ماهر فرغلي: الإخوان تمتلك خلايا إلكترونية تروج للشائعات عبر الذكاء الاصطناعي (حوار)
تاريخ النشر: 17th, January 2025 GMT
قال ماهر فرغلى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن الهدف الرئيسى لتنظيم الإخوان الإرهابى هو زعزعة استقرار الدول التى لا تزال تقف أمام مشروعهم، ففى حال فقدت الدولة الأمن بشكل كامل، ستكون ساحة مفتوحة للإخوان والفصائل المسلحة والميليشيات.
وأضاف «فرغلى»، خلال حوار لـ«الوطن»، أن التنظيم الإرهابى يعتمد على نشر الشائعات بشكل مكثف ومستمر لخلق حالة من الفوضى والاضطراب، من خلال جيش إلكترونى يستهدف الأشخاص من جميع الفئات العمرية على منصات التواصل الاجتماعى.
وإلى نص الحوار
منذ سقوط حكم «الإخوان» فى مصر دأبت على نشر الشائعات وفقاً لاستراتيجية محددة.. فما أبرز ملامحها؟
- الهدف الرئيسى لتنظيم الإخوان زعزعة استقرار الدول التى لا تزال تقف أمام مشروعهم، ففى حال فقدت الدولة الأمن بشكل كامل ستكون ساحة مفتوحة للإخوان والفصائل المسلحة والميليشيات، لذلك من مصلحة الإخوان استمرار المشاهد الفوضوية، لأنهم يستغلونها للعودة والسيطرة على المشهد السياسى فى الدولة.
الجماعة تسعى لفقدان الثقة بين الشباب والمجتمع والدولة بوصمها بالفشلكيف يستهدف الإخوان الشباب فى هذه الحملات؟
- الشباب هم العمود الفقرى لأى تنظيم، ولذلك يركز الإخوان جهودهم على استقطاب الشباب وتجنيدهم، فهم لديهم مناهج منهجية للتجنيد، يعلمون الشاب كيف ينضم إلى التنظيم، ويغرسون فيه فكرة أن التنظيم هو الحق المطلق، ويروجون لمفاهيم مثل «لا وطن»، بل إن الأولوية للخلافة وإقامة الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى ذلك يسعون إلى زعزعة ثقة الأجيال الصاعدة فى نجاحات الدولة، وجعلهم يشعرون بأن المجتمع والأسرة والدولة فاشلة، وأن التنظيم وحده هو القادر على تحقيق العدالة.
كيف يستخدم الإخوان الشائعات كوسيلة لتحقيق أهدافهم؟
- الإخوان يعتبرون أنفسهم فى حالة حرب مع الدولة التى يرونها «كافرة» أو «جاهلية»، بناءً على فكر سيد قطب، لذلك يجيزون لأنفسهم الكذب لتحقيق أهدافهم، سواء كان ذلك أثناء التحقيقات أو فى العمل أو فى الحياة اليومية، يعتقدون أن الكذب وسيلة مشروعة لهدم الدولة من الداخل، وهناك بالفعل جيش إلكترونى إخوانى يعمل على الترويج للشائعات من خلال استخدام الذكاء الاصطناعى.
كيف تستغل العناصر المتطرفة وسائل الإعلام الحديثة فى تحقيق أهدافهم؟
- يعمل تنظيم الإخوان على تشويه الحقائق وتزييفها باستخدام وسائل الإعلام الحديثة، مثل منصات السوشيال ميديا وقنوات اليوتيوب، إضافة إلى صفحات تحمل واجهات وهمية تخفى هويتها الحقيقية، هذه الصفحات تبدو وكأنها تهتم بالشئون الرياضية أو الفنية، لكنها فى الواقع أدوات لبث الشائعات ونشر الأكاذيب، وهى تدار بأجندة تخدم مصالح التنظيم الإرهابى.
وما استراتيجية التنظيم فى نشر هذه الأكاذيب؟
- يستخدم التنظيم الإرهابى هذه الصفحات للتلاعب بالرأى العام بشكل غير مباشر، حيث تبدأ بنقاشات حول مواضيع رياضية أو فنية، ثم يقوم بإدخال الشائعة المراد نشرها ضمن السياق، مما يجعلها تبدو وكأنها جزء طبيعى من النقاش، وتعمل هذه الاستراتيجية على إخفاء الغرض الحقيقى من هذه الصفحات وجعل الشائعات أكثر قبولاً لدى الجمهور، وتدير هذه العمليات شبكة كبيرة موجودة فى الخارج، تتولى إنتاج الفيديوهات والبرامج القصيرة، ومن ثم توزعها على مختلف منصات السوشيال ميديا، فى محاولة للتأثير على العقول وزرع الفتنة عبر نشر المعلومات المضللة.
ما الأهداف التى يسعى التنظيم الإرهابى لتحقيقها من خلال حملاته الإعلامية؟
- يسعى التنظيم من وراء ذلك إلى السيطرة على الرأى العام وتوجيهه بما يخدم مخططاته، حيث يعمل على إعادة تفعيل خططه السابقة التى فشل فى تنفيذها، مثل خلق حالة من الإرباك والإنهاك فى المجتمع، ويومياً نشهد انتشار مقاطع فيديو مفبركة على وسائل التواصل الاجتماعى، تُروَّج من خلال صفحات موجهة على هذه المنصات، لأن التنظيم ليس مجرد كيان فردى، بل يتألف من خلايا وأجنحة متعددة، كل منها يؤدى دوراً مختلفاً فى خدمة الأهداف العامة للتنظيم، مما يعزز قدرته على نشر الفوضى والتضليل بشكل منهجى ومستمر.
هل ترى أن هناك علاقة بين الإخوان وبعض الدول أو الجهات الخارجية؟ وهل لها دور فى نشر الشائعات والأكاذيب؟
- نعم، العلاقة واضحة وظهرت من خلال الحملات الانتخابية فى بعض الدول، لاحظنا وجود عناصر مرتبطة بالإخوان، وتظهر فى وسائل الإعلام المعادية للدولة، كما أن التنظيم يتعاون بشكل مستمر فى نشر الشائعات وتوجيه الرسائل التى تستهدف زعزعة استقرار مصر مع أى دولة لها نفس أهدافها، وتتماشى معها، كما تقوم المنظمات والجماعات المتحالفة مع الإخوان بدور محورى فى نشر الشائعات وترويج خطاب التنظيم داخل مصر وخارجها، إذ تستغل هذه الكيانات وسائل الإعلام التقليدية والمنصات الرقمية لنشر رسائلها والتأثير على الرأى العام، مما يعزز من قدرة الجماعة على بث الفتنة والتضليل بشكل واسع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جماعة الإخوان الإرهابية الاخوان اخوان فاشلون التنظیم الإرهابى وسائل الإعلام نشر الشائعات أن التنظیم من خلال فى نشر
إقرأ أيضاً:
السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.
واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of listوفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.
وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.
سباق مفتوحوفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.
لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.
الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام
كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.
إعلانففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.
منافسون آخرونليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".
وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.
أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.
ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".
وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.
ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.
لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعيفي المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.
وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.
وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.
إعلانويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.
الصين في الصورةورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".
موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له
وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.
ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.
وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".