تبذل السلطات العراقية والسورية جهودا حثيثة لإعادة تطبيع العلاقة في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام الرئيس السوري المخلوع، بشار الأسد، إذ يجري التركيز حاليا على الملف الأمني بالدرجة الأساس، وذلك مع حديث عن التفكير بإعادة تفعيل أنبوب "بانياس" النفطي.

وتربط العراق وسوريا حدود طويلة تمتد على طول يبلغ أكثر من 599 كيلومترا، معظمها صحراوية، حيث شهدت هذه المناطق اضطرابات أمنية كبيرة، ولاسيما مع ظهور تنظيم الدولة وسيطرته على مناطق واسعة في البلدين من عام 2014 وحتى 2017.



"زيارات سرية"

وبخصوص جهود تطبيع العلاقة بين البلدين، كشفت مصادر سياسية عراقية خاصة لـ"عربي21" عن زيارات متبادلة بين العراق وسوريا، تجري على مستوى الشخصيات السياسية والأمنية، والتي بدأها الجانب العراقي بعد نحو عشرة أيام من سقوط الأسد.

لكن الزيارات التي تجري بين مسؤولي البلدين تتم بشكل غير معلن، باستثناء زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري الذي وصل إلى دمشق في 26 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتقى بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.



وقالت المصادر العراقية التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إن "أولى الزيارات التي بدأها الجانب العراقي بشكل غير رسمي، كانت تلك التي أجراها السياسي والنائب العراقي السابق، عزت الشابندر، المقرّب من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".

وأوضحت المصادر أنه "بتوجيه من السوداني شخصيا، زار الشابندر سوريا عبر الأراضي اللبنانية بعد نحو عشرة أيام من الإطاحة بنظام بشار الأسد، والتقى بقائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في دمشق، واستمر اللقاء بين الطرفين مدة ساعتين تقريبا".

وأشارت إلى أن "السوداني حسم أمره منذ البداية في تطبيع العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة، لكن التشويش والرفض كان يحصل من أطراف في الإطار التنسيقي، وتحديدا الشخصيات القريبة من إيران، والتي لايزال بعضهم لا يريد القبول بالواقع الجديد في سوريا".

ولفتت المصادر إلى أن "زيارة الشابندر أعطت تصورا للسوداني عن طبيعة تفكير الإدارة السورية الجديدة، وبالتالي مهدت لإرسال رئيس جهاز المخابرات، حميد الشطري إلى دمشق، والتي كان طبع زيارته أمني عسكري، بحكم الشخصية الموفدة والملفات التي كان يحملها".

وفي المقابل، فإن "وفد سوري أجرى زيارة غير معلنة إلى بغداد، الأحد، والتقى بمسؤولين عراقيين أمنيين، إذ يشرف حاليا على الملف السوري في العراق، رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري"، بحسب المصادر.

ورجحت المصادر أن تكون الملفات التي جرى بحثها، هي السجون الموجودة على الأراضي السورية وتديرها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، كونها تضم عناصر وقيادات من تنظيم الدولة، والتي تبعث القلق لدى السلطات العراقية.

وأشارت إلى أن ترتيب العلاقة بين البلدين وإعادة تطبيعها يجري ببطء بسبب الاعتراضات التي تبديها أطراف في الإطار التنسيقي الشيعي القريبة من إيران، والهجوم الإعلام الذي تشنه على الإدارة السورية الجديدة.

"أنبوب بانياس"

مع محادثات تطبيع العلاقة بين سوريا والعراق، تزايدت الأحاديث عن جدية طرح موضوع إعادة تأهيل وتشغيل خط أنبوب تصدير نفط مدينة كركوك العراقية، عبر ميناء بانياس السوري، والمغلق منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.

وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي العراقي، صلاح العبيدي، إن "تأهيل الأنبوب النفطي العراقي الواصل إلى بانياس السورية طرح قبل الإطاحة بنظام بشار الأسد، وهو مهم جدا في تصدير نفط كركوك، لأن هناك خطة لإدخال سوريا في مشروع طريق التنمية العراقي".

وأوضح العبيدي لـ"عربي21" أنه "بعد التغيير السياسي في سوريا، لاتزال الصورة ضبابية في المشهد السوري، لأن الحكومة العراقية لديها تحفظات تجاه الإدارة السورية الجديدة حتى الآن، على اعتبار أن ملامحها وتوجهاتها لم تتضح بعد".

وتوقع الخبير أن "انفتاح العراق الاقتصادي مع سوريا يتطلب وقتا أطول، لأنه سيتم بداية التركيز على ملف الأمن، لأن الأمور لاتزال غامضة في الجانب السوري، ولديهم تحديات أمنية، إضافة إلى وجود مناطق خارج سيطرة السلطة السورية الحالية".

وأكد العبيدي أن "أي تحرك في الجانب الاقتصادي في الوقت الحالي ربما يكون مغامرة بالنسبة للعراق، لأن النتائج غير مضمونة حاليا كون الاقتصاد يرتكز بالدرجة الأساس على الجانب الأمني".

وبيّن الخبير الاقتصادي أن "الأنبوب يحتاج إلى حماية أمنية بالدرجة الأساس وإعادة تأهيل كونه متروك من مدة طويلة، إضافة إلى أن الأمر يتطلب إجراء اتفاقية شراكة مع الجانب السوري على من يتولى التأهيل وكيفية ذلك، ومقدار أجور الترانزيت (مرور النفط)".



