بعد زيارة المشهداني.. هل ترفع إيران فيتو التطبيع بين العراق وسوريا؟
تاريخ النشر: 4th, February 2025 GMT
ربطت وسائل إعلام محلية عراقية، بين زيارة رئيس البرلمان محمود المشهداني، إلى العاصمة الإيرانية طهران، وبين مستقبل العلاقات العراقية السورية في مرحلة ما بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، إضافة إلى ملف حلّ المليشيات المسلحة الموالية لإيران.
وقبل المشهداني بشهر واحد، أجرى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زيارة مماثلة كان الهدف منها أيضا ملف حلّ المليشيات، لكنها لم تسفر عن شيء، خصوصا بعد دعوة المرشد الإيراني علي خامنئي حينها إلى ضرورة التصدي للاحتلال الأمريكي وإخراجه من العراق.
أما عن سوريا، فإنه رغم زيارة رئيس جهاز المخابرات العراقي، حميد الشطري، إلى سوريا في وقت سابق، واللقاء مع أحمد الشرع، فإن بغداد لم تهنئ الأخير على توليه الرئاسة، بل إن قوى من الإطار التنسيقي وصفت من يحكمون سوريا بـ"الإرهابيين".
وبناء على موقف بغداد من الإدارة السورية، قال السياسي العراقي، مشعان الجبوري، خلال مقابلة تلفزيونية في منتصف كانون الثاني/ يناير المنصرم، إن تراجع العراق في تطبيع علاقته مع سوريا بعدما بدأ بخطوات إيجابية اتخذتها الحكومة، سببه وجود "فيتو" إيراني على ذلك.
ملفان يضغطان
تعليقا على الموضوع، قال المحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل لـ"عربي21"، إن "هناك العديد من الملفات بين العراق وإيران، لكن على الصعيد السياسي، فإن الملفين الضاغطين حاليا هما الملف السوري، وكذلك حلّ الفصائل المسلحة، وأن الأخير موضوعه مرتبط بالموافقة الإيرانية".
وأضاف المشعل أن "المشهداني بالفعل قد سعى إلى إيران للحصول على موافقتها في موضوع إنهاء وجود الفصائل المسلحة، وأيضا الانعطاف باتجاه الاعتراف بسوريا والتبادل الودي بالعلاقة معها".
وأكد الخبير السياسي: "لاحظنا بالآونة الأخيرة، خطابا تصعيديا في العراق ضد سوريا واتهام ما يحدث في سوريا بالفتنة والتحشيد الطائفي، خصوصا ما جاء مؤخرا في خطاب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي".
وكان المالكي قد دعا قبل يومين خلال تجمع عشائري في كربلاء، إلى ضرورة مواجهة ما وصفها بـ"فتنة سوريا"، لأن من يحكمون هناك "إرهابيون" كانون سجناء لدى العراق، وهي فئة غير قادرة على حكم بلد متنوع مثل سوريا، كونها تستنسخ "تجارب فاشلة".
وأوضح المشعل أن "تطبيع العلاقة مع سوريا، يتطلب جهدا من أجل خفض هذا التصعيد الذي حصل بالعراق، ومحاولة إدارة العجلة باتجاه بناء علاقات طبيعية ومصالح مشتركة مع كونها دولة جارة، تربطنا بها حدود طويلة تقترب من الـ600 ألف كلم".
وأكد الخبير السياسي أن "العديد من الملفات المجتمعة مع سوريا، تدعو المشهداني والسوداني إلى التركيز على إنهاء هذين الملفين المهمين، وأن الموقف العراقي مترابط سياسيا مع الموقف إيران، ولاحظنا أن الأخيرة لم تعترف حتى الآن بالوضع السوري القائم".
ونوه المشعل إلى أن "العراق أمره مختلف عن إيران، فهو جار وشقيق قومي لسوريا، وهناك العديد من المصالح بينهما، حتى على صعيد التشارك القبلي والتشابه المجتمعي، خصوصا في المدن الحدودية بين البلدين، إضافة إلى التهديد الإرهابي الذي يمثل قلقا حقيقيا للعراقيين".
من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، لـ"عربي21" إن "الظروف الاقتصادية أو السياسية والعزلة الكبيرة التي تعيشها إيران، خصوصا بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تجعل إيران تستشعر بأنها ستكون الهدف القادم سواء للولايات المتحدة أو لإسرائيل".
