الرؤية- غرفة الأخبار

 

آثار إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك" ضجة عالمية، أثرت بالسلب على شركات التكنولوجيا الغربية، وسط تقديرات بأن تتكبد هذه الشركات أكثر من 1.2 تريليون دولار خسائر من قيمتها السوقية، لا سيما وأن الأسواق شهدت موجات بيع عنيفة، دفعت شركات مثل إنفيديا وأوراكل إلى الهبوط بشدة؛ مما أثار شكوكًا حيال قدرة الشركات الأمريكية على الهيمنة في هذا القطاع.

وأطلقت شركة (ديب سيك) الناشئة الأسبوع الماضي مساعدًا مجانيًا تقول إنه يستخدم بيانات أقل، وذلك مقابل تكلفة تطوير تعادل نسبة ضئيلة من البرامج المستخدمة حاليا، مما قد يمثل نقطة تحول في حجم الاستثمار اللازم للذكاء الاصطناعي.

وانخفض المؤشر ناسداك المجمع 2.43 بالمئة بينما تراجع المؤشر ستاندرد اند بورز 500 بواقع 1.8 بالمئة. وهوت أسهم شركة الرقائق "إنفيديا" أكثر من 13 بالمئة مما كبد أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى خسائر.

وانخفض سهم مايكروسوفت 3.8 بالمئة، كما تراجع سهم "ميتا بلاتفورمز" 3.1 بالمئة في بداية التداولات قبل أن يصعد مجددا في وقت لاحق، بينما هبط سهم جوجل 1.9 بالمئة.

وبحلول اليوم الاثنين تجاوز عدد مرات تنزيل تطبيق ديب سيك عبر متجر أبل على الإنترنت منافسه الأمريكي تشات جي.بي.تي.

ويقدم التطبيق الجديد ما يُعتقد بأنه بديل أقل تكلفة وقابل للتنفيذ، مما يثير تساؤلات حول الإنفاق الضخم من الشركات الأمريكية مثل أبل ومايكروسوفت.

وتراجعت أسهم شركات التكنولوجيا العالمية من أمستردام إلى طوكيو.

وقال جون ويثار من بيكتيت لإدارة الأصول "لا نعرف التفاصيل بعد ولم تتأكد أي من تلك الأقاويل مئة بالمئة. ولكن إذا تأكد ذلك الإنجاز في خفض تكلفة تدريب البرامج من أكثر من 100 مليون دولار إلى التكلفة المزعومة البالغة 6 ملايين دولار، فهذا أمر إيجابي للغاية فيما يتعلق بالإنتاجية وقدرة المستخدمين النهائيين على الحصول على الخدمة".

وأدت فورة الذكاء الاصطناعي إلى تدفق واسع لرؤوس الأموال نحو البورصات في الأشهر الثمانية عشر الماضية، إذ اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا مما أدى إلى تضخيم تقييمات الشركات وارتفاع أسواق الأسهم إلى مستويات غير مسبوقة.

ولم تتضح بعد الكثير من المعلومات عن شركة ديب سيك الناشئة ومقرها هانغتشو. وكتب باحثو الشركة في ورقة بحثية الشهر الماضي أن نموذج (ديب سيك في.3) الذي أُطلق في 10 يناير، استخدم شرائح (إتش-800) من إنفيديا للتدريب، وتكلف أقل من 6 ملايين دولار.

وفي أوروبا تراجع سهم "إيه.إس.إم.إل" الهولندية 6.4 بالمئة، بينما خسرت "سيمنز إنرجي" 19.5 بالمئة.

وفي اليابان، انخفضت مجموعة سوفت بنك المستثمرة في الشركات الناشئة بأكثر من ثمانية بالمئة.

وفي تحول مفاجئ، انتزعت منصة الذكاء الاصطناعي الصينية "ديب سيك" صدارة قائمة التنزيلات في متجر تطبيقات آبل، متفوقة على تطبيق "شات جي بي تي" التابع لشركة "أوبن أيه آي".

وتضع هذه القفزة السريعة في التصنيف، التي أورداها شركة أبحاث بيانات التطبيقات "سنسور تاور"، "ديب سيك" في منافسة قوية مع كبار اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد خلق التطبيق الصيني حالة من الذعر وضجة كبيرة في الأسواق، خصوصا وسط الشركات الأميركية العملاقة والتي أنفقت مبالغ ضخمة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي.

