نواف سلام..من رئاسة العدل الدولية في لاهاي إلى سراي الحكومة في بيروت
تاريخ النشر: 13th, January 2025 GMT
يعتبر نواف سلام الذي كلّفه رئيس لبنان جوزيف عون الإثنين برئاسة الحكومة المقبلة، دبلوماسي مخضرم تبنّت ترشيحه بشكل رئيسي قوى سياسية معارضة لحزب الله الذي أضعفته المواجهة الأخيرة مع إسرائيل في الداخل.
ويجمع سلام، 71 عاماً، الذي انتخب في العام الماضي رئيساً لمحكمة العدل الدولية، بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت حدود بلاده، ما جعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة.وحظي سلام الذي يتحدر من عائلة بيروتية عريقة تعاطت الشأن السياسي منذ بداية القرن الماضي، بتأييد 85 نائباً من إجمالي 128 يشكلون أعضاء البرلمان. وامتنع نواب حزب الله وحليفته حركة أمل عن التصويت لأي مرشح، ما يعني أن سلام سيبدأ مهامه من دون أن يحظى بدعم الكتل الشيعية في بلد يستند نظامه السياسي على المحاصصة بين الطوائف.
ويأمل داعمو سلام، خاصة القوى السياسية المناوئة لحزب الله، أن يشكل وصوله إلى رئاسة الحكومة فرصة لتغيير أداء المؤسسات الرسمية وطي صفحة تحكّم حزب الله في الحياة السياسية، وتنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب جوزيف عون في خطاب القسم.
وتعهد عون يوم الخميس "بمرحلة جديدة"، يكون للدولة فيها حق "احتكار حمل السلاح"، ويكون اللبنانيون جميعهم "تحت سقف القضاء والقانون"، بعيداً عن منطق المحسوبيات والمحاصصة.
وجاء ذلك بعدما استنزفت مواجهة مفتوحة مع إسرائيل استمرت عاماً حزب الله، الذي خسر جزءاً كبيراً من ترسانته العسكرية وعدداً من قادته على رأسهم أمينه العام السابق حسن نصرالله، وأضعفته في الداخل بعدما كان القوة السياسية والعسكرية الأبرز التي تحكمت في مفاصل الحياة السياسية في لبنان.
وليست هذه أول مرة يُطرح فيها اسم سلام المقل في الظهور الإعلامي لرئاسة الحكومة في لبنان، لكنها المرة الأولى التي توحدت خلفه كتل سياسية من توجهات مختلفة في مرحلة مصيرية من تاريخ البلاد. انسجام إصلاحي
ويقول الأستاذ الجامعي علي مراد إن "التفاف قوى سياسية، ومن خلفيات مختلفة حول ترشيح سلام يعكس التغييرات الحقيقية التي يعيشها لبنان". ويرى أن تسميته "بما يمثله من قيمة دولية، ومن الموقف الثابت في الموضوع الفلسطيني، وبما يمثله من كفاءة شخصية وانسجامه الإصلاحي مع خطاب العهد" يشكل "المسار الحقيقي" المطلوب.
وشكل العام الماضي تحولا في مسيرة سلام، بعد انتخابه في فبراير (شباط) رئيساً لمحكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، بعد أن شغل عضوية المحكمة ذاتها منذ فبراير (شباط) 2018".
وفي قرار وصفه الفلسطينيون بـ"تاريخي" واعتبرته إسرائيل "كاذباً"، قالت المحكمة بقيادة سلام في 19 يوليو (تموز) إن الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية "غير قانوني" ويجب أن ينتهي "في أسرع وقت ممكن".
ويرى أستاذ العلوم السياسية عماد سلامة أن "دوره في لاهاي يعزز مكانته إصلاحياً قادراً على معالجة الفساد وعدم الكفاءة، ما يجعله متوافقاً مع مطالب المواطنين اللبنانيين بالمساءلة والشفافية".
وشهد لبنان منذ 2019 تظاهرات شعبية غير مسبوقة مناوئة للطبقة الحاكمة، لكنها فقدت زخمها تباعاً على وقع انتشار كورونا، والانفجار المدمر في مرفأ بيروت صيف 2020.، وطرح اسم سلام مراراً لرئاسة الحكومة دون أن يحصل على الدعم السياسي اللازم.
