الإخلاص لله هو جوهر النجاح، القوة الخفية التي تدفع الإنسان لتجاوز المستحيل، والصخرة التي تتحطم عليها مطامع الأعداء.
الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه – في محاضراته التي ملأت القلوب نورا، أكد أن الإخلاص ليس مجرد شعار أو مفهوم يُردد، بل هو منهج عملي يبني أمةً ويقودها للنصر في أصعب الظروف.


وفي درس “في ظلال دعاء مكارم الأخلاق”، كان حديثه – رضوان الله عليه – عن النية الصادقة التي تحول كل جهد إلى عمل عظيم، وتمنح كل تضحية معنى ساميا.
إن الإخلاص هو الشرط الأساسي لأي عمل يراد به وجه الله، وهو ما يجعل الجهد مثمرًا، سواء رآه الناس أم بقي في الخفاء. وضّح الشهيد القائد أن الرياء وانتظار المديح يُفقد العمل قيمته، بينما الإخلاص هو الذي يصنع الفارق ويُحوِّل التضحيات إلى إنجازات عظيمة تمتد آثارها لأجيال. وهذا ما شهدناه في مسيرة شعبنا الذي ظل على مدى أكثر من عقد يتحدى أعتى القوى العالمية بفضل إخلاصه وتوكله على الله.
منذ بدء العدوان على بلدنا، وقف المجاهدون بثبات، متسلحين بالإيمان والإخلاص، فتمكنوا من إفشال كل مخططات الأعداء، رغم التفوق العسكري والتقني الذي تمتلكه قوى العدوان.. الإخلاص الذي عملوا به في الميدان لم يكن مجرد نظريات، بل تجسد في كل خطوة، بدءا من العمليات النوعية التي أربكت العدو، وصولاً إلى الانتصارات المتلاحقة التي أذهلت العالم.
لقد كان الدعم المخلص لغزة مثالا حيا على هذا الإخلاص، حيث لم تقتصر المساندة على الشعارات، بل تجاوزتها إلى أفعال جبارة، أبرزها استهداف السفن التابعة للكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر، مما شكّل صفعة قوية لأحلام الهيمنة الصهيونية.
لم تتوقف الإنجازات عند هذا الحد، بل وصلت إلى استهداف وزارة الحرب الإسرائيلية في عمق يافا المحتلة، في مشهد أظهر للعالم أن إرادة المجاهدين المخلصة لله قادرة على اختراق أعتى الحصون.
الإخلاص لله لم يتوقف عند إفشال المخططات، بل كان الدافع وراء تحقيق إنجازات مذهلة في تطوير القدرات العسكرية. تمكنت بلادنا، بفضل الله أولاً ثم بفضل العمل المخلص، من تصنيع أسلحة ردع حديثة تُعد من بين الأحدث في العالم.
هذه الأسلحة لم تكن مجرد إنجاز تقني، بل هي ثمرة الإيمان العميق والتفاني الذي بذله المجاهدون، الذين عملوا بصبر دون أن ينتظروا مدحا أو مكافأة من أحد، بل كانوا يسعون فقط لنيل رضا الله ونصر دينه.
اليوم، بعد أكثر من عشر سنوات من العدوان، يقف بلدنا شامخًا يُسطّر ملاحم عزٍ وإباء. هذه الانتصارات لم تتحقق بفضل العدد أو العتاد فقط، بل بفضل الإخلاص الذي وحّد الصفوف، وأذاب الخلافات، وصنع من الجميع قوة متماسكة تعمل لهدف واحد، وهو الدفاع عن الأرض والعرض، ورفع راية الحق في وجه الطغاة.
إن هذه الإنجازات العسكرية والأمنية التي تحققت هي دليل حي على أن الإخلاص لله هو سر النجاح في كل الميادين. الله سبحانه وتعالى يبارك الأعمال التي تُبتغي بها وجهه الكريم، فيمنحها القوة والتأثير، ويجعل منها نموذجًا يُحتذى.
في ختام الحديث، وكما أشار الشهيد القائد – رضوان الله عليه – الإخلاص لله هو أعظم مظاهر الرحمة الإلهية، والطريق المؤكد لتحقيق العزة والسعادة في الدنيا والآخرة. فالله غني عن عباده، لكنه برحمته جعل من الإخلاص والنية الصافية مفتاحا للخير والنصر والتمكين.
علينا أن نجعل كل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، متوكلين عليه، فهو وحده القادر على مضاعفة الأجر، وكتابة الأثر، وتحقيق ما يبدو مستحيلاً في أعين الآخرين.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

أوصى سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، حجاج بيت الله الحرام بإخلاص الحج لله تعالى، واتباع سنة نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأن يعظموا حرمات الله وشعائره في آدائهم النسك.

جاء ذلك في كلمة توجيهية لسماحته بمناسبة دخول عشر ذي الحجة قال فيها: إنّ الله -سبحانه وتعالى- فضّل بعضَ الشهور والأيام، وجعلها مواسم للخيرات، وفضّل بعض البقاع والبلدان، فاشكروا الله تعالى أنْ بلّغكم هذه الأيام الفاضلة، أيام العشر، والأيام المعلومات، في هذه الأماكن المباركة.

وقد اختص الله -جل وعز- هذه الأيام بعبادات عظيمة؛ منها: الحج إلى بيت الله الحرام، والطواف، والسعي، وأداء المناسك، وسائر الأعمال الصالحة، كالإكثار من ذكر الله تعالى.