ورأى العابد أن "العراق يمثل ضرورة كبرى بالنسبة لإيران، خاصة من الناحية الاقتصادية، كونها تتنفس اقتصاديا من خلال الرئة العراقية، وأن ما ذكرته تقارير حول تصدير النفط الإيراني على أنه منتج عراقي، هو خير دليل على ذلك".
وأشار الخبير العراقي إلى أن "إيران صرحت بأن موضوع عودة سفارتها في دمشق يتطلب إجراءات سياسية وبيئة أمنية، لكن العراق قد يوجه خلال أيام إلى سوريا للتهنئة، أو حتى زيارة محتملة يجريها وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى بغداد".
وبحسب العابد، فإن "النفوذ الإيراني له دور في تأخر العراق بتهنئة أحمد الشرع، لكن أعتقد أنه في الأيام القادمة قد يهنئ، خصوصا أن الجارة السورية تربطنا بها حدود جغرافية مشتركة، إضافة إلى أن الوضع الأمني يتطلب من العراق التعامل مع الإدارة السورية الجديدة".
رسائل حقيقية
وبخصوص مدى نجاح مهمة المشهداني، قال المشعل إن "زيارة رئيس البرلمان العراقي إلى إيران جاءت في توقيت جيد، لكن تبقى طهران تعمل بموجب استراتيجية أمنها القومي".
وأوضح المشعل أنه "إذا زادت الضغوط على إيران وإرسال رسائل حقيقية بأن العراق مهدد بعقوبات اقتصادية وأن هذه الأمور تنال من إيران نفسها لأن وضعها الاقتصادي يتنفس من خلال الرئة العراقية، فإنها ربما تستجيب".
ورأى الخبير العراقي أن "السياق المنطقي يفرض على إيران الانسحاب إلى الداخل والنظر في تجارها وسياساتها الدولية والخارجية بشكل جديد، وذلك في ظل المعطيات الجديدة في منطقة الشرق الأوسط".
وفي المقابل، قال غانم العابد إن "زيارة المشهداني لن تكون ذات جدوى كبيرة، وإن إيران ليس باستطاعتها توحيد المواقف السياسية مع العراق، لأن الأخير لا يزال حتى اليوم ضمن هيمنة النفوذ الأمريكي، وقد يكون معرّضا إلى عقوبات اقتصادية منها".
وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "تكون زيارة المهشداني إلى إيران للتشاور أو تسعى الأخيرة إلى إرسال رسالة عبر العراق للولايات المتحدة من أجل العودة مجددا إلى طاولة المفاوضات مع الغرب بشأن الملف النووي".
وتوقع الخبير العراقي أن "إدارة دونالد ترامب سيكون لها تعامل يختلف عما كانت عليه في مرحلة الرئيس الأمريكي السابق بايدن، لهذا لا أعتقد أن زيارة المشهداني سيكون لها علاقة بحل الفصائل على اعتبار أن القرار ليس لمجلس النواب العراقي بقدر ما هو قرار إيراني".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الإيرانية العراقية سوريا الشرع العراق إيران سوريا الشرع المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
قدم في سوريا وأخرى تريدها بغزة.. إسرائيل قلقة من زيارة عسكرية تركية لدمشق
لا زالت الساحة السورية، والتطورات المتسارعة فيها، تثير قلق الاحتلال، بزعم مواصلة تركيا لمحاولاتها لترسيخ سيطرتها هناك، وفيما تنظر المؤسسة العسكرية شمالاً، ولكن أيضاً إلى الجهات المستفيدة من هذه الأحداث، وفيما يسهم ذلك بعدم التسرع في دفع المفاوضات مع دمشق، فإن هناك جملة من الفوائد التي يمكن تحقيقها في حال التوصل إلى اتفاق تاريخي مع سوريا، وفقا لما تعتقده دولة الاحتلال.