ويقول سلامة: "يحظى نواف سلام باحترام واسع بسبب رصانته الأكاديمية، وآرائه المستقلة، والتزامه بالعدالة وحقوق الإنسان"، معتبرا أن "قدرته على الحفاظ على مسافة واحدة من الأحزاب المنقسمة، مع تجسيده لمبادئ العدالة والحكم الرشيد، تجعله رمزا للأمل في مستقبل أكثر مساءلة وشمولية".
ولسلام مسيرة أكاديمية ومهنية طويلة، من أبرزها توليه بين 2007 و2017 منصب المندوب الدائم للبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك. وشغل كذلك عضوية بعثات ميدانية لمجلس الأمن الدولي إلى دول بينها السودان، وأفغانستان، وأوغندا.
وبعد نيله إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية في بيروت في 1984، تابع سلام تحصيله الجامعي في باريس والولايات المتحدة. وحصل على شهادتي دكتوراه في العلوم السياسية وفي التاريخ.
وحاضر في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعات أخرى في الخارج بينها السوربون بين 1979 و1981.
وهو مؤلف كتب ودراسات في القانون الدولي والدستوري والانتخابي والإسلامي، إضافة إلى دراسات حول المنظمات الدولية والشؤون الدولية.
يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، وهو والد لشابين، وزوج سحر بعاصيري، التي كانت صحافية، وسفيرة لبنان السابقة لدى منظمة يونسكو.
وسلام هو أيضاً ابن شقيق صائب سلام الذي ترأس حكومات عدة بين 1952 و1973. في حين ترأس ابن عمه تمام سلام الحكومة بين 2014 و2016.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية لبنان
إقرأ أيضاً:
لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية بغزة؟
بينما يموت الفلسطينيون في غزة بأعداد متزايدة يوميا بسبب الجوع، ويتزايد عدد الباحثين القانونيين ومسؤولي الإغاثة والسياسيين الذين يصفون أفعال إسرائيل بالإبادة الجماعية، يبقى صدور حكم نهائي بشأن هذه المسألة من أعلى محكمة في العالم بطيئا للغاية.
وقالت صحيفة غارديان إن خبراء في محكمة العدل الدولية يرون أنه من غير المرجح صدور حكم بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة قبل نهاية عام 2027 على أقرب تقدير، وذلك في وقت حذر فيه المجتمع الدولي من أن بطء إجراءات المحكمة لا ينبغي أن يستخدم كذريعة لتأجيل اتخاذ إجراءات لوقف القتل.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من الجمهوريين والديمقراطيين.. ما سر الهجمات العنصرية على ممداني؟list 2 of 2كاتبة إسرائيلية: تصاعد حاد في معدلات الانهيار بين جنود الجيشend of listوأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم المراسل الدولي جوليان بورغر- إلى أنه كان من المقرر أصلا أن تقدم إسرائيل ردها على تهمة الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا يوم الاثنين، لكن المحكمة منحت محاميها تمديدا لمدة 6 أشهر، وذلك لأن هيئة المحكمة المكونة من 17 قاضيا قبلت حجة إسرائيل بأنها احتاجت إلى أكثر من 9 أشهر لإعداد قضيتها، مدعية أن "مسائل الأدلة" في عرض جنوب أفريقيا تعني أن "نطاق القضية لا يزال غير واضح".
وردّ الفريق القانوني الجنوب أفريقي بأن أيا من الحجج التي قدمها المحامون الإسرائيليون لم تكن سببا مشروعا للتأخير، وأن إطالة أمد القضية أمر غير مبرر في ضوء حالة الطوارئ الإنسانية في غزة، لكن المحكمة انحازت إلى إسرائيل، التي لديها الآن مهلة حتى يناير/كانون الثاني المقبل لعرض قضيتها.
وقالت جولييت ماكنتاير، المحاضرة البارزة في القانون بجامعة جنوب أستراليا "أعتقد أن (محكمة العدل الدولية) حذرة للغاية بسبب المناخ السياسي"، وأضافت "لا يريدون أن يتهموا بتجاهل الحقوق الإجرائية لإسرائيل والتوصل إلى أنها ارتكبت إبادة جماعية دون منحهم فرصة كاملة للرد".