حجاج بيت الله الحرام: إنكم تؤدون في هذه الأيام المباركة مناسك الحج، وكلٌّ له أجره بإذن الله تعالى، متى ما أخلص العبدُ المسلمُ العبادةَ لله تعالى، وحده لا شريك له، اقتداءً بخليل الرحمن إبراهيم -عليه السلام- الذي نادى بالحج كما قال تعالى: “وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ”، وقال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}، أمَا وقد وصلتم إلى هذه البقاع المباركة؛ فإنّ من الواجب على كل حاجٍ أن يلتزم بأداء العبادة على وجهها الصحيح، وأنْ يخلص العمل لله جل وعلا مستشعرًا عِظم هذه الأماكن، والأدب فيها، مستذكرًا قوله تعالى: “فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ”، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ”، فإذا أحرمتم بالحج وجب عليكم تعظيم هذا النسك، والبعد عن كل ما يفسده من الرفث والفسوق والجدال.

إخواني حجاج بيت الله الحرام: إن أمامكم أيامًا مباركة يأتي فيها الحاج مقتديًا بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويتذكر معها ما ورد في حجة الوداع التي أبان فيها -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفعله النسك الصحيح على ما يريده الله جل جلاله، والذي كان يوصي صحابته فيها بقوله: “خذوا عني مناسككم”.

أخي الحاج المبارك: اليوم الثامن من ذي الحجة هو يوم التروية، قف فيه بمنى كما وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أصبح يوم التاسع من ذي الحجة، كان يؤدي الصلاة فيه في أوقاتها يقصر الرباعية، ومع إشراقة يوم عرفة تتجهون بعون الله إلى عرفة للوقوف فيها، حتى غروب شمس هذا اليوم، متذللين خاشعين مُلبّين، تسألون الله تعالى، وترجون غفرانه، وقبول حجكم وأعمالكم، وعودتكم مغفورًا ذنبكم، ثم تتجهون بعد الغروب إلى المزدلفة -المشعر الحرام-، وتقضون ليلتكم فيها، تؤدون صلاة المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا للعشاء عند وصولكم إليها، وعليكم السكينة والوقار، وتلتقطون الجمار، حيث يبدأ الحجاج مع يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة برمي جمرة العقبة والتوجه إلى المسجد الحرام للطواف فيه طواف الإفاضة، وتعودون إلى منى لقضاء أيام التشريق ورمي الجمرات الثلاث، وعليكم بالاقتداء بالنبي -صلى عليه وسلم-.

وأعمال يوم النحر: رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير، والذبح، والطواف، ومن قدّم بعضها على بعضٍ فلا شيء عليه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “افعل ولا حرج”، أسأل الله أن يكتب أجركم، وأن يتقبل منكم طاعتكم وأعمالكم.

اقرأ أيضاًالمملكةالمملكة تُدشن مبادرة “طريق مكة” في المالديف

إخواني الحجاج: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل- والإخلاص لله في العبادة بعيدًا عن البدع والشركيات التي قد يقع فيها بعض العوام، هدانا الله وإياهم، وقد هيأت حكومة خادم الحرمين الشريفين -بقيادتها المسددة والموفقة- العلماء والمرشدين والموجهين والدعاة لبيان المنهج الصحيح وأداء هذا الركن العظيم وفق منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، التي أبان فيها كل أمر يحتاجه المسلم حينما قال لهم: “خذوا عني مناسككم”، والعلماء قد استعدوا لبيان ما يشكل على المسلم في أداء هذا النسك، ومراكز الإرشاد والتوجيه موجودة، وبلغات متعددة، وكتب ميسرة.

أخلصوا عملكم لله في كل ما تأتون من هذه المناسك، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ}، فالإخلاص الإخلاص، وسؤال العلماء فيما يشكل عليكم.

إخواني تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وأسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجزي ولاة الأمر على هذا التيسير للحج، وتهيئة جميع الإمكانات؛ ليؤدي الحجاج حجهم بالراحة والطمأنينة.

وفّق الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-، وأجهزة الأمن، ومؤسسات الدولة، على ما يقدمون من جهود مباركة، على كل الأصعدة، وما يقومون به من خدمة حجاج بيت الله الحرام، وما يشهده الحرمان الشريفان من تنظيم وترتيب لتسهيل وصول الحجاج، وقضاء مناسكهم بيسر وسهولة، كتب الله أجرهم وأعانهم ووفقهم لكل ما فيه خير للإسلام والمسلمين.

مقالات مشابهة

  • أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. داوم عليه من مغرب اليوم
  • المفتي العام للمملكة يوصي الحجاج بإخلاص الحج لله واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم
  • طلاب الدورات الصيفية بالحداء يزورون العاصمة صنعاء وضريح الشهيد الرئيس الصماد
  • ذكرى التحرير..راية الشهيد القائد نصر الله ستبقى مرفوعة حتى زوال الاحتلال
  • تضارب في الأنباء حول تفاصيل مقترح ويتكوف الذي وافقت عليه حماس
  • تضارب في الأنباء حول تفاصيل مقترح ويتكوف التي وافقت عليه حماس
  • المستشار صالح: المؤسسة العسكرية هي درع ليبيا ضد الفوضى.. وليبيا لن تركع للفتن
  • دعاء الصباح لمن عليه امتحان.. بـ10 صيغ تحل أصعب الأسئلة بسهولة
  • "الهلال الأحمر" بالمدينة المنورة يعيد النبض لحاجة نيجيرية بمسجد الميقات بعد تعرضها لتوقف قلبي
  • “الهلال الأحمر” بالمدينة ينجح في إعادة النبض لحاجة نيجيرية بعد تعرضها لتوقف قلبي