بعد مضي أقل من شهر على سقوط نظام الأسد في سوريا، واستلام "إدارة العمليات العسكرية" السلطة، وتسمية الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميما بإجراء جملة من التعديلات على المناهج الدراسية من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي.

شملت التعديلات بشكل رئيسي حذف مادة التربية الوطنية من المناهج، واستبدال كل العبارات والصور والدروس المرتبطة بنظام الأسد المخلوع من كل المواد الدراسية، كما أجريت تعديلات في مادة التربية الإسلامية.

وتم استبدال عبارات من قبيل "مبدأ الإنسانية" بـ"الأخوة الإيمانية"، و"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل وطنه" بـ"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله"، كما تم حذف اسم الملكة زنوبيا من أحد الدروس.

وأثارت التعديلات ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتباينت الآراء بين مؤيد ومعارض، ومن رأى أن إجراء التعديلات ليس من اختصاص حكومة تصريف الأعمال.

هذا من منهاج الصف الثالث الابتدائي في إدلب الذي وضعته حكومة الإنقاذ، وكما ترون فيه اهتمام بالأعياد الوطنية وعيد الشهداء وعيد الاستقلال وميلاد المسيح وغيره..
نعم لا يوجد مادة قومية لحفظ أقوال بشار وحافظ الأسد لكن يوجد مادة "الدراسات الاجتماعية"
الخلاصة: لا تتركوا المتصيدين والفلول… pic.twitter.com/flYAxUpquh

— قتيبة ياسين (@k7ybnd99) January 2, 2025

إعلان

وقالت معلقة على منشور وزارة التربية على فيسبوك، إنها تتفهم حذف أقوال الرئيس المخلوع بشار الأسد وصوره ونشيد "حماة الديار"، لكنها استنكرت حذف ما يتعلق بـ"بطولات الجيش ضد إسرائيل"، وما له علاقة بـ"ظلم العثمانيين"، كما رفضت ما وصفته بأنه تشويه للتاريخ القديم قبل الأديان.

من ناحية أخرى، قال الناشط قتيبة ياسين عبر موقع إكس إن حذف ما يتعلق بالملكة زنوبيا كان من مادة التربية الدينية وليس التاريخ.

ورأت معلقة أخرى أن الحكومة لا يحق لها إجراء تعديلات على مناهج التعليم باعتبارها حكومة تسيير أعمال، وقالت إن التعديل مرهون بإقرار الدستور الجديد للبلاد ويتطلب لجنة مكلفة من قبل حكومة منتخبة.

يعني سؤال صغير ؟ منذ أن تولت الحكومة الجديدة إدارة البلاد و نحن نقول لمن ينتقد ،تمهلوا قليلاً ! لم يمض أيام وأنتم تنتقدون و كمن يضع العصي بالدواليب !! الحكومة استلمت بلد مدمر و هناك أولويات كبيرة جدا !! لنكن منطقيين !! ولكن إن كانت هذه الحكومة وجدت الوقت الكافي لدراسة و فحص…

— Rola Hidar ???? (@Rola_Hidar) January 2, 2025

في المقابل، انتقدت إحدى المعلقات ما وصفتها بأنها ازدواجية معايير في التعامل مع الأمر، وقالت إن أحدا لم يعلق على استخدام نظام الأسد ولعدة مرات ميزانية كبيرة لتعديل المناهج في "بلد يموت"، ورأت أن التاريخ الذي يجري انتقاد تعديله حاليا كله خاطئ.

للمنافقين المتباكين على زنوبيا

في الصورة الأولى زنوبيا التي تم حذفها من كتاب التربية الإسلامية (ماتم حذفه فقط كلمة زنوبيا)

الصورة الثانية كتاب التاريخ للصف الخامس في مناهج إدلب! درس كامل عن مملكة تدرس وزنوبيا pic.twitter.com/ALXX2V5Pas

— Maysara ???? (@Maysara_Alt) January 2, 2025

وذكرت معلقة أخرى أنه لا يحق للحكومة الحالية "تجهيل أجيال سوريا القادمة بتاريخ البلد والمنطقة"، ورأت أن تعديل المناهج يحتاج إلى وقت، وأضافت "نريد الخلاص من فكر البعث واستبداله بما هو غير إقصائي. والسلفية لن تكون بديلا جامعا".

#وزير التربية والتعليم: نؤكد أن المناهج الدراسية في جميع مدارس سوريا ما زالت على وضعها حتى تُشَكِّل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها، وقد وجهنا فقط بحذف ما يتعلق بما يمجد نظام الأسد البائد واعتمدنا صور علم الثورة السورية بدل علم النظام البائد في جميع الكتب المدرسية.

ما تم… pic.twitter.com/9OzCjobbMY

— Rula Hadid رولا حديد (@Rulahadid) January 2, 2025

إعلان

في السياق نفسه، طالب أحد المعلقين بكف يد من سماهم "أصحاب الأيديولوجيا" عن التعليم، ورأى أن التعديلات "تشويه لتاريخ سوريا، وحتى تشويه للدين الإسلامي بفرض فهم أحادي له"، وفق تعبيره.

وبعد هذا الجدل الواسع، عادت وزارة التربية لتنشر على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي تصريحا على لسان وزير التربية والتعليم نذير القادري يقول فيه إن المناهج في جميع مدارس سوريا على وضعها "حتى يتم تشكيل لجان اختصاصية لمراجعة المناهج وتدقيقها".

