لجريدة عمان:
2025-06-26@12:44:47 GMT

أحمد شوقي يلتقي جورج أورويل

تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT

يحيا الشعر مرة بعد أخرى كلما ظن الناس أنه خبا ومات، بل إنه ينهض من تحت الأنقاض كما تنتفض العنقاء، فـيعرّي نظريات موت الشعر والأدب وتهمة ابتعاده عن حياة وواقع الناس. يمثل الشعر الجدار الذي نتكئ عليه بعد يوم مرهق، السند الذي نستند إليه عند حلول مصيبة، والثلج الذي يهب بنسائمه على صدورنا كلما ابتغينا أملا نهرب به من واقع الحياة القاسي إلى المزيد والمزيد من الحياة، كما يدفع مدرب السباحة تلميذه الذي يخشى الغرق إلى عمق الحوض ووسط البركة.

كان الشعر فـي يوم من الأيام الشيء الذي نتحدث به، ونتمثل به فـي السراء والضراء، بل وفـي السخرية والتهكم أيضا؛ لكنه يختبئ أحيانا فـي شقوق الذاكرة، ثم يعود إلى الحياة من بعيد، يعود إلى الضوء من بعد غيابة النسيان.

يبدو التشاؤم الخيار الأسهل دائما، فمن الأسهل أن نتلفع بغطاء دافئ فـي الصباحات الشتوية بدلا من القيام والعمل. من الأسهل أن نستسلم للموت البطيء أو اليأس من المقاومة وتحمل المشقة. لكن متطلبات الحياة وواقعها، والمشاهد التي نشاهدها وتتجسد فـي أشخاص ليسوا أكثر بشرية منا ليفعلوا ما بدا أنه خيالي وأسطوري، إنما هم أكثر إيمانا وعملا بذلك الإيمان فـي أنفسهم وواقعهم من الآخرين الذين يستسلمون للدعة السامة مقابل المشقة التي تمنح الحرية والانعتاق. بدا أننا نسينا القصيدة الخالدة لأحمد شوقي فـي نكبة دمشق، التي قالها حين قصف الفرنسيون دمشق تلك المدينة المليئة بالناس والتاريخ والحضارة، ورغم أنه كان قصفا مدمرا؛ إلا أن الناس بذلوا فـي سبيل حريتهم وبقاء وطنهم الغالي والنفـيس، وهل هنالك أغلى من الروح والدم؟.

كتب شوقي قصيدته «نكبة دمشق» والشهيرة والمعروفة بمطلعها البديع البهي

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ

وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ

لكن هذه القصيدة التي بدا أن غبار الأيام تراكم عليها وطواها، عادت إلى الحياة بقوة وعنفوان، وذلك لأن زعيم حركة المقاومة الإسلامية يحيى السنوار ظهرت له مؤخرا مقاطع مصورة ضمن برنامج «ما خفـي أعظم» وهو فـي ميدان المقاومة والقتال فـيما بدا وكأنه لقطة من فـيلم سينمائي بطولي، لا أنه حقيقة وواقع!، وهو يردد بيتا من القصيدة

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

جعلني هذا المقطع أتأمل المشهد وأتساءل بصدق، كيف يمكن لبيت من الشعر أن يجعل المرء يبتسم وسط المعركة والدمار المحيط به؟ كيف لبيت من الشعر أن يكون وقودا للإرادة فـي مواجهة الظلم والقهر والبطش والجنون!، كيف له أن يفعل ذلك؟. إن أيسر إجابة وأقربها كما أرى، أن الشعر الذي ينبع من الواقع بمساوئه قبل محاسنه، وآلامه قبل أفراحه؛ يتجسد فـي حياة الناس واقعًا ملموسًا. فهو ليس فذلكة لغوية تودع الكتب والمخازن، بل هي كلمات تعيش فـي قلوب المؤمنين بها، تحركهم وتبث فـيهم الأمل والحياة.

