النوم الجيد يكبح الذكريات المؤلمة
تاريخ النشر: 28th, January 2025 GMT
يقول باحثون إن قدرة المرء على كبح الذكريات المؤلمة تتوقف على قدر النوم الذي يحصل عليه، بمعنى أنه إذا كنت مستريحا، وحاصلا على قدر واف من النوم، فسيكون بمقدور عقلك حجب الذكريات السلبية، أما إذا كنت تعاني من الأرق، فإن الذكريات التعيسة والأفكار المؤلمة سوف تظل تلاحقك، وتستمر في إزعاجك لفترة طويلة من الوقت.
ومن أجل فهم الآلية التي تفسر هذه الفكرة، قام فريق بحثي من جامعة يورك بإنجلترا بدراسة جديدة نشرتها الدورية العلمية "ناشوينا أكاديمي أوف ساينسيس" (National Academy of Sciences) لتحديد كيف يعجز المخ، في حالة الحرمان من النوم، عن كبح جماح الأفكار السلبية.
ويقول الباحث سكوت كايرني أستاذ علم النفس في جامعة يورك إن "هذه الدراسة قد توفر قطعة مهمة من الأحجية لفهم السبب وراء تزايد احتمالات الإصابة بالأمراض العقلية لدى الأشخاص الذين يعانون من قلة النوم بشكل مزمن". وأضاف في تصريحات للموقع الإلكتروني "ساينتفيك أميركان" المتخصص في الأبحاث العلمية: "نريد أن نعرف ما الذي يحدث داخل المخ في حالة عدم الحصول على قدر كاف من النوم".
وقد أثبتت دراسة سابقة أن استدعاء الذكريات وأحداث الماضي يتم عن طريق جزء في المخ يعرف باسم "الحصين"، في حين أن جزءا آخر يعرف باسم "قشرة الفص الجبهي الظهراني" هو المسؤول عن كبح الذكريات المؤلمة.
إعلان
قشرة الفص الجبهي
ويوضح كايرني أن الفرضية العلمية التي عكف الفريق البحثي على إثباتها هي أن قلة النوم تعطل قدرة قشرة الفص الجبهي على "كبح" آلية استدعاء الذكريات.
وفي إطار التجربة، قام الباحثون بتوجيه 85 متطوعا نحو الربط بين وجوه ذات ملامح محايدة ومواقف معينة يتم تعريضهم لها من بينها أحداث سلبية مثل حوادث السيارات أو مشاهد لمعارك أو أعمال عنف. ويقول كاريني إن المتطوعين في التجربة "يصنعون رابطة غنية بين الوجه المحايد والمشهد الذي يطلعون عليه، وبالتالي في حالة تعريض المتطوع للوجه المحايد، فإنه سوف يسترجع المشهد تلقائيا من دون الحاجة لرؤيته مرة أخرى".
وفي المرحلة التالية من التجربة، كان يتم تقسيم المتطوعين إلى مجموعتين، بحيث يتم إبقاء أفراد المجموعة الأولى مستيقظين طوال الليل، والسماح لأفراد المجموعة الثانية بالنوم على أسرة داخل المختبر مع مراقبة مراحل النوم المختلفة التي يمرون بها ما بين نوم "حركة العين السريعة" (REM) ثم نوم "حركة العين غير السريعة" (non REM). وفي الصباح، يتم تعريض أفراد المجموعتين لصور للوجوه المحايدة التي اطلعوا عليها في اليوم السابق، مع توجيه المتطوعين نحو استدعاء أو كبح الذكريات التي تقترن لديهم بالوجوه التي تعرض عليهم. وطوال فترة التجربة، كان يتم إجراء عملية فحص بالرنين المغناطيسي لقياس النشاط العقلي لجميع المتطوعين.
وجدير بالذكر أن نوم حركة العين السريعة يحدث بعد أن يغفو الشخص بفترة تتراوح ما بين ساعة إلى ساعة نصف. وتتسم هذه المرحلة من النوم بسرعة تحرك العين تحت الجفون في كل الاتجاهات، وتتكرر عدة مرات خلال النوم ويكون النشاط العقلي خلالها مشابها لنشاطه في حالة الاستيقاظ، وعادة ما تحدث الأحلام خلال تلك المرحلة.
أما عند النوم في مرحلة حركة العين غير السريعة، لا يكون المخ في حالة نشاط، كما يتباطأ التنفس وينخفض ضغط الدم. ويعمل الجسم خلال تلك المرحلة على إصلاح الأنسجة التالفة وبناء العظام والعضلات وتعزيز نظام المناعة.
إعلان
الحصين
وأثبتت التجربة صحة الفرضية التي عكف الباحث كايرني على تأكيدها، وهي أن المتطوعين الذين ظلوا مستيقظين طوال الليل تراجع لديهم نشاط قشرة الفص الجبهي الظهراني بشكل ملموس، وخاصة عندما كانوا يحاولون كبح الذكريات المؤلمة التي تراودهم، وعلى العكس تزايد لديهم نشاط "الحصين" وهو الجزء المسؤول عن استدعاء الذكريات. ورجح الباحثون أن يكون السبب في ذلك هو أن قشرة الفص الجبهي لدى هذه الفئة لم تستطع كبح آلية استدعاء الذكريات التي يقوم بها الحصين.
