائر على قضايا ذات أولوية خاصة، من بينها الوضع في الشرق الأوسط، لا سيما في فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية.
وفي هذا السياق، تخطط الجزائر لتنظيم نقاش عام على المستوى الوزاري حول “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الذي يُتوقع أن يشارك في هذا الحدث.
جهود دبلوماسية بارزة لدعم فلسطينبتوجيهات من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بذل الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة جهودًا مكثفة للحصول على قرار يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة. هذه الجهود تكللت بالنجاح في مارس 2024، بعد فشل المجلس سابقًا في تبني قرارات مشابهة بسبب الفيتو الأمريكي.
كما نجحت الجزائر في إعادة طرح مسألة العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، بما يهدف إلى تنفيذ حل الدولتين، الذي تقره الشرعية الدولية، لتحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
اجتماعات خاصة بسوريا واليمن ومكافحة الإرهاب في أفريقياتحت رئاسة الجزائر، سيعقد مجلس الأمن اجتماعات لمناقشة العملية السياسية والوضع الإنساني في سوريا واليمن. ومن المتوقع أن يقدم كل من المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، وممثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إحاطة بشأن التطورات في اليمن.
إضافة إلى ذلك، ستُنظم الجزائر اجتماعًا رفيع المستوى حول مكافحة الإرهاب في أفريقيا، لتسليط الضوء على تصاعد الأنشطة الإرهابية في القارة والتهديدات التي تشكلها على أمن واستقرار الدول الأفريقية، وفق تصريحات وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، السيد أحمد عطاف، في مؤتمره الصحفي الأخير.
مؤتمر صحفي للإعلان عن برنامج الرئاسة الجزائريةعقب تقديم برنامج الرئاسة الجزائرية لمجلس الأمن، سيعقد السفير عمار بن جامع مؤتمرًا صحفيًا بنيويورك لتسليط الضوء على الأجندة الدبلوماسية الجزائرية أمام وسائل الإعلام الدولية والجزائرية.
هذه الرئاسة تمثل فرصة كبيرة للجزائر لتعزيز موقعها على الساحة الدولية والدفاع عن القضايا العادلة للشعوب العربية والأفريقية.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: رئاسة الجزائر
إقرأ أيضاً:
محمد الأخضر حمينة سينمائي وثّق الثورة الجزائرية وفاز بسعفة كان
محمد الأخضر حمينة سينمائي جزائري بارز، دخل تاريخ الفن السابع عالميا عام 1975 باعتباره أول فنان عربي وأفريقي يفوز بالسعفة الذهبية في مهرجان "كان" الدولي للسينما في فرنسا.
وقد فاز بهذه الجائزة عن تحفته الفنية "وقائع سنوات الجمر"، وهي ملحمة سينمائية عن المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي من نهاية الثلاثينيات إلى اندلاع الثورة الجزائرية في نوفمبر/تشرين الثاني 1954.
توفي حمينة يوم 23 مايو/أيار 2025 عن عمر ناهز 91 عاما، بعد مسيرة ثرية جمع فيها بين الممارسة الثورية على الأرض والريادة الفنية، سواء من خلال أعماله السينمائية أو عبر دوره الإداري في إرساء أسس الفن السابع في الجزائر.
الولادة والنشأةوُلد محمد الأخضر حمينة في 26 فبراير/شباط 1934 في مدينة المسيلة بولاية الأوراس، شمال شرق الجزائر (تبعد عن الجزائر العاصمة حوالي 242 كيلومترا)، وترعرع في بيئة قروية وسط عائلة متواضعة عاشت على الزراعة.
الدراسة والتكوين
أبدى حمينة منذ مرحلة الطفولة شغفا بالصورة، وبدأ مشواره الدراسي في مسقط رأسه ثم انتقل لمنطقة دلس في ولاية بومرداس (شرق العاصمة) لدراسة الصناعة.
تابع حمينة دراسته لاحقا في كلية زراعية بولاية قالمة (شمال شرق العاصمة)، قبل أن ينتقل إلى فرنسا لدراسة القانون في مدينة أنتيب (جنوب شرق البلاد) وهناك التقى بزوجته التي أنجب معها 4 أولاد.
