منير أديب يكتب: التنظيمات الإسلاموية وأمن المنطقة العربية.. حماس نموذجًا
تاريخ النشر: 31st, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ما زالت هناك أكثر من قراءة وتقدير لما حدث في 7 أكتوبر من العام 2023، لا أحد يمنع حماس ولا المقاومة الفلسطينية من القيام بدورها المرتبط بمقاومة المحتل ولا اتخاذ أي إجراءات من شأنها تحرير الأرض المغتصبة.
القانون الدولي والإنساني يُعطي الحق لكل من احتلت أرضه في مقاومة العدو، واتخاذ كافة الوسائل التي تؤدي في النهاية إلى التحرير، ولكن هذا لا يُبرر للمقاومة أنّ تنفرد بقرار الحرب خاصة وأنه يُؤثر ليس فقط على أمن فلسطين ولكن على أمن المنطقة العربية أيضًا.
حماس تُدافع عن القضية الفلسطينية من منطلق ديني وعلى خلفية انتماء وأيديولوجيا تحكمها؛ قد لا يكون هناك تعارض مع ما تعتقده وبين مشروع التحرير، ولكن اختزلت واختصرت هذا المشروع في تصورها الديني، وهذا ما سوف نأتي على ذكره لاحقًا.
لا أحد يستطيع أنّ يُشكك في نوايا المقاومة، ولا أحد يستطيع أنّ يستثني حركة حماس من المعادلة السياسية أو الأمنية في فلسطين أو حتى في قطاع غزة، هذه رؤية تتسق مع الواقع الحالي ومع التركيبة الفلسطينية التي أفرزت هذه الفصائل.
هذا لا يمنع من محاسبة حماس، بل على الحركة أنّ تراجع نفسها وتُعيد تقييم خطواتها السابقة واللاحقة، سواء انقلابها على السلطة الفلسطينية بقطاع غزة في العام 2007، أو حتى قرار هجومها على إسرائيل قبل خمسة عشر شهرًا.
قرار الحرب الذي اتخذته حماس منفردة ربما أثر على أمن المنطقة العربية بأكملها، وربما يدفعها إلى الدخول في حرب مع إسرائيل خلال فترة قادمة؛ فضلًا التغير الجيو سياسي الذي لف هذه المنطقة وما زال، وهذا بسبب قرار الحركة وترتيباتها مع أطراف غير عربية.
بررت حماس عبر خطابات عديدة على لسان قادتها أو على لسان قريبين من الحركة، أنّ من أسباب هجوم 7 أكتوبر هو الوقوف أمام تيار التطبيع العربية مع إسرائيل!
وهنا سؤال، ما علاقة مقاومة حماس لإسرائيل بهذه الطريقة التي اختارتها بقرار أي دولة عربية التطبيع مع إسرائيل من عدمه؟ هل حماس نصبت نفسها وصيّة على المنطقة العربية؟ وهل المقصود أنّ تكون هناك حرب في المنطقة بين العرب مجتمعين وإسرائيل؟
من حق حماس أنّ تواجه إسرائيل بالكيفية التي تُريدها، ولكنها لا بد أنّ تضع في ذهنها عدة اعتبارات تتعلق بأمن المنطقة العربية، فكما أنّ العرب ساندوا وما زالوا فلسطين منذ العام 1948 فعلى كل حركات المقاومة أنّ تراعي اعتبارات الأمن في المنطقة، وهذا يؤدي بنا إلى مقاربة مهمه تتعلق بمن يتحمل فاتورة الحرب التي لم يُشارك في قرارها وقد لا يكون مستعدًا لها.
الحرب الإسرائيلية الأخيرة دفعت إلى طرح مشروع دونالد ترامب القديم والخاص بصفقة القرن المرتبط بتهجير الشعب الفلسطيني إلى الواجهة؛ ولكن الإدارة الأمريكية ما زالت تدفع بقوة في اتجاه هذا المشروع بحجة عدم وجود ما يصلح للعيش في قطاع غزة، وهنا باتت الأردن والقاهرة طرفًا في المواجهة.
