شهدت قاعة العرض، الندوة الأخيرة ضمن محور "مصريات" في معرض القاهرة الدولي للكتاب، لمناقشة كتاب "التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض في مصر القديمة"، حيث ناقشت الدكتورة ليلى ممدوح عزام أستاذة الآثار والحضارة المصرية القديمة بجامعة حلوان مضمون كتابها الذي يسلط الضوء على إحدى الوسائل العلاجية في مصر القديمة الخاصة باستخدام التعاويذ السحرية في الشفاء من الأمراض، وأدار الندوة الباحث محمود أنور.

في مستهل الندوة أوضح أنور أهمية الكتاب الذي يعنى بدراسة استخدام قدماء المصريين التعاويذ السحرية الشافية من الأمراض في عصر الدولة الحديثة اعتمادا على مصادر كالبرديات والشقف وقد تناول الكتاب مفهوم السحر والمرض والتعويذة والمعبودات الشافية وممارسو العلاج.

وأكدت الدكتورة ليلى عزام أن مفهوم السحر في مصر القديمة كان يختلف تماما عن الفهم المعاصر له، حيث لم يعتبر خرافة أو شعوذة، بل كان أداة ضرورية للتعامل مع تحديات الحياة، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. فقد كان السحر يستخدم لحماية الأفراد والدولة، وحتى المعبودات نفسها كانت تلجأ إليه في صراعاتها الكونية من أجل الحفاظ على النظام والتوازن في العالم.

كما شرحت كيف كان المصريون القدماء يدركون وجود قوى خفية تؤثر على حياتهم، ويسعون إلى مواجهتها باستخدام التعاويذ السحرية التي لم تكن مجرد كلمات تتلى، بل كانت تعتمد على النصوص المقدسة، والممارسات الطقسية، والرموز التصويرية.

وأضافت أن هذه التعاويذ تظهر منذ العصور المبكرة، حيث كانت تستخدم لعلاج الأمراض وحماية المرضى من الأرواح الشريرة، فضلا عن التصدي للأوبئة غير المفهومة.

وسلطت "عزام" الضوء على مكونات التعاويذ السحرية، حيث يبدأ كل نص بعنوان يحدد نوع المرض والعضو المصاب، ثم يتبع ذلك المضمون الذي يتنوع بين الدعاء للمعبودان طلبا للشفاء أو تهديد الكائنات الشريرة المسؤولة عن المرض. كما تشمل التعاويذ تعليمات حول توقيت وأسلوب أدائها، وقد تتضمن رسومات توضيحية تمثل المرض أو المعبودات التي يتم استدعاؤها للعلاج.

كما استعرضت العلاقة بين الطب والسحر في مصر القديمة، موضحة أنه لم يكن هناك تمييز صارم بين المجالين، حيث كان الطب يستخدم لعلاج الأمراض ذات الأسباب الواضحة، بينما كانت التعاويذ السحرية تستخدم عندما يعجز الأطباء عن تفسير الحالة المرضية. وكان الاعتقاد السائد أن بعض الأمراض لم تكن ناجمة عن أسباب مادية، بل عن غضب إلهي أو تأثير كائنات غير مرئية.

كما تطرقت أستاذ الآثار والحضارة المصرية القديمة إلى مفهوم "عفاريت الأمراض"، التي كان يعتقد أنها تدخل جسم الإنسان عبر الأنف أو الفم أو حتى من خلال الجروح المفتوحة، مما يستدعي طردها عبر طقوس خاصة تعتمد على التعاويذ السحرية. وناقشت أيضا دور ممارسي العلاج في مصر القديمة، حيث لم يكن الأطباء وحدهم مسئولين عن التداوي، بل كان هناك أيضا الكهنة والسحرة وحاملو التمائم، ولكل منهم أساليبه الخاصة في العلاج.

كما تناول النقاش بعض الاكتشافات الطبية المتقدمة التي سجلها المصريون القدماء، مثل إدراكهم لدور الذباب في نقل الأمراض، وفهمهم لأمراض العيون مثل المياه البيضاء، كما أدركوا أن بعض آلام البطن تنتج عن الديدان المعوية، وطوروا تعاويذ للحماية من "الهواء الملوث"، مما يشير إلى فهمهم المبكر لانتقال الأمراض عبر الهواء.

وفي ختام الندوة، أكدت "عزام" أن المصريين القدماء لم يكونوا مجرد شعب يؤمن بالخرافات، بل كانوا يتمتعون بفهم علمي متقدم، حتى وإن كان مغلفا بمعتقداتهم الروحية، وأشارت إلى الممارسات الشعبية الحالية الموروثة من مصر القديمة.