ومنذ تأسيسها عام 1945، دأبت محكمة العدل الدولية على تفضيل الحذر على السرعة في دورها كحكم نهائي بين الدول، وقالت إيفا فوكوشيتش، الأستاذة المساعدة في التاريخ الدولي بجامعة أوتريخت إن "محكمة العدل الدولية تعرف ببطء مداولاتها".
إعلانوذكر المراسل بأن المحكمة، بعد أن تقدم إسرائيل دفاعها في يناير/كانون الثاني المقبل، تمنح كل طرف عادة وقتا كافيا لإعداد جولة أخرى من الحجج لمواجهة نقاط الطرف الآخر والتطورات الجديدة، وقال الأستاذ مايكل بيكر، الذي عمل في السابق مسؤولا قانونيا في محكمة العدل الدولية، إن "الجولة الثانية تستغرق عادة حوالي 6 أشهر لكل طرف، أي عاما آخر، ثم نصل إلى يناير/كانون الثاني 2027".
إذا سارت الأمور بسلاسة ولم تكن هناك أي أحداث أو انقطاعات أخرى في الإجراءات، ستكون جلسة استماع في وقت ما من عام 2027، وربما في وقت مبكر بما يكفي ليصدر حكم بحلول نهاية العام، مع أن هناك مجموعة من العوامل يمكن أن تؤخر القضية إلى عام 2028.
ومع ذلك قضت المحكمة في يناير/كانون الثاني من العام الماضي بأن ادعاء الإبادة الجماعية "معقول" وأقرت بأن "الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة معرض لخطر شديد من التدهور قبل أن تصدر حكمها النهائي"، وأمرت إسرائيل "باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها" لوقف أعمال الإبادة الجماعية والتحريض عليها، واتخاذ "تدابير فورية وفعالة" للسماح بدخول المساعدات إلى غزة.
وفي مارس/آذار 2024، أضافت المزيد من التدابير التي تطالب بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وفي مايو/أيار، أمرت بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح الجنوبية وبإعادة فتح معبر رفح من مصر لتوصيل المساعدات.
إلهاء خطيرغير أن إسرائيل تجاهلت بشكل شبه كامل التدابير المؤقتة، ورفضت اتهام الإبادة الجماعية ووصفته بأنه "شائن وكاذب"، ولم تطلب جنوب أفريقيا أي تدابير أخرى، رغم فترات الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على غزة هذا العام، وذلك ربما بسبب الضغط المكثف من واشنطن، حسب مصدر مقرب من فريق جنوب أفريقيا القانوني.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أصدر أمرا تنفيذيا بوقف المساعدات إلى جنوب أفريقيا، ينتقد موقفها أمام محكمة العدل الدولية، مدعيا دون دليل -حسب الصحيفة- أن البيض في جنوب أفريقيا كانوا "ضحايا تمييز عنصري ظالم".
التركيز على حكم الإبادة الجماعية يمكن أن يكون إلهاء خطيرا، يؤخر اتخاذ المجتمع الدولي إجراء حاسما، ويسمح باستمرار الجرائم التي يمكن إثباتها ضد الإنسانية
ونبه المراسل إلى أن معيار المحكمة للإثبات المطلوب للتوصل إلى حكم بشأن الإبادة الجماعية مرتفع للغاية، بسبب صعوبة إثبات نية العمد في التدمير الذي اشترطته اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.
وفي تفسيرها للاتفاقية، اشترطت محكمة العدل الدولية أدلة "قاطعة تماما" على أن الدولة المتهمة كانت لديها نية الإبادة الجماعية في ارتكاب عمليات قتل جماعي، ولم تكن هناك دوافع أخرى محتملة ومنافسة.
ويعتقد عدد من علماء القانون أن إسرائيل بأفعالها في غزة تتجاوز حتى هذا الحد العالي، ومع ذلك يرى خبراء القانون الدولي الإنساني أن التركيز على حكم الإبادة الجماعية يمكن أن يكون إلهاء خطيرا، يؤخر اتخاذ المجتمع الدولي إجراء حاسما، ويسمح باستمرار الجرائم التي يمكن إثباتها ضد الإنسانية.