ويقول الباحثون إن هذه النتائج تظهر أن الحرمان من النوم لا يؤدي إلى تراجع نشاط المخ بشكل عام، بل إنه يؤثر على أجزاء معينة من الدماغ ترتبط بآلية استدعاء أو كبح الذكريات والأفكار.
وبالنسبة للفئة التي تم السماح لها بالنوم في الليلة السابقة للتجربة، وجد الباحثون صلة بين نشاط قشرة الفص الجبهي الظهراني وفترة نوم المتطوعين في مرحلة حركة العين السريعة، لا سيما فيما يتعلق بالقدرة على كبح الذكريات المؤلمة.
ويقول كايرني إن هذه الملاحظة "مثيرة للاهتمام لأن كثيرا من الأمراض العقلية المرتبطة بالأفكار الملحة مثل الاكتئاب واضطرابات في مرحلة ما بعد الصدمة تقترن أيضا باضطراب النوم في مرحلة حركة العين السريعة.
وترى الباحثة ماريا ويبر -وهي مختصة في طب الأعصاب الإدراكي بجامعة جلاسكو، وليست من المشاركين في التجربة- أن هذه النتائج "تنطوي على فائدة حقيقية لتحسين المناهج العلاجية" لبعض الأمراض العقلية، وأضافت في تصريحات لموقع "ساينتفيك أميركان" أن "التدخلات الطبية لتحسين النوم في مرحلة حركة العين السريعة يمكن أن تصبح جزءا من علاج اضطرابات الذكريات التطفلية في حالات مرضية مثل اضطراب ما بعد الصدمة". وترى أن هذا المنهج العلمي قد يستخدم ضمن الإجراءات الاحترازية لضمان منع ارتداد الأفكار السلبية والذكريات التعيسة بشكل مطلق.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات حرکة العین السریعة من النوم النوم فی فی حالة
إقرأ أيضاً:
العين يتفوق هجومياً قبل «الصدام 18» أمام النصر
معتز الشامي (أبوظبي)
تتجه الأنظار إلى مواجهة الإياب بين العين والنصر في نصف نهائي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي، والتي تجمع الفريقين في السابعة والنصف مساء السبت، في لقاء يحمل طابعاً خاصاً، لأنه الأكثر تكراراً في تاريخ البطولة، إذ ستكون المباراة رقم 18 بين الفريقين في المسابقة.
ويدخل العين اللقاء. وهو في موقع الأفضلية، بعد تفوقه الواضح بثلاثية ذهاباً، مدعوماً بأرقام هجومية قوية جعلته الأكثر تسديداً (88) والأكثر تسديداً على المرمى (34) في البطولة هذا الموسم، وهذا التفوق الهجومي ظهر جلياً في مباراة الذهاب، حيث فرض «الزعيم» إيقاعه مبكراً، وصنع الفارق بفضل التنوع في الحلول والضغط العالي.
ويميل تاريخ مواجهات الفريقين في كأس مصرف أبوظبي الإسلامي نسبياً لمصلحة العين، الذي حقق 7 انتصارات مقابل 6 مرات للنصر، مع 4 تعادلات جمعتهما، كما أن هذه المرة الثالثة التي يتواجه فيها الفريقان في نصف النهائي، بعد تأهل النصر في 2019-2020، والعين في 2022-2023، ما يمنح المواجهة طابعاً ثأرياً متبادلاً.
أما أرقام لقاء الذهاب، كشفت عن تفوق فردي لنجوم العين، وعلى رأسهم كودجو لابا، الذي أسهم بـ6 أهداف في آخر 4 مباريات بالبطولة «3 أهداف و3 تمريرات حاسمة»، إلى جانب سفيان رحيمي، المتخصص في شباك النصر، بـ6 مساهمات تهديفية خلال 5 مباريات «3 أهداف و3 صناعات».
ورغم صعوبة المهمة، يستند النصر إلى حقيقة أن العين سبق أن فشل في التأهل مرة واحدة فقط بعد فوزه ذهاباً، وكانت في الموسم الماضي أمام الجزيرة، حين خسر إياباً وودّع بركلات الترجيح، لكن الأرقام لا تخدم «العميد»، إذ لم ينجح أي فريق في تاريخ البطولة في تعويض خسارة ذهاب بفارق 3 أهداف.
كما أن العين يُعد أحد أكثر الفرق تسجيلاً في شباك النصر بالبطولة (25 هدفاً)، مقابل 19 هدفاً للنصر في مرمى العين، ما يعكس أفضلية هجومية واضحة لـ«الزعيم» في هذه المواجهات.
وبين طموح العين لبلوغ النهائي السادس في تاريخه، ومحاولة النصر الوصول إلى النهائي الرابع، يبقى إياب نصف النهائي اختباراً حاسماً: هل يحسمها منطق الأرقام، أم يفاجئ النصر الجميع بقلب الطاولة؟