صحيح هناك تكاليف يدفعها العرب في المواجهة مع إسرائيل وفي تحمل عبء المواجهة؛ ولكن لا بد أنّ يكون قرار الحرب والسلم ليس فصائيليًا، ولكن فلسطينيًا خالصًا؛ وهذا ليس معناه أنّ تستأذن المقاومة كلما ألقت صاروخًا على إسرائيل، ولكن لا بد من وجود ثوابت يحترمها كل الفلسطينيين، من أجل خدمة القضية الفلسطينية.
حماس حركة مقاومة ولها مشروعها؛ ولا أحد يُطالبها بأن تترك البندقية، فأي سلام لا بد أنّ يُبنى على القوة، وإذا كان هناك من غصن للزيتون فلا بد من وجود بندقية تدافع عنه.
لا بد أن تكون حماس جزءا من الإجماع الوطني، فليست هي حركة المقاومة الوحيدة ولن تكون، فمنظمة التحرير الفلسطينية الأقدم في النشأة والمعبر الوحيد عن الشعب الفلسطيني، فإذا الأولى قد خرجت في العام 1987، فإنّ الثانية نشأت في العام 1964.
منظمة التحرير المعبر الشرعي والرسمي عن الشعب الفلسطيني، وهي حركة تحرر وطني، منظمة سياسية شبة عسكرية تُعبر عن كل الفلسطينين في كل المحافل الدولية، ومعترف بها في الأمم المتحدة وأمام المجتمع الدولي ونجحت في استرداد الكثير من حقوق الفلسطينيين.
أما حماس، فقد اختارت أنّ تكون منظمة إسلامية، فهي من حيث المبدأ لا تُعبر عن كل الفلسطينيين، صحيح تُقاوم إسرائيل ولكن لا يمكن أنّ نطلق عليها حركة تحرر وطني؛ فهذا الوطن يضم كل الأديان والطوائف، حتى ولو ادعت أنها تُدافع عن كل هذه الأديان، ولكنها في الحقيقة لا تضم إلا أيديولوجيا الدين والتنظيم بين صفوفها، وهكذا تتعامل مع المنضمين لها.
فلسطين التي شرفها الله بالمسجد الأقصى يوجد بها كنيسة القيامة، يُقال إنّ هذه الكنيسة بنيت فوق جلجثة أو الجلجثة، وهي مكان الصخرة التي يعتقد أن السيد المسيح صلب عليها حسب اعتقاد مسيحي الشرق الأوسط.
وهنا اعتقاد لدى المسيحيين بأنّ هذه الكنيسة سوف تشهد قيامة السيد المسيح من بين الأموات، على كل الأحوال فلسطين بلد مسلم لكل الديانات والطوائف التي تعيش فيها، ولابد لكل الفلسطينيين أنّ يسعوا لتحرير بلدهم، التحرر ليس مسيحيًا ولا إسلاميًا ولكنه تحرر وطني، وهذا ما تفتقده حماس على مستوى الإدراك العملي وعلى مستوى المسمى أيضًا.
تتحمل حماس ما حدث في المنطقة العربية خلال العام والنصف الأخيرين وما سوف تشهد المنطقة خلال العقد القادم، فأي تغيير ليس لصالحها ولا لصالح المنطقة العربية ولا لصالح القضية الفلسطينية، في ظل ضغوط أمريكية ودولية لتصفية هذه القضية، وهنا يبدو المشهد العربي مدافعًا عنها ومتحملًا العبء الأكبر في المواجهة رغم ما ادعته الحركة بأنّ قرار الحرب جاء مواجهًا لمشاريع التطبيع العربي!
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: فلسطين هجوم 7 أكتوبر المنطقة العربیة مع إسرائیل قرار الحرب لا بد أن لا أحد
إقرأ أيضاً:
ما خيارات حماس والفصائل الفلسطينية أمام مقترح ويتكوف الأخير؟
قال الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد، إن إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن إجراء مشاورات مع الفصائل الفلسطينية بشأن مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يعكس توجها جماعيا لتبني موقف موحد، لا يقتصر على الحركة وحدها، بل يمثل مجموع قوى المقاومة.
