فى السطور التالية نسرد تاريخ الجاسوس الإسرائيلى، «إيلى كوهين»، الذى يعد من أخطر جواسيس الموساد الذين عملوا فى دولة عربية وهى سوريا، نظرًا لتمكنه من الوصول إلى أعلى المستويات، والمعلومات الخطيرة التى حصل عليها بعد أن حاز ثقتهم المطلقة:

ولد إلياهو شاؤول كوهين فى الاسكندرية عام ١٩٢٤، ونشأ فى حى اليهود. ثم التحق بجامعة الملك فاروق (جامعة الإسكندرية حاليًا)، لدراسة الهندسة، إلا أنه توقف عن الدراسة قبل التخرج.

ليلتحق بمنظمة الشباب اليهودى فى مصر، يدفعه إلى ذلك حماسه للسياسة الصهيونية، فقام بتشجيع اليهود المقيمين فى مصر على الهجرة إلى إسرائيل، وكان من ضمنهم عائلته التى سبقته إلى هناك فى عام ١٩٤٩. فى هذه الأثناء، كان قد بدأ يعمل فى شبكة الجاسوس اليهودى جون دارلينج، حيث نفذ تحت قيادته مع آخرين، سلسلة من التفجيرات فى المنشآت الامريكية، فى كل من القاهرة والاسكندرية، بهدف إفساد العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر. تم القبض عليه للمرة الأولى، مع عدد من اعضاء الشبكة فى عام ١٩٥٤، إلا انه تمكن بطريقة ما من اقناع المحققين المصريين ببراءته، فتم الإفراج عنه. ونجى من السجن فى المرة الثانية فى عام ١٩٥٦، وذلك بعد أن تم القبض عليه بعد العدوان الثلاثى. بعد أن تم إطلاق سراحه للمرة الثانية، هاجر إيلى كوهين إلى إسرائيل عام ١٩٥٧، واستقر فيها، حيث بدأ يعمل لفترة كمحاسب فى بعض الشركات الخاصة، ثم انتقل للعمل لدى وزارة الدفاع كمترجم، وفى عام ١٩٥٩ تزوج من يهودية من أصول عراقية. وفى هذه الأثناء قررت الموساد تجنيده لمهمة تجسسية فى دمشق، فباشروا فى تدريبه بداية على اللهجة السورية، التى لم تكن صعبة عليه نظرًا لإتقانه اللغة العربية، اضافة لإتقانه كل من العبرية والفرنسية بطلاقة. وبدأوا يساعدونه على بناء شخصية مزيفة، تحت اسم كامل أمين ثابت، رجل الأعمال السورى المسلم، والمقيم فى الأرجنتين، كما تعلم القرآن وتعاليم الدين الإسلامى، من أجل إتقان دوره كمسلم، وحفظ إسماء جميع الشخصيات السورية البارزة آنذاك، من سياسيين، وعسكريين، ورجال أعمال. وأخيرًا، تم تدريبه على استخدام اللاسلكى والحبر السرى. وهكذا أصبح جاهزًا لمباشرة شخصيته الجديدة، ودوره التجسسى. وغادر ايلى كوهين اسرائيل فى ٣ يناير ١٩٦١، إلى زيورخ التى كانت محطته الأولى، ومنها توجه إلى العاصمة التشيلية سانتياغو. ومن ثم وصل أخيرًا إلى بيونس آيريس فى الأرجنتين، تحت اسم كامل أمين ثابت، وكان فى انتظاره فى الارجنتين بعض العملاء الاسرائيليين، الذين ساعدوه على أن يستقر فيها بشخصيته الجديدة. ونصحوه بأن يبدأ بتعلم اللغة الإسبانية فورًا، حتى لا ينكشف أمره. وخلال سنة واحدة كان قد بنى علاقات وطيدة، مع الجالية العربية فى الارجنتين، وأصبح شخصية مرموقة بينهم. كما حرص على أن يحضر التجمعات والحفلات، التى يشارك فيها الدبلوماسيين السوريين على نحو خاص. واستغل الفرصة ليشيع بينهم رغبته بالعودة إلى مسقط رأسه، بسبب الحنين إلى وطنه. وبعد أن صفى أعماله فى الارجنتين، وحصل على موافقة الموساد الإسرائيلى، فتوجه إلى دمشق فى يناير ١٩٦٢، وبحوزته كل ما يلزم من معدات تجسس، ليبدأ على الفور مهمته الأساسية. وأول خطوة له فى دمشق، كانت تكوين شبكة علاقات واسعة مع كبار المسؤولين وضباط الجيش، وقيادات حزب البعث. وبعد انضمامه إلى حزب البعث، تحت اسم كامل أمين ثابت، تعرف على أعلى مستويات الدولة، مثل أمين الحافظ رئيس الجمهورية، وصلاح البيطار رئيس الوزراء، وميشيل عفلق رئيس حزب البعث. وما لبثت أن بدأت المعلومات المهمة والخطيرة بالتدفق إلى الموساد، فقد زودهم بمعلومات حساسة عن الأسلحة التى اشترتها سوريا من الاتحاد السوفيتى، وحصل على قوائم بأسماء وتحركات عدد من أهم الضباط السوريين آنذاك. وقد وصل نفوذه إلى حد انه ذهب بصحبة أحد اصدقاءه السوريين، فى جولة داخل التحصينات الدفاعية السورية على جبهة الجولان، وكان ذلك فى سبتمبر ١٩٦٢. وتمكن خلال هذه الزيارة من تصوير جميع التحصينات السورية على الجبهة، باستخدام كاميرا مثبتة بساعة يده، كانت أحدث ما أنتجته أجهزة المخابرات فى ذلك الحين. أما أخطر المعلومات التى سربها ايلى كوهين على الإطلاق، كانت الخطط الدفاعية السورية فى مدينة القنيطرة. تقول بعد المصادر التى تناولت شخصية إيلى كوهين أو كامل أمين ثابت، انه عُرِضَ عليه منصب رئيس الوزراء، وهو منصب على درجة عالية من الحساسية والخطورة. ولكن هذا إن صدق، يدل على الثقة المطلقة التى حازها كوهين من المسؤولين السوريين، علمًا بأن مدة إقامته فى سوريا لم تكن قد تجاوزت الثلاث سنوات، وهذا ما يثير الدهشة، إلا أنه من الجدير بالذكر، بأن «بن جوريون» رئيس وزراء إسرائيل فى ذلك الوقت، أصدر أوامره لإيلى كوهين والموساد برفض هذا المنصب. وفى ديسمبر ١٩٦٥ تم اكتشاف الجاسوس إيلى كوهين عن طريق المخابرات المصرية، حيث تم التقاط صور لبعض المسئولين السوريين برفقة ايلى كوهين، خلال جولته على جبهة الجولان المحتل، وعندما عرضت الصور على المخابرات المصرية، فى ضوء التعاون المخابراتى بين الدولتين، تعرف إليه أحد ضباط المخابرات المصرية، نظرًا لتاريخه فى قضية شبكة جون دارلينج.