وشددت على أن السحر لم يكن بديلا عن الطب، بل كان جزءا من نظام علاجي متكامل يعكس رؤيتهم العميقة للعالم، ويكشف عن العلاقة الوثيقة بين العلم والمعتقدات الدينية في حضارتهم العريقة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معرض القاهرة الدولي للكتاب المصرية القديمة الوسائل العلاجية

إقرأ أيضاً:

عامل نظافة يشهد على تعذيب متهمين محتجزًا بقسم مصر القديمة| نص التحقيقات

كشفت تحقيقات النيابة في الجناية رقم 871 لسنة 2025 جنايات قسم شرطة مصر القديمة، والمقيدة برقم 37 لسنة 2025 كلي جنوب القاهرة، عن تفاصيل صـ.ـادمة تتعلق بتعدي 3 أشخاص من المحتجزين على محتجز ثالث داخل غرفة الحجز بالقسم، مما تسبب في تدهور حالته الصحية ونقله إلى المستشفى في حالة حرجة.

جريمة هزت مصر القديمة.. سبب تخفيف الحكم على المهندس السوداني الذي قتل والدتهعقوبة رادعة لـ 3 متهمين تسببوا في وفاة شخص داخل قسم شرطة مصر القديمةننشر تقرير الطب الشرعي لوفاة متهم داخل حجز مصر القديمةبطلها 3 محبوسين .. تفاصيل مروعة لوفاة محتجز بالقسم في مصر القديمة

وأدلى "علي حسن"، 24 سنة، عامل نظافة ومحتجز بنفس الغرفة رقم 7، بشهادته أمام النيابة، مؤكداً أنه شاهد المتهم الثاني يصفع المجني عليه على وجهه ويسلمه للمتهم الأول، الذي بادر بالاعتداء عليه باللكم، وكان يرتدي في يده خاتمين، كما استخدم حزاماً جلدياً في توجيه عدة ضربات للمجني عليه في وجهه ورأسه وأجزاء متفرقة من جسده.

وأضاف الشاهد أن المتهم الأول أمر بنقل المجني عليه إلى منطقة تُعرف بـ"الصندرة" داخل غرفة الحجز، وهي منطقة ضيقة ومزدحمة تفتقر إلى التهوية، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية، وبعد وقت قصير، أعاده المتهمان إلى أسفل وتركاه أمام دورة المياه، ما دفع باقي المحتجزين للاستغاثة بمأموري الضبط، ليتم نقله لاحقاً إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وذكر الشاهد أنه لاحظ وجود كدمات وإصابات واضحة على جسد المجني عليه، مشيراً إلى أن المتهم الأول كان يقصد إيذاءه عمداً.

وكانت أصدرت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار محمد أحمد الجندي، حكمها في حق 3 متهمين بالسجن لمدة 15 عامًا  في جريمة فرض سيطرة وضرب افضي الي موت شخص داخل قسم شرطة مصر القديمة.

تأجيل محاكمة 8 متهمين بنشر أخبار كاذبة وتمويل صفحات تابعة لجماعات إرهابيةبسبب ركن السيارة.. اعتداء شخصان على آخر بسلاح أبيض في النزهة| فيديومصرع وإصابة 9 أشخاص في تصادم ميكروباص ونقل بالشرقيةمصرع شاب وإصابة 10 أشخاص في حادث تصادم بكفر الشيخ.. صورمحاكمة 3 متهمين في وفاة شخص داخل قسم شرطة مصر القديمة

صدر الحكم برئاسة المستشار محمد أحمد الجندي، وعضوية المستشارين ممدوح شلبي، ومحمد أحمد صبري.

وكشف أمر الإحالة في الجناية رقم 871 لسنة 2025 جنايات قسم شرطة مصر القديمة والمقيدة برقم 37 لسنة 2025 كلى جنوب القاهرة أن المتهم، محمود م، 27 عام والمتهم الثانين احمد .م. 31 عام - مالك مقهى - مقيم عزبة خير الله - مصر القديمة - ابراهيم س. لأنهم بدائرة قسم شرطة مصر القديمة محافظة القاهرة - قتلوا عمداً المجنى عليه هاني جمال الدين مع سبق الإصرار.

وأوضح أمر الإحالة، أن المتهمين بيتوا النية وعقدوا العزم علي قتله وأعدوا لهذا الغرض - الأداتين تاليتين الوصف - ونفاذاً لذلك تعدى الثاني عليه صفعاً على وجهه وتبعه الأول موجها له عدة لكمات وضربات استقر جميعهم بوجهه ورأسه وصدره وأماكن متفرقة من جسده مواصلاً دفعه نحو الحائط حتى خارت قواه، وأعقب ذلك قيام المتهمين الثاني والثالث بتكبيل يديه ، فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته قاصدين من ذلك قتله وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

كما حازوا و أحرزوا أدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص (حزام جلدي - حبل) بغير مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية والحرفية وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.