وذكر نير دفوري المراسل العسكري للقناة 12، أن "الصورة التي نُشرت هذا الأسبوع في سوريا تُثير قلق المؤسسة الأمنية بشدة، وتتمثل في رئيس أركان الجيش التركي، سلجوق بيرقدار أولو، يقود زيارة رسمية للقيادة العسكرية التركية إلى دمشق، وفيما إسرائيل تتلكأ، وربما أكثر، وقد تُضيع فرصة ذهبية لتغيير الواقع الأمني والسياسي مع سوريا، فيما استغل الرئيس السوري أحمد الشرع مؤتمر الدوحة لمواصلة تعزيز علاقاته مع دول المنطقة، ليس فقط قطر وتركيا، بل أيضًا لبنان ومصر وغيرها".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "بينما تُزيل دول العالم سوريا واحدة تلو الأخرى من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، ويحتضنه الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، تُبدي تل أبيب ريبة شديدة تجاه الشرع، الذي يسعى لتعزيز مكانته داخليًا وخارجيًا، كما تشعر المؤسسة الأمنية بقلق من نهج المستوى السياسي، برفض التواصل مع سوريا، بعد أن كادت الإدارة الأمريكية أن تُجبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على إصدار بيان مفاده توقع منطقة منزوعة السلاح، من دمشق إلى المنطقة العازلة، وبحسن النية وفهم المبادئ، يُمكن التوصل إلى اتفاق مع السوريين".
وأوضح دفوري أن "ما حدث في السابع من أكتوبر في الجنوب مع غزة يجب ألا يتكرر في الجولان مستقبلًا، ولذلك يجب الحفاظ على المنطقة العازلة، حيث يُمثل الجيش حاجزًا بين العناصر المعادية في سوريا ومستوطنات الجولان، حيث يدافع عن الداخل عبر خط من المواقع المتقدمة المنتشرة على طول الحدود، ويعمل أيضًا في عمق الجولان السوري، حيث يُجري اعتقالات وجمع معلومات استخباراتية، ويكشف عن مخابئ أسلحة، ويُحبط البنى التحتية المسلحة الناشئة في المنطقة، حتى على بُعد 15 كيلومترًا من الحدود".
وأشار الكاتب إلى أنه "من ناحية أخرى، لم يُحرز أي تقدم في المحادثات مع سوريا لإبرام اتفاقيات أمنية تُرسي الاستقرار في القطاع الشمالي الشرقي، وفيما تُطالب إسرائيل الشرع بإحباط العمليات المسلحة، ومنع نشر أسلحة تُخل بالتوازن من دمشق والغرب إلى الحدود، من خلال عدم نشر صواريخ، وأنظمة مضادة للطائرات، ودبابات، ومدفعية، وحتى يتحقق ذلك، سيحتفظ الجيش بمواقعه في الجولان، حتى لو كلف ذلك زيادة العبء على القوات النظامية والاحتياطية".
وأكد دفوري أن "اتفاقية أمنية جديدة مع سوريا سوف تُرسي اتفاقيات، وقد تمنع المطالب السورية باستعادة الجولان، صحيح أن المطالب الإسرائيلية بسلامة الدروز في سوريا مهمة، لكن الصراع الداخلي بينهم يُعقّد الأمر، وقد كشف قائد القيادة المركزية الأمريكية، الأدميرال برادلي، أمس أن سوريا منعت نقل عدة شحنات أسلحة إلى حزب الله، مما سيسمح بإغلاق الجبهة السورية بالتركيز على كبح جماحه في لبنان، وإغلاق إحدى الجبهات السبع التي لا تزال مفتوحة، ولذلك يجب المُضيّ قدمًا في الحوار مع نظام الشرع".
وزعم دفوري أن "المُضيّ قدمًا بالحوار السياسي مع دمشق من موقع قوة ونفوذ، خطوة مدعومة من الأمريكيين، مما سيُسهل أيضًا على الجيش الذي يعاني من ضغوط شديدة في جميع القطاعات، ويتضمن الاتفاق أيضًا منع التمركز الإيراني في سوريا، والحدّ من النفوذ التركي عليها، وهذه خطوة دراماتيكية من وجهة نظر إسرائيل، فتركيا تدفع المحور السني المُشكّل من قطر وسوريا وحماس، بكل قوتها، وتحاول العثور على موطئ قدم في غزة، وهذه خطوة لا يمكن للاحتلال الموافقة عليها".
تكشف هذه القراءة الإسرائيلية لزيارة قائد الجيش التركي إلى سوريا عن قلق من هدفها المتمثل بتعزيز التعاون العسكري بين دمشق وأنقرة، حيث لا يقتصر الأمر على المعدات العسكرية كالطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، بل يشمل أيضًا خبرة واسعة في بناء جيش كفء، وهذا كله "كارثة" من وجهة نظر إسرائيل، الذي يعني الاستمرار في إبقاء جميع الساحات العسكرية مفتوحة، وإلى الأبد، مما يكلفه المزيد من الاستنزاف.