من مصادفات الأقدار أن الكتب والبشر تتقاطع مساراتهم فـي شيء من العجائبية التي يصعب تفسيرها؛ فرسالة الغفران للمعري، يقابلها جحيم دانتي. وبيت لشاعر عربي قديم، يطابق نظرية علمية اكتشفت حديثا، وهكذا تمضي الحياة. ومن المفارقات، أن يقرأ الإنسان كتابا عن أمة أو شعب عاش فـي حقبة ما، فـي بقعة ما من الوجود، ويجد نظيرا لها فـي بقعة وحقبة مختلفة عنها. ومن ذاك، رواية جورج أورويل 1984 التي أحدثت هزة عنيفة فـي أوروبا والعالم فـي القرن المنصرم، والتشابهات والإسقاطات التي بدت كما لو أنها مكتوبة فـي سبيل توصيف أسباب ونتائج ووقائع حرب الإبادة الصهيونية على غزة. «.. بعد ذلك سددت المروحية قنبلة زنتها عشرين كغم إلى الزورق مع وهج مروع فـيتحطم القارب تمامًا إلى شظايا خشبية صغيرة. ثم عرضت لقطة مدهشة ليد طفل وهي ترتفع إلى الأعلى بخط مستقيم فـي الهواء وطائرة المروحية مع كاميرا فـي مقدمتها تقتفـي أثرها. كان هناك الكثير من التصفـيق يصدر عن مقاعد الحفلة، لكن امرأة فـي الجزء المخصص للشغيلة من القاعة قفزت فجأة باهتياج وهي تصرخ «ما كان عليهم أن يعرضوا ذلك أمام الأطفال...)) حتى طردها البوليس». إنه مشهد اعتاد الناس مشاهدته فـي حرب الإبادة التي ستدخل أسبوعها الثالث من الهدنة، فقد كان الصحفـيون والمتظاهرون الهدف المفضل للشرطة فـي بلدان الديمقراطية الأوروبية والأمريكية، وهي مشاهد تكررت حتى فـي مداخلات الصحفـيين بعد كلمة المتحدث باسم البيت الأبيض أو كلمات بلينكن الكثيرة.

يتساءل أورويل فـي روايته «..كيف سيكون بإمكانك الاحتكام إلى المستقبل عندما لن يكون بالإمكان لأي أثر منك حتى ولو كان كلمة مبهمة خربشت على قطعة ورق، أن يبقى ماديا؟» ثم يتحدث عن المعلومات التي لا وجود مادي لها -أي التي لا توجد فـي الأوراق والكتب- وهو ما يتطابق تطابقا مذهلا مع القضية الفلسطينية والرواية الصهيونية التي تروج نفسها، حيث يقول: «..إنها فـي وعيه الخاص فقط، الوعي الذي ينبغي على أية حال أن يُلغى فـي الحال، فإذا ما تقبل الآخرون جميعا الأكذوبة التي فرضها الحزب -وإذا ما كانت كل السجلات تذكر نفس الحكاية- عندئذ ستدخل هذه الكذبة التاريخ لتصبح حقيقة واقعة»؛ لأنه وببساطة «..كيف تستطيع أن تثبت حتى أكثر الحقائق وضوحا عندما لا تكون هناك أية سجلات خارج ذاكرتك الخاصة؟». إن ما يفعله شوقي وأورويل وكل من له أثر فـي سرد الوقائع والأحداث وتوصيفها، هو اتحاد الجانب الخيِّر من البشرية فـي سبيل حفظ الماضي والحاضر؛ لأن «إعادة بناء الماضي» واحدة من أساليب الشر لتطويع وتطبيع ما لا يمكن قبوله بحال ولا يمس للحقيقة بصلة. ومن عجائب رواية أورويل، تلك الفقرة التي يتحدث فـيها عن وزارة السلام، وهي ما سيجد القارئ تجسيدا لها فـيما مضى من أحداث على غزة ولبنان واليمن وسوريا من قِبل الكيان الصهيوني «..قام بتصميم قنبلة يدوية تبنتها وزارة السلام وتسببت فـي مقتل واحد وثلاثين أسيرا أوراسيا فـي انفجار واحد». يلتقي أورويل بشوقي إذن، يلتقيان فـي الذاكرة والمآسي المتجددة التي يتعلم العالم أنها ستنتهي بالأيادي المضرجة، يلتقيان رغم القصف والبطش والقهر والإبادة. ولننظر بعين اليوم إلى قصيدة شوقي، ولنتأمل؛ أكانت قصيدته قديمة طواها الزمن؟ أم أنها واقع يتجدد اليوم؟

وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانوا

قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ

بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا

وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا

وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها

فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ

وَيَجمَعُنا إِذا اختَلَفَت بِلادٌ

بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ

وَلِلأَوطانِ فـي دَمِ كُلِّ حُرٍّ

يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ

فَفـي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ

وَفـي الأَسرى فِدًى لَهُمُ وَعِتقُ

وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ

بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ

علاء الدين الدغيشي كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

طبيب يحذر: المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر

تعاني الكثير من السيدات والفتيات وأيضا الرجال، من مشكلة تساقط الشعر ويرجع ذلك للعديد من الأسباب ولكن يظل هناك سبب خفي لا يكتشفه البعض، ففي ظل انتشار العادات الغذائية غير الصحية، يحذّر الأطباء من أثر المشروبات الغازية على صحة الشعر، مؤكدين أن الإفراط في تناولها لا يضر فقط الأسنان والمعدة، بل يمتد أثره السلبي إلى بصيلات الشعر نفسها.

المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر

في هذا السياق، أوضح الدكتور عماد زهران، استشاري الجلدية والعلاج بالليزر،فى تصريحات خاصة لـ صدى البلد، أن المشروبات الغازية تحتوي على نسبة عالية من السكر والكافيين والمواد الحافظة، وكلها عوامل قد تضعف الدورة الدموية في فروة الرأس، وتُسرّع من تساقط الشعر، خاصة عند الأشخاص الذين يعانون أصلًا من مشكلات في الشعر أو فروة الرأس.

 كيف تؤثر المشروبات الغازية على الشعر؟طبيب يحذر: المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر 

 زيادة نسبة السكر في الدم

السكر الزائد يؤدي إلى التهابات مزمنة في الجسم، وهو ما ينعكس سلبًا على بصيلات الشعر ويؤدي إلى ضعفها وسقوطها.

 الإضرار بهرمونات الجسم

الكافيين المرتفع والمركبات الكيميائية قد تؤثر على توازن الهرمونات، خاصة هرمونات التوتر، مما يسرع من تساقط الشعر الوراثي أو الهرموني.

 نقص امتصاص العناصر الغذائية

الإكثار من المشروبات الغازية قد يُضعف امتصاص الحديد والزنك وفيتامين D، وهي عناصر أساسية لنمو شعر قوي وصحي.

 الجفاف وفقدان لمعان الشعر

نظرًا لاحتوائها على كافيين، تؤدي المشروبات الغازية إلى زيادة التبول وسحب السوائل من الجسم، مما يسبب جفاف الشعر وتقصفه وفقدان لمعانه.

 نصائح لحماية شعرك

 طبيب يحذر: المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر قلّل أو أوقف تناول المشروبات الغازية تدريجيًا.عوّضها بالماء، عصائر طبيعية، أو مشروبات غنية بالفيتامينات مثل الكركديه أو الزنجبيل.احرص على تناول أطعمة غنية بالحديد والبروتين والزنك.راقب نمط حياتك وتخلص من التوتر والقلق.برج الحوت.. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: تسوية الخلافات القديمةبرج الدلو.. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: وقت ممتعبرج الجدي .. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: وضع جيدبرج القوس .. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025برج الميزان .. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: تسوية نزاعبرج العذراء .. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: تخصيص وقت للحبيب ضروريبرج الأسد .. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: استثمر بذكاءبرج السرطان.. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: ترقية في المنصببرج العقرب .. حظك اليوم الاربعاء 25 يونيو 2025: فرص استعادة الماضيبرج الجوزاء.. حظك اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025: استمع إلى شريكك

نصيحة

إذا كنت تحرص على العناية بشعرك من الخارج باستخدام الزيوت وحمامات الكريم أو الزيت، فلا تهمل ما يدخل جسمك من الداخل، الغذاء الصحي هو أساس الشعر الصحي، والمشروبات الغازية ليست جزءًا من هذه المعادلة لذلك تجنب تناولها.

طباعة شارك المشروبات الغازية الشعر صحة الشعر الأسنان والمعدة كيف تؤثر المشروبات الغازية على الشعر المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر

مقالات مشابهة

  • «دارَةُ الشعر» وهالته المضيئة
  • طبيب يحذر: المشروبات الغازية قد تسرّع تساقط الشعر
  • الزعاق للطلاب: استمتعوا بالأشياء التي تمتلكونها ولو كانت بسيطة..فيديو
  • أحمد زاهر يعلق على تكريمه بجائزة نجم العام عن «سيد الناس»
  • أحمد زاهر يُكرم بجائزة نجم العام عن دوره في سيد الناس
  • جورج شيحان يهنئ رئيس الجمهورية وقيادات الدولة والشعب المصري برأس السنة الهجرية
  • في عيد ميلاده.. أحمد عبد العزيز فارس الدراما الذي سكن قلوب المشاهدين بأعمال خالدة
  • جورج دبليو ترامب
  • ملك أحمد زاهر تعلق على تكريمها من مجلة «نيش» البريطانية
  • العامة للنقل البري تكرم اسم البطل خالد شوقي سائق شاحنة العاشر