وفى ١٨ مايو ١٩٦٥، تم إعدام الجاسوس إيلى كوهين، المعروف باسم كامل أمين ثابت، علنا فى ساحة المرجة بدمشق. وقد كان إعدامه صاعقة للموساد تعيرهم بفشلهم.

محافظ المنوفية الأسبق

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السطور التالية إيلي كوهين الموساد رئیس ا فى عام بعد أن

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء العراقي يؤكد أهمية استقرار سوريا وسيادتها على أراضيها

بغداد- أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الأربعاء 11 يونيو 2025، أهمية استقرار سوريا ووحدتها وسيادتها على أراضيها وإدانة "أي مساس بها".

جاء ذلك خلال استقباله في بغداد وفد الهيئة العلمائية الإسلامية الشيعية في سوريا برئاسة أدهم الخطيب، وفق بيان صدر عن مكتب السوداني.

وأشار البيان إلى أن اللقاء شهد "استعراض تطورات الأوضاع في سوريا، والتأكيد على دعم الجهود الساعية إلى نشر ثقافة المصالحة والتعايش السلمي، وتدعيم الاستقرار والسلم الاجتماعي".

وذكر البيان أن السوداني أكد على "أهمية استقرار سوريا، وما يمثله للأمن الوطني العراقي".

وأشار إلى "أهمية مشاركة جميع فئات الشعب السوري في التأسيس لدولة تقوم على مبدأ المواطنة، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والسيادة، وإدانة أي مساس بها".

ولم يذكر البيان العراقي موعد وصول الوفد السوري إلى بغداد، إلا أنه يأتي بعد يومين من زيارة أجراها المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى دمشق، عزت الشابندر، ولقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع.

وفي الأول من إبريل/ نيسان الماضي، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقوف بلاده إلى جانب خيارات الشعب السوري، ورفضه التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي السورية.

جاء ذلك في اتصال هاتفي مع الشرع، كان الأول بين الجانبين منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد أواخر 2024.

ومنتصف مارس/ آذار الماضي، أجرى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني زيارة رسمية إلى العراق، التقى خلالها السوداني ونظيره فؤاد حسين ومسؤولين آخرين، ومثل بلاده في القمة العربية التي استضافتها بغداد في مايو/ أيار.

ومع الإطاحة بنظام الأسد، أعلن السوداني أن بلاده تنسق مع سوريا بشأن تأمين الحدود وعودة اللاجئين، معبرا عن الاستعداد لتقديم الدعم لها.

فيما أكد وزير الخارجية العراقي في 14 فبراير/ شباط الماضي أن "العراق ليس لديه تحفظات أو شروط للتعامل مع القيادة السورية الجديدة، بل مجموعة من الآراء المتعلقة برؤيتنا حول مستقبل سوريا ولكن بالنتيجة القرار والإرادة للشعب السوري نفسه".

وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على البلاد، منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

مقالات مشابهة

  • الأحزاب المصرية: أمن الدولة خط أحمر.. ودعم فلسطين ثابت لا يخضع للمزايدة
  • رئيس الوزراء العراقي يؤكد أهمية استقرار سوريا وسيادتها على أراضيها
  • بعثة الحج السورية 1446هـ.. إنجاز تنظيمي واستعادة لمكانة سوريا في محيطها العربي والإسلامي
  • رئيس الوفد: سندفع بـ130 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات النواب و70 للشيوخ
  • رئيس حزب الجيل: سندفع بـ84 مرشحا على المقاعد الفردية في انتخابات النواب و22 للشيوخ
  • رئيس جامعة ساكسوني مصر الألمانية : نستهدف خريجا منافسا في أسواق العمل
  • السلطات السورية تكشف عدد المواطنين العائدين إلى سوريا منذ سقوط النظام
  • رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار: لن نتوقف حتى يُرفع الظلم الإسرائيلى عن غزة
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب بدمشق المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا السيد عزت الشابندر
  • مؤذن علي.. مرشح مسلم لمنصب نائب رئيس الخضر يدافع عن بريطانيا المهمّشة