ما حدث من انتهاكات على أساس إثني وعنصري في مدينة ود مدني يستحق وقفة جادة من الشعب السوداني بأسره لان القضية، في تقديري، تتجاوز مجرد الإدانة أو التنديد في التصريحات أو البيانات، بل تستوجب وضع حدود قانونية صارمة وقيم مجتمعية واضحة تلجم كل من تسول له نفسه التهاون بأرواح الناس وأخذ القانون بيده دون الرجوع إلى الأسس القانونية.

يجب أن تكون هناك محاسبة صارمة لمرتكبي تلك الفظائع، وفقاً للأسس القانونية وحقوق الإنسان، دون تهاون أو مجاملة، لكي تعود الحقوق لأصحابها وتُردع مثل هذه الأفعال.

الحل لا يمكن أن يكون في إطار المهاترات السياسية والاتهامات المتبادلة فقط، بل يجب العمل على إعادة صياغة المفاهيم التربوية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ليشمل ذلك المناهج التعليمية وبرامج التوعية المجتمعية. المطلوب الآن هو بناء نظام قانوني ومجتمعي يحمي حقوق الجميع دون تمييز، ويرسخ قيم العدالة والمساواة، بحيث تصبح هذه القيم جزءاً أصيلاً من هوية الأمة السودانية. لان معالجة مثل هذه القضايا ليست مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لبناء وطن متماسك قادر على تجاوز الأزمات والانطلاق نحو مستقبل أفضل.

كما أن هناك حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى الان، لقيام نظام مدني ديمقراطي تكون فيه المواطنة هي الأساس، بعيداً عن الجهوية والعنصرية والتهميش، لأنه الطريق الأمثل لبناء مجتمع متماسك قائم على العدالة والمساواة، ليتمتع كل مواطن بحقوقه دون تمييز، وأن يكون التشريع والإدارة العامة قائمين على مبدأ المواطنة المتساوية، بعيداً عن الانتماءات الجهوية أو العرقية.

المطلوب أيضاً تبني نهج شامل يحقق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تعزز من دور المؤسسات المدنية في حماية الحقوق وتكافؤ الفرص، وترسيخ قيم الديمقراطية. وهذا سيمكن السودان من تجاوز أزماته الراهنة والانطلاق نحو مستقبل قائم على الاستقرار والتنمية الشاملة.

أخطر نهج هو استخدام تلك الأحداث المشينة فقط للترويج والوصول إلى أهداف سياسية محددة دون التفكير الجدي في كيفية بناء مجتمع متعافٍ. فالتلاعب بالمشاعر والانقسامات لن يؤدي إلا إلى زيادة الاحتقان والتوتر، ولن يسهم في ترميم النسيج الاجتماعي. يجب أن تتجاوز السياسة المنافع الشخصية الضيقة، وتتجه نحو وضع استراتيجيات حقيقية تعالج جذور المشكلة وتبني أرضية مشتركة تسهم في توحيد الشعب السوداني وتعافيه.

د. نجم الدين كرم الله جيب الله / وارسو

n.karamalla-gaiballa@uw.edu.pl  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

«العدل والمساواة» تعترض على قرار حل الحكومة السودانية

حركة العدل والمساواة السودانية، اعتبرت أن حل الحكومة يمكن أن يُضعف الالتزامات القائمة ويقوّض الأساس الذي قامت عليه الشراكة.

الخرطوم: التغيير

أبدت حركة العدل والمساواة السودانية، اعتراضها على قرار رئيس الوزراء د. كامل إدريس بحل الحكومة، ووصفته بأنه مخالف لاتفاق جوبا لسلام السودان، وحذرت من أنه يمكن أن يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية.

وأصدر رئيس الوزراء المعين حديثاً د. كامل إدريس يوم الأحد، قراراً بحل الحكومة وتكليف الأمناء العامين ووكلاء الوزارات بتسيير مهام الحكومة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

وقال الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة معتصم أحمد صالح في تدوينة على منصة (إكس) يوم الاثنين، إن المادة 8.3 من اتفاق جوبا لسلام السودان “تشكّل ضمانة قانونية وسياسية لاستقرار مواقع أطراف العملية السلمية داخل مؤسسات الحكم حتى نهاية الفترة الانتقالية”.

وأضاف أنها “تنص صراحة على احتفاظ هذه الأطراف بالمواقع التي نالتها بموجب الاتفاق، وألا يُشغر أي موقع إلا ببديل منها”.

وتابع صالح: “حلّ الحكومة بالكامل، بما في ذلك وزراء السلام، يُعد مخالفة صريحة لهذه المادة، لأنه يتجاوز النص والضمانات المتفق عليها دوليًا”.

https://x.com/motasim2000/status/1929562581338927200?s=48

واعتبر أن “هذا الإجراء لا يمس فقط بتوازن السلطة الذي أرساه الاتفاق، بل يهدد مصداقية الالتزامات تجاه أطراف السلام، ويُضعف الثقة في مسار الانتقال السياسي، مما قد يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية في ظل ظرف بالغ التعقيد”- حسب وصفه.

وقال صالح: “كما أن هذه المادة ترسّخ مبدأ الشراكة الثلاثية خلال الفترة الانتقالية (المكون العسكري، أطراف السلام، قوى الحرية والتغيير)، والتي باتت الآن شراكة ثنائية بعد خروج أحد أطرافها”.

واختتم: “تجاهل هذا الترتيب يُضعف الالتزامات القائمة، ويقوّض الأساس الذي قامت عليه هذه الشراكة”.

وحركة العدل والمساواة بقيادة د. جبريل إبراهيم، إحدى أبرز القوى الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان في اكتوبر 2020م مع الحكومة الانتقالية التي أطاحها انقلاب العسكر في اكتوبر 2021م، وحازت على وزارتي المالية والرعاية الاجتماعية وعدد من الصناديق الحكومية، وتعد من أبرز الداعمين لانقلاب أكتوبر 2021م.

الوسومأطراف السلام اتفاق جوبا لسلام السودان 2020 الحكومة الانتقالية السودان المكون العسكري جبريل إبراهيم د. كامل إدريس قوى الحرية والتغيير معتصم أحمد صالح وزارة المالية

مقالات مشابهة

  • «العدل والمساواة» تعترض على قرار حل الحكومة السودانية
  • قيادي بالشعب الجمهوري: توجيهات الرئيس السيسي تعكس رؤية إستراتيجية لبناء الجمهورية الجديدة
  • وقفة احتجاجية لنزلاء الإصلاحية المركزية بالضالع نصرةً لغزة
  • نهيان بن مبارك: بناء وطن متماسك يبدأ بالاستثمار في التعليم النوعي
  • نائب يدعو حكومة السوداني إلى إيقاف تصدير النفط عبر الإقليم
  • رئيس الوزراء سجّل نقاطاً لصالحه في ظهوره الأول في منبر لخطاب إلي الشعب السوداني
  • الشعب السوداني يشكر جماهير الاتحاد على تكريم “العم كمال الدولي” في تيفو مؤثر.. فيديو
  • وقفة لكوادر مستشفى صعدة للأمومة والطفولة تضامنا مع الشعب الفلسطيني
  • سلمى عبد الجبار عقب أداء القسم: أول ما سنبدأ به هو رفع المعاناة عن الشعب السوداني – فيديو
  • يوجّـه السيد رئيـس الوزراء د.كـــامـل إدريــس كلمة إلى الشعب السوداني عند الساعة الثالثة من مساء اليوم