ويعد "ديب سيك إر 1"، وهو المنتج الرئيسي لمنصة ذكاء الاصطناعي طورتها شركة ناشئة مقرها في هانغتشو الصينية، نموذجا لغويا متقدما يعتمد على تقنية مبتكرة تهدف إلى تعزيز قدرات الاستدلال والتحليل.

ويستخدم النموذج بنية هجينة تجمع بين التعلم التعزيزي والاستدلال المتسلسل، مما يتيح له أداء مهام معقدة بكفاءة عالية.

وتقدم "ديب سيك" نسختين من منصتها: "ديب سيك إر 1": النسخة القياسية التي تناسب الاستخدامات العامة. و"ديب سيك إر 1 زيرو": النسخة المتطورة التي توفر تعديلا غير مراقب للحصول على استدلال أفضل.

وحقق التطبيق شهرة واسعة بفضل سعره التنافسي وأدائه المتميز؛ حيث يقدم الخدمة بسعر 0.55 دولار لكل مليون رمز إدخال، ما يجعله اقتصاديا أكثر من نموذج "أوبن أيه آي 1" الذي يصل سعره إلى 15 دولارا لكل مليون رمز.

ولم تقتصر ميزاته على التكلفة فقط، بل تفوق أيضا في العديد من المهام، ففي اختبارات البرمجة، سجل "ديب سيك إر 1" نسبة نجاح بلغت 97%، متفوقًا على نموذج "أوبن أيه آي 1" في العديد من الاختبارات والمعايير.

كما أثار التطبيق الصيني إعجاب المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل أدائه السلس على الهواتف الذكية وقدرته على التعامل مع المهام المعقدة، بما في ذلك العمليات الحسابية المتقدمة. وعلاوة على ذلك، توفر المنصة إصدارات مدمجة تعمل على أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة الأخرى، ما يعزز من وصولها وانتشارها بين المستخدمين.

وحذر خبراء اقتصاديون من أن استمرار خسائر أسهم التكنولوجيا في البورصات الأمريكية والبريطانية والأوروبية، بسبب التفوق المتزايد لتطبيق "ديب سيك" الصيني للذكاء الاصطناعي على شركات الذكاء الاصطناعي الغربية، سوف يُكبد هذه الأسهم خسائر في القيمة السوقية بما يصل إلى 1.2 تريليون دولار.

وهزت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة "ديب سيك" أسواق التكنولوجيا العالمية اليوم الإثنين، مما أثار شكوكًا حول هيمنة الولايات المتحدة التكنولوجية.

وقال في سيرن لينغ، المدير الإداري في "يونيون بانكير بريفية": "تظهر (ديب سيك) أنه من الممكن تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قوية بتكاليف أقل. وهذا قد يؤدي إلى تقويض جدوى الاستثمار في سلسلة التوريد الكاملة للذكاء الاصطناعي، والتي تعتمد على الإنفاق المرتفع من قبل حفنة من الشركات العملاقة".

وجرى تداول نحو 278 ألف عقد مستقبلي لمؤشر "ناسداك 100" عند الساعة 06:18 صباحًا بتوقيت نيويورك، وهو ما يعادل نحو ثلاثة أضعاف متوسط التداول خلال 30 يومًا لهذا الوقت من اليوم، وفقًا لبيانات جمعتها وكالة بلومبرج.

ويُعد نموذج الذكاء الاصطناعي من شركة "ديب سيك"، التي أسسها رئيس صندوق التحوط الكمي ليانغ وينفينغ، منافسًا قويًا لآخر إصدارات شركتي "أوبن إيه آي" و"ميتا بلاتفورمز". ووصف المستثمر مارك أندريسن النموذج بأنه "واحد من أكثر الإنجازات الرائعة والمذهلة".

ويتميز تطبيق بعرضه لطريقة عمله والمنطق الذي يتبعه أثناء معالجة استفسارات أو طلبات المستخدمين المكتوبة. وأُطلق النموذج خلال الأسبوع الماضي، وتصدر تصنيفات متجر التطبيقات الخاص بشركة "أبل"، حيث أشاد المستخدمون بشفافيته.

وصبّ ذلك في صالح أسهم الشركات الصينية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، حيث قفزت أسهم شركة "ميريت إنترأكتف" (Merit Interactive) المدرجة في البر الرئيسي بالحد الأقصى اليومي. وتُعد الشركة من أبرز المرتبطين بـ"ديب سيك" بعدما ذكرت في وثائق سابقة أنها دمجت نموذج الشركة المحلية للذكاء الاصطناعي في أنشطة التسويق الخاصة بها. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر "هانغ سينغ" لأسهم التكنولوجيا بنحو 2% قبل عطلة رأس السنة القمرية هذا الأسبوع.

