في مشهد يعكس ثبات الموقف المصري إزاء القضية الفلسطينية، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي على الملأ رفض مصر القاطع لأي مخطط يستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء، مؤكداً في المؤتمر الصحفي الذى جمعه بالرئيس الكيني وليام روتو، في القاهرة منذ يومين، أن مصر لن تكون طرفاً في أي ترتيبات تسعى إلى تصفية القضية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
وهذا الموقف المبدئي ينسجم مع تاريخ مصر في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، ويؤكد أن القاهرة كانت وستظل خط الدفاع الأول عن قضية الشعب الفلسطيني العادلة.
لا يمكن النظر إلى الموقف المصري بمعزل عن مسؤوليتها التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، فمصر كانت ومازالت الدولة العربية الأكثر التزاماً بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية، ورفض التهجير ليس إلا امتداداً لهذا الالتزام. فأي محاولة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم لا تمثل فقط خرقاً للقانون الدولي، ولكنها أيضاً تمثل سابقة خطيرة تعيد إلى الأذهان النكبة وما تبعها من تهجير قسري للشعب الفلسطيني منذ عام 1948.
الرئيس السيسي، بموقفه هذا، يبعث برسالة واضحة إلى العالم: مفادها أن مصر لن تشارك في هذا الظلم، وأنه لن يكون هناك حل للقضية الفلسطينية عبر القفز على حقوق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة، وأن محاولات تغيير الواقع الديموغرافي والسياسي للأرض الفلسطينية بهذه الطريقة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد وتأجيج الصراع، ومصر، بحكم دورها التاريخي، لن تكون شريكاً في أي مخطط من هذا النوع.
إن الحديث عن حلول تشمل تهجير الفلسطينيين يعكس محاولة خطيرة لتصفية القضية من جذورها. فإذا أُخرج الفلسطينيون من أرضهم، فما الذي يتبقى من القضية الفلسطينية؟ وكيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة في غياب شعبها عن أرضه؟
هذا الموقف المصري الصلب الذي جاء عبر تصريحات الرئيس السيسي، والذي يوافقه الشعب المصري كاملاً لا يتناقض أبداً مع العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، بل يعكس إدراكاً عميقاً بأن الحلفاء يمكن أن يختلفوا في بعض القضايا، ولكن يظلون قادرين على التعاون لتحقيق حل عادل ومستدام.
من هذا المنطلق، فإن القاهرة تدرك أهمية استمرار الحوار مع واشنطن والرئيس الأمريكي ترامب، ليس فقط لحماية الحقوق الفلسطينية، ولكن أيضاً لضمان استقرار المنطقة ككل.
مصر لم ولن تغلق الباب أمام أي جهود دولية جادة تهدف إلى تحقيق سلام عادل. بل على العكس، تظل مصر طرفاً أساسياً في أي محادثات تسعى لإيجاد حل عادل ودائم يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
القضية الفلسطينية لاتزال قضية العرب الأولى، ومصر لن تفرط في ثوابت سياستها لصالح حلول مؤقتة أو ضغوط سياسية.
وحده الحل العادل القائم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 هو ما يمكن أن يحقق السلام، ومصر، كما كانت دائماً، ستظل في قلب هذا المسار.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام المجتمع اتفاق غزة سقوط الأسد عودة ترامب إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية اتفاق غزة غزة وإسرائيل القضیة الفلسطینیة
إقرأ أيضاً:
المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الفلسطينيين
أكد أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن القصف الإسرائيلي المتواصل لم يترك بنية تحتية سليمة، وتسبب في دمار واسع لمنازل المواطنين ومراكز الإيواء، مما زاد من معاناة المدنيين، خاصة النساء والأطفال الذين يبيتون جوعى، ولا يجدون أحيانًا حتى شربة ماء صالحة للشرب، وسط نقص حاد في الأدوية، ومشاهد يومية للمرضى والجرحى يتمنون الموت لتخفيف آلامهم.
وقال «الشوا»، خلال مداخلة مع الإعلامي محمد رضا، على قناة «القاهرة الإخبارية»، إن هناك مشاهد إنسانية قاسية في قطاع غزة لا تستطيع أي كاميرا أو عدسة أن توثقها بالكامل، خاصة في مراكز توزيع المساعدات التي يشرف عليها الاحتلال الإسرائيلي، أو في المخيمات التي تأوي عشرات الآلاف من الأسر الفلسطينية في ظروف إنسانية مأساوية.
وأشار إلى أن نزوح السكان ما زال مستمرًا بشكل يومي، لاسيما من أحياء مدينة غزة التي تتعرض لقصف لا يتوقف، مضيفًا: «هذه الأوجاع لا يمكن لأي كاميرا أن توثقها، فمحاولات النوم تتبدد تحت أصوات الانفجارات والدمار، في واقع كارثي غير مسبوق».
وتعليقًا على الآلية الجديدة التي تشرف عليها الولايات المتحدة وإسرائيل لتوزيع المساعدات، قال الشوا إنها «آلية فاشلة باعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه»، مشيرًا إلى أن إصرار الاحتلال على استمرارها يعود إلى أهداف أمنية وسياسية تهدف إلى فرض النزوح القسري على الفلسطينيين، لا سيما من شمال غزة إلى جنوبها.
وأضاف أن الاحتلال يستخدم نقاط توزيع المساعدات كمصائد لإذلال الفلسطينيين، حيث يُجبر المدنيون على المرور في ممرات محاطة بالأسلاك الشائكة وتحت حراسة مسلحين أجانب وجنود الاحتلال، ما يمثل إهانة واضحة، بل ويتعرض بعضهم لإطلاق النار خلال محاولتهم الحصول على الغذاء.
اقرأ أيضاًالأمم المتحدة: فرصة منع وقوع المجاعة في غزة تتضاءل بسرعة
«أونروا»: غزة تحولت من جحيم إلى مقبرة بسبب تزايد القصف الإسرائيلي
منظمة التعاون الإسلامي تدين قرار الاحتلال الإسرائيلي إنشاء 22 مستوطنة جديدة