في تلك الفترة فرضت عليه السلطات التجنيد في الجيش الفرنسي، لكنه تمكن من الفرار وانضم عام 1958 إلى صفوف المقاومة الجزائرية في تونس، وهناك تعلّم السينما بالممارسة، عن طريق تدريب في قسم الأخبار بالتلفزة التونسية، ومن تلك المحطة بدأت رحلته مع السينما عن طريق خلية الإعلام للحكومة الجزائرية المؤقتة في تونس.
إعلانأثناء حرب الجزائر (1954-1962)، خطف جيش الاحتلال الفرنسي والد حمينة وعذبه ثم قتله.
وفي عام 1959 أرسلت جبهة التحرير الوطني حمينة إلى تشيكوسلوفاكيا لمواصلة دراسته في مدرسة السينما العليا بالعاصمة براغ، وتخصص في فن التصوير.
وأثناء سنوات التكوين في براغ كان حمينة يسافر بانتظام إلى تونس لتصوير أوائل أفلامه الوثائقية عن الثورة الجزائرية، ومنها "ياسمينة" و"صوت الشعب" و"بنادق الحرية".
في تلك المرحلة التكوينية احتك حمينة برواد السينما في بلاده، من بينهم المخرج الجزائري جمال الدين شندرلي، الذي يعتبره كثيرون الأب الروحي لتوثيق الثورة الجزائرية بالصورة، إضافة إلى آخرين كانوا ينشطون في خلية السينما على الحدود التونسية الجزائرية.
بعد حصول الجزائر على استقلالها من الاستعمار الفرنسي عام 1962، عاد حمينة ليكون من مؤسسي السينما الجزائرية، إذ أسهم في إنشاء المكتب الوطني للصناعة السينماتوغرافية عام 1963، وأشرف على إدارته حتى عام 1974.
وفي عام 1981 تم تكليف حمينة برئاسة الوكالة الوطنية لتطوير السينما، وبقي في ذلك المنصب إلى عام 1984.
الأعمال السينمائيةطيلة نحو نصف قرن من الانخراط في العمل السينمائي أنجز حمينة 9 أفلام، بينها وثائقي واحد و7 أفلام روائية، أهمها:
فيلم "لكن في أحد أيام نوفمبر" (1964)، وهو عمل وثائقي دشن به حمينة مسيرته في عالم الإخراج. فيلم "ريح الأوراس" (1966)، وهو أول فيلم طويل أخرجه حمينة وصور فيه قصة أم يائسة تجوب السجون ومعسكرات الاعتقال التابعة لجيش الاستعمار الفرنسي، بحثا عن ابنها الذي خطفته الشرطة الاستعمارية. وفاز الفيلم بالجائزة الأولى لأفضل عمل في مهرجان "كان" السينمائي سنة 1967، مدشنا بذلك أول حضور للسينما الجزائرية على الساحة الدولية. فيلم "حسان طيرو" (1968)، وهو ثاني فيلم روائي طويل لحمينة، والعمل السينمائي الذي فتح له باب الشهرة في الجزائر. فيلم "ديسمبر" (1973)، وهو عمل سينمائي ندد بالانتهاكات الفرنسية في الجزائر، وخاصة ممارسات التعذيب البشعة. فيلم "وقائع سنين الجمر" (1974)، رسم فيه لوحة تاريخية لتشكل الثورة الجزائرية بدءا من تحركات المقاومة الأولى في أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، إلى اندلاع حرب التحرير في نوفمبر/تشرين الثاني 1954. وفاز هذا الفيلم بالسعفة الذهبية في مهرجان "كان" سنة 1975. فيلم "رياح رملية" (1982). فيلم "الصورة الأخيرة" (1986). "شفق الظلال" (2014)، وهو آخر الأفلام الروائية الطويلة لحمينة. إعلانوإضافة إلى إنجازاته في الإخراج السينمائي، أنتج حمينة أفلاما ناجحة، من بينها الفيلم الشهير "زاد" سنة 1969 للمخرج الفرنسي اليوناني كوستا غافراس.
كما أظهر حمينة مواهبه في التمثيل عندما لعب بعض الأدوار في بعض أفلامه، لاسيما "وقائع سنين الجمر"، إذ جسد فيه شخصية "ميلود"، الراوي الصادق والعفوي الذي يعاني من تجاهل الآخرين له بسبب إصابته بالجنون.
