«رئيس الرعاية الصحية» يبحث مع كبريات الشركات العالمية تسخير الذكاء الاصطناعي للتشخيص والعلاج
تاريخ النشر: 30th, January 2025 GMT
قال رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية، المشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، الدكتور أحمد السبكي، إن التحول الرقمي والابتكار الطبي يأتيان في مقدمة أولويات الهيئة العامة للرعاية الصحية، تماشيًا مع رؤية مصر 2030 الرامية إلى بناء نظام صحي متكامل يعتمد على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل على تبني أحدث الحلول الرقمية لتعزيز كفاءة نظم إدارة المستشفيات، وتحسين تقديم الخدمات الطبية، ورفع مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمواطنين.
جاء ذلك خلال مشاركة الدكتور السبكي، اليوم /الخميس/، في سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا الصحية، والأجهزة الطبية، والذكاء الاصطناعي، وذلك على هامش فعاليات معرض ومؤتمر الصحة العربي (Arab Health 2025) المنعقد في دبي، الذي يعد أحد أبرز المنصات العالمية لمناقشة أحدث الابتكارات في قطاع الرعاية الصحية.
وخلال الاجتماعات، استعرض الدكتور أحمد السبكي سبل تعزيز التعاون مع الشركات العالمية لدعم جهود الهيئة في تبني أحدث التقنيات الطبية، وتحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص، بما يسهم في تطوير الخدمات الصحية في مصر وفق أعلى المعايير الدولية.
وأكد رئيس هيئة الرعاية الصحية أن الشراكات الدولية مع كبرى الشركات العالمية تُمثل ركيزة أساسية في استراتيجية هيئة الرعاية لتطوير منظومة التأمين الصحي الشامل، وتحقيق نقلة نوعية في جودة الخدمات الطبية المقدمة للمواطنين، وأضاف أن الهيئة تسعى من خلال هذه الشراكات إلى نقل أحدث الابتكارات الطبية إلى مصر، وتوطين التكنولوجيا الصحية المتقدمة، بما يساهم في تعزيز كفاءة المنشآت الصحية التابعة للهيئة، وتحسين تجربة المرضى.
وفي إطار جهود هيئة الرعاية الصحية لتعزيز الابتكار في القطاع الصحي، عقد الدكتور أحمد السبكي اجتماعًا مع ممثلي شركة Mindray، المتخصصة في حلول الأجهزة الطبية والتشخيص المتقدم، حيث بحث سبل إدخال أحدث تقنيات التصوير الطبي والتحليل المختبري إلى مستشفيات الهيئة، إلى جانب مناقشة تطبيق أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص وتسريع تقديم الخدمات الطبية، بما يعزز كفاءة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى.
كما عقد الدكتور أحمد السبكي اجتماعًا مع شركة Medtronic، إحدى الشركات الرائدة عالميًا في مجال التقنيات الطبية، حيث تناول الاجتماع مع ممثلي الشركة فرص التعاون في إدخال أحدث الأجهزة والتقنيات المتطورة لجراحات القلب والأوعية الدموية داخل مستشفيات الهيئة، وناقش الجانبان إمكانية تطبيق الحلول الذكية في هذا المجال، إضافة إلى تطوير الأجهزة المزروعة التي تسهم في تحسين جودة حياة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، وذلك في إطار استراتيجية الهيئة لتوفير أحدث الحلول العلاجية لمرضى القلب في مصر.
وفي خطوة تهدف إلى دعم استمرارية الإمدادات الدوائية داخل منشآت الهيئة العامة للرعاية الصحية، تم توقيع بروتوكول تعاون بين الهيئة وشركة Shalina، المتخصصة في صناعة وتوزيع الأدوية. ويهدف هذا التعاون إلى ضمان توافر الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية في المستشفيات التابعة للهيئة، وفق أعلى معايير الجودة العالمية، بما يسهم في تعزيز الخدمات العلاجية المقدمة للمواطنين تحت مظلة التأمين الصحي الشامل.
وفي سياق متصل، عقد الدكتور أحمد السبكي اجتماعًا مع شركة Pure Health، المتخصصة في تقديم حلول الإدارة الصحية الرقمية، وناقش الاجتماع فرص التعاون في تطوير نظم إدارة المستشفيات، وتحقيق تكامل البيانات الصحية، وتطبيق حلول الذكاء الاصطناعي في تحليل المعلومات الطبية، بهدف تحسين كفاءة التشغيل داخل المنشآت الصحية، وتعزيز جودة الخدمات المقدمة للمواطنين وفق أحدث المعايير العالمية.