وعلى النقيض من ذلك، تراجعت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي في أماكن أخرى من العالم مع إعادة المستثمرين تقييمهم لافتراضات حول قدرات الحوسبة والطاقة. وانخفض سهم شركة "سيمنز إنرجي" (Siemens Energy)، إحدى الشركات القليلة المستفيدة من الذكاء الاصطناعي في أوروبا، بنسبة 22%.

وقال نيرغونان تيروتشلفام رئيس قسم المستهلكين والإنترنت في شركة "أليثيا كابيتال" السنغافورية: "نموذج (ديب سيك) يشكل تحديًا كبيرًا للنظرية القائلة بأن النفقات الرأسمالية والتشغيلية الضخمة التي تكبدها وادي السيليكون هي الطريقة الأكثر ملاءمة لمواكبة الاتجاه في الذكاء الاصطناعي. إنه يثير تساؤلات حول الموارد الضخمة التي جرى تخصيصها لهذا القطاع".

ويتزامن تراجع العقود المستقبلية لمؤشر "ناسداك" مع بداية أسبوع حافل بنتائج الأرباح لشركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك "آبل" و"مايكروسوفت". ومن المتوقع أن تباطؤ وتيرة نمو الأرباح، في حين أن التقييمات لا تزال مرتفعة، مما يثير القلق مجددًا حول الارتفاع الكبير الذي شهده القطاع بسبب الذكاء الاصطناعي.

ويُتداول مؤشر ناسداك 100 عند مكرر ربحية يبلغ 27 ضعفًا، مقارنة بمتوسطه على مدار ثلاث سنوات البالغ 24 ضعفًا. أما شركة "إنفيديا" فتُتداول عند 33 ضعفًا، وهو ما يقل بشكل طفيف عن متوسطها على مدى ثلاث سنوات.

ويلقي إطلاق نموذج "ديب سيك" بظلال جديدة من الشك، ويتحدى الفكرة السائدة بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الصين متأخرة بسنوات عن نظيراتها الأميركية. كما أن القيود التجارية التي فرضتها واشنطن حالت دون حصول الصين على الرقائق الأكثر تقدمًا، لكن نموذج "ديب سيك" تم بناؤه باستخدام تقنية مفتوحة المصدر يسهل الوصول إليها.

وقالت شارور تشانانا كبيرة استراتيجيي الاستثمار في "ساكسو ماركتس": "بينما تتمتع الشركات الرائدة حاليًا مثل (إنفيديا) بموطئ قدم قوي، فإن ذلك يذكرنا بأن الهيمنة في مجال الذكاء الاصطناعي ليست أمرًا مضمونًا؛ حيث إن ظهور نموذج (ديب سيك) الصيني يشير إلى أن المنافسة تزداد حدة، وعلى الرغم من أنه قد لا يشكل تهديدًا كبيرًا الآن، إلا أن المنافسين المستقبليين سيتطورون ويتحدون الشركات الكبرى بشكل أسرع. وإعلان نتائج أرباح شركات التكنولوجيا هذا الأسبوع سيشكل اختبارًا حاسمًا".

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي

في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.

واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of list

وفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.

وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.

سباق مفتوح

وفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.

لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.

الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام

كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.

إعلان

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.

وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.

منافسون آخرون

ليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".

وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.

أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.

ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".

وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.

ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.

لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعي

في المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.

وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.

وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.

إعلان

ويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.

الصين في الصورة

ورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".

موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له

وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.

ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.

وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".

مقالات مشابهة

  • أخبار التكنولوجيا| اختراق جديد يهز تطبيق المواعدة الشهير Tea.. لينوفو تطلق أول لابتوب قابل للتمدد في العالم
  • أدوبي تعزز فوتوشوب بميزات ذكاء اصطناعي جديدة لتحرير الصور وتحسينها
  • أداة ذكاء اصطناعي جديدة لتشخيص ورعاية فشل القلب
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • زد إيه آي: نموذج ذكاء اصطناعي خارق مجاني
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • ذكاء اصطناعي وحاسبات وطب بيطري وسياسة واقتصاد|مؤشرات كليات المرحلة الثانية بـ تنسيق الكليات 2025
  • أمازون تقع في فخ مبرمج.. تحديث ذكاء اصطناعي تضمن كودا خطيرا
  • شركة "آي أو كيتشينز" تُطلق رسميًا تطبيق "آي أو إيتس"
  • هل تنفجر معدلات النمو الاقتصادي في زمن الذكاء الاصطناعي؟