السعفة الذهبيةأخرج حمينة رائعته السينمائية "وقائع سنوات الجمر" عام 1974، وهو فيلم يروي فيه قصة الجزائر التي كانت ترزح تحت الاستعمار الفرنسي وتحديدا في الفترة التي كان فيها "الجمر يتوهج تحت الرماد" منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين، وعلى إيقاع الحرب العالمية الثانية إلى غاية اندلاع شرارة الثورة الجزائرية.
ويروي الفيلم الرحلة التي قادت الشعب الجزائري إلى ثورة نوفمبر/تشرين الثاني عام 1954 من خلال رحلة البطل أحمد، وهو فلاح بسيط تفتق حسه الثوري ووعيه الوطني رغم الفقر وغادر قريته بسبب الجفاف، وواجه تحديات كثيرة في المدينة، حيث اكتشف ظروف العمال وظلم المستعمرين.
عاد أحمد لاحقًا إلى قريته ووجد عائلته يفتك بها مرض التيفوس، وهناك أقام سدا صغيرا يعينه على سقي الأرض، لكن الاستعمار اعتقله وفرض عليه التجنيد قسرا في صفوف الجيش الفرنسي وأرسله إلى الجبهة في أوج الحرب العالمية الثانية.
في تلك الفترة كان الجزائريون يأملون أن تنتهي تلك الحرب بهزيمة فرنسا أمام ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر، كي تبدأ رحلتهم نحو الحرية والاستقلال، لكن العكس هو ما حصل، إذ انهزم الألمان وتعثرت مطالب الشعب الجزائري، وفي تلك الفترة تأججت مشاعر الغضب في الجزائر تحت وقع المجازر التي اقترفها الفرنسيون في مدن عدة بشرق البلاد.
بعد عودته من الجبهة اقتنع أحمد وأصحابه أن الخيار الوحيد لتحقيق الاستقلال ليس العمل السياسي، بل المقاومة المسلحة، وهكذا لجؤوا إلى الأدغال وأطلقوا شرارة الثورة في نوفمبر/تشرين الثاني 1954. وفي إحدى المواجهات، لقي أحمد مصرعه لكن ابنه -الذي يمثل جزائر الغد- واصل النضال.
إعلانوفي أجواء الاحتفاء بالسعفة الذهبية، كتب الناقد السينمائي التونسي فريد بوغدير عن فيلم "وقائع سنين الجمر" في مجلة جون أفريك الفرنسية عام 1975 قائلا إنه "فيلم مميز بأسلوب ملحمي وتصوير رائع ينم عن حس إخراجي رفيع".
وأضاف أن "أسلوب محمد الأخضر حمينة في هذا الفيلم يتميز بالرصانة والابتعاد عن الميلودراما، وبالتركيز على الكرامة، وهي هاجس هذا المخرج الذي يدعو في جميع أفلامه إلى احترام الإنسان المضطهد".
واعتبر فوز "وقائع سنين الجمر" بالسعفة الذهبية لمهرجان "كان" السينمائي "نصرا ثقافيا للجزائر"، خاصة أنه جاء بعد نحو 13 عاما على حصولها على الاستقلال.
وقبل السعفة الذهبية فاز فيلم "رياح الأوراس" -الذي أخرجه حمينة أيضا- بجائزة الكاميرا الذهبية في المهرجان نفسه.
وبعد نصف قرن على السعفة الذهبية، عاد مهرجان "كان" السينمائي في دورته لعام 2025 لتكريم حمينة من خلال عرض عمله "وقائع سنين الجمر" بتقنية "فور كيه" ضمن برنامج "كان كلاسيك".
الوفاةبعد هذا المسار الطويل والحافل، توفي محمد الأخضر حمينة يوم 23 مايو/أيار 2025 في الجزائر العاصمة، وبها ووري جثمانه الثرى في اليوم الموالي بمقبرة سيدي يحيى.
وفي رسالة تعزية، عبر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن "بالغ الحزن والأسى" بوفاته ووصفه بـ"عملاق السينما العالمية" الذي ترك "بصمة خالدة في تاريخ السينما".