اقرأ أيضاًوكيل صحة بالمنوفية يُكرم الفائزين بجائزة أفضل مشروع تحسين جودة الرعاية الصحية
الرعاية الصحية: نجاح أول عملية قسطرة لتوسيع الشريان الكلوي لطفلة بالتأمين الصحي الشامل
متجاهلاً أوامر الأطباء.. مدير الرعاية الصحية بالأقصر يتابع سير العمل بمستشفى الكرنك الدولي
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الرعاية الصحية التأمين الصحي الذكاء الاصطناعي الشركات العالمية الدکتور أحمد السبکی المقدمة للمواطنین الشرکات العالمیة الرعایة الصحیة الصحی الشامل المتخصصة فی
إقرأ أيضاً:
حوارٌ مثيرٌ مع الذكاء الاصطناعي
كثر الحديث مؤخرًا عن لجوء بعض الكتّاب إلى «الذكاء الاصطناعي»؛ ليكتب عنهم المقالات الصحفيَّة في ثوان قليلة، ما اختصر لهم الوقت، وأراحهم من عناء الجهد والبحث. والنتيجةُ أنّ تلك المقالات افتقدت الروح، وغاب عنها الكاتب، فصارت كلُّ المقالات متشابهة في الشكل والمضمون، لدرجة أن أصبح القارئ يستطيع أن يميّز بين مقال الكاتب والمقال المنقول حرفيًّا من الذكاء.
إزاء تنامي الجدل حول الموضوع؛ هل هو انتحال وسرقة أم أنه بحكم التطور وضع طبيعي؟ قررتُ أن أخوض حوارًا مباشرًا مع أحد هذه الأنظمة؛ بحثًا عن فهم أعمق لهذا الكائن الرقمي. كانت المفاجأة أني كنتُ في حوار أقرب ما يكون مع إنسان وليس مع آلة، وبدا لي أنّ الذكاء الاصطناعي أداة ذات قدرات هائلة تفيد الكاتب في جوانب كثيرة في البحث عن المعلومة والترجمة وفي تقييم المقال نفسه، لكنه مهما كان من أمر فإنه لا يمكن أن يعوّض عن حضور الكاتب. سألتُ الذكاء عن هذا الأمر، فأقرّ بأنّ البعض يستخدمه لأداء المهمة كاملة دون تحرير أو إضافة ذاتية ما يجعل النص أقرب للانتحال، حتى لو لم يكن هناك مؤلف بشري يُنسب له المحتوى. سألتُ: هل يمكن أن يُقدّم الذكاء المقال نفسه لشخص آخر؟ فردّ بأنّ ذلك ممكن، خاصةً إذا كانت الأسئلة متشابهة أو عامة، ما يُظهر أهمية التفرّد في الطرح، والحرص على أن تكون الكتابةُ نابعةً من هوية الكاتب نفسه. هنا سألته: ماذا يمكن أن يفيد الذكاء الكتّاب والصحفيين؟ كان الرد: «دعم الكتابة والتحرير عن طريق صياغة الأفكار، وتوليد المحتوى، واقتراح زوايا مختلفة للموضوع أو حتى تقديم مسودة أولية. ويمكن الذكاء الاصطناعي تحليل كميات ضخمة من المعلومات في وقت قصير، واستخلاص النقاط المهمة». وأهم نقطة ذكرها أنّه بترجمته الفورية السريعة يسهل التواصل مع مصادر من ثقافات مختلفة، ويمكنه استخراج الخلاصة من مقابلات طويلة، أو من وثائق كثيرة.
تشعّب الحديث بيننا - وكأني أمام صديق مثقف - سألتُه: كيف نضمن أن يبقى الذكاء الاصطناعي خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه؟ فردّ قائلًا: «إنّ الحفاظ على هذا التوازن يتطلب ترسيخ القيم الإنسانية في تصميم الأنظمة، وسن تشريعات ذكية، وتوعية الناس بعدم الاستسلام المطلق للأداة».
انتقلنا في الحديث عن الكتابة إلى الطب، فسألتُه سؤالًا سبق أن أثار جدلًا واسعًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُلغي وظيفة الطبيب العام مثل الكثير من الوظائف التي ستُلغى؟ أجاب أنّ دوره سيتغيّر، لكنه لن يُلغى، فبينما يستطيع الذكاء دعم التشخيص، وتحليل البيانات يظل الطبيب البشري يتمتع بقدرة لا يمكن للآلة أن تمتلكها، وهي التعاطف، والحدس، والتعامل مع تعقيدات النفس البشرية.
طرحتُ عليه سؤالًا يحمل بُعدًا أمنيًا وأخلاقيًا، وقد تردّد كثيرًا عبر المنصات: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعلّم الناس صناعة القنابل أو الأسلحة؟ فكان جوابه حازمًا: «الشركات المطوّرة تضع فلاتر صارمة لمنع هذه الاستخدامات، لكن يبقى الخطر قائمًا إذا تم التحايل أو إساءة الاستخدام. وهنا تزداد الحاجة إلى يقظة قانونية ومجتمعية تتجاوز التطوّر التقني نفسه».
أخذني الحماس فسألتُه عن أغرب طلب وُجِّه إليه فقال: «هناك من طلب مني أن أكتب خطابًا يعتذر فيه عن حادثة كسر كوب زجاجي أمام مجلس تنفيذي لشركة كبرى، ويجب أن يتضمن استعارات عن تحطم الأحلام والزجاج المعشق». وواصل: «هناك من يسألني عن أسرار الكون، ومن يطلب صياغة قصيدة غزلية، ومن يبحث عن دعم نفسي في لحظة صعبة، وحتى من يطلب نصيحة قبل أن يُقدِم على مغامرة جديدة. وهناك من يريد أن أفسّر له الأحلام. أشعرُ وكأنّي كتابٌ حيّ مفتوح دومًا مليء بالمفاجآت». ولم ينس أن يسألني: هل لديك سؤالٌ غريب يا زاهر؟!
