التوافق الرئاسي لم يكتمل والجواب اليوم في الصندوق
تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT
الحراك الديبلوماسي الاميركي-السعودي –الفرنسي يهدف الى ان تنتج جلسة 9 كانون الثاني رئيسا للجمهورية لاعادة انتاج السلطة وتشكيل حكومة تواكب المسائل الاساسية اللبنانية.
ولفتت مصادر سياسية مطلعة لـ"البناء" إلى أن "الحراك الخارجي الأميركي – السعودي يضغط إلى حد كبير باتجاه انتخاب قائد الجيش لتأمين الـ86 صوتاً كبديل عن تعديل الدستور، وقد تم إقناع الكثير من الكتل النيابية ونواب كتلة التغييريين والمستقلين لكن لم يتم تأمين ثلثي مجلس النواب.
وكتبت" البناء": رمى الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي بثقله وتراجع القطري فتحوّل يوم أمس إلى يوم رئاسي محموم، وتبدلت مواقف كتل ونواب مستقلين، وتمّ حشد كل عناصر التأثير النيابي لجمع 86 نائباً ينتخبون قائد الجيش العماد جوزف عون من الدورة الأولى بدون أصوات الثنائي الوطني ممثلاً بكتلتي التنمية والتحرير والوفاء المقاومة، بعدما حرّر الثنائي حلفاءه من أي التزام، فأعلن نواب وكتل ممن كانوا يتشاركون الخيار الرئاسي مع الثنائي انضمامهم إلى موجة تأييد انتخاب قائد الجيش، حيث تحدّث النائب فيصل كرامي باسم كتلة التوافق الوطني بتأييد انتخاب العماد عون للرئاسة، بينما انسحب الوزير السابق سليمان فرنجية من السباق الرئاسي معلناً تأييده لانتخاب عون، ومثله فعل الوزير السابق زياد بارود الذي كان ينوي ستة نواب التصويت له، وبقي عدد من النواب المستقلين يرفضون انتخاب عون ويعتبرون ذلك مخالفة دستورية غير مقبولة يتقدّمهم النائب ملحم خلف، وتمسّك التيار الوطني الحر بالسباحة عكس التيار، مؤكداً رفضه مخالفة الدستور.
وتحوّلت العملية السياسية والانتخابية كلها نحو التساؤل عن الموقف النهائي للثنائي الذي أكد أنه سوف يكون موحداً ويصوّت بطريقة متطابقة، لكنه متمسّك بالتوافق الذي لم يتحقق بعد.
ولفتت معلومات «البناء» الى أن الثنائي أمل وحزب الله قد يصوّت في الدورة الأولى بأوراق بيضاء بحال لم تثمر المشاورات التي استمرت طيلة يوم أمس حتى منتصف الليل على الخطوط كافة لا سيما مع الفرنسيين والسعوديين والتيار الوطني الحر وأطراف أخرى في محاولة للتوافق على معالم المرحلة المقبلة لتسهيل انتخاب عون وتشكيل حكومة جديدة وملفات أخرى.
من هنا، تقول اوساط سياسية ل" الديار" ان هناك نسبة عالية بان ينتخب البرلمان في جلسة اليوم قائد الجيش رئيسا للجمهورية باجماع معظم الاطراف ليتمكن من العمل في عهده وتحقيق الانجازات سواء على صعيد الاصلاحات او في مسائل مصيرية وطنية.
اضافت" الديار":عنوان المرحلة الرئاسية هو ان لا يكون هناك فريق خاسر بشكل كبير ولا ان يكون هناك فريق منتصر بشكل ساحق من اجل الحفاظ على استقرار لبنان نسبيا ولذلك يقوم الاميركيون والسعوديون والفرنسيون بالسعي الى تليين موقف الثنائي الشيعي من موقف معارض لانتخاب قائد الجيش الجنرال حوزف عون الى موقف مؤيد او غير ممانع له. والهدف من هذا الحراك الديبلوماسي الدولي هو احقاق اكبر قدر من التوافق والاجماع على قائد الجيش وقد باتت معظم الكتل النيابية سواء المعارضة او كتل كانت في فلك الممانعة، داعمة لانتخابه رئيسا للجمهورية. فهل تنجح الولايات المتحدة الاميركية والسعودية في اقناع الثنائي الشيعي بعون كرئيس توافقي مقابل تقديم ضمانات ؟
من جهة أخرى، ليس غريبا ان يشعر الثنائي الشيعي بالقلق من مجرى الامور بعد "طحشة" واشنطن على لبنان ولذلك يتحصن الثنائي عبر الضغط لتحقيق مكاسب في الانتخابات الرئاسية ليتفادى مواجهة مع رئيس الجمهورية الجديد الذي قد يذهب باتجاه الضغط على الثنائي مما سيؤثر سلبا على حركة امل وحزب الله وحلفائهما فضلا انه سيدخل البلاد بمتاهات لا تحمد عقباها. والثنائي الشيعي وحلفائهما ليس لديهما اية شروط على من سيكون الرئيس الجديد بل جل ما يهمهم هو ما سيلتزم به هذا الرئيس تجاههم لانهم يدركون جيدا ان واشنطن ومعها بعض الدول الاوروبية ستعمل على تطبيق ما يخدم مصلحتها والتي حتما لن تاتي لصالح الثنائي الشيعي وحلفائهم. وقصارى القول، يريد الثنائي الشيعي الحصول على ضمانات بان لا يكون الرئيس رأس حربة ضدهم.