واستبعد العبيدي أن يكون أنبوب بانياس السوري بديلا عن أنبوب ميناء جيهان التركي، بالقول إنه "إذا أعيد العمل بالأنبوب الواصل إلى سوريا، فإنه سيأخذ نسبة من الصادرات النفطية العراقية، وأن خط جيهان يعد مركزيا وأساسيا، وهذا له علاقة بمشروع التنمية مع تركيا".

ونوه إلى أن "تركيا سعت إلى تغيير النظام في سوريا ولها اليد الطولي في الملف السوري، وبالتالي من مصلحتها أن تستقر الأوضاع هناك وتتطور اقتصاديا، لذلك لن تعارض تشغيل أنبوب بانياس، بل هي تسعى إلى دعم الجانب السوري بشكل كبير جدا".

من جهته، توقع المحلل السياسي العراقي، مجاشع التميمي، أن يكون رئيس الحكومة العراقية، قد طرح على الشركات البريطانية إعادة تشغيل أنبوب بانياس النفطي، وذلك أثناء زيارته إلى بريطانيا، الثلاثاء.

وقال التميمي خلال مقابلة تلفزيونية، الاثنين، إن "أنبوب بانياس النفطي أنشأته شركة بريطانية سنة 1954 وهو مهم بالنسبة للعراق، واليوم هناك الأفكار عن مدى إعادة تشغيله من البريطانيين مرة ثانية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية العراقية سوريا العراق سوريا علاقات المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإدارة السوریة الجدیدة العلاقة بین إلى أن

إقرأ أيضاً:

المفوضة الأوروبية: سوريا التي تشمل جميع أبنائها هي سوريا القوية.

2025-06-04Hassan Nasrسابق المفوضة الأوروبية: بالنسبة لملف اللاجئين أؤكد أن الاتحاد الأوروبي يدعم العودة الطوعية والآمنة لهم للمساهمة في إعادة بناء بلدهم.التالي المفوضة الأوروبية: ألهمتني روح السوريين الصامدين المتمتعين بالقوة والمرونة رغم الظروف ولذلك سنقيم فعالية باسم يوم الحوار ستكون في الخريف المقبل. انظر ايضاًالوزير الشيباني: نريد أن تكون علاقتنا مع الاتحاد الأوروبي إنسانية واقتصادية ولا تتعلق فقط باللاجئين وركزنا خلال الأشهر الماضية على رفع العقوبات لإعادة الإعمار وتهيئة الظروف المناسبة لعودتهم.

آخر الأخبار 2025-06-04الوزير الشيباني: الاتحاد الأوروبي كان من أوائل الذين انخرطوا في دعم سوريا بعد تحريرها ورفع العقوبات المفروضة عليها 2025-06-04وصول الدفعة الأولى من أهالي مدينة طيبة الإمام بحماة المقيمين في الشمال 2025-06-04وزير المالية: نشكر السويد على المنحة المقدمة لسوريا والبالغة 80 مليون دولار 2025-06-04بيان صحفي حول اجتماع الدكتور الحصرية مع وفد من مشاريع الكويت القابضة والبنك الأردني الكويتي 2025-06-04مرسوم رئاسي رقم (71) يقضي بتعيين السيد عبد الرزاق مصطفى كعدي رئيساً لمجلس الدولة 2025-06-04الوزير بدر يبحث مع مديري الزراعة في المحافظات واقع القطاع والصعوبات التي تواجه المزارعين في ظل أزمة الجفاف 2025-06-04بالتعاون مع المجتمع المحلي.. حملة نظافة في أحياء بانياس 2025-06-04الرئيس الشرع يجتمع بقيادات وزارة الدفاع 2025-06-04الهيئة العامة للطيران المدني والنقل الجوي: العاشر من الشهر الجاري أولى رحلات السورية للطيران إلى إسطنبول 2025-06-04“الثورة الزراعية الذكية” ضمن محاضرة لمديرية زراعة حمص

صور من سورية منوعات حلويات العيد: صناعة عريقة وطقوس ينتظرها السوريون من عيد لآخر 2025-06-03 تأثير القهوة على الصحة يعتمد على جيناتك 2025-05-29فرص عمل وزارة التجارة الداخلية تنظم مسابقة لاختيار مشرفي مخابز في اللاذقية 2025-02-12 جامعة حلب تعلن عن حاجتها لمحاضرين من حملة الإجازات الجامعية بأنواعها كافة 2025-01-23
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع العراقي: بقاء قوات التحالف الدولي في سوريا ضروري
  • خوفا من داعش.. وزير الدفاع العراقي يطالب ببقاء القوات الأمريكية في سوريا
  • ضمن جولات سرية.. رئيس "الشاباك" الجديد يتفقد مواقع عسكرية إسرائيلية داخل سوريا
  • المفوضة الأوروبية: سوريا التي تشمل جميع أبنائها هي سوريا القوية.
  • الوزير الشيباني: الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية انتهاك لسيادة سوريا وتفتح المجال أمام الجماعات التي تهدد أمنها لزعزعة الاستقرار.
  • الوزير الشيباني: تقوم القوات السورية بملاحقة هذه العناصر لحماية الشعب السوري ونناشد الاتحاد الأوروبي وجميع الدول لدعم مساعي سوريا بحماية أمنها واستقرارها.
  • عاجل | وزير الخارجية السوري: الهجمات الإسرائيلية على سوريا استفزاز لبلدنا
  • جولة سرية على أبواب دمشق.. رئيس الشاباك الإسرائيلي يتوغل قرب العاصمة السورية
  • عاجل. مبعوث ترامب إلى سوريا يزور الجولان السوري المحتل برفقة وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس
  • غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب سوريا.. والخارجية السورية تعلق (شاهد)