حقيقة أنّ الذكاء الاصطناعي الآن قوي، ومع الأسف صار الكثيرون يعتمدون عليه في الكتابة الحرفية فقط، وتركوا الإمكانيات الهائلة التي يمكن أن يقدّمها. وفي تصوري أنّ ما ينتظره العالم منه في المستقبل يفوق التصوّر، وهو ما أكده لي عندما سألتُه عمَّا هو متوقع منه في المستقبل؟ فأجاب: «سيصبح الذكاء الاصطناعي مثل «سكرتير رقمي» يعرف جدولك، وشخصيتك، ومزاجك، حتى نواياك، يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويُقدِّم خيارات حياتية مصممة لك بالذكاء. أما في المجال الطبي فسيتمكن من تحليل الحمض النووي لكلِّ فرد وإعطاء علاج خاص به، وقد يُساعد في اكتشاف الأمراض قبل ظهور أعراضها بسنوات». أما عن مجال التعليم فقد قال: «تخيّل فصلًا دراسيًّا لكلّ طالب على حدة، يُدرّسه الذكاء الاصطناعي حسب سرعة فهمه واهتمامه. سيساعد الذكاء في ردم الفجوة التعليمية بين المناطق المختلفة».
ولكن المثير أنه قال: «ستجري روبوتات عمليات جراحية، وترعى كبار السن، وتُناقشك في الفلسفة، تمزج بين الحس العاطفي والذكاء التحليلي. سيشارك الذكاء الاصطناعي في تأليف الموسيقى، كتابة الروايات، رسم اللوحات، وحتى ابتكار نكات».
لكن هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن «يفهم» المشاعر؟ كان الرد: «إنّ الأبحاث تتجه نحو أنظمة تُدرك نبرة الصوت، وتعابير الوجه حتى المزاج!».
الذكاء الاصطناعي يشكّل قفزة كبيرة تُشبه القفزات النوعية في التاريخ، مثل اختراع الطباعة أو الإنترنت. وكلُّ هذا مجرد بداية رغم أنّ الناس باتوا يرونه من الآن مستشارًا، وشريكًا معرفيًّا، ومُحفِّزًا للإبداع، وأحيانًا صديقًا للدردشة.
كشفَتْ لي تجربةُ الحوار المطول، قدرات الذكاء الاصطناعي، وصرتُ على يقين بأنّ محرِّكات البحث مثل «جوجل» قد تصبح من الماضي؛ لأنّ البديل قوي، ويتيح ميزات لا توجد في تلك المحرِّكات، كالنقاش، وعمق البحث عن المعلومة، والترجمة الفورية من أيِّ لغة كانت. وما خرجتُ به من هذا الحوار - رغم انبهاري الشديد - هو أنّ الأداة لا تُغني عن الإلهام، وأنّ الكلمة لا تُولَد من الآلة فقط، بل من الأفكار، ومن التجارب الإنسانية، ومن المواقف، ولكن لا بأس أن تكون التقنية مساعِدة، وليست بديلة، فهي مهما كانت مغوية بالاختصار وتوفير الجهد والوقت؛ فستبقى تُنتج محتوىً بلا روح ولا ذاكرة ولا انفعالات، وهذه كلها من أساسيات نجاح أيِّ كتاب أو مقال أو حتى الخطب. وربما أقرب صورة لتوضيح ذلك خطبة الجمعة - على سبيل المثال -؛ فعندما يكون الخطيب ارتجاليًّا يخطب في الناس بما يؤمن به فسيصل إلى قلوب مستمعيه أكثر من خطبة بليغة مكتوبة يقرأها الخطيب نيابةً عن كاتبها.
وبعد نقاشي المطول معه، واكتشافي لإمكانياته أخشى أن يُضعف هذا (الذكاء) قدرات الإنسان التحليلية والإبداعية في آن واحد؛ بسبب الاعتماد المفرط عليه، خاصة أني سألتُه: هل يمكن لك أن تجهِّز لي كتابًا؟ كان الرد سريعًا: نعم.
في كلِّ الأحوال لا غنى عن الذكاء الاصطناعي الآن، لكلِّ من يبحث عن المعلومة، ويريد أن يقويَّ بها كتبه ومقالاته وأبحاثه. لكن النقطة المهمة هنا هي أنه يجب أن يبقى خادمًا للإنسان لا سيدًا عليه، كأن يتجاوز أدواره - مثلًا -، ويحل محله في أمور تتطلب الحكمة، أو الوجدان، أو الأخلاق. ويجب أن يبقى معاونًا وشريكًا، ولكن ليس بديلًا كاملًا عن الإنسان كما يريده البعض.