منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، حملت تطلعات الشعب السوري نحو الحرية والكرامة وسط معركة غير متكافئة مع نظام ديكتاتوري استبدادي. ورغم سنوات طويلة من القمع، جاءت نهاية عام 2024 لتفتح صفحة جديدة في تاريخ سوريا، بسقوط نظام بشار الأسد وبدء مرحلة انتقالية واعدة تتسم بتحديات وآمال كبرى.

الانتصار العسكري.

. بداية التحول السياسي

في 8 ديسمبر 2024، وبعد 11 يومًا من العمليات العسكرية التي انطلقت من إدلب بقيادة أحمد الشرع، استطاعت الفصائل الثورية الموحدة تحرير مناطق استراتيجية وصولًا إلى دمشق. هذا الانتصار العسكري لم يكن مجرد معركة ميدانية، بل كان انعكاسًا لإرادة السوريين في التخلص من الظلم الذي رزحوا تحته لعقود طويلة. كما أظهرت التجربة قدرة الشعب السوري على التكيف والابتكار، بما في ذلك تطوير الطائرات المسيرة “شاهين” في جامعات إدلب، التي ساهمت بشكل كبير في تعزيز القدرات القتالية للثوار.

الدور الإيجابي للمنظمات الإنسانية والتنموية

في خضم المأساة السورية، لعبت المنظمات الإنسانية دورًا محوريًا في تقديم العون للسوريين. وأبرز هذه المنظمات كان الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، الذي تصدر الجهود لإنقاذ المدنيين وتقديم الإغاثة الفورية في المناطق المحررة. إضافة إلى ذلك، كان للمنظمات التنموية والجاليات السورية في أوروبا وأمريكا دورٌ لا يُستهان به في دعم الثورة سياسيًا وإنسانيًا.

على سبيل المثال، نجحت الجالية السورية في الولايات المتحدة في التأثير على صناع القرار الأمريكيين، مما ساهم في إصدار رخصة لرفع جزء كبير من العقوبات المفروضة على سوريا. وقد أظهر ذلك أهمية العمل الجماعي المنظم، وقدرة السوريين في الخارج على التأثير في المشهد الدولي.

خطاب الحكومة الجديدة ودور المجتمع الدولي

مع تولي الحكومة الجديدة بقيادة محمد البشير إدارة البلاد، شهدت سوريا خطابًا سياسيًا أكثر انفتاحًا ومرونة. هذا الخطاب شجع العديد من الدول الأوروبية على إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا، وأكدت الحكومات الأجنبية أنها تراقب تصرفات حكومة تصريف الأعمال عن كثب، وترغب في رؤية الأقوال تتحول إلى أفعال.

المساعدات الإنسانية والدعم العربي

في ظل هذه المرحلة الجديدة، قدمت دول عربية شقيقة، مثل السعودية وقطر وليبيا ومصر، مساعدات إنسانية وتنموية لسوريا. هذا الدعم يعكس حالة من الرضا الحذر تجاه القيادة الجديدة، ويُعد مؤشرًا إيجابيًا على استعادة سوريا لعلاقاتها مع الدول العربية.

اليوم، الرهان الأكبر هو على وعي السوريين، الذين أثبتوا أن إرادتهم قادرة على إحداث تغيير حقيقي. كما أن دور الأشقاء العرب سيكون حاسمًا في دعم الاستقرار في سوريا، حيث إن عودة سوريا إلى الحضن العربي تتطلب تعاونًا مشتركًا لتجاوز التحديات وبناء دولة ديمقراطية تحتضن جميع أبنائها.بالإضافة إلى ذلك، فإن الانتصار السوري الأخير أسهم في تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، حيث تم القضاء على معامل تصنيع المخدرات التي كانت برعاية نظام الأسد البائد. هذا الإنجاز لم يُحسن الوضع الأمني في سوريا فحسب، بل انعكس إيجابيًا على الأمن الإقليمي، خاصة في دول الخليج العربي.

الرهان على الوعي الشعبي والعربي

اليوم، الرهان الأكبر هو على وعي السوريين، الذين أثبتوا أن إرادتهم قادرة على إحداث تغيير حقيقي. كما أن دور الأشقاء العرب سيكون حاسمًا في دعم الاستقرار في سوريا، حيث إن عودة سوريا إلى الحضن العربي تتطلب تعاونًا مشتركًا لتجاوز التحديات وبناء دولة ديمقراطية تحتضن جميع أبنائها.

الآفاق المستقبلية.. بناء دولة ديمقراطية

إن المرحلة الجديدة تفرض تحديات كبيرة، من وضع دستور جديد يضمن الحقوق والحريات للجميع، إلى تعزيز الحوار والمصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة. كما أن التعاون الدولي والدعم الإقليمي سيكونان ضروريين لتأمين عملية الانتقال الديمقراطي بنجاح.

