سلطان بن أحمد يشهد تخريج دفعة «الخريف 2024» من جامعة الشارقة
تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT
الشارقة (وام)
أخبار ذات صلةشهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس جامعة الشارقة، أمس، في قاعة المدينة الجامعية، حفل تخريج طلاب درجة البكالوريوس بمختلف الكليات بجامعة الشارقة البالغ عددهم 472 خريجاً.
واستهل حفل التخريج بعزف السلام الوطني، وتلاوة عطرة لآيات من القرآن الكريم، ألقى بعدها الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة، كلمةً قدم فيها الشكر والامتنان إلى سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، لتفضله برعاية وحضور حفل تخريج دفعة جديدة متميزة من طلبة الجامعة حملة درجة البكالوريوس، مهنئاً الخريجين في يوم تكريمهم ومباركاً لهم ولذويهم التخرج الذي يجسّد ثمرة سنوات من الجهد والعمل والمثابرة، ويمثل بداية رحلة جديدة في حياتهم العملية والمهنية.
وتناول الدكتور حميد مجول النعيمي، في كلمته، جهود جامعة الشارقة في تعليم وإعداد وتأهيل طلبتها في مختلف ضروب المعرفة، قائلاً «إن الدرجة العلمية التي حصلتم عليها، تشكل حافزاً ودافعاً لكم لتكونوا رواداً في مجالاتكم المختلفة، ومساهمين في بناء أوطانكم، لقد أعدتكم جامعتكم بما يلزم من الكفايات والمهارات لتلبية متطلبات سوق العمل والحياة بكل جدارة وتميز، سواء كنتم مهندسين، حقوقيين، أو مختصين في أي مجال من مجالات العلم والمعرفة».
وأشار إلى أن التخرج ليس مجرد نهاية لمسيرة تعليمية، بل هو بداية رحلة جديدة يحمل الخريجون فيها آمالهم وطموحاتهم إلى واقع مشرق، لافتاً إلى عطاء الآباء والأمهات في دعمهم طوال رحلتهم مع التعليم، مباركاً لهم التخرج، ومتمنياً لهم التوفيق في خدمة المجتمع والأوطان. وألقى الخريج محمد عبد الله الشمري، من كلية الهندسة، كلمة نيابة عن زملائه الخريجين، أعرب فيها عن أعمق مشاعر الوفاء والعرفان لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي لا يذكر اسم الجامعة إلا ويُذكر قبلها، وكان ويزال رمزاً للعطاء والقيادة الحكيمة، فقد أرسى دعائم التعليم والثقافة في إمارة الشارقة، وجعل من العلم منارةً يُهتدى بها، إن جهوده في تأسيس هذه الجامعة العريقة ودعمها المستمر، تجسد رؤيته الثاقبة لبناء أجيال مسلحة بالمعرفة والقيم. وأشاد بدعم ورعاية سمو رئيس جامعة الشارقة المستمر للمسيرة الأكاديمية والعلم والمعرفة، والتي تأتي وفق رؤية ثاقبة وحرص دائم من سموه لتكون جامعة الشارقة مفتاحاً للنجاح والتميز.
وتفضل سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي بتسليم الشهادات للطلاب الخريجين من جميع برامج البكالوريوس، مباركاً سموه للخريجين ومتمنياً لهم التوفيق في الجانب العملي في حياتهم المقبلة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي جامعة الشارقة الشارقة جامعة الشارقة سلطان بن أحمد سمو الشیخ
إقرأ أيضاً:
صلالة.. موسم الخريف والورد
هند الحمدانية
تنفست صلالة، فَتَفَتَّحَت عن خضرة خجولة، وهطلت السماء، فاهتزت الروح كما تهتز التربة بعد ارتواء طال انتظاره، وتهادت الغيمات على جبالها كأنها طرحة عروس، لا تستعجل زفتها إلى الخريف، وهنا ... لا تملك سوى أن تسلم قلبك إلى الرذاذ، وتدع عينيك تذوب في ضباب.
