حقائق مدرسية من أعماق الذاكرة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
يبقى المعلم هو العمود الفقري في جميع هياكل وأسس التربية والتعليم، فهو الذي ينفخ في عقولنا، ويُجري في عروقنا دماء العلوم والفنون والآداب. ففي عوالم التعليم هنالك عوامل شتى ومؤثرات كثيرة تجمع بين المناهج والمقررات والكتب والمحاضرات والإدارة والأجواء المدرسية والتوجيهية والواجبات البيتية والنشاطات الأخرى، تشترك كلها في التوجيه والتأثير بنسب متفاوتة، ولكن يظل المعلم هو العصب الحي للتعليم.
وهنالك حالات بعيدة كل البعد عن هذه الأجواء، حالات يمكن ان نعدها صادمة أو غير عادلة. ولا تنتمي إلى الأوساط التربوية والتعليمية. .
اذكر في عام 1966 كنا طلابا في متوسطة الوحدة الواقعة خلف مستشفى الموانئ بالبصرة. وكان مديرها: الأستاذ (عدنان أحمد عبد الرحيم). واذكر ان الطائرة المروحية، التي كانت تقل الرئيس عبد السلام عارف، سقطت في منطقة النشوة، داخل الحدود الإدارية للبصرة، فخرج المدير (عدنان) يبكي ويذرف الدموع حزنا وألما على فراق السيد الرئيس، وكان بيده راديو ترانزستور يسمع منه الأخبار. .
كان المدير (عدنان) محسوبا على القوميين العرب، ومن المؤيدين لعبد الناصر وعبد السلام. فقرر في ذلك اليوم تعطيل الدوام الرسمي، وطلب من التلاميذ العودة إلى بيوتهم. .
كانت المدرسة تضم شريحتين متناقضتين من التلاميذ. بعضنا ينتمي إلى الطبقة الثرية المترفة، وبعضنا ينتمي إلى الطبقة الفقيرة المسحوقة. .
أنا بطبيعة الحال كنت من الطبقة المسحوقة جدا، وكان معي اثنان من أشقائي. فذهبنا في العام التالي إلى غرفة الإدارة لطلب المساعدة بغية الحصول على المقررات الدراسية بلا مقابل مادي. كان الأستاذ (عدنان) يجلس في الصدارة والى جانبه الأستاذ (حميد الفريح). قال لنا بنبرة حادة: ماذا تريدون ؟. قلنا له نريد أعفاءنا من مبالغ الكتب الدراسية ونحن اخوة. فزجرنا بغضب، وقال لنا: انتم من بيئة منحطة. .
لم نكن نعرف معنى مفردة (منحطة) فهي غير متداولة في القرى والأرياف. حتى اصدقائي لا يعرفون معناها، لكن تلك الكلمة ظلت عالقة في ذهني. . حزنت كثيرا عندما اكتشفت معناها، فالرجل كان يعامل أبناء الذوات بطريقة تختلف عن أبناء الفقراء، كان يكرهنا ويبغضنا دونما سبب. .
وفي بداية عام 1981 كنت اعمل بالموانئ بدرجة ضابط خفارة ملاحية، فلمحت الأستاذ (عدنان) من بعيد، واندهشت من عمله في القسم القانون بدرجة موظف في الأرشيف، ثم تبين لي أنهم طردوه من سلك التعليم بسبب تبعيته غير العراقية، وغير العربية. .
من كان يتوقع ان الرجل القومي المتشدد لم يكن عربيا !؟!. .
لم اكلمه ولم أعامله مثلما كان يعاملنا في تلك الأيام. ثم سألت عنه بعد حين، فقالوا انه طلب الإحالة إلى التقاعد، ورحل. . .
ظلت ارواحنا مقيدة بين شيئين: الذكريات والأقدار. فلا هذا يرحم، ولا ذلك نستطيع الفرار منه. ومع ذلك لا تفكر في الانتقام من أي إنسان، ولا تتشفى به. فقط راقب المشهد من بعيد وانظر لما سوف تفعله الأيام، فهي كفيلة بكل المتغيرات والانقلابات. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
جامعة مطروح تشارك في مبادرة “مطروح الخير” بواحة سيوة
شاركت جامعة مطروح في فعاليات مبادرة مطروح الخير بقرى مدينة سيوة، بإشراف وتنظيم الأستاذ الدكتور أحمد محجوب عميد كلية الزراعة الصحراوية والبيئية، والدكتورة ميسة البياع مدير نادي ريادة الأعمال بالجامعة.
وقدّمت القافلة مجموعة واسعة من الأنشطة المجانية والخدمات المتخصصة، بمشاركة كليات الزراعة، التمريض، التربية النوعية بجامعة مطروح، وبالتعاون مع الجامعة المصرية الصينية ممثلة في كليتي الطب البيطري والعلاج الطبيعي، بما يعكس دور الجامعة الوطني في خدمة المجتمع ودعم التنمية بالمناطق الحدودية.
وتضمّنت فعاليات القافلة تنظيم عدد من ورش العمل التعليمية والتثقيفية التي تستهدف رفع الوعي وتحسين المستوى المعرفي والخدمي للأهالي في مجالات صحية وزراعية وبيئية متعددة.
وأكد الأستاذ الدكتور أحمد محجوب أن الجامعة تحرص على دمج الخبرات الأكاديمية والبحثية في خدمة المجتمع المحلي، من خلال تقديم استشارات فنية وخدمات تنموية تسهم في تحسين جودة الحياة بقرى سيوة، مشيرًا إلى أن هذه القافلة تأتي ضمن جهود الجامعة لتفعيل دورها المجتمعي داخل المناطق النائية والأكثر احتياجًا.
وأضاف سيادته أن التعاون مع الجامعة المصرية الصينية يعكس نموذجًا ناجحًا للشراكات المؤسسية التي تدعم المحافظات الحدودية وتسهم في تحقيق التنمية المستدامة عبر برامج ميدانية تجمع بين مختلف التخصصات العلمية والخدمية.
ياتى ذلك ذلك تحت رعاية اللواء خالد شعيب محافظ مطروح، والدكتور عمرو أحمد المصري القائم بعمل رئيس جامعة مطروح، و