وأضاف القادري أن ما تم تعديله "يرتكز بشكل رئيسي على تصحيح بعض المعلومات الخاطئة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مادة التربیة نظام الأسد حذف ما

إقرأ أيضاً:

مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ.. نحن والآخر

فوزي عمار

 

فجوة الواقع مع اللغة والمناهج التعليمية لدينا تمثل فجوة الإنسان بين تاريخه والزمن الذي يعيش فيه، وفي التعليم العربي يدرس الطالب أمجاد صلاح الدين وبطولات خالد بن الوليد لكنه عندما يخرج في الشارع فإنِّه يرى المسؤول السارق والخانع والمنبطح والكذابين، في تناقض بين التاريخ والواقع!

تتحدث المناهج عن الشورى والديمقراطية فيجد الطالب في الواقع الرئيس الذي لا يتغير! هذا لا يحدث في تعليم الغرب لأنَّ التلميذ يدرس أبطال الموسيقى الجاز والروك والرياضين الذين يجدهم في الشارع أمامه. هذا أيضا ينطبق على بعض دروس اللغة، فالتلميذ الذي يدرس الشعر العربي يحفظ التلميذ (مُكِرٍ مفر مقبل مدبر معًا // كجلمود صخر حطه السيل من علٍ)، لكن التلميذ لا يعرف ولا يجد في الشارع كلمات مثل: مكر، مفر، جلمود!

اللغة مُهمة وجزء من هوية شاملة، لكن طريقة تدريسها بالشكل الحالي أدت إلى فقدانها، فمن منا اليوم يجيد اللغة العربية وهي لغة ديننا الحنيف لغة القرآن الكريم، بسبب تأخر المناهج وصعوبتها.

التلميذ في ألمانيا يدرس تاريخ المرسيدس، والفرنسي تاريخ البيجو، والأمريكي تاريخ الفورد والكاتربيلير، ويجدها أمام بيته ويركبها في الوصول للمدرسة.

بينما التلميذ العربي يقرأ (الخيل والليل والبيداء تعرفني // والسيف والرمح والقرطاس والقلم"، لكنه يجد أمام بيته سيارة تويوتا وأخرى هيونداي ولا يقرأ تاريخها في المدرسة. ويدخل إلى الأسواق يجد أنواعاً عديدة من الجبن والشوكولاتة لا يتعلم صناعتها وأسماءها في المدارس؛ بل يدرس لغة منفصلة عن الواقع، العشرات والمئات من الكلمات التي لم تعد متداولة اليوم والتاريخ الذي لا يجده التلميذ في الحياة حوله.

لذلك الفجوة بين الواقع والتاريخ اليوم هي العمر الذي يفصلنا عن مواكبتنا للعصر خاصة بعد تجدد المناهج في العالم من الذكاء الاصطناعي والروبوت والبيانات الضخمة والتجارة الإلكترونية.. وغيرها من مظاهر حياة يومية لا يجدها التلميذ في المنهج الذي يدرسه اليوم.

وما لم نردم هذه الفجوة بمناهج حديثة سنظل كمن يطيل النظر إلى الماضي ولكنه ينسى المستقبل ويهين الحاضر.

ليس المطلوب إلغاء دراسة صلاح الدين أو عمر بن الخطاب؛ بل تحويل دراستهم من بطولات مجردة تُحفظ إلى دروس في القيادة، وإدارة الدولة، والعدل الاجتماعي، والابتكار العسكري والإداري في زمانهم.

إنَّ سد الفجوة بين مناهج التعليم والواقع ليس ترفًا فكريًا، بل هو شرطٌ أساسيٌّ للبقاء والمنافسة في عالمٍ يتسارع بلا هوادة.

ولذلك وجب اليوم تطوير المناهج وربط التعليم بالواقع وتطبيق مهارات القرن الواحد والعشرين وإصلاح مناهج التاريخ بدل التمجيد إلى الانتماء الفاعل وتقيم المناهج بانتظام لضمان أنها تتوافق مع احتياجات المجتمع.

الأجيال القادمة لا تحتاج أن تعيش في متحفٍ من الماضي المجيد؛ بل تحتاج إلى جذورٍ راسخةٍ في تراثها تُغذيها، وأجنحةً قويةً من المعرفة والمهارات المعاصرة تحلق بها نحو آفاق المستقبل.

آن الأوان لأن نُقدم لتلاميذنا تاريخًا يتنفس في حاضرهم، ولغةً تتحدث عن عالمهم، ومعرفةً تمكنهم من تشكيل غدهم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • سوريا.. العثور على مقبرة جماعية في بلدة علوية من مخلفات نظام الأسد
  • وزارة التربية تعلن موعد امتحان مواد «التعبير والإنشاء» للشهادة الثانوية
  • مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ.. نحن والآخر
  • رئيس الوزراء العراقي يؤكد أهمية استقرار سوريا وسيادتها على أراضيها
  • اليونيسف: ما حدث من تغيرات إيجابية منذ سقوط نظام الأسد يسهم في تجدد الأمل لأطفال سوريا
  • مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ (نحن والآخر).
  • لجنة السلم الأهلي: العدالة ليست انتقاماً وحديث عن دور ضباط نظام الأسد في تحرير سوريا
  • ‏الداخلية السورية: 450 ألف عنصر كانوا يقاتلون مع نظام الأسد ضد السوريين
  • وزير التربية والتعليم لـ سانا: التعليم ركيزة أساسية للتنمية وبناء سوريا الجديدة ‏
  • النجاة من سجون سوريا فيلم وثائقي يكشف فظائع سجون الأسد