في الوقت ذاته، تقول مصادر ديبلوماسية ان الولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الاوروبية تعلم ايضا ان الاصطدام مع الثنائي الشيعي بشكل قاس سيأتي بنتائح سلبية سترتد عليهم حتما. ذلك ان الثنائي الشيعي هو مقوم اساسي في الجيش اللبناني وفي المقاومة وفي العدد السكاني من نسيج المجتمع اللبناني. وتابعت هذه المصادر الى ان اللعبة الاساسية اليوم تجري على التوازنات بين المعارضة والممانعة فينتخب رئيس توافقي ليكون قادرا على العمل وعلى انجاز الاصلاحات والبرامج التي تصب في مصلحة الوطن.
وكتبت" اللواء":لا شك انه في حال الفوز المرجح للقائد عون اليوم، ستبدأ حسابات الربح والخسارة لدى الاطراف السياسية اللبنانية، التي هي فعليا كلها خاسرة ثقة الناس وثقة الخارج بعد تضييع الفرصة تلو الفرصة لإنتخاب رئيس كان يمكن ان يتم بالتوافق الحاصل الآن وبعد اسابيع قليلة على شغور سدة الرئاسة. لكن للوهلة الاولى وفي «الحسابات الدفترية» السياسية يظهر التيار الوطني الحر الخاسر الاكبر لأنه وضع مسبقاً فيتوعريضاً وكبيراً على انتخاب قائد الجيش بسبب خلافات معه سابقاَ حول امور إجرائية، فعاد للتنسيق مع الرئيس بري وحزب لله والكتل الاخرى بهدف التوافق على شخصية اخرى غير عون، لكن يبدو ان التقاطع الخارجي كان اقوى من تقاطعات الداخل وفرض نفسه على الجميع بعد المتغيرات الداخلية التي اعقبت الحرب والخارجية التي تعقب الوضع السوري الجديد.
لكن برأي بعض المتابعين من خارج قوى المعارضة، ثمة مفاجآت قد تحصل في الربع الساعة الاخير من جلسة الانتخاب اذا اتجهت كتل لبنان القوي والتنمية والتحرير والوفاء للمقاومة الى الاعتراض على ترشيح عون لحاجته الى تعديل دستوري او لوجود مرشح غيره لديهم، وهي تضم 43 صوتاً عدا بعض النواب المعترضين المستقلين على ترشيحه او عدم تعديل الدستور لإنتخابه، وهم يمثلون «الثلث المعطّل» للتعديل، ما يعني انه حتى او جرى انتخاب العماد عون بالثلثين اوبـ 65 صوتاً واكثر، فسيكون خارج التوافق والاجماع المطلوب وربما خارج الميثاقية.
فهل تحصل المفاجأة ذات الوجهين؟ وجه دعم الثنائي امل وحزب لله له ومواكبة شبه الاجماع او الاكثرية النيابية وإنتشال البلد من ازماته المتفاقمة؟ ام وجه الاعتراض واحتمال رفع الجلسة؟
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: انتخاب قائد الجیش الثنائی الشیعی انتخاب عون
إقرأ أيضاً:
المرأة الأردنية والتحديث الاقتصادي … الاستثمار في التعليم لا يكتمل إلا بالإدماج في سوق العمل
صراحة نيوز- د.زهور غرايبة تكتب
مع مرور ثلاث سنوات على بدء مراحل رؤية التحديث الاقتصادي الأردنية وانطلاق المرحلة الثانية التي تُعد مشروعًا وطنيًا شاملًا لتوسيع قاعدة النمو وخلق فرص عمل مستدامة، تتجه الأنظار نحو مدى قدرة الاقتصاد على استثمار الطاقات البشرية المؤهلة، وفي مقدمتها المرأة الأردنية، فالمرأة اليوم لا تطالب فقط بالتمكين، إنما تثبته بالأرقام والإنجازات، لا سيما في المجال التعليمي، الذي باتت تتصدره بامتياز.