هذا العام، لم تكن زيارتنا إلى صلالة ككل عام، جئناها وقلوبنا أكثر امتلاءً، نزورها ومعنا فرح، طفلتنا الصغيرة التي لم تكمل شهرها السادس بعد، جئناها لنرى المطر بأعين جديدة، ونصغي إلى الندى كأنه موسيقى تُعزف على أوراق الشجر، أحملها بين ذراعي، فتتأمل صلالة بعينين واسعتين كأنهما تنسجان ألف سؤال، وترمش للضباب كأنها تعرفه، وتبتسم للمطر كأن روحها تذكره منذ زمن بعيد، ولهذا تمنيت وأنا أراها تتأمل ربوع الخريف بصمت الأطفال، أن تزهر صلالة أكثر، وأن تتفتح فيها آلاف الورود المختلفة، وأن ترفرف بين تلك الورود فراشاتٌ ناعمة كضحكتها، وأن تتزين السهول بألوان الزهور حتى بعد انقضاء الموسم، ليهمس فينا صوت الخريف من تراث جمعان ديوان، مرددًا:
حقها تأخذ وتسبي..
يا عقد مخبي لولو وجواهر ودان..
يا الله بعوده لو بنا طال الزمان..
روعة صلالة.. زانها رب الجلالة..
إرث وأصالة.. تاجها والصولجان..
تستقبل صلالة زائرها برائحة المطر قبل أن تطأ قدماه الأرض، وتغمره بخضرة تمس القلب قبل العين، وبسحب وادعة تتدلى على القمم كأوشحة بيضاء تمنح الجبال سر الحنو القديم، الطرقات هنا مبللة بالحنين، والنخيل يلوح كأنه صديق قديم يعرف أنك جئت من بعيد، تعزف الطبيعة في صلالة لحنها الخاص، وتلهم العاشقين والشعراء والمصورين، فكل زاوية فيها تلهم المبدعين، من شوارع تحفها أشجار النارجيل إلى شاطئ الدهاريز، ومن أسواق اللبان إلى المراعي المبللة التي تستقبل بالخضرة كل الزائرين.
تفتح أمامنا فكرة أكبر من مجرد الانبهار بكل هذا الجمال، فكرة أن يتحول المطر إلى اقتصاد، والأرض الخصبة إلى صناعة، ونبدأ بمشروع زراعة ورود الزينة والزهور المختلفة، بحيث تتحول أجواء صلالة الماطرة إلى موسم إنتاج حقيقي، يمكن لطائرات الدرون أن تنطلق في سماء الخريف، لا لتلتقط الصور فحسب، بل لتنثر بذور منتقاة بعناية، تتلاءم مع طبيعة الجبال و السهول، فتحول المساحات الخضراء إلى حدائق ممتدة، ويتحول المطر من ضيف موسمي إلى شريك دائم في التنمية، ونأسس بذلك صناعة ناعمة يمكن إدارتها بعلم وتخطيط، تُسهم في تنويع مصادر الدخل، وتفتح للشباب أبوابًا للعمل والإبداع.
يتأسس المشروع على مرحلتين واضحتين: مرحلة الزراعة الذكية ومرحلة الاستدامة، في المرحلة الأولى، تُرسم خرائط دقيقة لمناطق الإنبات المناسبة، وتحدد الخلطات البذرية بحسب الميكرومناخ والتربة ودرجات الانحدار، ويُعتمد مبدأ "الأنواع الصديقة للبيئة" التي لا تُهدد النباتات المحلية ولا تحتاج إلى ري إضافي خارج ما يوفره الخريف، وتتحرك الدرونات على ارتفاعات وآليات رش مدروسة بما يقلل الهدر ويزيد فرص الإنبات، أما في المرحلة الثانية فتدار دورة حياة الزهور اقتصاديًا: من الحقول إلى مراكز الفرز والتبريد، إلى معامل التجفيف والاستخلاص، إلى أسواق البيع المحلية والتصدير، بحيث لا ينتهي الموسم بانتهاء المطر، بل يبدأ موسم آخر في المصانع والمتاجر.