وأعلنت حركة حماس اليوم الجمعة، أنها تجري مشاورات مع القوى والفصائل الفلسطينية بشأن مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار في غزة الذي تسلمته أمس الخميس عبر الوسطاء، وقالت حينها إنها "تدرسه بمسؤولية بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني ويسهم بإغاثتهم ويحقق وقف إطلاق نار دائم".
واعتبر زياد في حديثه للجزيرة، أن هذا التوجه يمثل رسالة سياسية واضحة للوسطاء والإدارة الأميركية بأن أي رد على المقترح لن يكون حمساويا بحتا، بل فلسطيني جامع، مما يعزز من مصداقية الموقف التفاوضي للمقاومة ويمنحه قوة تمثيلية أوسع أمام الرأي العام الداخلي والخارجي.
وأشار زياد إلى أن تضمين الفصائل في عملية المشاورة يمنح القرار الفلسطيني طابعا وطنيا عاما، ويبعده عن الانطباع القائل، إن حماس تنفرد بالتفاوض، مشددا على أن هذا التوافق الفصائلي قد يمنح فرصة حقيقية لإنجاح أي موقف تفاوضي مشترك، ويصعب في الوقت نفسه على إسرائيل والولايات المتحدة كسر هذا الاصطفاف.
إعلانوكانت الجزيرة نت، قد حصلت على تفاصيل المقترح الأميركي الذي وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية وينص على وقف إطلاق نار مدته 60 يوما، تتعهد فيه تل أبيب بوقف العمليات العسكرية مقابل إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 من جثامين القتلى، وتسليمهم على دفعتين في اليومين الأول والسابع، إلى جانب إدخال المساعدات الإنسانية فور موافقة حماس على الاتفاق.
4 قضايا مركزيةوعن بنود المقترح، قال زياد إن حماس والفصائل تركز في ردها المرتقب على 4 قضايا مركزية لم ترد بوضوح في الورقة الأميركية، وتشمل توقيتات إطلاق الأسرى، وضمانات وقف الحرب، وآلية دخول المساعدات، وكذلك الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة إلى ما قبل 2 مارس/آذار الماضي.
وأضاف أن السلاح لم يُذكر صراحة ضمن المقترح، لكنه يظل قضية ضمنية تثير حساسية بالغة، لأن التخلي عنه يعني إنهاء وظيفة المقاومة وتسليم أوراق قوتها الجوهرية، وهو ما لا يمكن لأي فصيل أن يقبل به، لا سيما في ظل المعادلة القائمة.
وأوضح زياد، أن الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، تحاول التوازن بين الحفاظ على موقف مرن يظهر الإيجابية والحرص على حياة المدنيين، وبين عدم تقديم تنازلات مجانية يمكن أن تُفهم كضعف أو رضوخ للمطالب الإسرائيلية.
وشدد على أن حماس تواجه ضغوطا مضاعفة هذه المرة، بسبب الوضع الإنساني الكارثي في غزة، والانتقادات الدولية التي تطالب بوقف الحرب، دون أن تقدم حلولا فعلية، مشيرا إلى أن الحركة لا تملك ترف الرفض القاطع ولا القبول المطلق، وتحتاج إلى صيغة وسطية تحفظ ماء وجهها وحقوق شعبها.
وأشار إلى أن توقيت تسليم الأسرى، كما ورد في المقترح، يمثل تحديا كبيرا، لأن توزيعهم على يومين فقط قد يؤدي إلى انهيار التفاهم سريعا، لا سيما إذا ما استغلت إسرائيل ذلك للتنصل من التزاماتها في اليوم الثامن، كما فعلت في تجارب سابقة.
إعلانورأى زياد، أن الخيار الأنسب لحماس والفصائل هو تقديم ورقة رد بديلة تتضمن تعديلات جوهرية على بنود المقترح، والتمسك بها كحد أدنى يمكن التفاوض عليه، مما يعيد توجيه الكرة إلى ملعب الوسطاء ويمنع انفراد الاحتلال بصياغة شروط المعركة السياسية.