الجزائر تكشف أسباب عدم استقبال مؤثر جزائري رحّلته فرنسا
تاريخ النشر: 12th, January 2025 GMT
الجزائر- تتصاعد حدة الخلاف بين الجزائر وباريس، لتنتقل من قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال وما عرفته من تطورات تعكس حجم التوتر بين البلدين، إلى قضية "المؤثر" نعمان بوعلام المعروف باسم "دولامن"، والذي تم ترحيله من فرنسا وإعادته للجزائر، لتقرر الأخيرة عدم استقباله وإرجاعه إلى فرنسا في الطائرة نفسها.
واعتبر وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو، أن الجزائر تسعى من خلال رفضها استقبال المؤثر الجزائري "لإذلال فرنسا"، مؤكدا أن بلاده "لن يكون لديها خيار سوى الرد إذا واصل الجزائريون هذا الموقف التصعيدي"، وذلك قبل أن يقدم مقترحا -رفضته الحكومة الفرنسية- يهدف إلى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين، وزيادة التعريفات الجمركية على الواردات الجزائرية.
وفي مقابل ذلك، نفت الجزائر ما وصفته بـ"ادعاءات اليمين المتطرف الفرنسي ووكلاؤه والناطقون باسمه"، وقالت إنها "لم تنخرط بأي حال من الأحوال في منطق التصعيد أو المزايدة أو الإذلال، بل على خلاف ذلك تماما، فإنّ اليمين المتطرف ومُمثليه هم الذين يريدون أن يفرضوا على العلاقات الجزائرية – الفرنسية ضغائنهم المليئة بالوعيد والتهديد".
وأضافت الخارجية الجزائرية، في بيانها، أن "اليمين المتطرف المعروف بخطاب الكراهية والنزعة الانتقامية، عبر أنصاره المُعلنين داخل الحكومة الفرنسية، انخرط في حملة تضليل وتشويه ضد الجزائر، مُعتقدا بأنه قد وجد ذريعةً يشفي بها غليل استيائه وإحباطه ونقمه".
إعلانبدوره، عبّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، استعداده للذهاب إلى الجزائر -إذا تلقى دعوة- بهدف مناقشة القضايا التي تؤثر على العلاقات بين البلدين.
كشفت وزارة الخارجية الجزائرية ما أسمته "حقائق حملة التضليل والتشويه الفرنسي ضد الجزائر"، والتي تضمنت تفاصيل اعتقال وترحيل المؤثر الجزائري من فرنسا نحو الجزائر.
وأشارت الخارجية الجزائرية إلى أن "المواطن الذي صدر في حقه قرار الطرد يعيش في فرنسا منذ 36 عاما، ويحوز فيها بطاقة إقامة منذ 15 عاما، كما أنه أب لطفلين ولدا من زواجه من مواطنة فرنسية، فضلا على أنه مُندمج اجتماعيا كونه يمارس عملا مستقرا لمدة 15 عاما".
وقالت إنّ "كل هذه المعطيات تمنحه بلا شك حقوقا كان سيُحرم من المطالبة بها أمام المحاكم الفرنسية والأوروبية، بسبب قرار طرده المُتسرع والمثير للجدل، ونتيجة لذلك، لم تُتح لهذا المواطن فرصة الاستفادة من محاكمة قضائية سليمة تحميه من التعسف في استخدام السلطة، خاصة أنّ تنفيذ قرار طرده كان سيحرمه من الدفاع عن حقوقه خلال المحاكمة، المقررة بتاريخ 24 فبراير/شباط من هذا العام".
وسجّلت الخارجية حسب بيانها انتهاكا صريحا للأحكام ذات الصلة من الاتفاقية القنصلية الجزائرية الفرنسية الموقعة في 24 مايو/أيار 1974، حيث إن "الطرف الفرنسي لم يعتقد أنه من الضروري إبلاغ الطرف الجزائري لا بتوقيف هذا المواطن، ولا اعتقاله، ولا احتجازه، ولا حتى قرار طرده، كما أنّ الطرف الفرنسي لم يتجاوب مع الطلب الذي تقدَّم به الطرف الجزائري بغية ضمان الحماية القنصلية لفائدة المواطن المعني من خلال حق الزيارة".