وليست فكرة استخدام الطائرات المسيرة (الدرون) جديدة عالميًا؛ بل هناك تجارب واقعية كثيرة حققت نجاحات كبيرة، ففي كوسوفو، حيث التلال الجرداء كانت تئن من الجفاف وحرائق الغابات، انطلقت مبادرة رائدة تسخر الطائرات المسيرة لنثر البذور، فتهبط تلك البذور فوق تضاريس يصعب على الأقدام بلوغها، وفي غضون ساعات تغطي الطائرات هكتارات من الأراضي، كما إن هناك مثالا عالميا يُبرهن على القوة الاقتصادية والربحية لقطاع الزهور، ففي هولندا بلغت قيمة تصدير الزهور والورود الطازجة عام 2024 حوالي 4 مليارات دولار، ما يشكل حوالي 44% من التجارة العالمية للزهور، كما إن صناعة الزراعة الزهرية الهولندية من مرحلة البذور إلى التصدير تُقدر قيمتها بما يقارب 4.9 مليار دولار، مع توقعات أن تصل إلى 6.15 مليار دولار بحلول 2029.
هذا يعني أن زهرة واحدة يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل متكرر عبر سلسلة كاملة من الزراعة والتعبئة والتبريد والتصدير وحتى التسويق العالمي، وإذا استثمرنا هذا القطاع بذكاء كما فعلت هولندا، صار بإمكانه توفير فرص عمل لآلاف الشباب، ودعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز الهوية الثقافية بلون وعطر.
وقد يتساءل البعض: كيف لمشروع زراعة الورد أن يكون مجديًا في صلالة، وخريفها لا يدوم أكثر من ثلاثة أو أربعة أشهر؟ والإجابة: نعم يمكن لهذا المشروع أن يزدهر ويستمر، إذا صُمِّم بذكاء؛ ففي أشهر الخريف تُنثَر البذور بطائرات الدرون على مساحات مختارة؛ فتنمو الورود بفضل الطبيعة دون الحاجة للري الصناعي، ثم يُجمع المحصول ويُدخل إلى سلسلة تبريد حديثة تحفظ نضارته لأسابيع، بينما يُصنَع جزء منه إلى زيوت وعطور وماء ورد ومنتجات تجميل تُخزن وتباع طِوال العام، فتتضاعف أرباح الوردة الواحدة مرات، بل ويمكن تجفيف أنواع معينة أو حفظها بتقنيات التجميد الحديثة لِتُباع كهدايا فاخرة تدوم لأشهر، أما الجزء الطازج فيُصَدر مباشرة إلى أسواق الخليج والهند وأوروبا خلال أيام الحصاد، وهكذا لا ينتهي موسم الورد بانتهاء المطر، بل يبدأ منه ليصير مشروعًا دائريًا يخدم شباب عُمان في الزراعة والتصنيع والتسويق، ويحول خريف صلالة إلى ربيع اقتصادي دائم.
تخلق هذه الفكرة فرصا لا تعد للشباب العُماني، مشاتل صغيرة يُديرها أبناء وبنات المدينة، ورش لتجفيف الورد وحفظه، مصانع صغيرة لاستخلاص الزيوت العطرية، ومتاجر للهدايا المحلية تحمل اسم صلالة وعطرها، تُحافظ صلالة في هذا المشروع على هويتها، فالورد لن يحل محل اللبان أو الفاكهة أو الأسواق الشعبية، بل سيكون إضافة جديدة تعزز مكانتها.
تبقى الفكرة الأجمال أن يتحول خريف صلالة من موسم مؤقت إلى بداية لمشاريع مستمرة طوال العام، وأن يكون المطر الذي يبلل كتفيك هو نفسه الذي يسقي مشروعًا ينمو مع الوقت، وأن يصبح الغيم الذي يظللك هو نفسه الغيم الذي يحفظ للشباب فرصة عمل وللبلد مصدر دخل جيد.
تختم صلالة زيارتها كما بدأت، بنفحات رذاذ تلامس وجوهنا، وبنظرة من فرح بين ذراعي أبيها، تتأمل الأماكن في طريقنا إلى المطار، ربما لن تتذكر طفلتنا الصغيرة هذه الرحلة حين تكبر، لكني أوقن أن روحها ستظل تحتفظ بذلك اليوم الذي حملت فيه الغيم بين عينيها، وحبات المطر على وجنتيها، وعبير صلالة في قلبها، وربما حين تعود بعد سنوات، تجد أن الفكرة التي وُلِدت ونحن نحملها صغيرة، قد كبُرت كما كبُرت هي، وتحولت من حلم إلى واقع، ومن موسم إلى ربيع دائم لعُمان.
رابط مختصر