ختامًا

ما تشهده سوريا اليوم ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو بداية لحقبة جديدة تحمل الأمل في بناء دولة ديمقراطية عادلة، خالية من القمع والاستبداد. إن النصر الذي تحقق هو ثمرة كفاح الشعب السوري ودعم الأصدقاء والأشقاء العرب والدوليين، والرهان الآن على استمرار هذا الدعم وتوحيد الجهود من أجل مستقبل أفضل لسوريا وللمنطقة بأكملها.

*كاتب سوري

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا سوريا سياسة رأي تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة دیمقراطیة

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف لـ سانا: نجاح موسم الحج الحالي محطة مفصلية في مسيرة سوريا الجديدة

مكة المكرمة-سانا

أكَّد وزير الأوقاف الدكتور محمد أبو الخير شكري أن نجاح موسم الحج الحالي محطة مفصلية في مسيرة سوريا الجديدة، وسيشكل أساساً راسخاً لمواسم الحج القادمة، معتبراً أن موسم هذا العام 1446 هـ شهد تطوراً للخدمات المقدمة عبر الإجراءات الإدارية والصحية والدينية.

وبيَّن الوزير شكري في تصريح خاص لـ سانا أن الأوضاع في سوريا انعكست على المشاعر الروحانية للحجاج، وخصوصاً أنه الحج الأول بعد التحرير، والانطلاق من دمشق بعد انقطاع دام سنوات أعطاهم شعوراً بالحرية والكرامة، وتجسَّد ذلك من خلال أدائهم مناسكهم وتفاعلهم مع الحجاج، وعزَّز لديهم مشاعرهم بالمحبة والمودة والانتماء الوطني لبلدهم، وبأن سوريا بذلك عادت إلى حضنها العربي والإسلامي.

وأشار الوزير شكري إلى دور المملكة العربية السعودية في تنظيم موسم الحج، ولا سيما من خلال تطبيق إجراءات صارمة لمنع المخالفين وتسهيل أداء المناسك، لافتاً إلى أن أحد أبرز عوامل النجاح تمثل في سرعة التواصل المستمر والفعال، وخاصة بين وزارتي الحج والعمرة السعودية والأوقاف السورية، بما في ذلك التواصل الشخصي شبه اليومي بين المسؤولين، ما مكَّن من تقديم خدمات عاجلة وحل المشكلات فوراً.

وأوضح الوزير شكري أن موسم هذا العام شهد تطوراً للخدمات المقدمة عبر الإجراءات الإدارية والصحية والدينية، مشيداً بنجاح فريق البعثات في إنجاز مهامه وفق الجداول الزمنية المحددة، وهذا ما عزز من مكانة سوريا في مجال تنظيم الحج، قائلاً: “من لا يتقدم يتقادم”.

واعتبر الوزير شكري أن شعار هذا الموسم “قل الحمد لله” تجسَّد روحياً وعملياً، وتحقق ذلك من خلال النجاح في خدمة الحجاج وضمان راحتهم عبر فريق يعمل لأكثر من 20 ساعة يومياً لمعالجة أي معوقات، لافتاً إلى أهمية تجربة هذا العام في مجال توسيع وتحسين الخدمات المقدمة للحجاج.

وسأل الوزير شكري اللهَ عزَّ وجلَّ أن يجعل هذا الحج حجاً مباركاً، وأن يديم على وطننا نعمة الأمان والاستقرار والتقدم والازدهار.

تابعوا أخبار سانا على

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف لـ سانا: نجاح موسم الحج الحالي محطة مفصلية في مسيرة سوريا الجديدة
  • ‏الداخلية السورية: 450 ألف عنصر كانوا يقاتلون مع نظام الأسد ضد السوريين
  • بلبل الثورة السورية.. أهالي حمص يحيون ذكرى مقتل عبدالباسط الساروت
  • العمل السورية لشفق نيوز: نولي اهتماماً بالغاً بالعمال السوريين في الخارج
  • السلطات السورية تكشف عدد المواطنين العائدين إلى سوريا منذ سقوط النظام
  • مستقبل وطن: مصر تسير بوتيرة ثابتة نحو الجمهورية الجديدة
  • رئيس الجمهورية العربية السورية السيد أحمد الشرع يستقبل في قصر الشعب بدمشق المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا السيد عزت الشابندر
  • أوفياء الثورة أم قنبلة موقوتة.. ما مصير المقاتلين الأجانب في سوريا؟
  • وزير التربية والتعليم: انطلاقاً من واجب وزارة التربية والتعليم في تأمين حق الطلاب السوريين في التعليم والتقدم لامتحانات شهادتي التعليم الأساسي والثانوي في جميع الأراضي السورية، سيتم افتتاح مراكز للتسجيل على الامتحانات العامة في محافظات الحسكة – الرق
  • وزير بريطاني: سوريا تسير على طريق مستقبل أكثر إشراقاً