تشير بيانات عام 2024 إلى أن النساء يشكلن ما يقارب 60% من خريجي التعليم الجامعي، ويواصلن هذا التميز في الدراسات العليا؛ إذ بلغت نسبتهن في الماجستير 60.4% وفي الدكتوراه 57.1%. هذا التقدم يعكس وعيًا مجتمعيًا متزايدًا بأهمية تعليم المرأة، ويعزز من جاهزيتها للمشاركة في القطاعات الحيوية التي ترتكز عليها رؤية التحديث، كالاقتصاد المعرفي والريادة والابتكار.
ورغم هذا الحضور اللافت في التعليم، لا تزال مشاركة المرأة في سوق العمل محدودة، إذ بلغ معدل المشاركة الاقتصادية للنساء 14.9% فقط، مقارنة بـ53.4% للرجال، ما يعكس فجوة واسعة تُقدَّر بـ38.5 نقطة مئوية، كما أن معدل البطالة بين النساء وصل في عام 2024 إلى 32.9%، وهو أكثر من ضعف المعدل العام، هذه الأرقام لا تنتقص من كفاءة النساء، لكنها تكشف عن حاجة ملحة لتطوير السياسات والبيئات المؤسسية والتشريعية لتكون أكثر دعمًا للنساء الباحثات عن دور فاعل ومنتج في الاقتصاد.
وتتعمق الصورة حين ننظر إلى صافي فرص العمل المستحدثة خلال العام ذاته؛ فقد بلغت فرص الإناث قرابة 30 ألفًا، مقابل أكثر من 65 ألفًا للذكور، ورغم أن الأرقام تعكس توجهًا إيجابيًا في توفير فرص للاناث، إلا أنها تؤكد في الوقت ذاته أن الطريق لا يزال طويلًا أمام تحقيق توازن حقيقي في سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تُعد الأكثر إنتاجًا واستدامة.
وتكتسب هذه المعطيات بعدًا آخر عندما نعلم أن واحدة من كل خمس أسر أردنية ترأسها امرأة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة النساء المعيلات للأسر (اللواتي يرأسن أسرهن) تبلغ 20.8% من مجموع الأسر في المملكة، أي ما يزيد عن نصف مليون أسرة، أغلبهن من الأرامل بنسبة 76.3%، هذا الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تؤديه النساء المعيلات لا يمكن تجاهله، ويستدعي توفير شبكات حماية متكاملة، ومبادرات تمكين حقيقية، تضمن لهن فرص الاستقرار والعمل والإنتاج.
رؤية التحديث الاقتصادي، من جهتها، وضعت هدفًا استراتيجيًا يتمثل في رفع نسبة مشاركة المرأة الاقتصادية إلى 28% ومضاعفة وجود النساء في سوق العمل الأردني بحلول عام 2033، وهذا الهدف لا يبدو بعيد المنال في ظل توفر الإرادة السياسية العليا، والبرامج المتنوعة التي بدأت ترى النور، خاصة في المحافظات والمجتمعات التي تحتاج إلى تحفيز إضافي، ومن أبرز ما ورد في الرؤية: “إن تمكين المرأة هو شرط أساسي لتحقيق النمو الشامل والمستدام… وتلتزم الدولة بتهيئة بيئة عمل آمنة ومنصفة تراعي التوازن بين المسؤوليات الأسرية والطموحات المهنية.”
تحقيق هذا الطموح يتطلب استكمال جهود بناء بيئة عمل عادلة، تحفز القطاع الخاص على التوسع في توظيف النساء، وتدعم ريادة الأعمال النسائية، وتؤمن خدمات مساندة كالحضانات والنقل الآمن، وتكافؤ الأجور، كما يتطلب الأمر العمل على تفكيك الصور النمطية التي ما زالت تقيد مشاركة النساء في بعض القطاعات أو في المواقع القيادية.
إن المرأة الأردنية أثبتت جاهزيتها، لا فقط من خلال تحصيلها العلمي، بل عبر أدوارها المتعددة في الأسرة والمجتمع وسوق العمل، إضافة إلى الاستثمار في قدراتها الذي يعد ركيزة وضرورة وطنية، تصب في مصلحة الاقتصاد والاستقرار الاجتماعي على حد سواء، فالرؤية الأردنية الطموحة في التحديث لا تكتمل إلا بمشاركة الجميع، والمرأة شريكة أصيلة في صناعة الحاضر وبناء المستقبل.