وأضافت أنه "بالنظر إلى كل هذه التجاوزات وكل هذه الخروقات للحقوق المكتسبة من قبل المواطن الجزائري على الأراضي الفرنسية، فإنّ القرار الجزائري بخصوص هذه القضية قد جاء حرصا على السماح لهذا المواطن بالردّ على الاتهامات الموجهة إليه، والمطالبة بحقوقه والدفاع عن نفسه، في إطار مسار قضائي عادل ومنصف يأخذ مجراه على التراب الفرنسي".
إعلان تسوية صعبةويقول خبير التخطيط الإستراتيجي والعلاقات الدولية محمد الشريف ضروي، إن الأزمة المتزايدة بين فرنسا والجزائر خلال الأيام الأخيرة تتصاعد حدتها، خاصة من الطرف الفرنسي الذي كثّف التصريحات الرسمية ضد الجزائر.
ويؤكد ضروي في حديثه للجزيرة نت، أن هذا التصعيد يعكس "فقدان فرنسا لبوصلتها حتى في إدارتها لهذا الصدام"، واعتبر أن تحدث وزير الخارجية الفرنسي عن رغبته بالقدوم إلى الجزائر والجلوس على طاولة الحوار "يعبر عن ضبابية في الموقف الفرنسي، إذ لم يصدر هذا التصريح عن الحكومة الفرنسية في بيان رسمي، ولا عن طريق القنوات الدبلوماسية الرسمية، ما يعكس غياب التنسيق الواضح داخل المؤسسات الفرنسية".
ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية صعوبة الحديث عن إمكانية اتخاذ خطوات ملموسة نحو حلّ سريع أو الدخول في مرحلة فتور يليها الحوار، دون وضع هذه الأزمة في السياق الأوسع للعلاقات الجزائرية الفرنسية.
ويوضح أن العلاقات بين البلدين خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأخيرة كانت عبارة عن "شبكة متداخلة ومعقدة، تتأثر بمجموعة من الملفات المتشابكة"، وبالتالي، فإن هذه الأزمة ليست سوى "جزء من كلٍّ أكبر"، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسار واضح نحو الجلوس إلى طاولة الحوار في المستقبل القريب.
من جانبه، عاد الباحث في الدراسات الإستراتيجية نبيل كحلوش، إلى أوراق الضغط التي لوّح وزير الداخلية الفرنسي باستخدامها ضد الجزائر، انطلاقا من تجميد منح التأشيرات للجزائريين، "وهو ما يتناقض مع الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، كما أن رفض الحكومة الفرنسية للمقترح ينم عن وعيها بإمكانية أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا"، حسب قوله.
وفيما يخص زيادة التعريفات الجمركية للجزائر، يؤكد كحلوش في حديثه للجزيرة نت أن "هذا أمر لا يمكن أن تطبقه فرنسا على الواردات الجزائرية، لأن الجزائر لا تخالف مبادئ التجارة الدولية أو قواعد اقتصاد السوق".
إعلانفي مقابل ذلك، أشار الباحث إلى أن عدد الجالية الجزائرية كبير في فرنسا، وهو ما يمكّن الجزائر من استخدم هذه الورقة كعامل مؤثر، من خلال تعزيز حرية تحركاتها، وتقليل القيود الفرنسية المفروضة عليها.
وأشار في هذا السياق للإجراء الاستثنائي الذي قامت به الجزائر، السبت، حيث أصدرت وزارة الخارجية قرارًا يمتد حتى ديسمبر/كانون الأول 2025، يمنح الجزائريين تسهيلات للدخول والخروج من البلاد دون تأشيرة، ويشمل القرار الجزائريين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية أو جنسية مزدوجة، مما يمنحهم حرية أكبر في التنقل، ويقلل من تأثير القيود الفرنسية التي قد تُفرض عليهم.
