لم تجد فاطمة أبكر ملاذاً آمناً على سطح الأرض، فاضطرت للجوء إلى باطنها، في مخيم أبو شوك للنازحين شمالي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، حفرت هذه الأم خندقاً عميقاً لتختبئ فيه مع أطفالها من وابل القصف الجوي والمدفعي الذي يستهدف المعسكر منذ أشهر.

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
اعداد وتحرير : سودان تربيون

الفاشر 15 يناير 2025 - لم تجد فاطمة أبكر ملاذاً آمناً على سطح الأرض، فاضطرت للجوء إلى باطنها.

في مخيم أبو شوك للنازحين شمالي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، حفرت هذه الأم خندقاً عميقاً لتختبئ فيه مع أطفالها من وابل القصف الجوي والمدفعي الذي يستهدف المعسكر منذ أشهر.
في خندقها المظلم، تعاني فاطمة من الجوع والعطش وانعدام العلاج، بينما تستمر قذائف الموت في الهطول حولها. لا تستطيع الخروج للبحث عن الطعام خوفاً على حياتها وحياة أطفالها، ولا تملك المال لشراء ما قد يكون متاحاً في ظل إغلاق المحال التجارية وصعوبة الحصول على السيولة النقدية حتى لو وصلتها مساعدة من أقاربها في الخارج.
تعكس قصة فاطمة المأساة التي يعيشها آلاف النازحين في مخيم أبو شوك، الذي تحول إلى هدف دائم لقوات الدعم السريع. يُستهدف المخيم يومياً بالقصف المدفعي العشوائي والطائرات المسيرة، مما خلف عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، إلى جانب تدمير المراكز الطبية والعديد من المنازل والمحال التجارية، وفقاً لغرفة طوارئ معسكر أبو شوك.
في مطلع هذا الشهر، تعرض المخيم لقصف جوي من قبل طيران الجيش، مما تسبب في مقتل وجرح عدد من المدنيين، وزرع الرعب في قلوب السكان، بحسب غرفة طوارئ المخيم.

"الجوع يفتك بنا"
تقول فاطمة أبكر لـ"سودان تربيون" إنها ظلت طوال أسبوع داخل خندقها لا تستطيع الخروج خوفاً من قذائف "الجنجويد" التي تُطلق على مدار اليوم، وقد اضطرت للاعتماد في غذائها على قليل من دقيق الذرة الرفيعة والماء والملح.
وتُضيف بصوت مُختنق: "لدي ثلاثة أطفال، قُتل والدهم في قصف على المُخيم خلال أغسطس الماضي، وهم الآن يعانون من سوء التغذية الحاد، كما أخبرني الأطباء في مستشفى أطباء بلا حدود. أخشى أن أفقد أطفالي في أي لحظة".
وتناشد فاطمة المجتمع الدولي التدخل العاجل لإنقاذ الأرواح بتوفير الغذاء والدواء، وإجبار قوات الدعم السريع على وقف اعتداءاتها على المدنيين العزل.
بين مطرقة "الجنجويد" وسندان الجيش
يتهم نازحو مخيم أبو شوك الجيش السوداني والقوة المشتركة بتحويل المعسكر إلى ثكنة عسكرية. وقال قيادي بارز في إدارة المُخيم، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ"سودان تربيون" إن الجيش وحلفاءه حوّلوا المعسكر إلى ساحة عمليات عسكرية، حيث ينتشرون بكثافة في الأجزاء الشرقية والغربية والجنوبية، مما جعل حياة النازحين في تلك المناطق جحيماً لا يطاق.
ويشير إلى أن سكان المربعات "15-16-17" يعيشون في ظروف مأساوية ويتعرضون لمخاطر جمة، مما أجبرهم على الاختباء في الخنادق لأكثر من أسبوعين. بينما يواجه سكان مربع 28 شمال المعسكر أوضاعاً كارثية بسبب قرب مواقع التمركز العسكري و توالي القصف على منازلهم. كما أن انتشار القوات داخل سوق المعسكر أدى إلى تفاقم معاناة السكان المدنيين و حرمانهم من أبسط احتياجاتهم.
تقول النازحة إنصاف عبد الكريم لـ"سودان تربيون": "نُمر بظروف صعبة داخل المعسكر بسبب الجوع والقصف المدفعي العشوائي. عدد كبير من النازحين أصبحوا غير قادرين على توفير وجبة واحدة في اليوم بسبب انعدام فرص العمل وتوقف الأسواق نتيجة للقصف. الجوع ينتشر بيننا، وجميع جيراننا يعانون مثلي. نحن في حاجة ماسّة إلى مساعدات عاجلة".
وتحكي أميرة عبد الله، وهي أخرى من نازحات مخيم أبو شوك، لـ"سودان تربيون" عن حجم المعاناة التي يعيشونها تحت القصف العشوائي، مُضطرة لقضاء طوال الوقت داخل الخنادق مع أطفالها. وتقول: "يعتمد معظم سكان مخيم أبو شوك في غذائهم على "الأمباز"، وهي مخلفات الفول السوداني بعد استخراج الزيت. وصلنا إلى مرحلة أكل "الأمباز" مخلوطاً مع الدقيق لتقديمه للأطفال كطعام، ونعتمد أيضاً على الفول السوداني، أما الكبار فلا يشربون سوى الماء".
وتضيف أميرة أن العديد من النازحين لقوا حتفهم بسبب عدم قدرة ذويهم على توفير الأموال اللازمة لعلاجهم، كما تعرضت العديد من النساء للإجهاض و لم يستطعن الذهاب إلى المستشفى لإجراء العمليات اللازمة بسبب القصف و انعدام الأموال.
مناشدة لوقف "العبث بأرواح النازحين"
كشف المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين آدم رجال في حديثه لـ"سودان تربيون" عن وجود ارتكازات للقوة المشتركة حول مخيم أبو شوك، وطالب أطراف النزاع بعدم استخدام المواطنين كدروع بشرية، و عدم تحويل المخيمات إلى ميادين لتصفية الحسابات، والابتعاد عن المعسكرات والمناطق المأهولة بالسكان.
وقال رجال: "ليس هناك مبرر لقصف المعسكر وقتل النازحين وتشريدهم. إنهم مساكين ليس لديهم القدرة على منع ارتكازات القوات في المخيم". ووصف الوضع بـ"المؤسف والمحزن"، مؤكداً أن قتل النازحين غير مبرر.
وشدد رجال على أن الغرض الأساسي من ممارسات أطراف الصراع هو تدمير حياة مواطني المعسكرات و دارفور وإنهائهم من الوجود. وناشد المجتمع الدولي و المنظمات الإنسانية التدخل الفوري لوقف هذه المأساة و إنقاذ أرواح النازحين.



#SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: سودان تربیون

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي : “إسرائيل” دمرت 95% من الأرض الزراعية في قطاع غزة

الثورة / متابعات

كشف تقرير أممي، أن أقل من 5% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة ما زالت صالحة للزراعة، ما يعمّق أزمة إنتاج الغذاء ويزيد من خطر المجاعة.

ووفق تقييم جغرافي مكاني جديد أجرته كل من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية، فإن أكثر من 80% من الأراضي الزراعية في غزة تعرضت لأضرار حتى أبريل 2025، فيما أصبحت 77.8% من هذه الأراضي غير متاحة للمزارعين.

وأوضحت الفاو أن الوضع شديد الخطورة خاصة في رفح والمحافظات الشمالية، حيث يصعب الوصول إلى معظم الأراضي الزراعية.

وباستخدام صور الأقمار الصناعية عالية الدقة ومقارنتها ببيانات ما قبل الحرب، كشف التقييم أن “71.2% من الدفيئات الزراعية في القطاع قد تضررت، مع تسجيل أكبر نسبة ضرر في رفح، بينما تضررت جميع الدفيئات في محافظة غزة.

كما تضرر 82.8% من الآبار الزراعية في القطاع، مقابل 67.7% في ديسمبر 2024.

وقبل اندلاع الحرب، كانت الزراعة تشكل حوالي 10% من اقتصاد غزة، ويعتمد أكثر من 560 ألف شخص بشكل كلي أو جزئي على الإنتاج الزراعي أو الرعي أو صيد الأسماك كمصدر رزق.

وأوضحت بيث بيكدول، نائبة المدير العام لمنظمة الفاو، أن الدمار لا يقتصر على البنية التحتية فقط، بل يشمل انهيار كامل لنظام الأغذية الزراعية في غزة، الذي كان شريان الحياة لمئات الآلاف، مضيفة: “ما كان يوفر الغذاء والدخل والاستقرار أصبح الآن مدمراً. مع تدمير الأراضي والدفيئات والآبار، توقف الإنتاج الغذائي المحلي تماماً. إعادة الإعمار تتطلب استثمارات ضخمة والتزاما مستداما لاستعادة سبل العيش والأمل”.

وفي وقت سابق من 2025، قدّرت منظمة “الفاو” قيمة الأضرار والخسائر في القطاع الزراعي بغزة بأكثر من ملياري دولار، مع احتياجات إعادة التعافي والإعمار التي تبلغ نحو 4.2 مليار دولار.

ورجّحت المنظمة زيادة هذه التقديرات مع انهيار وقف إطلاق النار، مؤكدة حجم التحدي الهائل في إعادة بناء سبل عيش المزارعين ومربي الماشية والصيادين في القطاع.

ويأتي هذا التقييم عقب تحذير جديد من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، الذي أكد أن جميع سكان قطاع غزة، البالغ عددهم حوالي 2.1 مليون نسمة، يواجهون خطر المجاعة الشديد بعد 20 شهرا من الحرب والنزوح وقيود المساعدات الإنسانية

 

 

 

مقالات مشابهة

  • رعب “الكلاب الضالة ” في أضنة! شاب مكسور الذراع ينجو من هجوم مروع
  • “دقائق في العالم الآخر”.. شهادة مفصلة لـ”عائدة” من الموت!
  • تقرير أممي : “إسرائيل” دمرت 95% من الأرض الزراعية في قطاع غزة
  • عاجل.. رئيس مكتب النازحين بالإدارة الذاتية: اتفاق مع الحكومة السورية على إعادة عائلات من مخيم الهول بريف الحسكة
  • المستشار الألماني: مجزرة مدرسة الجرجاوي بغزة “مأساة إنسانية وكارثة سياسية”
  • إسرائيل تحرق النازحين نيامًا.. أهوال مجزرة الجرجاوي بغزة
  • بينهم 30 جثة متفحمة.. الكيان النازي يرتكب محرقة جماعية بحق النازحين في مدرسة “الجرجاوي”
  • دراسة: الأجساد الحية “تتوهج” بضوء خافت يختفي عند الموت
  • إسرائيل تحرق النازحين نيامًا.. أهوال مجزرة الجرجاوي بغزة (شهادات)
  • حادثة نادرة في كركوك.. خروج بقرة من باطن الأرض (فيديو)