ثبت من تقرير الطب الشرعي أن الجثة تحمل آثار كدمات وسحجات متعددة في الوجه والرأس والأطراف والظهر والصدر، بالإضافة إلى علامات تقييد حول الرسغين، كما أظهر التشريح وجود أوديمـا بالمخ (تورم دماغي) أدى إلى الضغط على المراكز الحيوية بالمخ، ما تسبب مباشرة في الوفاة.

فيما أثبت تقرير المعامل الطبية وجود نزيف داخلي، واحتقان شديد بالنسيج العصبي، وبؤر نزفية في المخ، تؤكد جميعها أن الوفاة جاءت نتيجة الضرب المبرح والاحتجاز القسري في بيئة غير آدمية.

أكد عدد من نزلاء الحجز أنهم شاهدوا واقعة التعدي، وقدموا وصفًا دقيقًا لما تعرض له المجني عليه، كما أدلى مفتش مباحث فرقة مصر القديمة بشهادته حول تحريات سرية تؤكد مسؤولية المتهمين عن الاعتداء.

وجاءت شهادة الطبيبة الشرعية لتؤكد تطابق الإصابات مع أدوات الجريمة، مثل الخواتم المدببة والحزام الجلدي.

أكدت النيابة أن الواقعة ليست مجرد مشاجرة داخل الحجز، بل جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، خطط لها المتهمون ونفذوها بصورة تنم عن نية الإيذاء المفضي إلى الموت، مستخدمين أدوات لا يجيز القانون حيازتها في أماكن الحجز.

تعود تفاصيل الجريمة إلى يوم 19 أبريل 2024، حين كان المجني عليه، هاني جمال الدين عبد الرحمن، محبوسًا احتياطيًا داخل قسم شرطة مصر القديمة.

ووفقًا لما جاء في أقوال الشهود وتحريات المباحث، فإن المتهمين الثلاثة: محمود م (27 عامًا)، و أحمد ض. (31 عامًا – مالك مقهى)،إبراهيم س (21 عامًا – عامل)، قاموا بالتعدي على المجني عليه بالضرب المبرح، مستخدمين أيديهم، وأدوات مثل حزام جلدي وحبل، وأجبروه على الصعود إلى منطقة ضيقة سيئة التهوية داخل غرفة الحجز تُعرف باسم "الصندرة".

بدأ الاعتداء بقيام أحد المتهمين بصفع المجني عليه على وجهه، ليتبعه المتهم الرئيسي بتوجيه لكمات وضربات عنيفة على وجهه ورأسه وصدره، بينما كان يرتدي خاتمين معدنيين في يديه، ما تسبب في إصابات جسيمة، ثم تم تكبيل يديه من قبل المتهمَين الآخرين، واستُخدم الحزام الجلدي في ضربه بشكل متكرر.

أمر المتهم الأول بإيداع المجني عليه في "الصندرة" – وهي مساحة علوية داخل الغرفة، ضيقة ومزدحمة وسيئة التهوية – وترك فيها مقيدًا بالحبل، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، وبعد أن خارت قواه، أعيد إلى الأرض مرة أخرى وترك أمام المرحاض، حتى استغاث باقي المحتجزين بالشرطة، ليتم نقله في حالة حرجة إلى المستشفى، حيث فارق الحياة متأثرًا بإصاباته.


 

طباعة شارك عامل نظافة محتجز اخبار الحوادث جريمة مصر القديمة

مقالات مشابهة

  • "الإقلاع عن التدخين" فى ندوة بطب أسيوط
  • ما حكم من يصدق كلام العرافين؟.. عالم أزهري يحذر
  • كيف استمدت الخلايا القديمة طاقتها بعصر ما قبل البناء الضوئي؟
  • إحراج وتعليقات طريفة يثيرها رئيس وزراء فرنسا بعد فيديو ما حصل معه بمعرض باريس للطيران
  • السفير العُماني ورئيس اتحاد الناشرين الأردنيين يبحثان مشاركة السلطنة بمعرض عمان الدولي للكتاب
  • عامل نظافة يشهد على تعذيب متهمين محتجزًا بقسم مصر القديمة| نص التحقيقات
  • ورشة عمل في حلب تناقش مخطط التعافي بالمدينة القديمة
  • ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير
  • عقوبة رادعة لـ 3 متهمين تسببوا في وفاة شخص داخل قسم شرطة مصر القديمة
  • توماس لونغمان.. رائد النشر الذي وضع أسس صناعة الكتاب الحديثة ماذا تعرف عنه؟