وأضاف كحلوش أن مسألة الهيبة الجيوسياسية تمثل أحد الأسباب التي قد تدفع فرنسا إلى التصعيد، كونها ترى الجزائر فاعلا رئيسيا يقود الدعوة إلى "إخراج جميع أنواع الحضور الأجنبي -وخصوصًا العسكري- من القارة الأفريقية"، كونها تعمل على تحجيم النفوذ الأجنبي لضمان استقرار المنطقة، "وهو ما يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة لباريس، وهي ورقة يمكن للجزائر استغلالها ضد فرنسا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة الفرنسیة بین البلدین ضد الجزائر
إقرأ أيضاً:
«الأوراق المالية والسلع» تطلق أول رخصة «مؤثر مالي» في المنطقة
أبوظبي (الاتحاد)
أعلنت هيئة الأوراق المالية والسلع، عن إطلاق رخصة «المؤثر المالي - Finfluencer»، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تنظيم المحتوى المالي الرقمي، وحوكمة أنشطة الأفراد المؤثرين في تقديم التحليلات والتوصيات الاستثمارية، والتسويق المالي عبر المنصات الرقمية.
ووفق بيان صحفي صادر اليوم تأتي هذه المبادرة لتعزيز حماية المستثمرين في الأسواق المالية الإماراتية.
وقال وليد سعيد العوضي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، إن إطلاق رخصة المؤثر المالي لا يُعد مجرد إجراء تنظيمي، بل يمثل خطوة استراتيجية تهدف إلى إعادة تعريف دور الجهات الرقابية في ظل الاقتصاد الرقمي.
وأضاف أن الهيئة تسعى من خلال هذه المبادرة إلى الارتقاء بالمعايير العالمية لنزاهة الأسواق، وتعزيز الشفافية، وترسيخ بيئة مالية تتسم بالانضباط والثقة، مشيراً إلى أن الهيئة تؤمن بدورها كجهة تنظيمية محفّزة للتغيير، وقادرة على إحداث أثر اقتصادي تحويلي من خلال تبني نماذج تنظيمية مبتكرة تواكب التطورات المتسارعة في صناعة المال والاستثمار.
وتأتي المبادرة ضمن حزمة من الإجراءات التحفيزية التي تتبناها الهيئة لتسهيل ممارسة الأنشطة المالية الرقمية، حيث أُعفي المتقدمون من رسوم التسجيل والتجديد، والاستشارات القانونية المتعلقة بهذه الخدمة لمدة ثلاث سنوات، وذلك في إطار دعم التوجه نحو تصفير البيروقراطية الحكومية وتشجيع الابتكار المالي ضمن إطار قانوني وتنظيمي واضح.
وتُتيح الهيئة للأفراد المقيمين داخل الدولة فرصة الحصول على رخصة «مؤثر مالي - Finfluencer»، التي تمكّنهم من تقديم توصيات مالية أو استثمارية تتعلق بمنتجات أو شركات مرخّصة، عبر الوسائط الإعلامية التقليدية أو الرقمية.
ويُشترط للحصول على هذه الرخصة التسجيل لدى الهيئة والامتثال لجميع الضوابط والشروط التنظيمية المعتمدة، بما يضمن حماية المستثمرين ويعزّز ثقة الجمهور في السوق المالي المحلي.
ويقصد بالمؤثر المالي هو الشخص المسجل لدى الهيئة لتقديم توصيات مالية تتعلق بشراء أو بيع أو الاحتفاظ بمنتج مالي أو أصل افتراضي أو تقديم توصية تتعلق بخدمة مالية أو أي مصدر داخل الدولة، من خلال وسائل الإعلام التقليدية أو الحديثة كوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة المكتوبة أو المسموعة أو غيرها أو المشاركة في ندوات أو لقاءات أو منتديات أو استخدام مدونات أو الظهور للجمهور بأي وسيلة أخرى، أو من خلال تصريحات أو إبداء رأي أو تحليلات حول القيمة الحالية أو المستقبلية أو السعر، أو الأداء المتوقع، أو الذي يشارك الجمهور من خلال محتوى أو مرئيات أو نصائح أو توصيات أو مناقشات أو معلومات أو تحليلات أو آراء أو تقارير تتعلق بالاستثمارات المالية أو منتج مالي محدد داخل الدولة.
وتؤكد الهيئة أن هذه الخطوة تأتي في إطار رؤيتها الإستراتيجية الرامية إلى تعزيز تنافسية الأسواق المالية في دولة الإمارات، وتوفير بيئة استثمارية آمنة وشفافة تُواكب أفضل الممارسات العالمية، وترسّخ مكانة الدولة مركزاً مالياً رائداً على المستويين الإقليمي والعالمي، وذلك من خلال تبنّي أدوات تنظيمية مبتكرة تتماشى مع تطورات الاقتصاد الرقمي العالمي.